تحولات السياسة الخارجية الألمانية: من التبعية إلى الأخذ بيد
مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 5:08 pm
ترتكز السياسة الخارجية الألمانية على ثوابت نابعة من خصوصية التاريخ الألماني تتمثل في المساعدة في إرساء عالم آمن متعدد الأقطاب تحت إطار الأمم المتحدة. النخبة السياسية الشابة تطمح بدور ألماني أكبر على حلبة السياسية الدولية
فيشر: معضلة الموازنة بين المصالح الألمانية واستحقاقات التاريخ الألماني
تقوم السياسية الخارجية الألمانية، منذ تحرير ألمانيا من براثن النازية، على مرتكزات ثابتة يتمثل جوهرها في التعاون مع الأمم المتحدة، التي أصبحت ألمانيا عضوا فيها منذ عام 1973. وأصبحت العضوية في الأمم المتحدة ركناً أساسياً في السياسة الألمانية في مجالات السلام والأمن وحقوق الإنسان. فالأمم المتحدة هي المنبر الذي تناقش فيه حلول للمشاكل العالمية التي تواجهها البشرية، بداية من إقرار السلام وقضايا الاقتصاد العالمي والتنمية وانتهاء بقضايا البيئة والسكان. وتتحمل ألمانيا نسبة تقدر بعشرة بالمائة من الميزانية المقررة للأمم المتحدة، التي بلغت حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي عام 2003، وهي بذلك تمثل ثالث أكبر دولة مساهمة في تمويل هيئة الأمم المتحدة. وعلاوة على ذلك فإن قواعد السياسة الخارجية الألمانية قائمة على الاعتراف بـمسؤولية ألمانيا الأخلاقية تجاه جرائم النازية كجزء لا يتجزء من هوية ألمانيا الديمقراطية.
ثوابت واضحة وخطوط حمراء
السياسة الخارجية الألمانية قائمة على الاعتراف بـمسؤولية ألمانيا الأخلاقية تجاه جرائم النازية
وبجانب هويتها الديمقراطية الجديدة والتزامها باملاءات الدستور الألماني تنشط ألمانيا من أجل دعم السلام، والحفاظ على حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي، حيث تؤيد إرساء نظام أمني عالمي يعمل تحت سلطة الأمم المتحدة والشرعية الدولية. كما تتقدم من خلال التوسع التاريخي للاتحاد الأوربي في عام 2004 صوب مركز اتحاد يضم جيراناً أوروبيين تربطهم الصداقة والتعاون السياسي والاقتصادي الوثيق. وعلى الرغم من هذه المتغيرات الجيوسياسية المهمة في السنوات الأخيرة تظل العلاقة مع الحلفاء الأطلسين ركنا رئيسياً من أركان السياسة الخارجية الألمانية، وهو ما يعود بدوره إلى استفادة ألمانيا من توسيع حلف الناتو وما يرتبط بذلك من توسيع لحزام الأمن الأوروبي. كما تعد السياسة الخارجية الألمانية تجاه روسيا إسهاما يقوى الاندماج الأوربي ويعزز التعاون من أجل تأمين الاستقرار والسلام في العالم. كما ينبغي الذكر في هذا السياق أن السياسة التنموية ومساعدة دول العالم الفقيرة تبقى ركيزة رئيسية للعلاقات الخارجية الألمانية وجزءا من سياسة الحكومة الاتحادية القائمة توثيق التعاون الدولي المشترك.
تجسيد لدور ألماني أكبر دولياً
عودة المحافظين إلى أحضان الحليف الأ/مريكي الأكبر
تحولات السياسة الخارجية الألمانية بدأت تخرج إلى دائرة الضوء بعد أن نجح المستشار غيرهارد شرودر في فرض رؤيته السياسية الخاصة على عملية صناعة القرار السياسي الألماني حيث جسد بصورة لا تدعو إلى الشك "شخصنة" جديدة من نوعها للعمل السياسي الألماني ظهرت بصورة جلية حين رفض شرودر، الساعي إلى دور ألماني أكبر وأكثر فاعلية في حلبة السياسية الدولية، ورغم إدراكه التام لحقائق واستحقاقات التاريخ الألماني، الحرب على العراق بصورة قاطعة منذراً بولادة سياسية ألمانية خارجية مستقلة عن وصاية "الأخ الأمريكي الأكبر".
المعارضة المحافظة والعودة إلى احضان الحليف الأطلسي الأكبر
على الرغم من تشديد قيادة حزب الإتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ على أن أولوية سياسته الحكومية القادمة ستكمن في خلق فرص عمل جديدة وإصلاح آليات سوق العمل الألماني الذي يعاني من ضعف بنيوي، إلا أن برنامجه الانتخابي الذي قدمته رئيسة الحزب والمرشحة لتبوء مركز المستشارية أنجيلا ميركيل يعطي إشارات واضحة حول توجهات سياسته الخارجية في حالة فوزه بالانتخابات البرلمانية المبكرة.
شرودر وبلير: من له الأسبقية لقيادة القارة الأوروبية؟
وفيما ما يتعلق بالعلاقات عبر الأطلسية فلم يخف حزب المعارضة المحافظ نيته في التركيز على "العلاقة الخاصة" مع الولايات المتحدة الأمريكية وتنشيط آليات التعاون مع الحليف الأطلسي الأكبر، بالإضافة إلى تحديد "هوية وماهية الإتحاد الأوروبي" التي تقوم على" الجذور والإرث المسيحي" لأوروبا وفقاً لتصورات برنامج الحزب الجديد. كما كرر برنامج الحزب المسيحي المحافظ رفضه القاطع لإنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي وتقديمه عرضاً بديلاً للحكومة التركية أطلق عليه اسم "الشراكة المميزة". والجدير ذكره في هذا السياق أن أنجيلا ميركيل اتخذت موقفاً مؤيداً للحرب الأمريكيةـ الإنجليزية على عراق صدام في عام 2003 مما أوقعها في سهام النقاد الذين حذروا من عواقب "عسكرة" السياسة الأمريكية، وإدراكها التبسيطي لحقائق الظروف العربية واعتمادها على مقارنات تاريخية لا تأخذ خصوصية هذه المنطقة بعين الاعتبار وهو ما سيؤدي حتماً إلى تهميش دور القانون الدولي وهيبة الأمم المتحدة.
لا تغيير تجاه الشرق الأوسط
وفيما يتعلق بالسياسية تجاه الشرق الأوسط فمن المرجح أن لا يحدث تغيير جوهري في مرتكزات السياسية الألمانية القائمة على "الحفاظ على أمن وسلامة دولة إسرائيل" والعمل على دعم التقدم في عملية السلام. فالمعارضة المحافظة رحبت مثلها مثل الحكومة الاتحادية الحالية باستعداد إسرائيل للانسحاب الدائم والكامل من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية وهي "مطمئنة" إلى أن هذا الانسحاب سيأتي في إطار خريطة الطريق، وسيشكل خطوة على طريق الحل القائم على وجود الدولتين. كما أنها تشير إلى ضرورة إشراك السلطة الفلسطينية في عملية الانسحاب ومساندتها في أثناء ذلك للاضطلاع بمسئوليتها.
لؤي المدهون ـ برلين
فيشر: معضلة الموازنة بين المصالح الألمانية واستحقاقات التاريخ الألماني
تقوم السياسية الخارجية الألمانية، منذ تحرير ألمانيا من براثن النازية، على مرتكزات ثابتة يتمثل جوهرها في التعاون مع الأمم المتحدة، التي أصبحت ألمانيا عضوا فيها منذ عام 1973. وأصبحت العضوية في الأمم المتحدة ركناً أساسياً في السياسة الألمانية في مجالات السلام والأمن وحقوق الإنسان. فالأمم المتحدة هي المنبر الذي تناقش فيه حلول للمشاكل العالمية التي تواجهها البشرية، بداية من إقرار السلام وقضايا الاقتصاد العالمي والتنمية وانتهاء بقضايا البيئة والسكان. وتتحمل ألمانيا نسبة تقدر بعشرة بالمائة من الميزانية المقررة للأمم المتحدة، التي بلغت حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي عام 2003، وهي بذلك تمثل ثالث أكبر دولة مساهمة في تمويل هيئة الأمم المتحدة. وعلاوة على ذلك فإن قواعد السياسة الخارجية الألمانية قائمة على الاعتراف بـمسؤولية ألمانيا الأخلاقية تجاه جرائم النازية كجزء لا يتجزء من هوية ألمانيا الديمقراطية.
ثوابت واضحة وخطوط حمراء
السياسة الخارجية الألمانية قائمة على الاعتراف بـمسؤولية ألمانيا الأخلاقية تجاه جرائم النازية
وبجانب هويتها الديمقراطية الجديدة والتزامها باملاءات الدستور الألماني تنشط ألمانيا من أجل دعم السلام، والحفاظ على حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي، حيث تؤيد إرساء نظام أمني عالمي يعمل تحت سلطة الأمم المتحدة والشرعية الدولية. كما تتقدم من خلال التوسع التاريخي للاتحاد الأوربي في عام 2004 صوب مركز اتحاد يضم جيراناً أوروبيين تربطهم الصداقة والتعاون السياسي والاقتصادي الوثيق. وعلى الرغم من هذه المتغيرات الجيوسياسية المهمة في السنوات الأخيرة تظل العلاقة مع الحلفاء الأطلسين ركنا رئيسياً من أركان السياسة الخارجية الألمانية، وهو ما يعود بدوره إلى استفادة ألمانيا من توسيع حلف الناتو وما يرتبط بذلك من توسيع لحزام الأمن الأوروبي. كما تعد السياسة الخارجية الألمانية تجاه روسيا إسهاما يقوى الاندماج الأوربي ويعزز التعاون من أجل تأمين الاستقرار والسلام في العالم. كما ينبغي الذكر في هذا السياق أن السياسة التنموية ومساعدة دول العالم الفقيرة تبقى ركيزة رئيسية للعلاقات الخارجية الألمانية وجزءا من سياسة الحكومة الاتحادية القائمة توثيق التعاون الدولي المشترك.
تجسيد لدور ألماني أكبر دولياً
عودة المحافظين إلى أحضان الحليف الأ/مريكي الأكبر
تحولات السياسة الخارجية الألمانية بدأت تخرج إلى دائرة الضوء بعد أن نجح المستشار غيرهارد شرودر في فرض رؤيته السياسية الخاصة على عملية صناعة القرار السياسي الألماني حيث جسد بصورة لا تدعو إلى الشك "شخصنة" جديدة من نوعها للعمل السياسي الألماني ظهرت بصورة جلية حين رفض شرودر، الساعي إلى دور ألماني أكبر وأكثر فاعلية في حلبة السياسية الدولية، ورغم إدراكه التام لحقائق واستحقاقات التاريخ الألماني، الحرب على العراق بصورة قاطعة منذراً بولادة سياسية ألمانية خارجية مستقلة عن وصاية "الأخ الأمريكي الأكبر".
المعارضة المحافظة والعودة إلى احضان الحليف الأطلسي الأكبر
على الرغم من تشديد قيادة حزب الإتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ على أن أولوية سياسته الحكومية القادمة ستكمن في خلق فرص عمل جديدة وإصلاح آليات سوق العمل الألماني الذي يعاني من ضعف بنيوي، إلا أن برنامجه الانتخابي الذي قدمته رئيسة الحزب والمرشحة لتبوء مركز المستشارية أنجيلا ميركيل يعطي إشارات واضحة حول توجهات سياسته الخارجية في حالة فوزه بالانتخابات البرلمانية المبكرة.
شرودر وبلير: من له الأسبقية لقيادة القارة الأوروبية؟
وفيما ما يتعلق بالعلاقات عبر الأطلسية فلم يخف حزب المعارضة المحافظ نيته في التركيز على "العلاقة الخاصة" مع الولايات المتحدة الأمريكية وتنشيط آليات التعاون مع الحليف الأطلسي الأكبر، بالإضافة إلى تحديد "هوية وماهية الإتحاد الأوروبي" التي تقوم على" الجذور والإرث المسيحي" لأوروبا وفقاً لتصورات برنامج الحزب الجديد. كما كرر برنامج الحزب المسيحي المحافظ رفضه القاطع لإنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي وتقديمه عرضاً بديلاً للحكومة التركية أطلق عليه اسم "الشراكة المميزة". والجدير ذكره في هذا السياق أن أنجيلا ميركيل اتخذت موقفاً مؤيداً للحرب الأمريكيةـ الإنجليزية على عراق صدام في عام 2003 مما أوقعها في سهام النقاد الذين حذروا من عواقب "عسكرة" السياسة الأمريكية، وإدراكها التبسيطي لحقائق الظروف العربية واعتمادها على مقارنات تاريخية لا تأخذ خصوصية هذه المنطقة بعين الاعتبار وهو ما سيؤدي حتماً إلى تهميش دور القانون الدولي وهيبة الأمم المتحدة.
لا تغيير تجاه الشرق الأوسط
وفيما يتعلق بالسياسية تجاه الشرق الأوسط فمن المرجح أن لا يحدث تغيير جوهري في مرتكزات السياسية الألمانية القائمة على "الحفاظ على أمن وسلامة دولة إسرائيل" والعمل على دعم التقدم في عملية السلام. فالمعارضة المحافظة رحبت مثلها مثل الحكومة الاتحادية الحالية باستعداد إسرائيل للانسحاب الدائم والكامل من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية وهي "مطمئنة" إلى أن هذا الانسحاب سيأتي في إطار خريطة الطريق، وسيشكل خطوة على طريق الحل القائم على وجود الدولتين. كما أنها تشير إلى ضرورة إشراك السلطة الفلسطينية في عملية الانسحاب ومساندتها في أثناء ذلك للاضطلاع بمسئوليتها.
لؤي المدهون ـ برلين