النظام النازي
مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 10:00 am
أوشفيتس ـ رمز لجرائم النظام النازي
أستطاع معسكر أوشفيتس أن يقدم أكثر الصور الهمجية في تاريخ الاضطهاد، وكانت الحياة اليومية فيه بمثابة جحيم منظم لكل معتقليه، وكشف أوشفيتس عن وجه جديد من وجوه الفاشية وفلسفتها التي وصلت إلى قمتها خلال فترة الحكم النازي.
أصبح أسم "أوشفيتس" رمزا للقتل والتعذيب والإبادة الجماعية للملايين من الناس الذين اضطهدوا وقتلوا بتنظيم محكم خلال فترة النازية الكئيبة. ولم يكن العالم قد رأى مثيلا لتلك المشاهد التي تقشعر لها الأبدان وتكشف عن الروح المريضة التي يمكن أن تصل بالإنسان إلى هذا الحد حينما تسيطرعليه أفكار الفاشية والتمييز ضد بشر أخريين بهذا الشكل. ورغم أن أخباراً من التاريخ عن الهمجية والبربرية التي حفت مسار التقدم البشري قد وصلت إلينا في نماذج عديدة، إلا أن "أوشفيتس" وبقية معسكرات التعذيب النازية كانت قمة ما شاهده وما سمعه الإنسان على مر الزمان، فعدد الضحايا المقدر في السجلات التاريخية لجرائم النازيين تفوق الـ 6 ملايين فرد، معظمهم كانوا من اليهود والبولنديين.
في 27 يناير/كانون الثاني 1945 وصل جنود الجيش الأحمر السوفيتي معسكر "أوشفيتس"، وهو أكبر وأشهرمعسكرات التعذيب في تاريخ ألمانيا النازية. لم يجد الجنود في وحدات المعسكر الثلاث من المعتقلين على قيد الحياة غير القليل ممن كانوا قابعين على الأرض وسط جثث زملائهم وأشلائهم المتناثرة في كل مكان. وعلى مدخل المعسكر كان هناك لافتة مكتوب عليها بالخط الأسود "العمل يجعلك حرا". بدا المشهد البائس على الأحياء داخل "أوشفيتس" غريبا وسط جحيم هذا المعسكر والشتاء القارص. وكانت هيئتهم على درجة من الإعياء وأجسادهم هزيلة لدرجة انه لم يمكن التعرف على هويتهم الأصلية. وكانت السلطات النازية قد قامت بإعطاء أوامر للتخلص من أكثر من 60000 فرد في مذابح جماعية نظمت لهم قبل أيام قليلة من فرار القوات الألمانية أمام الزحف السوفيتي. وقد كشف النقاب عن الصور الفظيعة لمعتقلي المعسكر بعد التقاء جنود الجيش الأحمر وجنود قوات الحلفاء الغربية عند حدود مدينة برلين.
الحياة بعد الوصول إلى "أوشفيتس"
يقع معسكر "آوشفيتز" على بعد 60 كيلومتر من مدينة كراكاو في بولندا، ومساحته الكلية بلغت 40 كيلومتر في ثلاث وحدات أساسية و39 معسكر صغير. كان نقل المعتقلين إلى هناك يتم عن طريق قطارات مكدسة في سفر يستمر عشرات الساعات، مما ترتب عليه موت العديد منهم خنقا قبل وصولهم إلى المعسكرات، لينتقلوا بعد التفريق بينهم وبين أسرهم إلى داخل المعسكرات التي كانت تمارس فيها أنظمة صارمة، حيث الإقامة في أكواخ قذرة ومناخ غير صحي، الامرالذي أدى في كل الأحوال إلى انتشار الأمراض والقضاء على الكثيرين ممن لم تهلكه رحلات القطارات. لقد كان هذا المناخ والعمل الإجباري القاسي والطعام القذر سببا أساسيا في تحول الكثير من المعتقلين إلى مرضى أو معوقين يتحتم التخلص منهم بالقذف بالرصاص أو وضعهم داخل المحارق وغرف الغاز وإجراء التجارب المعملية عليهم والدفن الحي أو التعذيب الجسدي والتجويع حتى الموت.
فلسفة الفاشية
لقد احتار الفلاسفة والمفكرون في تفسير معنى الاضطهاد والفاشية. إلا أن هناك إجماع على أن التعذيب والقهر والقتل من أهم وسائل إبقاء الفكر الفاشي على مقعد السلطة وتمكينها في الحكم. وهذا ما قامت به السياسية النازية في ألمانيا عند توليها السلطة وتصفية جميع معارضيها سواء بالقتل أو التعذيب، الأمر الذي أدى إلى بث الشعور بالعجز لدى المعارضة وحول أجسادهم إلى سلاح ضدهم في يد البطش النازي. وقد حاولت القيادة النازية أن ترسخ نفسها عند مؤيديها وحلفائهم عن طريق خلق صورة العدو الماثل في كل المعارضين بحجة أنهم يقفون كعقبة أمام المنفعة العامة ورخاء الشعب الألماني. وقد نفذت ذلك في صور عديدة بدأت بحرق الكتب التي تحارب الفكر النازي وانتهت بمعسكرات التعذيب التي كانت مركزا لتصفية الملاين من البشر. لم تكن الفلسفة النازية مقصورة فقط على ما أفرزته من نمازج تقوم على القهر والتمييز العنصري فحسب، بل أنها ساهمت أيضا بشكل مباشر أو غير مباشر في بروز العديد من الأنظمة الدكتاتورية والقمعية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن السابق بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن الأمثلة الحية على ذلك نظام ستالين في روسيا. فهذه الفلسفة تخول لحاملها تأليه ذاته ليكون مصدر للقيم والأخلاق في المجتمع، كما تصبح نزواته هي المرجعية العليا للقضاء والسلطة التشريعية و التنفيذية، وبهذا يعطي لنفسه حق تحويل الآخرين إلى مجرد أشياء أو آلات سائرة تكون لها قيمة فقط من خلال قدرتها الإنتاجية أو مقدار المنفعة التي يمكن أن تقدمها.
أستطاع معسكر أوشفيتس أن يقدم أكثر الصور الهمجية في تاريخ الاضطهاد، وكانت الحياة اليومية فيه بمثابة جحيم منظم لكل معتقليه، وكشف أوشفيتس عن وجه جديد من وجوه الفاشية وفلسفتها التي وصلت إلى قمتها خلال فترة الحكم النازي.
أصبح أسم "أوشفيتس" رمزا للقتل والتعذيب والإبادة الجماعية للملايين من الناس الذين اضطهدوا وقتلوا بتنظيم محكم خلال فترة النازية الكئيبة. ولم يكن العالم قد رأى مثيلا لتلك المشاهد التي تقشعر لها الأبدان وتكشف عن الروح المريضة التي يمكن أن تصل بالإنسان إلى هذا الحد حينما تسيطرعليه أفكار الفاشية والتمييز ضد بشر أخريين بهذا الشكل. ورغم أن أخباراً من التاريخ عن الهمجية والبربرية التي حفت مسار التقدم البشري قد وصلت إلينا في نماذج عديدة، إلا أن "أوشفيتس" وبقية معسكرات التعذيب النازية كانت قمة ما شاهده وما سمعه الإنسان على مر الزمان، فعدد الضحايا المقدر في السجلات التاريخية لجرائم النازيين تفوق الـ 6 ملايين فرد، معظمهم كانوا من اليهود والبولنديين.
في 27 يناير/كانون الثاني 1945 وصل جنود الجيش الأحمر السوفيتي معسكر "أوشفيتس"، وهو أكبر وأشهرمعسكرات التعذيب في تاريخ ألمانيا النازية. لم يجد الجنود في وحدات المعسكر الثلاث من المعتقلين على قيد الحياة غير القليل ممن كانوا قابعين على الأرض وسط جثث زملائهم وأشلائهم المتناثرة في كل مكان. وعلى مدخل المعسكر كان هناك لافتة مكتوب عليها بالخط الأسود "العمل يجعلك حرا". بدا المشهد البائس على الأحياء داخل "أوشفيتس" غريبا وسط جحيم هذا المعسكر والشتاء القارص. وكانت هيئتهم على درجة من الإعياء وأجسادهم هزيلة لدرجة انه لم يمكن التعرف على هويتهم الأصلية. وكانت السلطات النازية قد قامت بإعطاء أوامر للتخلص من أكثر من 60000 فرد في مذابح جماعية نظمت لهم قبل أيام قليلة من فرار القوات الألمانية أمام الزحف السوفيتي. وقد كشف النقاب عن الصور الفظيعة لمعتقلي المعسكر بعد التقاء جنود الجيش الأحمر وجنود قوات الحلفاء الغربية عند حدود مدينة برلين.
الحياة بعد الوصول إلى "أوشفيتس"
يقع معسكر "آوشفيتز" على بعد 60 كيلومتر من مدينة كراكاو في بولندا، ومساحته الكلية بلغت 40 كيلومتر في ثلاث وحدات أساسية و39 معسكر صغير. كان نقل المعتقلين إلى هناك يتم عن طريق قطارات مكدسة في سفر يستمر عشرات الساعات، مما ترتب عليه موت العديد منهم خنقا قبل وصولهم إلى المعسكرات، لينتقلوا بعد التفريق بينهم وبين أسرهم إلى داخل المعسكرات التي كانت تمارس فيها أنظمة صارمة، حيث الإقامة في أكواخ قذرة ومناخ غير صحي، الامرالذي أدى في كل الأحوال إلى انتشار الأمراض والقضاء على الكثيرين ممن لم تهلكه رحلات القطارات. لقد كان هذا المناخ والعمل الإجباري القاسي والطعام القذر سببا أساسيا في تحول الكثير من المعتقلين إلى مرضى أو معوقين يتحتم التخلص منهم بالقذف بالرصاص أو وضعهم داخل المحارق وغرف الغاز وإجراء التجارب المعملية عليهم والدفن الحي أو التعذيب الجسدي والتجويع حتى الموت.
فلسفة الفاشية
لقد احتار الفلاسفة والمفكرون في تفسير معنى الاضطهاد والفاشية. إلا أن هناك إجماع على أن التعذيب والقهر والقتل من أهم وسائل إبقاء الفكر الفاشي على مقعد السلطة وتمكينها في الحكم. وهذا ما قامت به السياسية النازية في ألمانيا عند توليها السلطة وتصفية جميع معارضيها سواء بالقتل أو التعذيب، الأمر الذي أدى إلى بث الشعور بالعجز لدى المعارضة وحول أجسادهم إلى سلاح ضدهم في يد البطش النازي. وقد حاولت القيادة النازية أن ترسخ نفسها عند مؤيديها وحلفائهم عن طريق خلق صورة العدو الماثل في كل المعارضين بحجة أنهم يقفون كعقبة أمام المنفعة العامة ورخاء الشعب الألماني. وقد نفذت ذلك في صور عديدة بدأت بحرق الكتب التي تحارب الفكر النازي وانتهت بمعسكرات التعذيب التي كانت مركزا لتصفية الملاين من البشر. لم تكن الفلسفة النازية مقصورة فقط على ما أفرزته من نمازج تقوم على القهر والتمييز العنصري فحسب، بل أنها ساهمت أيضا بشكل مباشر أو غير مباشر في بروز العديد من الأنظمة الدكتاتورية والقمعية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن السابق بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن الأمثلة الحية على ذلك نظام ستالين في روسيا. فهذه الفلسفة تخول لحاملها تأليه ذاته ليكون مصدر للقيم والأخلاق في المجتمع، كما تصبح نزواته هي المرجعية العليا للقضاء والسلطة التشريعية و التنفيذية، وبهذا يعطي لنفسه حق تحويل الآخرين إلى مجرد أشياء أو آلات سائرة تكون لها قيمة فقط من خلال قدرتها الإنتاجية أو مقدار المنفعة التي يمكن أن تقدمها.