خصائص النظام الدولي الجديد
خصائص النظام الدولي الجديد:
1- القطبية الأحادية Uni-polarity:
فالسمة الأساسية هي هيمنة hegemony الولايات المتحدة على النظام الدولي من الناحية السياسية والعسكرية ، وانفرادها بقيادة العالم والتصرف بصورة فردية دون حاجة للحلفاء بدلاً من القطبية الثنائية السابقة.
· فعلى المستوى السياسي قامت أمريكا بدور المنظم للمجتمع الدولي، وراود الكثيرين في العالم الأمل بانتهاء الحرب والاتجاه بخطوات ثابتة نحو السلام العالمي، ومنذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت نوعية جديدة من الاستقطاب وحلت ثنائية جديدة تتمثل في مواجهة بين الولايات المتحدة وقوى الإرهاب ودول وصفتها أميركا بالدول المارقة والتي تشكل ملاذاً للإرهاب. وفي هذا الصدد كشف التحرك الفردي للولايات المتحدة تجاه الحرب على أفغانستان واحتلال العراق عن عجز أوروبا عن أن تشكل قوى سياسة تتبوأ مكاناً يليق بقوتها إلى درجة وصفها بأنها عملاق اقتصادي لكنها ليست سوى قزم سياسي.
· وعلى المستوى العسكري استندت الولايات المتحدة في فرض زعامتها على العالم، إلى قوتها العسكرية والنووية الكبيرة،مما أدى إلى انفرادها بالقرارات العسكرية دون الالتزام بالشرعية الدولية،بحكم قوتها الاقتصادية والعلمية والعسكرية في مجال الاستخبارات والتجسس الالكتروني والمراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية والعدة الحربية المتطورة من السفن والطائرات والمدفعيات والصواريخ الرشاشات... ،كما يتسم النظام الدولي الجديد بحل الأحلاف العسكرية الاشتراكية السابقة كحلف وارسو، إقامة القواعد العسكرية الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم وخاصة في الشرق الأوسط- كالكويت والسعودية وقطر والضغط على الدول المنتجة للسلاح وخاصة النووي كإيران وكوريا الشمالية.
· وعلى المستوى الثقافي نجد هيمنة العولمة الثقافية الغربية والأمريكية تحديدا، وتسخيرها لآليات إعلامية وفنية ولغوية لفرض نفوذها وتهديد وجود الهويات الثقافية المحلية على الصعيد العالمي ويطلق عليها البعض ثقافة الكاوبوي.
· أما على المستوى الاقتصادي فيمكن القول أن النظام الحالي هو نظام متعدد الأقطاب تبرز فيه قوى اقتصادية كبرى سواء في أوروبا أو في دول شرق آسيا ،خاصة مع تصاعد حدة الأزمة المالية العالمية التي أظهرت هشاشة الاقتصاد الأمريكي.
2- تعدد الفاعلين الدوليين:
بتعدد وتوزع مصادر السلطة على مستوى العالم نتيجة تصاعد قوة الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات عبر القومية والمنظمات غير الحكومية التي أصبحت تشكل تحدياً لسيادة الدولة وسلطتها،كما يمكن القول إن النظام الدولي قد عرف فاعلا جديدا كعنصر من عناصر المجتمع الدولي يتمثل في عولمة الإرهاب، فقد خرج الإرهاب من رحم العولمة الأمريكية ليمثل نوعاً من العولمة المضادة، وهو فاعل ليس قطرياً ولا إقليمياً ولا يمر عبر مؤسسات الدول وله مقوماته الذاتية واستقلاليته وكثير من الجماهير المتعاطفة معه ، وهناك أيضا تزايد دور منظمات ولجان حقوق الإنسان والدفاع عن البيئة.
3- تعدد الدول:
يتسم النظام الدولي الجديد بزيادة عدد الدول الداخلة فيه فبعد أن كانت الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة 51 دولة من بينهم مصر أصبح اليوم عدد الدول الأعضاء 203 دولة تشمل جميع القارات، ومن ثم سقط مفهوم الاجماع حول الأولويات الدولية.
ويطلق البعض على هذه المرحلة مرحلة الإستقطاب Polarization ،حيث يرى بعض المحللين أن السنوات القادمة وتحديدا خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ستعيد الى الواجهة عدد من المتنافسين العالميين المتنمرين الصغار كالهند واليابان الى الساحة الدولية وعودة بعض القوى الكبرى كالصين وروسيا الى رقعة الشطرنج الدولية كذلك كدول متحدية ومنافسه للولايات المتحدة الاميركية ، وهو ما سيحول النظام الى نظام تعددي أكثر من ميوله الى نظام ثنائي القطب ، ولكن سيكون أقرب الى التعددية القطبية الفضفاضة منه الى المحكمة ، حيث سيبدو نظام التعددية القطبية فيه على شكل تحالفات بدلا من تكتلات.
وفي مقال للكاتب "دانيال دريزنر" تحت عنوان "ما بعد النظام العالمي الجديد" أو "جديد النظام العالمي الجديد" The New New World Order والذي نشرته مجلة Foreign affairs 2006، حيث يوضح أن المعطيات التي فرضها الواقع الدولي من تصاعد قوى ذات ثقل اقتصادي وسياسي متنام أصبحت محددات لا يمكن لأمريكا غض الطرف عنها. وفي سبيل بحث الولايات المتحدة عن مصالحها ربما تجد من الأفضل أن تتلاقى مصالحها مع مصالح هذه القوى المتنامية؛ لتعيد تشكيل النظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب ، غير أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تأسيس جديد لنظام متعدد الأقطاب بقدر ما تسعى إلى احتواء هذه القوى الصاعدة، وخاصة العملاقين الصيني والهندي.