صفحة 1 من 1

جماعات المصالح وصنع القرار الأميركي

مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 1:22 am
بواسطة فارس نايف الدوسري8
تنشأ جماعات المصالح كآليات للتأثير في سياسات الحكومة عبر الضغط على مسؤولين فيها، أو التأثير في الرأي العام عبر وسائل الإعلام والخطب والبيانات، إضافة إلى عمليات تقديم الدعم المالي للمرشحين إلى المناصب المختلفة المهمة بدءاً بالمناصب الحكومية الكبيرة ومروراً بعضوية مجلسي النواب والشيوخ وانتهاء برئاسة البلديات. النمو المذهل والمضطرد فى عدد جماعات المصالح كان له دور بالغ فى تزايد فرصة ومجالات تأثيرها فى صنع وتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية. بل إن هذا التأثير قد تجاوز، فى رؤية البعض، حدود ونطاق العملية الانتخابية ذاتها، فقد أصبحت جماعات المصالح إحدى المدخلات الرئيسية الفاعلة التى تتحدد على ضوء إسهامها ومشاركتها عملية صنع السياسة الأمريكية، خاصة وأن ما تمنحه تلك الجماعات من صور دعم وتأييد إنما تتحدد عادة تبعاً لمواقف ورؤى المرشحين لعدد من القضايا التي تهتم بها وتعمل من أجلها جماعات المصالح أو الضغط37.
وفى توجيهها للأجندة السياسية للإدارة الأميركية في اتجاه يحقق مصالحها الخاصة، فإن جماعات المصالح أو جماعات الضغط تعتمد على طبيعة نظام اتخاذ القرارات في النظام السياسى الأمريكى، والذي يقوم على مجموعة من الضوابط والتوازنات، مما يشجع جماعات المصالح الراغبة على السعي نحو الحصول على منافع معينة عند القيام بإقرار الاعتمادات المالية في الكونجرس، ومن ثم نشوء نوع من العلاقة القائمة على المصالح المتبادلة بين الكونجرس والاجهزة التنفيذية في الإدارة الأميركية من جهة، وبين جماعات المصالح الخاصة من جهة ثانية.
ومما يضيف إلى قوة تلك الجماعات وتأثيرها التزايد المستمر فى نـمو أعداد المنظمات غير الحكومية التي أخذت فى الظهور منذ السبعينيات وما تزال أعدادها تتزايد لتبلغ نسبتها بحلول الثمانينيات إلى اكثر من عشرين بالمائة من مجموع جماعات المصالح الساعية إلى التأثير على عملية سن القوانين والتشريعات في الكونجرس. وبصرف النظر عن اهتمام هذه الجماعات بالتعبير عن مصالح اجتماعية وبيئية والدفاع عن مصالح المستهلكين تمييزا لها عن مصالح رجال الأعمال في القطاع الخاص، إلا هذا الاختلاف لا ينسحب على الأساليب التي تتبعها تلك المنظمات فى سعيها لتحقيق مصالحها أو للحصول على التمويل المطلوب.
وفى هذا السياق، فإن جماعات المصالح عادة ما تستمر فى استثمار ذلك دعما لمصادر قوتها وإمكاناتها من خلال التأييد القوي الذي تمنحه تلك الجماعات للنواب بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية. أهمية ذلك تتضح عندما نأخذ فى الاعتبار ما يذكره كينيث دبليو دام من أنه في مقابل كل عضو من أعضاء الكونجـرس الأميركي البالغ عددهم الإجمالي 535 عضوا، يوجد 38 عنصرا من عناصر جماعات الضغط المسجلة، والذين توجد تحت تصرفهم مخصصات تصل إلى 7 و2 مليار دولار أميركي تستخدم سنويا للإنفاق للضغط على أعضاء الكونجرس .


مأخوذ من بحث للدكتور / منير بدوي - جامعة أسيوط عام 2004 م - اسم البحث (جماعات المصالح والسياسة الخارجية الأمريكية)
مقدم لمؤتمر "عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية" (28-29 فبراير 2004) - مركز الدراسات الأمريكية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة.