الشراكة الاورومتوسطية
مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 11:29 am
مقـدمـة
الفصل الأول: مدخل للشراكة و الشراكة الإستراتيجية
المبحث الأول: مـا هي الشراكـة الإستراتيجيـة
المبحث الثاني:الأسس التاريخيـة لإستراتيجيـة الشراكـة
المبحث الثالث: الإطـار النظري لإستراتيجيـة الشراكــة
المبحث الرابع: مميـزات الشراكـة
المبحث الخامس: أسباب اللجـوء إلى الشراكـة
المبحث السادس: الآثـار المترتبة عـن الشراكـة
الفصل الثاني: الشراكة الأورو متوسطية وانعكاساتها
المبحث الأول: أسباب ظهور موضوع الشراكة
المبحث الثاني: الدوافع وراء إقامة الشراكة
المبحث الثالث: آثر الشراكة الأورو متوسطية
المبحث الرابع: الأهداف الحقيقية وراء إقامة الشراكة الأورو متوسطية
مقـدمـة:
نظرا للتطورات التي يشهدها المحيط الاقتصادي على المستوى الدولي الذي آثر بدوره على إستراتيجيات التسيير خاصة بالمؤسسات الاقتصادية التي وجدت نفسها مجبرة على مسايرة هذه التحديات الجديدة و بالنظر الى الفوارق الاقتصادية التي تميز دولة عن أخرى و المؤسسات عن بعضها البعض، وفي ظل اقتصاد السوق و توسع الاستثمارات و تطور المنافسة الاقتصادية بين المؤسسات لجأت العديد من المؤسسات الإقتصادية إلى السياسة الاحتكارية باتحاد مؤسستين أو اكثر في ميدان معين (FUSION, ABSORPTION ( في مواجهة ظاهرة المنافسة العالمية إلا أن سياسة الإحتكار ما لبثت أن تحولت الى استراتيجية في التعاون بين المؤسسات الإقتصادية أو بين الدول أي سياسة استراتيجية الشراكة.
ولقد أدخل الإتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في علاقته مع الدول المتوسطة وهذا بسبب الأهمية الإستراتيجية للمتوسط، التي تستند الى بعد حضاري، وتكتل بشري، وموارد طبيعية مهمة، عادت به الى الإهتمام الدولي،هذه العودة تجسدت في تطوير الإتحاد الأوروبي لسياسته المتوسطية سنة 1989 حيث أصدرت اللجنة الأوروبية في نفس العام وثيقة بعنــوان إعـادة توجيه السياسة المتوسطية بصفة أساسية ، هذه السياسة تمثلت في الشراكـة الأورومتـوسطية PARTENARIAT EURO -MEDITERRANEEN التي تاتي حسب بيان برشلونة الذي يحث على التعاون الشامل و المتضامن.
وقبل التطرق الى الإتحاد الأوروبي و أبعاد مشاريعه المتوسطية يجب أولا معرفة مفهوم الشراكة
و الشراكة الإستراتيجية، و قواعدها و أشكالها و مميزاتها و أسباب اللجوء إليها و انعكاساتها.....
الفصل الأول: مدخل للشراكة و الشراكة الإستراتيجية:
المبحث الاْول: مـاهي الشراكـة الإستراتيجيـة:
قبل الخوض في تحديد معنى الشراكة الإستراتيجية، لا بد من توضيح معنى الإستراتيجية والتي أصبحت كثيرة الاستعمال في ميادين عديدة خاصة الإقتصادية بعدما كانت منحصرة على المجال العسكري.
1-مفهوم الاستراتيجية: هي الطريقة المنهجية التي تتبعها المؤسسة في صياغة أهدافها التنموية مع التغييرات التي يفرضها المحيط الذي تعيش حوله ووفقا للوسائل و الإمكانيات التي تمتلكها لتحقيق فعالية دائمة في ديناميكية المؤسسة على مختلف نشاطاتها.
2- مفهوم الشراكـة: يختلف مفهوم الشراكة بإختلاف القطاعات التي يمكن أن تكون محلا للتعاون بين المؤسسات و باختلاف الأهداف التي تسعى إليها الشراكة.
وفي هذا الشان فإنه في حالة إشراك طرف آخر أو اكثر مع طرف محلي أو وطني للقيام بإنتاج سلعة جديدة أو تنمية السوق أو أي نشاط إنتاجي أو خدمي آخر سواء كانت المشاركة في رأس المال أو بالتكنولوجيا فإن هذا يعتبر استثمارا مشتركا وهذا النوع من الإستثمار يعتبر اكثر تمييزا من اتفاقيات أو تراخيص الإنتاج حيث يتيح للطرف الأجنبي المشاركة في إدارة المشروع.
يمكن القول إذا أن الشراكة هي شكل من أشكال التعاون و التقارب بين المؤسسات الإقتصادية بإختلاف جنسياتها قصد القيام بمشروع معين حيث يحفظ لكلا الطرفين مصلحتهما في ذلك.
3-الشراكـة الإستراتيجيـة: تعتبر الشراكة الإستراتيجية الطريقة المتبعة من طرف المؤسسات في التعاون مع بعضها البعض للقيام بمشروع معين ذو اختصاص (Spécialisation ( وهذا بتوفير وتكثيف الجهود والكفاءات علاوة على الوسائل والإمكانيات الضرورية المساعدة على البدء في تنفيذ المشروع أو النشاط مع تحمل جميع الأعباء والمخاطر التي تنجم عن هذه الشراكة بصفة متعادلة بين الشركاء.
المبحث الثاني:الأسس التاريخيـة لإستراتيجيـة الشراكـة:
إن فكرة التعاون ليست وليدة اليوم أو ظاهرة غريبة على المجتمع الإقتصادي الدولي بل هي متأصلة نظرا لإعتمادها على مبدأ المصالح المشتركة والمتبادلة بين الدول إلا أن مبدأ الشراكة بين المؤسسات الإقتصادية كإستراتيجية للتطور والتنمية لم تحظ بالإهتمام إلا في السنوات الأخيرة حيث أصبحت تشكل عاملا أساسيا في تطور المؤسسة الإقتصادية، خاصة بالنظر الى التطور السريع للمحيط العام للإقتصاد الدولي الذي تعيش فيه المؤسسة الإقتصادية ويمكن ذكر التسلسل التاريخي لإستراتيجيات المؤسسة الإقتصادية من خلال ما يلي:
أ-الإستراتيجيـات الكـلاسيكيـة Les stratégies classiques :
في بداية الثمانينات كانت إستراتيجيات المؤسسة الإقتصادية مبنية على ثلاثة مبادئ اساسية لمواجهة المنافسة الإقتصادية.
1- نظام الهيمنة عن طريق التكلفةDomination par les coûts :
و يعتمد هذا النظام على مدى قدرة المؤسسة الإستثمارية وعقلانيتها في إستخدام مواردها والتقليص من تكاليفها الإنتاجية.
2- نظـام المفاضلـة أو التميـز Les différenciation :
ويرتكز هذا النظام الى تقديم كل ما هو افضل بالنظر الى سوق المنافسة ومبدأ الأفضلية يعتمد على المعايير التالية:
- الأفكار و الآراء الجديدة - الصور الحسنة ذات العلامة المميزة للمنتوج - المستوى التكنولوجي- المظاهر الخارجية
- نوعية الخدمات - فعالية الشبكات التوزيعية.
3- نظـام التركيــز La concentration:
إن تركيز النشاط يعتمد أساسا على البحث عن ثغرة بواسطتها تستطيع المؤسسة الحصول على مكانة إستراتيجية في سوق المنافسة فقد يتعلق الأمر بمجموعة من الزبائن أو بمنتوج أو سوق جديدة بها خصائص إيجابية مميزة.
ب: التحـول نحـو إستراتيجيـة الشراكـة:
كما قلنا إن سياسة الإحتكار ما لبثت أن تحولت الى استراتيجية في التعاون بين المؤسسات نظرا لتغير المعطيات الإقتصادية الدولية و التي تتجلى في :
- رغبة المؤسسات الإقتصادية في توسيع استثماراتها خارج الحدود الموجودة فيها حسب الإمتيازات الموجودة في هذه الدول.
- التحولات السياسية التي طرأت على الساحة العالمية و التي أثرت بدورها على الجانب الإقتصادي لهذه الدول التي تحولت نحو نظام اقتصاد السوق والإنفتاح الإقتصادي و تشجيع الإستثمارات الوطنية والأجنبية، كل هذه العوامل ساعدت في ترسيخ الشراكة في العديد من الدول.
المبحث الثالث: الإطـار النظري لإستراتيجيـة الشراكــة:
لقد اهتم الفكر الإقتصادي باستراتيجية الشراكة و صاغ لها نظريات عديدة قصد تنميتها والعمل بها من بين هذه النظريات نجد:
1- نظرية تبعية المورد:
تعد هذه النظرية الأولى من نوعها والتي ساهمت في تحليل أهداف الشراكة فالمؤسسة التي ليس بإمكانها استغلال ومراقبة كل عوامل الإنتاج تلجأ الى اتخاذ سبيل الشراكة مع مؤسسات إقتصادية أخرى للعمل في مجال نشاطاتها.فمثلا الشركات البترولية العالمية غير المنتجة للمحروقات تسعى لإستغلال إمكاناتها و طاقاتها التكنولوجية والتقنية المتطورة وهذا بإستيراد المواد البترولية الخام وإعادة تحويلها وتصنيعها ثم تقوم بتصديرها على شكل مواد تامة الصنع مع الإشارة الى فارق السعر بين شراء المواد الخام واعادة بيعها في شكل آخر مع العلم أن عمليات التحويل و التصنيع للنفط الخام يمكن القيام بها في البلد الأصلي ( المنتج) ولتدارك هذا الموقف غير العادل فإن الدول الأصلية ( المنتجة ) قصد استغلال إمكاناتها بصفة شاملة، عمدت الى منح تسهيلات جبائية للشركات ذات الإختصاص في تحويل المواد البترولية قصد القيام بمثل هذه النشاطات محليا .
2- نظريـة تكـاليف الصفقــات:
إن المؤسسة الاقتصادية وحفاظا على توازنها واستغلال الأمثل لمواردها الإقتصادية يجب أن تعمل على الحفاظ العقلاني للموارد التي تمتلكها وهذا بتقليص التكاليف في الإنتاج واستغلال كل التقنيات التي تساهم في تطوير الإنتاج كما و نوعا.
3- نظريـة المجمـوعــات:
حيث أن هناك مجموعات احتكار السوق من قبل الأقلية. وهذه النظرية تعتمد على توطيد التعاون بين المؤسسات الإقتصادية في شكل إحتكاري وضرورة الإهتمام بجميع المجالات الحساسة في الإقتصاد العالمي والتي تعد مركز قوة وعامل في تماسك المؤسسات الإقتصادية و نجاحها والتي نجد منها نشاطات البحث والتطوير والتي تعد عاملا حساسا في تطور المؤسسات الإقتصادية وتجاوبها مع التطورات التكنولوجية.
4- نظريـة الإنتاج الدولي و استراتيجية العـلاقـات:
وفقا لهذه النظرية فإن الشراكة بين المؤسسات تتجلى في طريقتين.
1- أولهما تتمثل في كون الشراكة هي طريقة لتفادي المنافسة مما يؤدي الى تكوين استراتيجية علاقات وترابط بين الشركاء.
2- تتمثل في كون الشراكة وسيلة لتوطيد إمتياز تنافسي للمؤسسة بشكل يجعلها تقاوم المنافسين لها.
المبحث الرابع: مميـزات الشراكـة:
إن الشراكة تعد الوسيلة المفضلة للدخول والإستفادة من.
- التكنولوجيا الجديدة- عامل التحكم في التسيير الفعال - أسواق جديدة راقية.
- التطور و لمراقبة والوصول الى الدرجة التنافسية.
- تسمح بدولية النشاطات التي تقوم بها المؤسسة وتدفع بها الى الدخول في الإقتصاد العالمي.
- عامل لتنشيط ودفع الإستثمار الأجنبي. - وسيلة للدخول لنظام المعلومات الإقتصادية.
- استغلال الفرص الجديدة للسوق مع الشركاء.
المبحث الخامس: أسباب اللجـوء إلى الشراكـة:
تلعب الشراكة دورا هاما وأساسيا بالنسبة للمؤسسة وهذا راجع للأسباب الرئيسية التالية :
أ-دولية الأسواق: Internationalisation des marches
شهدت تكاليف النقل و الاتصال انخفاضا وتقلصا بارزا نتيجة وسائل الإعلام الآلي وأجهزة المواصلات خاصة مع ظهور شبكة الانترنيت ، والذي يعد قفزة في عالم الاتصال ووسيلة لتسهيل مهام المبادلات التجارية والتقنية بين الدول في إطار التعامل الدولي ، علاوة على الدور الذي تلعبه في إحاطة المؤسسة الاقتصادية بكل المستجدات العالمية التي قد تؤثر فيها او تتاثربها .
إن نظام دولية الأسواق في ظل هذا التطور اللامحدود للتكنولوجيا يفرض على المؤسسة من جهة الاهتمام الدائم بهذا التطور ومحاولة التجاوب معه، ومن جهة ثانية انفتاحا اكبر على جميع الأسواق بغرض تسويق منتجاتها وترويجها، و تطوير كفاءاتها بكل ما أتيت من إمكانات .
إن المشكلة الدولية المعاصرة تؤثر بدون أدنى شك على الأولويات الاستراتيجية المختلفة للمؤسسات الاقتصادية، لذلك فمن الواجب إيجاد وسيلة فعالة للمراقبة الدقيقة للتكاليف الخاصة بالإنتاج،و هذا يخلق محيطا مشجعا و دافعا للاستثمار على المدى الطويل لذلك فان الشراكة تعد وسيلة للرد على هذه المتطلبات المتطورة لهذا المحيط المعقد والتنافسي، وهذا كله يرجع للمؤسسة الاقتصادية التي تبادر بسرعة لا برام عقود الشراكة ضمانا لنجاحها، وفي هذا الإطار لكي يتم إنعاش المؤسسة الاقتصادية فانه يلزم تحقيق تنظيم تسييري استراتيجي وضروري للوصول للأهداف المسطرة و التي يمكن اجمالــها فيما يأتي :
- معرفة السوق او إدماج نشاطات جديدة في السوق ووضع الكفاءات والمصادر الضرورية المؤهلة للاستغلال الأمثل.
- الحصول على التكنولوجيا الخارجية و ممارسة النشاطات التجارية بكل فعالية .
- الاستثمار في نشاطات جديدة و التحكم في استثمارات المؤسسة الخارجية.
- العمل على ضمان وجود شبكة توزيع منظمة و مستقرة بغرض استغلال جميع المتوجات على المستوى العالمي.
- وضع برامج استراتيجية دائمة لتقليص التكاليف الإنتاجية و الحصول على مكانة استراتيجية تنافسية.
- تطوير الإمكانيات الإعلامية.
ب- التطـور التكنولـوجـي L’évolution de la technologie:
إن التطور التكنولوجي عاملا أساسيا في تطور المؤسسة الإقتصادية وفي رواج متوجاتها و تفتحها على الأسواق الخارجية، ونظرا لكون التطور التكنولوجي عامل مستمر يوما بعد يوم فمن الصعب على المؤسسة الإقتصادية أن تواكبه دوما نظرا لتكاليفه التي قد تشكل عائقا أمام المؤسسة مما يستدعي اللجوء الى سياسة الشراكة الإستراتيجية لتقليص تكاليف الأبحاث التكنولوجية.
ج- التغييرات المتواترة للمحيط او نمط التغيير:
إن أنماط التغيير تشهد تطورا كبيرا نتيجة للتغييرات المستجدة على المستويين الدولي و المحلي، ونظرا لكون الوقت عاملا أساسيا في سير المؤسسة وفي ديناميكيتها فإن هذا الأمر يستدعي أن تعمل المؤسسة ما في وسعها لتدارك النقص او العجز الذي تعاني منه، إن الثلاثية المتكونة من الولايات المتحدة الأمريكية و المجموعة الأوربية واليابان تشكل ليس فقط نصف السوق العالمية للمواد المصنعة بل تشكل كذلك نصف نشاطات البحث والتطوير خاصة في إطار التكنولوجيا و البحث العلمي.
فالتغييرات المتواترة للمحيط الدولي على كافة المستويات تستدعي اهتماما بالغا من المؤسسات الإقتصادية وحافزا للدخول في مجال الشراكة والتعاون مع المؤسسات الأخرى لتفادي كل ما من شانه أن يؤثر سلبا على مستقبل المؤسسة الإقتصادية.
د- المنافسة بين المؤسسات الإقتصادية:
إن نظام السوق يدفع المؤسسات الإقتصادية الى استخدام كل طاقاتها في مواجهة المنافسة محليا ودوليا والشراكة باعتبارها وسيلة للتعاون والاتحاد بين المؤسسات الإقتصادية بإمكانها مواجهة ظاهرة المنافسة بإستغلال المؤسسة لإمكانياتها و التي تشكل ثقلا لا باس به، ومن أهم هذه الإمكانيـــات نجـــد:
- التقدم و الإبتكارات التكنولوجية.- اقتحام السوق.- السيطرة او التحكم بواسطة التكاليف.
المبحث السادس: الآثـار المترتبة عـن الشراكـة:
1-من أهم الآثار الناجمة عن الشراكة:
- رفع مستوى دخول المؤسسات الإقتصادية الى المنافسة في ضل اقتصاد السوق والعولمة.
- وضع حد للتبعية الإقتصادية.- تشجيع المستثمرين ( وطنينا أو أجانب ) ما بين الدول.
- تطوير الطاقات الكامنة وغير المستغلة. - إعادة تطوير الموارد و المواد الأولية المحلية.
- تطوير إمكانيات الصيانة.- تطوير الصادرات خارج المحروقات.
- خلق مناصب شغل.- سياسة توازن جهوية بين مختلف القطاعات.
- تحويل التكنولوجيا والدراية المتطورة وتقنيات التسيير.
و هذا كله متوقف على مدى مرونة الدولة وفعاليتها في تطوير هذه الاستراتيجية عن طريق .
- تخفيف القواعد التنظيمية DEREGLEMENTATION.
- تخفيف عامل الجباية DEFISCALISATION.
- تسهيل المعاملة البيروقراطيةDEBUREAUCRATISATION .
2-آثار الشراكة على المؤسسة الاقتصادية:
- تطوير مستمر و دائم لنوعية المنتوجات والخدمات عن طريق التحولات التكنولوجية.
- توسيع قطاع المنتوجات كما ونوعا.- الدخول الى أسواق جديدة .
- تعلم التقنيات الجديدة في التسويق والتجارة الخارجية.- تطور االامكانيات الإنتاجية.
- ضمان فعالية اكثرعن طريق تحسين الإنتاجية. - التقليص والتحكم في التكاليف الإنتاجية.
- الصرامة في تسيير الموارد البشرية وتكوينها. - التعايش بواسطة التخصص في ميادين نوعية او في منتوجات معينة.
أشكال الشراكة: هناك أشكال عديدة للشراكة منها:
- الشراكة الصناعية. - الشراكة التجارية .- الشراكة التقنية أو التكنولوجية.
- الشراكة المالية. - الشراكة في المناطق الحرة.
الفصل الثاني: الشراكة الأورو متوسطية و انعكاساتها:
المبحث الأول: أسباب ظهور موضوع الشراكة:
لقد استقطب موضوع الشراكة اهتمام الساسة والخبراء والباحثين، لما لها من أهمية يمكن أن تؤثر على توجهات مستقبل عدد كبير من الدول المتوسطية. فهو يمثل تطورا هاما على نمط علاقات وتفاعلات المنطقة العربية المتوسطية وغير المتوسطية ومستقبلها كدول وكيان.
وان موضوع الشراكة هذه هو مشروع أوربي ظهر نتيجة :
- تعثر المشروع العربي وتجميده منذ مطلع الثمانينات فالكل يعرف انه ثمة فراغ إقليمي في المنطقة إما أن يملأه العرب او أن يملأه غيرهم والعرب أنفسهم يعرفون ذلك.
- تفاقم شراسة النظام الرأسمالي العالمي وخاصة بعد تفكك الإتحاد السوفياتي والإعتقاد بان موجه المستقبل هي الرأسمالية ( الحرية الإقتصادية ).
- إصرار إسرائيل على تعديل معادلة الأرض مقابل السلام، لتصبح المعادلة تخلي إسرائيل من جزء من الأرض العربية المحتلة مقابل التعاون و التكامل الاقتصادي معها من قبل بعض الأقطار العربية او اغلبها. ولقد عقد مؤتمر برشلونة سنة 1994 الذي جسد المبادئ العامة او الرئيسية التي تقوم عليها الشراكة الأورومتوسطية ثم تبعه مؤتمر مالطة سنة 1996 و 1997 رغم أن المشروع بدأ منذ السبعينات بمراحل متتالية .
إعلان برشلونة:
يعتبر هذا الإعلان إطار للتعاون الأورومتوسطي لأنه حدد الأهداف العامة للتعاون و هي:
- الإسراع بعجلة النمو الإقتصادي والاجتماعي الدائم وتحسين ظروف الحياة للسكان والتقليل من فوارق النمو في المنطقة.
- تشجيع التعاون والتكامل الإقليمي بإقامة مشاركة اقتصادية ومالية ولقد أعطى إعلان برشلونة أهمية ملحوظة كدوره الكبير في الترجمة العملية للإعلان و لدعم دور المجتمع المدني ولتحقيق التقارب بين الثقافات والحضارات، في هذا الصدد إتفق الشركاء على تحسين مستوى التربية في كل المنطقة.
- تضمن كذلك مبادئ التزام الإتحاد الأوروبي للوقوف مع دول جنوب المتوسط لحل مشاكلها وإزالة التوترات منها وخاصة في مجال تحقيق التسوية السلمية للنزاع العربي الإسرائيلي.
مؤتمر مالطا:
لم يكن خلال مسار هذا الإجتماع التوصل الى نتائج تحضى بإجماع المؤتمرين وقد كان هناك نقاط خلاف بارزة وشملت مواضيع حقوق الإنسان و شرعية السلام والأمن وإجراءات الثقة و التعاون مع المنظمات غير الحكومية .
إما في الموضوع المتعلق بالشراكة الإقتصادية و المالية الهادفة الى انشاء منطقة ازدهار مشتركة فقد أكد المشاركون على أهمية تخصيص مبلغ 4675 مليون ايكو من اموال موازنة المجموعة كاملا لهذا الهدف وزيادة قروض البنك الأوربي للإستثمارات.
كما اشار المشاركون الى أهمية العمل بأسرع ما يمكن للبحث عن إجراءات تخفيف من وقع النتائج الاجتماعية السلبية التي قد تنجم عن تكيف البنية الإقتصادية والاجتماعية وتحديدها والقيام بتنفيذها لتلك الإجراءات.
كذلك خصص مبلغ 200 مليون إيكو لدعم نشاط القطاع الخاص والنشاط الصناعي في البلدان المتوسطية الشركاء.
وكذلك الإسراع بعملية السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط .
وقد تم إنشاء المنبر الأوربي المتوسطي للطاقة.
المبحث الثاني: الدوافع وراء إقامة الشراكة:
اْ- الدوافع السياسية والاِجتماعية:
- دوافع سياسية وامنية منها قضية السلام في الشرق الوسط.
- دوافع اجتماعية وثقافية وإنسانية. ومنها دوافع الحد من التدفق المتتالي لموجات الهجرة غير القانونية من دول الجنوب الى دول شمال البحر الأبيض المتوسط واحتمالات تفاقمها حتى أصبحت من أهم موضوعات الساعة التي تثير العديد من ردود الأفعال والتصرفات المختلفة لذا أرادت أوربا وضع برامج محلية للتدريب المهني .
- أيجاد فرص عمل محلية. - تشجيع المشاركة الفعالة للتجمعات السكنية للسكان.
- احترام الحقوق الاجتماعية الأساسية. - منح الحق في التنمية وتنشيط المجتمع المدني.
- التعاون لتخفيف وطأة الهجرة عن طريق برامج تأهيل واتخاذ تدابير لإعادة قبول المواطنين الذين هم في وضعية غير قانونية.
- تنفيذ سياسة مستديمة للبرامج التربوية وتسهيل اللقاءات الإنسانية.
- تنمية الموارد البشرية عن طريق التعليم والتأهيل وتشجيع التبادل الثقافي واحترام حقوق الإنسان.
- حوار الثقافات والأديان والتفاهم بينهما.
ب- الدوافع الإقتصادية:
- تقديم معونات للبنى التحية خلال الخمس سنوات التالية وتشجيع الإستثمار
- تطوير وسائل الربط بين الجانبين دعما لحركة التصدير والإستاد .
- إقامة منطقة للتجارة الحرة بين أوربا والدول المتوسطية ابتداء من سنة 2010 .
ج- الأهداف الحقيقية وراءاقامةالشراكة الأورو متوسطية:
- انشاء منطقة حرة.
- جلب راس المال الأجنبي الذي يتطلب الشروط التالية:
1- استقرار الإقتصاد الكلي.
2- تقليل الاعتماد على الضرائب التجارية.
3- تخفيف عبء الدين الخارجي.
4- درجة عالية من الإنفتاح.
المبحث الثالث: آثر الشراكة الأورو متوسطية:
1- الآثار على الإستثمار:
- لوحظ تحويل الاستثمار الأوربي المباشر الى شرق أوربا بدلا من دول الشراكة الأورو متوسطية.
- كما أخفقت الدول العربية في اجتذاب الإستثمار الخاص من الإتحاد الأوروبي.
- حتى العون هو مشروط في الدول العربية بقضايا التصحيح الهيكلي والتعاون المالي والتجاري وحقوق الإنسان. بينما في إسرائيل يتم في تمويل البحث العلمي والتكنولوجي وتطوير الصناعات المتقدمة.
2 – الآثار التجارية الناتجة عن التحرير:
إن الهيكلة المطروحة في الإعلان تقضي بإقامة منطقة تجارة حرة خلال مدة محدودة لا تتعدى 2010 للمنتجات الصناعية، و بالرغم من أهمية ما ينطوي عليه فتح الأسواق من تحفيز للإستثمار والإنماء الإقتصادي وإطلاق مبادرة القطاع الخاص، إلا أن هناك آثارا هامة يمكن إبرازها فيما يلي:
أ- إن إزالة التعريفات الجمركية بشكل متسرع، قد يؤدي إلى مواجهة الشركات العربية لمنافسة جديدة من الشركات الأوربية لا قدرة لها على التكافؤ معها، مما سيؤدي إلى إفلاس عدد كبير من الشركات العربية مما سيضاعف فتح أسواق أمام المصنوعات الأوربية من إختلالات الموازين التجارية للبلاد العربية، و إذا تم إغفال مصلحة أحد طرفي الشراكة لن تكون منطقة التجارة الحرة سوى توسيع السوق الأوربية نحو الجنوب .
ب- إزالة التعريفات الجمركية تؤدي إلى إضعاف إيرادات الموازنات العامة للدول العربية، مما سيفوق مقدرة الإنفاق على مشاريع التنمية وعلى إتخاذ سياسات صناعية واجتماعية تعويضية للتخفيف من الأزمات الناجمة عن إزالة التعريفات الجمركية.
ج- ستبقى الأسواق الأوربية مغلقة أمام المنتجات الزراعية للدول العربية التي ستخضع إلى نظام صارم، ولن تفتح إلا ضمن الحدود المسموح بها في نطاق السياسة الزراعية للإتحاد الأوربي، وبعد تهميش الزراعة، والثغرة الرئيسية والمحورية في هذا المشروع هو أن الإتحاد الأوربي يطلب من الدول العربية المعنية أن تزيل القيود الجمركية عن الصادرات العربية الضئيلة من المنتجات الزراعية ومن جهة أخرى لا يزال الدعم يشكل المحور الرئيسي للسياسة الزراعية الأوربية. والمزارع الأوربي يمنح مزايا تنافسية لا مجال إلى مقارنتها مع أوضاع المزارع العربي، ولو كانت الصادرات العربية من المنتجات الزراعية من الحجم ما يؤدي فعلا إلى المنافسة في الأسواق الدولية لربما كان للموقف المتصلب الذي يتخذه الإتحاد الأوربي ما يبرره، لكن هذه الصادرات لا تشكل سوى 5% من إجمالي الصادرات العربية.
و من خلال ما سبق ذكره فإن تحرير التبادل التجاري بين الأطراف يجب أن يكون منسقا كما ونوعا، ومشروطا مع الهدف الأساسي الذي من المفروض أن تبنى عليه خطة الشراكة، ألا وهي التنمية المؤزرة والسليمة والسريعة لكل الأطراف و خاصة الأقطار النامية منها.
3 - آثار الشراكة على التكامل العربي:
إن الهدف الإستراتيجي والثابت للمشروع المتوسطي، هو تفكيك الوطن العربي كوحدة متماسكة من خلال إدخال بلدان غير عربية، مثل تركيا في هذا المشروع وعدم إدماج بلدان عربية رغم انتمائها للمتوسط مثل ليبيا، وإضافة دول غير متوسطية كالأردن وهذا لتحقيق هدفها وهو الوصول الى تجزئة الوطن العربي هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان التعاون الإقتصادي الذي سيفرزه المشروع المتوسطي هو خلق جماعات عربية مع الكيان الصهيوني بمصالح إقتصادية يجعلها موالية له مما يجعلها تشكل جماعات ضغط داخل الأقطار العربية لتوجه سياسات دولها بما يتناسب ومصالحها النفعية بعيدا عن المصلحة العربية .
إن الشراكة الأورو متوسطية تقوم على الانتقاء وعدم التكافؤ، فهي تتميز بين حرية التبادل وحرية انتقال الأشخاص، فتزيل الحواجز أمام الأول وتضعها أمام الثانية تخوفا من المهاجرين و سوف تعكس الشراكة الأورو متوسطية منافع واضحة للدول الصناعية في أوربا منها :
- إتاحة فرص جديدة للتسويق.- إنقاص تدفقات هجرة العمال من دول جنوب المتوسط الى أسواق أوربا.
- المصلحة الإستراتيجية هي دعم التنمية الإقتصادية من خلال الإستقرار السياسي و تهدئة نقاط الألتهاب في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا .
- التخفيف من أعباء التطورات الداخلية والتي تشكل لا محال خطر على الأمن الأوروبي.
المبحث الرابع: الأهداف الحقيقية وراء إقامة الشراكة الأورو متوسطية:
ان انشاء منطقة حرة للتبادل بين الإتحاد الأوربي ومنطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط هو جوهر استراتيجية الإتحاد الأوربي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط كما أن هناك جوهر آخر لا يقل أهمية عن سابقه وهو ضمان الموارد الأساسية من الطاقة، وخاصة الغاز الذي يعتبر أهم المصادر التي تحتاجها الصناعات الأوربية. وفي المقابل تهدف دول جنوب المتوسط الى جلب رؤوس اموال من الضفة الشمالية من اجل إنعاش اقتصادياتها .
1-انشاء منطقة حرة:
إن منطقة التجارة الحرة هي تجمع اقتصادي بين مجموعة من الدول يتم بموجبها تحرير التجارة فيما بين هذه الدول من كافة الحواجز الجمركية و القيود الأخرى على التجارة، مع احتفاظ كل دولة بتعريفتها الجمركية إزاء دول خارج المنطقة، وذلك بهدف تحقيق منافع اقتصادية تتمثل في تعظيم الإنتاج وحجم التجارة بين دول المنطقة.
2-مقومات نجاح مشروع المنطقة الحرة:
انطلاقا من التجارب و الدراسات التي تعرفها مختلف البلدان في مجال انشاء المناطق الحرة، فإن ثمرة التحاليل و البحوث التي أجريت على المعطيات و النتائج المحققة سمحت بإدراج بعض الشروط و مقومات برزت مساهمتها في زيادة حظوظ النجاح لهذه المناطق في كثير من الحالات.
و فيما يلي نستعرض أهم العوامل التي يجب توفرها من اجل إنجاح مشروع المنطقة الحرة.
1- الاستقرار السياسي و الإقتصادي:
أ- الاستقرار السياسي:
ونعني به عدم وجود اضطرابات ومنازعات سياسية، وكذا استقرار الأوضاع الأمنية، إذ انه من غير المعقول أن يتوجه المستثمرون الى دولة تحرف ثورات وانقلابات عسكرية وصراع دائم على السلطة، حيث انه في اغلب الأحيان لا يلتزم الحكام الجدد بما منحه الحكام السابقون للمستثمرين من تعهدات وضمانات.
إن تدفق الإستثمارات الأجنبية يتطلب وجود نظام قانوني وقضائي فعال ومستقر يحمي رجال الأعمال من أي إجراءات تعسفية ويمكنهم من استرداد حقوقهم بسهولة وسرعة.
ب- الاستقرار الاقتصادي:
يقصد بالاستقرار الإقتصادي استقرار القوانين والقرارات المنظمة للنشاط الإقتصادي والإطار العام للسياسة الإقتصادية للدولية، و كذا وضع تشريعات واضحة تنظم نشاط القطاع الخاص والإستثمارات الأجنبية، بالإضافة الى ذلك فإن الإستقرار الإقتصادي ينطوي على وجود فرص استثمارية مجزية ونظام مصرفي كفء وسياسات اقتصادية واضحة و نظام ضريبي واقعي، فضلا عن تامين المستثمرين الأجانب ضد مخاطر مختلفة مثل المصادرة، مع تمكينهم من تحويل الأرباح و راس المال الى الخارج في حالة التصفية.
2- الحوافـز الماديـة:
أ – الموقـع المناسب:
يكتسي الموقع الجغرافي للمنطقة الحرة أهمية قصوى ضمن جملة العوامل المساعدة على تهيئة المناخ المناسب لنجاح مشروع المنطقة الحرة، بدليل أن جل التعاريف المقترحة ركزت على ضرورة وجود المنطقة بمحاذات او بداخل الموانئ الجوية او البحرية، بالإضافة الى وقوعها على شبكة الطرق ذات كفاءة عالية من الخدمة لاستعاب حركة النقل الواردة اليها و الصادرة منها ، زيادة على قرب المنطقة من مراكز التجمعات العمالية خصوصا العمالة الرخيصة.
إن أهمية الموقع الجغرافي تكمن في تسهيل التعامل مع العلم الخارجي، هذه الأهمية تمنح أفضلية لبعض المناطق على الأخرى في مجال استقطاب الاستثمارات االاجنبية، ومن ثم تجعل من الموقع الجغرافي عاملا أساسيا يساهم في إنجاح مشروع المنطقة الحرة.
ب- ارتفاع مستوى البنية التحتية :
إن جميع الأنشطة الاقتصادية في حاجة الى خدمات اساسية لكي تبدا نشاطها، وهذه الخدمات العامة المتاحة لاستخدام الجميع هي ما يسمى بالبنية التحتية، إذ أن الاستمارات الأجنبية تتدفق على المناطق الحرة التي تتميز ببنية تحتية جيدة المستوى، تتمثل البنية التحتية في الطرق والمواصلات السلكية واللاسلكية، الصرف الصحي ومحطات القوة الكهربائية، خطوط الطيران، المطارات، الموانئ، وشبكة الإتصالات التي تخدم النقل السريع للبضائع والأفراد لا سيما بالنسبة للمنتجات عالية التقنية التي تحتاج الى عناية خاصة أثناء نقلها من المنطقة الحرة الى أماكن التصدير، كما ينبغي توفير وتهيئة أراضي جيدة ذات مساحات كبيرة ومنفصلة عن المناطق السكنية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمناطق الحرة للتصدير.
إن عدم توفير هياكل قاعدية فعالة قد يؤدي الى فشل مشروع المنطقة الحرة.
ج- توفـر المدخـلات الأولية للعملية الإنتاجية ( العمالـة ):
تعتبر العمالة أحد الأعمدة الثلاثة الرئيسية التي يرتكز عليها النشاط الإنتاجي، زيادة على العاملين الآخرين المتمثلين في راس المال والتنظيم، لذلك فإنها تعتبر من بين المقاييس التي يختار على أساسها مكان تموقع المنطقة الحرة، و ذلك بالقرب من التجمعات السكانية حتى يسهل اختيار الأيدي العاملة المناسبة، لأن المؤسسات الصناعية قليلا ما تقوم بتدريب العمالة، بل تفضل إختيار الدول التي بها عمالة ماهرة و مدربة، واصحاب رؤوس الأموال يبحثون عن المواقع التي تتوفر بها يد عاملة بالمستوى الفني المطلوب، وفي نفس الوقت تكون منخفضة الأجر. وكما هو معلوم فإن أجور العمالة في الدول النامية بصفة عامة اقل من أجور العمالة بالدول المتقدمة.
إن اجر العامل الى جانب ثقافته و مهارته و انضباطه، وتفانيه في العمل و قدرته على الاستعاب تعتبر من أهم العوامل المساعدة على نجاح المنطقة الحرة و جلب الإستثمارات الأجنبية اليها .
3- التحفيزات الجبائية والمالية:
إذا كانت نوعية و فعالية المحيط المادي هي عناصر هامة وضرورية لنجاح المنطقة الحرة، فإن مجموع التحفيزات الجبائية والمالية هي أيضا جد مهمة،لأنه من وظائف الجباية استعمالها كوسيلة للتوجيه والتنظيم الإقتصادي، وفي حالة المناطق الحرة فإن جملة التحفيزات الجبائية والمالية تعتبر من العوامل المساعدة على نجاح المنطقة الحرة، إلا انه ثبت وأنها لا ترق الى الدور الذي تلعبه التحفيزات المادية وكذا الإستقرار السياسي والإقتصادي.
أ- التحفيزات الجبائية:
تختلف التحفيزات الجبائية من دولة الى اخرى، وتأخذ شكل إعفاء جبائي مرتبط عموما بفترات متفاوتة، وكذلك التخفيض في حالة إعادة استثمار الأرباح، ويمكن تلخيص الإعفاءات الجبائية في مايلي :
- إعفاء من الحقوق الجمركية، الرسوم والضرائب المختلفة والمتعلقة باستيراد المواد الأولية وتجهيزات الإنتاج، هذه الإستثناءات المطبقة على المواد الأولية وعلى التركيبات المستوردة والمعادة للتصدير تكون غالبا مرتبطة بسلسلة الإنتاج المستعملة من طرف المؤسسة خلال عملية الإنتاج.
- إعفاء ضريبي على مدا خيل المؤسسات لمدة تمتد بصفة عامة من 05 الى 10 سنوات و قد تصل أحيانا الى 15 سنة. إلا أن المؤسسات المتواجدة بالمنطقة تنجح أحيانا في تمديد هذه المدة عن طريق تهديدات بالرحيل عن المنطقة، لأنها تستفيد من انتقالها الى منطقة أخرى بمدة إعفاء جديدة.
هناك بعض الدول تمنح إعفاءات ضريبية قد تصل الى مدة حياة المشروع، غير أن هذه الإعفاءات لا تكون مصدر اهتمام من قبل المؤسسات الكبرى.أما المؤسسات التي تولي هذه الإعفاءات أهمية هي المؤسسات فليلة الفعلية، وذلك لتعويض نقص الفعالية بالحصول على هذه الإعفاءات.
ب- التحفيزات المالية:
من اجل تهيئة المناخ الملائم لإنجاح مشروع المنطقة الحرة تلجأ بعض البلدان الى تقديم تحفيزات مالية مغرية جدا تتمثل في :
- إمكانية الحصول على قروض بمعدل فائدة متواضع لأجل إنجاز المخطط الإستثماري.
- معدلات تفضيلية خاصة بالنسبة للمواقع المستأجرة للمستثمرين.
- تقديم مساهمات مالية لتكوين اليد العاملة اللازمة لعملية الإنتاج.
إن هذه التحفيزات تختلف من منطقة الى اخرى،نظرا لتفاوت مستوى العوامل المادية، كالهياكل القاعدية...الخ، لذلك فإن المناطق التي لا تلق إقبالا كبيرا من الشركات الأجنبية تغطي هذا النقص في الحوافز المادية، عن طريق منح حوافز مالية مغرية و جذابة للاستثمارات الأجنبية داخل المنطقة.
و قد يحصل وان تقوم الدولة بتمويل بناء المباني الصناعية، او قد تأخذ على عاتقها التمويل الجزئي لهذه المباني في بعض الحالات النادرة.
4- جلب رأس المـال الأجنبـي:
إن من أهم أهداف الشراكة الأورو- متوسطية بالنسبة للضفة الجنوبية هي جلب رؤوس الأموال من اجل إنعاش الإقتصاديات الوطنية، وتطوير الإستثمارات المحلية، ومن أجل دخول رؤوس الأموال الأجنبية لا بد من توفر الشروط التالية:
1- استقرار الإقتصاد الكلي.
2- تقليل الإعتماد على الضرائب التجارية.
3- تخفيف عبء الدين الخارجي.
4- درجة عالية من الإنفتاح.
الخــــــاتمة:
إن المشروع الأورومتوسطي يعكس عدم التكافؤ الكبير في علاقات القوة بين الإتحاد الأوربي من جهة والدول العربية المتوسطة، من جهة أخرى فالإتحاد الأوربي يفاوض ككتلة قوية عسكريا وسياسيا وإقتصاديا بينما تفاوض الدول العربية، بصورة متفرقة مما سيؤدي لا محالة إلى القضاء على إمكانية قيام وحدة إقتصادية عربية تدريجية.
كما أن هذا المشروع ينادي بإقامةالمنطقة الحرة التي سيكون لها آثار سلبية عديدة أو لها على الصناعات العربية التحويلية القائمة، إما القضاء على أغلبها أو التأثير فيها سلبيا، نظرا إلى تقدم الصناعات التحويلية في الإتحاد الأوربي لأنها تستفيد من إقتصاديات الإنتاج على نطاق واسع بسبب ضخامة سوق الإتحاد و بسبب أن عددا مهما من شركاتها هي من نوع شركات متعددة الجنسيات وأيضا فربما الخطر الأهم لمنطقة التجارة الحرة هو الحيلولة في المستقبل دون تطوير صناعات تحويلية عربية غير قائمة حاليا أو قائمة على نطاق محدود، فإنفتاح الأسواق العربية المتوسطية ومن دون حماية على إستيراد سلع مصنعة متطورة وذات تقنية عالية كصناعات الكمبيوتر والصناعات الطبية سيشكل عقبة في طريق العمل على إقامتها في الأ قطار العربية المتوسطية ممـا سيـؤدي إلى إستفحـال البطالة في هذه البلدان.
الشراكة الأورومتوسطية
المتوسطية: سياقات التبلور
تحاول هذه الورقة الابتعاد قدر الإمكان عن اجترار المعلومات التاريخية, والتفصيلات العملية, وأن تتقدم نحو تقدير للموقف بالمعنى الاستراتيجي فيمايتعلق بالعلاقات العربية الأوربية, مع التركيز على عملية الشراكة في أكثرأبعادها عمومية.
ولايمكن بالطبع فصل الراهن في هذه العملية عن العمق التاريخي لها ممثلا فيتاريخ حافل من التجارة والتفاعل الثقافي والحروب بين شمال البحر المتوسط منناحية وجنوبه وشرقه من ناحية أخرى.
ويلقي هذا التاريخ بظلاله القوية على قضايا متعددة في هذه العلاقات, فضلاعن كونه أسهم بقوة في تشكيل الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية في الوطن العربي, وفي رؤية كل طرف للآخر (الجمال 2002 أ).
وتبقي العناصر التاريخية قابعة بقوة في الذاكرة الجمعية للشعوب العربية, وبما يعوق إرساء الثقة في طريق إقامة شراكة أوربية-عربية أو متوسطية فعالة. فمن أوربا جاءت الحملات الصليبية, والاستعمار الأوربي القديم هو الذي وقفضد عمليات التحديث الوطني في البلدان العربية وأجهضها, وهو الذي خلف تاريخاحافلا بالعدوان والقمع والاستيطان واستنزاف الموارد والطمس الثقافي. وأوربا الاستعمارية هي التي فتحت باب الهجرة ليهودها إلى قلب الوطن العربيبهدف فصل مشرقه عن مغربه. كما كان الوطن العربي مسرحا لصراعات القوىالإمبريالية الأوربية .
وليس المقصود من الإشارة السابقة القيام بأي نوع من المساجلة الدعائية, وإنما التأكيد على أن هذه الحقائق التاريخية كانت تستوجب من الطرف الأوربيفي عملية الشراكة مراعاة الكثير من المحاذير وتوخي الإنصاف حتى تكتسبالشراكة المصداقية التي تتمناها أطرافها.
أما على مستوى اللحظة التاريخية الراهنة, فقد كان التساؤل مشروعا فيالأوساط الثقافية والسياسية العربية عن عودة الاهتمام الأوربي المكثفبالبحر المتوسط في التسعينيات؟ (نافعة 2004 : 392-3).
وقدمت إجابات عدة أهمها سقوط الاتحاد السوفيتي ومحاولة أوربا استعادة منطقةنفوذها في حوض المتوسط بعدما كان ساحة للصدام المباشر بين الإرادتينالأمريكية والسوفيتية, وكذلك تعاظم الآمال في التسوية السياسية للصراعالعربي-الإسرائيلي بعد حرب الخليج الثانية ومؤتمر مدريد, بل وحتى حاجة بعضدول الجنوب الأوربي إلى موازنة الوحدة الألمانية وتعاظم نفوذها في شرق ووسطأوربا. وذهب البعض (أمين وياشير 1988 : 20) إلى أن مركز أوربا الهيكليوالظرفي في المنافسة الدولية يدفعها إلى تغطية العجز في علاقاتها معالولايات المتحدة واليابان بفائض مبادلاتها مع العالم الثالث وبلدان شرقأوربا.
ولم تكن مصادفة تامة أن يتواكب طرح المشروع المتوسطي إلى جوار المشروعالشرق أوسطي المطروح أساسا من جانب إسرائيل والولايات المتحدة. وقد حدثالتباس كبير في هذا الشأن نظرا لتعدد جوانب التنافس والتداخل في آن بينالمشروعين.
ومالت الدوائر الثقافية والسياسية العربية إلى تفضيل المشروع المتوسطي (عبدالفضيل 1996) لأن المشروع الشرق أوسطي ينطلق منذ البداية من ترتيباتمؤسسية فوقية لنظام إقليمي يطمس الهوية العربية ويعطي لإسرائيل دورا قيادياوناظما للتحولات الاقتصادية في المنطقة, خاصة وأن "شيمون بيريز" هو الأبالروحي لهذا المشروع. كما تم النظر إلى المشروع المتوسطي كمشروع فضفاضوأكثر مرونة, على غرار منتدى "آبيك".
ورأى البعض في المشروع المتوسطي فرصة لبناء مركز تفاوضي قوي في عصرالتكتلات الاقتصلدية الكبرى (انظر: أبوعامود 1996) والاستفادة من حجمونوعية التطور الاقتصادي والتكنولوجي لدول الشمال, وتحقيق التوازن مع دولالجوار الجغرافي, وحل المشكلات الأمنية العويصة للعالم العربي, وبخاصةإيجاد رادع لإسرائيل النووية, ناهيك عن تعامل المشروع معها كدولة عادية لاتتمتع بأي استثناء.
ولكن الاتجاهات القومية وبعض الاتجاهات اليسارية العربية رأت في المشروعالمتوسطي تشابها كبيرا مع نظيره الأوسطي من حيث قطع الطريق نهائيا علىتطوير النظام الإقليمي العربي, وتكريس التخلف العربي من خلال شراكة غيرمتكافئة, وإغلاق للمصانع وتعميم للبطالة, وإدارة شئون الاقتصادات العربيةمن خارجها, واختراق المجتمعات العربية عن طريق فئات من المثقفين ورجالالأعمال وحتى العمال تعمل على تحقيق أهداف هي بالتأكيد غير الأهداف الوطنيةوالقومية (انظر: الحمش 2004 : 299-300).
ورأى البعض الآخر أنه لايمكن تجاهل فرص الاستفادة من تعميق التعاون معأوربا كهامش للمناورة – على الأقل – في مواجهة الضغوط والهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية, أما تحويل هذا إلى شراكة حقيقية بين ضفتي المتوسط فإنه يتطلبتوافر العديد من الشروط على المستويين الوطني والقومي, وبخاصة التعامل معالمشروعين المطروحين على قاعدة تدعيم النظام الإقليمي العربي وليس تفكيكهأو تهميشه.
غير أن البعض الآخر رد على هذا بأن النزوع نحو المتوسطية لا يعني تجاهلالدوائر الأخرى المتاحة, كما رأوا أن البديل المتوسطي قابل للتطوير وإضفاءمدخلات عربية على أسسه أكثر من المشروع الشرق أوسطي, فضلا عن الإشارة إلىالمواقف الأوربية المتميزة في بعض قضايا العرب الكبرى بغض النظر عن المنتوجالعملي لهذه المواقف لأنه يتوقف على عوامل أخرى عديدة.
ويبدو من المنظور الأوربي أنه يقسم الوطن العربي إلى ثلاث مناطق : الخليجالعربي والمغرب العربي والدائرة التي تمثل إسرائيل وجيرانها. وقد جاء مؤتمربرشلونه ليكمل مابدأه مؤتمر مدريد للسلام, حيث استهدف عدم ترك المنطقتينالأخيرتين للنفوذ الأمريكي الصرف. أما المنطقة الأولى فهناك اعترافبالمصلحة الاستراتيجية الأمريكية هناك, وكل المرتجى أوربيا هو ضمان استمرارإمدادات النفط (حتى 1996).
وفي الحقيقة أن المشروع المتوسطي يأتي أيضا في ظل تفاعل عمليتين تاريخيتينكبيرتين هما: العولمة والأقلمة. ورغم أن كلا منهما ليست ظاهرة جديدةبالكلية, إلا أنه يلاحظ أن العولمة قد جلبت معها تشكل أعداد كبيرة منالتجمعات الإقليمية وعبر الإقليمية. ولايجوز اختزال الأمر بقول أنالظاهرتين جناحان لطائر واحد, مثلما لاينبغي اعتبارهما متناقضتين على طولالخط.
فمن الواضح أن العولمة- كظاهرة غير متسقة- تتخذ صورا بعضها مؤقلم وبعضهاغير مؤقلم. كما يلاحظ أن معظم دول الجنوب تنضم إلى عدة تجمعات إقليمية فيذات الوقت, وهو مايعكس نوعا من الحيرة والسيولة إلى جانب البحث عن تعظيمالمنافع الاقتصادية في كل الاتجاهات.
غير أنه تجب ملاحظة أن التجمعات الإقليمية وعبر الإقليمية في عصر العولمةتتسم بالميل أكثر نحو الجغرافيا الاقتصادية, وليس الجغرافيا السياسية, معاستهدافها بالطبع لتحقيق غايات سياسية من خلال نسج التشابكات الاقتصادية.
وهنا يتجلى فهمنا لما تسمى الأقلمة, حيث يقصد بها تلك الصياغات الإقليميةالمفروضة من جانب مركز أو أكثر من المراكز الكبرى للعولمة, والتي تهدف إلىتحقيق الاندماج في العولمة النيوليبرالية وليس مقاومتها, وإرساء المصالحالمشتركة بين فئات وشرائح اجتماعية مستفيدة من مجريات العولمة (انظر: الجمال 2002 ب).
وعلى الرغم من التباس التنافس بالتكامل بين المشروعين الأوسطي والمتوسطي, يأتي المشروع الأخير في إطار عملية إعادة هيكلة عميقة للاقتصادات العربيةفي حدود مفاهيم الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية ومصالحالشركات متعدية القوميات, وإن كان بأسلوب أقل فظاظة مما اتبع مع البلدانالأفريقية جنوب الصحراء (الكنز 2002: 255-6).
ورغم الضآلة النسبية للسوق العربية بالنسبة لأوربا (3- 4%) زادت أهميةالبلدان العربية لأوربا بسبب التهديدات المرتبطة بالصراعالعربي-الإسرائيلي, ومشكلة الهجرة بكل أبعادها, بالإضافة إلى هاجس الطاقةبالطبع. أي أن العرب أصبحوا أقرب إلى أن يكونوا "شركاء إجباريين لأوربا" (المرجع السابق).
ويأتي هذا كله في سياق يتسم بالإدارة الأمريكية العليا لمجمل عمليةالعولمة, والتي ترمي إلى إرساء انتصار "نهائي وأخير" للنموذج النيوليبراليوالتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ، من خلال أربع آليات رئيسية :-
(1) تعظيم الهيمنة الاقنصادية من خلال البنك والصندوق الدوليين ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعدية القوميات.
(2) استخدام كافة الوسائل بما فيها القوة العسكرية الماحقة لدحر الدول المارقة ومصادر التهديد الجديدة (الإرهاب- الأصولية...).
(3) استغلال وتطويع المؤسسات الدولية القائمة (بما فيها الأمم المتحدة) أوحتى تجاوزها كلية لتمرير عمليات التدخل والعدوان على السيادات القومية وقمعحركات التحرر الوطني والاجتماعي ...
(4) الهيمنة الإعلامية للسيطرة على العقول وتمجيد نمط ثقافي أحادي, أيالنمط الليبرالي محذوفا منه البعد الاجتماعي, وربما البعد الديمقراطيمستقبلا وحسب الأحوال.
هكذا يجب النظر إلى تجاور المشروعين الأوسطي والمتوسطي في ضوء تفاوت وتنافسالأدوار في عملية العولمة, ليظل الأمر كله رهينا بقدرة المنظومةالرأسمالية العالمية على إيجاد آليات مناسبة ومبتكرة لتسوية التناقضات بينمراكزها, في ضوء الخطر الاستراتيجي المتمثل في احتمال تبلور تكتل "أوروآسيوي", أو اندلاع حالة من الفوضى الاجتماعية والثقافية بفعل آلياتالليبرالية الجديدة , وتصاعد اتجاهات قومية أو دينية متعصبة حتى في المراكزالرأسمالية نفسها.
المتوسطية : هياكل وبرامج ضخمة, ونتائج ضعيفة
كان إعلان برشلونه بمثابة نقلة نوعية في العلاقات العربية الأوربية (نافعة 2004: 494) حيث تم التحول من علاقات التعاون إلى علاقات الشراكة أوالمشاركة. ويفترض أن الطرف العربي في إطار علاقات التعاون كان يحتل موقعالمتلقي للمساعدات والذي لايملك في العادة تغيير قواعد منحها, على عكسالشراكة التي تجري في إطار تعاقدي وآلية تفاوض. كما جاء إعلان برشلونهبإطار قانوني ومؤسسي عام يحكم عملية الشراكة, وحولها من علاقة اقتصادية إلىعلاقة شاملة تتضمن أيضا السياسة والأمن والثقافة والاجتماع (المرجعالسابق).
ولعل هذا من أسباب ذلك البناء المؤسساتي الطموح والمعقد , الذي أرجعه البعضإلى "النهم المرضي" لدى البيروقراطية الأوربية العريقة في إقامة المؤسساتإلى الحد الذي جعله أقرب إلى "الكاريكاتورية" في حالتنا (الكنز 2002: 24ومابعدها). وإن يتم تبرير هذا بالرغبة في دعم الحوار في كل القضايا علىمستوى الحكومات والمشرعين والخبراء والمنظمات غير الحكومية.
وهناك أيضا تفسير يرى عملية برشلونه على أنها "بناء أيديولوجي معقد صممهواضعوه ليواكب مشروعهم النيوليبرالي, وهو يعتمد على الحوار وإقناع النخبةومن ورائها الطبقات المتوسطة في جنوب المتوسط, ومحاولة جرهم بشكل أكبر فيتنفيذ العملية حتى يضمن ألا تتوقف أو تعود القهقري" (المصدر السابق : 33).
ويرى آخرون أن هناك في الحقيقة اختلافات عميقة بين دول الاتحاد الأوربي حولمغزى الشراكة الأورومتوسطية (انظر: بيبرس 2004) حيث يرى فيها البعض تعبيراعن المسئولية الإنسانية أو الدور التنموي لأوربا إزاء جيرانها جنوبالمتوسط. ويركز آخرون على تحقيق الأمن الجماعي في منطقة البحر المتوسط. بينما يأخذها آخرون من زاوية مناطق النفوذ والتنافس الجيوبولوتيكي معالولايات المتحدة. ومن المؤكد أن العناصر الثلاثة سالفة الذكر تتواجد معافي رؤية كل دولة أوربية على حدة وإن بأوزان مختلفة.
لكن يمكن تلخيص جوهر الشراكة في معادلة دقيقة تتضمن استعداد الاتحادالأوربي لتقديم معونة مالية كبيرة لدول جنوب المتوسط مقابل التزام هذهالأخيرة بأربعة أمور رئيسية : إعادة هيكلةالبنى الاقتصادية والاجتماعية بمايتواءم مع آليات السوق, تحرير التجارة وفتح الأسواق, مكافحة الأصوليةالإسلامية, والحد من الهجرة غير الشرعية (نافعة 2004: 496).
عموما شهدت عمليات الشراكة حتى الآن على الصعيد الثنائي دخول أربع اتفاقياتمع بلدان عربية حيز النفاذ, والتوقيع مع عدد آخر من البلدان العربية. كماتعقد مؤتمرات دورية لوزراء الخارجية , وللوزراء القطاعيين, وعلى مستوىالخبراء الحكوميين والبرلمانيين والمجتمع المدني. ويجري تنفيذ عدد كبير منالأنشطة والبرامج في كل مجال من مجالات التعاون على الصعيد الأمنيوالسياسي, الاقتصادي والمالي, والاجتماعي والثقافي والإنساني.
ورغم أن الكثير من الأهداف التي توختها الشراكة تستعصي على القياس الكميلتبين مدى التقدم المحرز, فإن هناك انطباعا عاما بعدم الرضى وسط معظمالدوائر في العالم العربي.
ودون الدخول في تفصيلات كثيرة (انظر مثلا: نافعة 2004, جاد 2003, النواوي 2000) فإن المقاربة أحادية الجانب في عملية الشراكة, بسبب الخلل الجسيم فيموازين القوى بين شمال المتوسط وجنوبه, تكاد تكون السبب الرئيسي في كلماتعانيه الشراكة. بل إن الانتقال نفسه إلى الشراكة كان قرارا أوربيا, كماأن أوربا هي التي تختار شركاءها من الجنوب, وهي التي تكيف كل العملياتلتحقيق رؤية أوربية ضيقة ( غير ديمقراطية ؟).
فالاتحاد الأوربي ابتغى أساسا من عملية برشلونه حماية مصالحه وأمنه وتقليلالمخاطر المنبثقة من جنوب المتوسط, أي أن الاتحاد الأوربي يريد درء المخاطرأكثر من رغبته في إنضاج التعاون الثنائي أو عبر الإقليمي.
وفي الوقت الذي لايمكن إنكار الأهداف السياسية والأمنية وراء كل مبادراتالشراكة, يلاحظ أن تدفق المساعدات في اتجاه واحد يتوخى بالدرجة الأولىمساعدة البلدان العربية جنوب المتوسط على إدارة الأزمات واحتواء مضاعفاتهاوعدم السماح بتصديرها إلى شمال المتوسط.
ويرتبط بهذا أيضا حرص الاتحاد الأوربي على حصر الشراكة الأورومتوسطية فياستراتيجية منع الصراعات أكثر من الإسهام في حل الصراعات الحالية. ولاشك أناستمرار الصراع العربي- الإسرائيلي دون حل عادل, وعجز الاتحاد الأوربي عنالقيام بدور فعال فيه, يستحيل معهما تصور نجاح أية برامج أو آليات أخرىلتحاشي وقوع المزيد من الصراعات.
ولقد أصبح ثابتا لدى الجميع وجود قيود كثيرة على اطراد التدخل الأوربي فيالعمليات السياسية الاستراتيجية بالوطن العربي, حتى ليبدو أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل هما اللتان تحددان الدور المسموح به للاتحاد الأوربي. وإنيشار في هذا الصدد إلى عدم وجود إطار للتعاون أصلا يكون موضع احترام منالبلدان العربية جنوب المتوسط.ومع ذلك فإن المنظور الأوربي للمناطق الثلاثفي الوطن العربي قد لعب دوره في المساعدة في تقويض أسس العمل المشترك بينالبلدان العربية.
يضاف إلى هذا أن الاتحاد الأوربي لا يملك سياسة خارجية موحدة, بسبب صعوبةالاتفاق على المسائل من هذا القبيل في المؤسسات الأوربية, كما أدى توسعالاتحاد الأوربي إلى التهديد بمزيد من عدم التجانس في السياسات الأوربيةالخارجية, فضلا عن استمرار اعتماد أوربا عسكريا على الولايات المتحدة فيإطار حلف الناتو الذي تم توسيعه هو الآخر.
كذلك من أهم أسباب إخفاق الشراكة الأورومتوسطية حتى الآن : تمتع الاتحادالأوربي بوضعية المهيمن عليها, فهو طرف واحد متحد, ولكنه يحرص على التعاملمع البلدان العربية فرادى.
ونظرا لكون الطرف الأوربي هو الأقوى والأغنى والأكثرتطورا, فإنه ينطلق منهذه الحقيقة ليديم تدفق أفكار ورؤى الشراكة في اتجاه واحد من الشمال إلىالجنوب, بل يأخذ الأمر أحيانا صورة الوصاية والإملاء, وخاصة فيما يتعلقبالتعامل مع مؤسسات المجتمع المدني جنوب المتوسط, وفي هذا مفارقة كبيرة لأنالعكس كان هو المتصور. أي أنه رغم انتقال العلاقات الأوربية- المتوسطيةإلى مرحلة الشراكة, لاتزال الدول والمجتمعات جنوب المتوسط في وضعيةالمتلقي, ويحرص الاتحاد الأوربي على تعميق هذا وليس تخفيفه (انظر: الكنز 2002).
وبسبب غياب الدور الإقليمي الفعال للجامعة العربية في عملية الشراكة, أصبحتالقدرة على استثمار الفرص الي تتيحها الشراكة, وتجنب الخسائر الناجمة عنهارهينة بإرادة وكفاءة النظم السياسية العربية في كل بلد على حدة.
فعلى مستوى الخبرة التفاوضية في الجوانب الاقتصادية يلاحظ بشكل عام تشددالاتحاد الأوربي في فرض شروطه والتعسف في تعظيم مكاسبه, من خلال إصراره علىنظم الحماية والحصص, واستثناء صناعة المنسوجات, وتقييد تحرير تجارةالمنتجات الزراعية...(انظر: بيبرس 2004).
وفي أحوال كثيرة ارتبطت المساعدات والمبادرات بفرض النمط النيوليبرالي عليالدول العربية, من حيث فتح الأسواق والخصخصة وإلغاء الكثير من الحقوقالاجتماعية والرعائية, ناهيك عن أن القروض الأوربية تساعد هي الأخرى فيتفاقم أزمة الديون للدول العربية.
أما على المستوى الثقافي فالوثائق الأوربية تتحدث كثيرا عن غياب التسامحالديني والعرقي في البلدان العربية, ولكن أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة قد جلبت معها موجة معاكسة ضد الأقليات العربية والمسلمة فيالبلدان الأوربية ذاتها اتخذت أبعادا واضحة على المستويات القانونية والحيةاليومية. كما أصبحت وسائل الإعلام الأوربية حافلة بالتحريض لصالح تلكالنزعات.
آفاق الشراكة
يتوقف مستقبل الشراكة القريب على عوامل متعددة (انظر: جاد 2003) في مقدمتهانتائج توسع الاتحاد الأوربي من زاوية اتجاه الاستثمارات الأوربية إلىبلدان وسط وشرق أوربا , والمزايا التي ستحصل عليها منتجات هذه البلدانوقواها العاملة الأعلى في التدريب المهني من العمالة العربية.
كما أن معظم الدول المنضمة حديثا إلى الاتحاد الأوربي تتمتع بعلاقات خاصةمع الولايات المتحدة, وهومايزيد من صعوبة توصل الاتحاد الأوربي إلى صياغةسياسة خارجية موحدة.
كذلك سيتأثر مستوى الشراكة بالتطورات المنتظرة جنوب المتوسط من حيث تطورالعمليات الديمقراطية وارتباط هذا بصعود التيارات الأصولية, وأيضا بنتائجتطبيق السياسات الاقتصادية النيوليبرالية من قلاقل اجتماعية وفقدان الدولة- الوطنية لمصادر قوتها, وماقد يصحب هذا من تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعيةبدرجة غير متصورة الآن.
وهناك مؤثر ثالث بالغ الأهمية ويتعلق بمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي, واحتمالات اندلاع صراعات عربية بينية, خاصة في حالة امتداد السياسةالأمريكية المطبقة في العراق إلي مناطق أخرى على التخوم الجنوبية لأوربا.
كماسيتأثر مستقبل الشراكة باحتمالات تحقيق نجاحات في المبادرات المحققةحاليا, وهوفي الواقع أمل ضعيف. اللهم إلا إذا نجحت البلدان العربيةفي إحداثانقلاب ثوري بعنى الكلمة في النهج الحالي للشراكة, ويمكن أن نعدد أهمعناصر هذا الانقلاب فيما يلي:-
أولا: إقناع الشريك الأوربي بلعب دور أكبر في حل الصراع العربي-الإسرائيلي, على أن يضمن العرب له ألا يكون نصيبه الخذلان مثلما حدث للمواقف التىاتخذتها فرنسا وألمانيا من الحرب الأمريكية على العراق. ومن المنطقي أن هذاالتطور يتطلب توافر شروط عديدة , ولكن يمكن البدء بالمطالبة بضماناتأوربية لحماية الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة, وهي بداية يمكن بناءالكثير عليها.
كما يجب انتزاع موقف أكثر إيجابية من الاتحاد الأوربي إزاء الترسانةالنووية الإسرائيلية التي يمكن تفهم خطورتها على أوربا نفسها, وذلك حتىيمكن إضفاء المصداقية على الموقف الأوربي من أسلحة التدمير الشامل المزعومةفي البلدان العربية وإيران.
ثانيا: ضرورة إقناع الشريك الأوربي بأن من الخطورة بمكان فرض المعاييرالثقافية الغربية على المجتمعات العربية لأن هذا لايؤتي سوى نتائج معاكسة, وكذلك خطورة التدخل في شئون الأقليات الدينية والعرقية بأساليب غير مقبولةمع نقص دراية بهذه القضايا شديدة الحساسية, خصوصا وأن حل هذه المشكلات وثيقالصلة أيضا بنجاح التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتوازنة, ناهيك بالطبع عن التحول الديمقراطي.
ثالثا: فك الارتباط التعسفي بين الشراكة والسياسات النيوليبرالية ذاتالآثار الاقتصادية والاجتماعية الكارثية, واحترام الخيارات الخاصة بالبلدانالعربية في هذا الشأن.
كمايمكن المضي قدما في إقامة مشروعات نموذجية قابلة للتكرار تتم فيهاالمزاوجة بين رؤوس أمال عربية وأوربية وتكنولوجيا غربية وتقام في بلدانعربية كثيفة السكان وذات موارد طبيعية وبشرية مؤهلة.
رابعا: مطالبة الشريك الأوربي باتخاذ سياسات ناجزة في مواجهة موجات العداءللمسلمين والعرب, أسوة بالتصدي لموجة مايسمى العداء للسامية. ويجب بالدرجةالأولى إنهاء كل صور التمييز ضد الجاليات العربية والمسلمة هناك, والملاحقات غير الكريمة للعمالة العربية المهاجرة وكفالة حقوقها القانونية.
خامسا: إقناع الشريك الأوربي بالتراجع عن منهج التعامل مع البلدان العربيةفرادى, وأن يحترم جدارة النظام الإقليمي وعدم الافتئات عليه. غير أن هذا لنيتسنى بالطبع دون أن تكون الدول العربية نفسها قد قامت بالخطوات المناسبةفي هذا الاتجاه.
سادسا: العمل على تقليص الهيكل البيروقراطي الثقيل لمؤسسات الشراكة, وخاصةفي القطاع الخاص بمؤسسات المجتمع المدني حيث يتنافى هذا مع ذاك تماما. كماأنه يعمل على تحويل الكوادر النشطة في المجتمع المدني إلى كوادر احترافيةغيرتطوعية , فضلا عن شيوع العمل الشكلي والورقي والانضواء في نخبة غربيةدولية على حساب الانخراط المفروض وسط القواعد الاجتماعية.
********
كلمة أخيرة .... إذا كانت إقامة تكتلإقليمي عربي شامل لاتزال هدفا متباعدا يوما وراء الآخر, فمن المهم علىالأقل إنجاح التكتلات الإقليمية الفرعية العربية, ولايشترط بالضرورة أنتكون بلدانها متجاورة جغرافيا , وإنما يشترط أن تعمل كأساس مناسب لعمل عربيأشمل, ويشترط أيضا ألا يقع تنافس غير صحي بين هذه التكتلات الفرعية. ومننافلة القول تكرار الحديث عن تفعيل الجامعة العربية!
ومن المهم أيضا رفع مستويات التعاون مع دول الجوار الجغرافي على أساس إرساءالسلم واحترام السيادة وتبادل المصالح وبما يكفل عدم مناهضة هذه البلدنللمصالح والحقوق العربية.
ويمكن الحديث أيضا عن أهمية الانخراط الجاد مع حركات ومنظمات بلدان الجنوب مع الحفاظ على التحرك العربي موحدا قدر الإمكان .
إذا تمكننا من تحقيق هذا سنكون قادرين على خوض المناورة الناجحة بين المشروعين اللدودين الأوسطي والمتوسطي.
مصادر:
أبوعامود, محمد سعد، 1996 ,التوجه المتوسطي في الفكر السياسي المصري, السياسة الدولية، عدد 124, أبريل, ص 71- 86.
------------, 2004, العلاقات الأوربية العربية: رؤية مستقبلية, السياسة الدولية, عدد 157, يوليو, ص 120- 125.
أمين ،سمير و ياشير, فيصل, 1988,البحر المتوسط في العالم المعاصر, بيروت, مركز دراسات الوحدة العربية.
بيبرس, سامية, 2004, الشراكة الأوربية المتوسطية وحوار الثقافات, السياسة الدولية, عدد 155, يناير, ص 158- 161.
Gad, Emad,2003, "The EU and the Middle East: An Egyptian view", Perceptions, June- Augst, vol.3 n.2.
الجمال, مصطفى مجدي, 2002, تقرير عن ندوة العلاقات العربية الأوربية, في: أمين, سمير وآخرين, العلاقات العربية الأوربية (قراءة عربية نقدية) , مركزالبحوث العربية ومنتدى العالم الثالث والمنتدى العالمي للبدائل, القاهرة, دار الأمين, ص 133- 155.
-------------, 2002, "الأمن القومي العربي في ضوء التفاعلات الدولية : سياقات وآفاق, في: أيوب, مدحت, الأمن القومي العربي في عالم متغير, مركزالبحوث العربية ومركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة دمشق, القاهرةومكتبة مدبولي, ص 117- 128.
حتى, ناصيف, 1996, "تأثير التسوية على النظام السياسي الإقليمي", في: أحمد, أحمد يوسف, التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي وتأثيراتها علىالوطن العربي, القاهرة،معهد البحوث والدراسات العربية.
الحمش, منير, 2001, مسيرة الاقتصاد العالمي في القرن العشرين, دمشق, الأهالي.
--------, 2004, تصحيح مسار التنمية في عالم متغير, دمشق, الأهالي.
خشيم, مصطفى عبد الله أبو القاسم, 2002, التنسيق والتعاون العربي تجاهالشراكة الأوربية المتوسطية, السياسة الدولية, عدد148, أبريل, ص 8- 19.
سليم, محمد السيد, السياسة المصرية تجاه التعاون في البحر المتوسط, كراساتاستراتيجية, عدد 27, مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.
--------- , 1995, 2000, المشاركة الأوربية- المتوسطية: رؤية عربية لميثاقالسلم والاستقرار, كراسات استراتيجية, عدد 87 , مركز الدراسات السياسيةوالاستراتيجية بالأهرام.
شوقي, ممدوح, 1996, "الشرق أوسطية بين الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية", السياسة الدولية, عدد 125, يوليو, ص 125- 129.
عبد الفضيل, محمود,1996," مصر والعرب والخيار المتوسطي: الفرص والمحاذير", السياسة الدولية, عدد 124, ص 119- 124.
عبد الناصر, وليد, 1996, " التعاون المتوسطي بين مطرقة الهجرة وسندان التطرف", المصدر السابق, ص 111- 118.
علي, مغاوري شلبي, 2003, اتفاقيات التجارة الحرة وأثرها على الصادرات المصرية, كتاب الأهرام الاقتصادي, عدد 188.
كحيلة, عبادة (تحرير), 2003, التقاء الحضارات في عالم متغير, مطبوعات مركزالبحوث والدراسات الاجتماعية بكلية الآداب , جامعة القاهرة.
الكنز, علي, 2002, المشروع الأورومتوسطي بين الواقع والخيال, في أمين, سمير وآخرين، مصدر سبق ذكره، ص 7- 94.
نافعة, حسن, 2004, الاتحاد الأوربي والدروس المستفادة عربيا,بيروت , مركز دراسات الوحدة العربية.
النواوي, نرمين, 2000, الاتحاد الأوربي والشرق الأوسط, السياسة الدولية, عدد 142, أكتوبر, ص 105- 114.