كندا
مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 6:51 pm
كندا (بالإنجليزية: Canada) هي دولة في أمريكا الشمالية تتألف من 10 مقاطعات وثلاثة أقاليم. تقع في القسم الشمالي من القارة وتمتد من المحيط الأطلسي في الشرق إلى المحيط الهادئ في الغرب وتمتد شمالاً في المحيط المتجمد الشمالي. كندا هي البلد الثاني عالمياً من حيث المساحة الكلية. كما أن حدود كندا المشتركة مع الولايات المتحدة من الجنوب والشمال الغربي هي الأطول في العالم.
أراضي كندا مأهولة منذ آلاف السنين من قبل مجموعات مختلفة من السكان الأصليين. مع حلول أواخر القرن الخامس عشر بدأت الحملات البريطانية والفرنسية استكشاف المنطقة ومن ثم استوطنتها على طول ساحل المحيط الأطلسي. تنازلت فرنسا عن ما يقرب من جميع مستعمراتها في أمريكا الشمالية في عام 1763 بعد حرب السنوات السبع. في عام 1867، مع اتحاد ثلاثة مستعمرات بريطانية في أمريكا الشمالية عبر كونفدرالية تشكلت كندا باعتبارها كيانًا فدراليًا ذا سيادة يضم أربع مقاطعات. بدأ ذلك عملية اتسعت فيها مساحة كندا وتوسع حكمها الذاتي عن المملكة المتحدة. تجلت هذه الاستقلالية من خلال تشريع وستمنستر عام 1931 وبلغت ذروتها في صورة قانون كندا عام 1982 والذي قطع الاعتماد القانوني لكندا على البرلمان البريطاني.
كندا دولة فيدرالية يحكمها نظام ديمقراطي تمثيلي وملكية دستورية حيث الملكة إليزابيث الثانية قائدة للدولة. الأمة الكندية أمة ثنائية اللغة حيث الإنكليزية والفرنسية لغتان رسميتان على المستوى الاتحادي. تعد كندا واحدة من أكثر دول العالم تطوراً، حيث تمتلك اقتصاداً متنوعاً وتعتمد على مواردها الطبيعية الوفيرة، وعلى التجارة وبخاصة مع الولايات المتحدة اللتان تربطهما علاقة طويلة ومعقدة. كندا عضو في مجموعة الدول الصناعية السبع ومجموعة الثماني ومجموعة العشرين وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ودول الكومنولث والفرنكوفونية ومنظمة الدول الأمريكية والإبيك والأمم المتحدة. تمتلك كندا واحداً من أعلى مستويات المعيشة في العالم حيث مؤشر التنمية البشرية يضعها في المرتبة الثامنة عالمياً.
أصل التسمية
تعود كلمة كندا في الأصل إلى كنتا، وهي كلمة ترجع إلى لغة الإيروكواس في سانت لورانس وتعني قرية أو مستوطنة.[10] في عام 1535، استخدم السكان الأصليون لمنطقة مدينة كيبك الحالية هذه الكلمة لإرشاد المستكشف الفرنسي جاك كارتييه إلى قرية ستاداكونا.[11] ثم استخدم كارتييه فيما بعد كلمة كندا ليس للإشارة لتلك القرية بعينها فقط، بل ولكامل المنطقة التي تقع تحت حكم الزعيم دوناكونا (زعيم قرية ستاداكونا). بحلول عام 1545، أصبحت جميع الكتب والخرائط الأوروبية تشير إلى تلك المنطقة المستكشفة باسم كندا.[11]
في القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، أطلق الاسم كندا على شطر من فرنسا الجديدة والذي يقع بمحاذاة نهر سانت لورانس وعلى السواحل الشمالية للبحيرات العظمى. انقسمت هذه المنطقة فيما بعد إلى مستعمرتين بريطانيتين هما كندا العليا وكندا السفلى. أعيد توحيدهما كمقاطعة كندا عام 1841.[12] ومع تشكيل الاتحاد الكونفيدارلي عام 1867، تم إطلاق الاسم كندا اسماً رسمياً للدولة الجديدة، بينما اختير لقب دومينيون كلقب للدولة (من المزمور 72:8).[13] مع اتساع الحكم الذاتي لكندا عن المملكة المتحدة، استخدمت الحكومة الكندية اسم كندا في مستندات الدولة والمعاهدات الدولية بشكل متزايد. تجلى هذا التغيير في إعادة تسمية العطلة الوطنية من يوم الدومينيون إلى يوم كندا عام 1982.[14]
الشعوب الأصلية
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :سكان كندا الأصليين
تدعم الدراسات الوراثية والأثرية وجود البشر شمال يوكون منذ 26,500 عام مضت، وفي جنوب أونتاريو منذ حوالي 9,500 عام.[15][16][17] تعد بلوفيش كيفز وأولد كرو فلاتس من أقدم المواقع الأثرية من الوجود البشري (باليو هندي) في كندا.[18][19][20] كان من خصائص المجتمعات الأصلية في كندا المستوطنات الدائمة والزراعة والبنية الاجتماعية الهرمية المعقدة والشبكات التجارية.[21][22] اندثرت بعض تلك الثقافات مع حلول الوقت الذي وصلت فيه أولى طلائع المستوطنين الأوروبيين (أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر)، واكتشفت عبر التنقيبات الأثرية.[23]
قدر عدد السكان الأصليين بين 200,000 [24] ومليوني نسمة في أواخر القرن الخامس عشر، [25] بينما تقبل اللجنة الكندية الملكية لصحة السكان الأصليين بنحو 500,000 نسمة.[26] أدى تكرار اندلاع الأمراض المعدية الأوروبية مثل الأنفلونزا والحصبة والجدري (التي لم يكن لديهم مناعة طبيعية ضدها) بالإضافة إلى الآثار الأخرى للاتصال بالأوروبيين، أدى ذلك إلى تراجع تعداد السكان الأصليين بنحو 40-80%.[24] تشمل الشعوب الأصلية في كندا الأمم الأولى [27] والإنويت [28] والميتيس.[29] الميتيس هم شعب مختلط الدماء نشأ في منتصف القرن السابع عشر عندما تزوج الأمم الأولى والإنويت من المستوطنين الأوروبيين.[30] كان للإنويت تفاعل أقل مع المستوطنين الأوروبيين خلال فترة الاستيطان.[31]
الاستيطان الأوروبي
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :فرنسا الجديدة
وفاة الجنرال وولف بريشة بنجامين ويست 1771، تجسد وفاة وولف في معركة سهول أبراهام في كيبك 1759.
بدأ الاستعمار الأوروبي عندما استقر سكان الشمال الأوروبي لفترة وجيزة في لانس أو ميدوز في نيوفاوندلاند حوالي العام 1000.[32] لم تجر أي من الاستكشافات الأوروبية حتى 1497 عندما استكشف البحار الإيطالي جون كابوت الساحل الأطلسي لكندا لصالح انكلترا.[33] أنشأ البحارة الباسك والبرتغاليون مراكز صيد أسماك وحيتان موسمية على طول ساحل المحيط الأطلسي.[34] في 1534 استكشف جاك كارتييه نهر سانت لورانس لفرنسا.[35]
في 1583، طالب السير همفري جيلبرت بسانت جونز في نيوفاوندلاند كأول مستعمرة إنكليزية في أمريكا الشمالية بامتياز الملكي من الملكة إليزابيث الأولى.[36] وصل المستكشف الفرنسي صمويل دو شامبلان في 1603، وأنشأ أول مستوطنة أوروبية دائمة في بورت رويال في 1605 وكيبيك سيتي في 1608. بين المستعمرين الفرنسيين في فرنسا الجديدة، استقر الكنديون في وادي نهر سانت لورانس والأكاديين في المناطق البحرية الحالية بينما استكشف تجار الفراء والمبشرين الكاثوليك منطقة البحيرات الكبرى وخليج هدسون ومسار الميسيسيبي حتى لويزيانا. اندلعت حروب البيفر للسيطرة على تجارة الفراء الأمريكية الشمالية.[35]
أسس الإنجليز مستعمرات إضافية في كيوبيدس وفيريلاند في نيوفوندلاند بداية في 1610، وبعدها أسسوا المستعمرات الثلاثة عشر إلى الجنوب.[34] اندلعت سلسلة من أربعة حروب فرنسية وهندية ما بين 1689 و1763.[35] خضع بر نوفا سكوشا للحكم البريطاني بموجب معاهدة أوترخت 1713. ثم جاءت معاهدة باريس عام 1763 لتتنازل بموجبها فرنسا عن كندا وأغلب فرنسا الجديدة لصالح بريطانيا في أعقاب حرب السنوات السبع.[37]
فصل الإعلان الملكي لعام 1763 إقليم كيبك عن فرنسا الجديدة وضم جزيرة كيب بريتون إلى نوفا سكوشا.[14] كما أصبحت جزيرة سانت جون (حالياً جزيرة الأمير إدوارد) مستعمرة منفصلة في 1769.[38] لتجنب اندلاع الصراع في كيبك، جاء قانون كيبك عام 1774 ليوسع الإقليم إلى البحيرات العظمى ووادي أوهايو. كما أنه أعاد استخدام اللغة الفرنسية وحرية ممارسة العقيدة الكاثوليكية وتطبيق القوانين المدنية الفرنسية هناك. أثار ذلك القانون غضب العديد من سكان المستعمرات الثلاث عشرة، وأسهم في استعار الثورة الأمريكية.[14]
آباء الاتحاد بريشة روبرت هاريس، [39] مشاهد مدمجة من مؤتمري شارلوت تاون وكيبيك.
اعترفت اتفاقية باريس (1783) بالاستقلال الأمريكي وتخلت عن الأراضي جنوب البحيرات العظمى لصالح الولايات المتحدة. انفصلت نيو برانزويك عن نوفا سكوشا كجزء من إعادة تنظيم المستعمرات الموالية للمملكة المتحدة في الأقاليم البحرية الكندية. ومن أجل استقبال الموالين لبريطانيا والناطقين باللغة الإنجليزية في كيبك، صدر القانون الدستوري لعام 1791 والذي تم تقسيم الإقليم بموجبه إلى كندا السفلى المتحدثة بالفرنسية (لاحقاً كيبك) وكندا العليا المتحدثة بالإنكليزية (لاحقاً أونتاريو)، مع ضمان حق كل من سكان المنطقتين في انتخاب مجلسه التشريعي الخاص.[40]
كانت كندا (العليا والسفلى) الجبهة الرئيسية لحرب 1812 بين الولايات المتحدة وبريطانيا. بعد الحرب بدأت وفود الهجرات بشكل واسع من بريطانيا وأيرلندا إلى كندا في عام 1815.[25] بين 1825-1846 سجل وصول 626,628 مهاجر أوروبي إلى الموانئ الكندية.[41] توفي ما بين ربع وثلث المهاجرين الأوروبيين إلى كندا قبل عام 1891 بسبب الأمراض المعدية.[24]
أسفرت الرغبة في وجود حكومة مسؤولة عن ثورات عام 1837 والتي تم قمعها. أوصى تقرير دورهام عقب ذلك بضرورة وضع حكومة مسؤولة ودمج الكنديين الفرنسيين في الثقافة الإنجليزية.[14] دمج قانون الاتحاد عام 1840 كندا العليا والسفلى في مقاطعة كندا. كما تأسست حكومة مسؤولة عن جميع المقاطعات التابعة للإمبراطورية البريطانية في أمريكا الشمالية عام 1849.[42] أنهى التوقيع على معاهدة أوريجون 1846 بين بريطانيا والولايات المتحدة نزاع أوريجون الحدودي، مما مدد الحدود غرباً في موازاة دائرة العرض 49. مهد ذلك الطريق لتشكيل مستعمرات تابعة بريطانية في جزيرة فانكوفر 1849 وكولومبيا البريطانية 1858.[43]
الاتحاد والتوسع
بعد عقد مؤتمرات دستورية عدة، فإن قانون الدستور عام 1867 أعلن الاتحاد الكندي رسمياً في 1 يوليو 1867 من أربعة مقاطعات هي أونتاريو وكيبك ونوفا سكوشا ونيو برانزويك.[44][45][46] سيطرت كندا على أرض روبرت والإقليم الشمالي الغربي لتشكل الأقاليم الشمالية الغربية، حيث أشعلت معاناة الميتيس "ثورة النهر الأحمر" ونتج عنها تشكيل مقاطعة مانيتوبا في يوليو عام 1870.[47] انضمت كولومبيا البريطانية وجزيرة فانكوفر (واللتان اتحدتا في عام 1866) وجزيرة الأمير إدوارد للاتحاد في 1871 و 1873 على التوالي.[48] وضع رئيس الوزراء جون ماكدونالد وحكومته المحافظة سياسة وطنية من التعرفات الجمركية لحماية الصناعات الكندية الوليدة.[46]
رعت الحكومة بناء ثلاث سكك حديدية عابرة للقارة (بما فيها سكة حديد الهادئ الكندية)في محاولاتها لإعمار الغرب كما فتحت أراضي البراري للاستيطان بقانون أراضي الدومنيون، وأنشأت شرطة الخيالة الشمالية الغربية لتأكيد سلطتها على هذه المنطقة.[49][50] في عام 1898، وبعد حمى البحث عن الذهب في كلوندايك في الأقاليم الشمالية الغربية، أنشأت الحكومة الكندية إقليم يوكون. تحت حكم رئيس الوزراء الليبرالي ويلفريد لورييه، استقر المهاجرون الأوروبيون في أراضي البراري وأصبحت كل من ألبرتا وساسكاتشوان مقاطعتين في عام 1905
بدايات القرن العشرين
خاضت كندا الحرب العالمية الأولى كونها كانت تابعة في سياستها الخارجية لبريطانيا وفقاً لقانون الاتحاد، وهكذا دخلت الحرب مع إعلان بريطانيا دخولها عام 1914. أرسل المتطوعون إلى الجبهة الغربية وعرفوا لاحقاً باسم الفيلق الكندي. لعبت تلك القوات دوراً كبيراً في معركة فيمي ريدج وغيرها من المعارك الكبرى في الحرب.[51] من أصل ما يقرب من 625,000 جندي خدموا في الحرب، قتل حوالي 60,000 وأصيب 173,000 آخرون.[52] اندلعت أزمة التجنيد عام 1917 عندما فرض رئيس الوزراء المحافظ روبرت بوردن الخدمة العسكرية الإجبارية رغم اعتراض كيبك الناطقة بالفرنسية. في عام 1919، انضمت كندا إلى عصبة الأمم بشكل مستقل عن بريطانيا، [51] كما أكد قانون دستور وستمنستر 1931 استقلال كندا.[4]
جلب الكساد الكبير أزمة اقتصادية إلى جميع أنحاء كندا. وفي مجال تجاوبها مع ذلك، سنت تعاونية رابطة الاتحاد في ألبرتا وساسكاتشوان العديد من معايير دولة الرفاه (التي كان تومي دوغلاس رائدها) في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.[53] أعلنت كندا الحرب على ألمانيا بشكل مستقل خلال الحرب العالمية الثانية تحت حكم رئيس الوزراء الليبرالي وليم ليون ماكينزي كينغ وذلك بعد ثلاثة أيام من دخول بريطانيا الحرب. وصلت أولى وحدات الجيش الكندي إلى بريطانيا في ديسمبر عام 1939.[51]
لعبت القوات الكندية دوراً هاماً في غارة دييبي الفاشلة عام 1942، إضافة إلى غزو الحلفاء لإيطاليا وإنزال النورماندي ومعركة النورماندي ومعركة شيلدت في عام 1944.[51] منحت كندا اللجوء للملكية الهولندية بعد سقوط البلاد بيد النازية، وتعزو هولندا لها الفضل في القيادة والمساهمات الكبيرة لتحريرها من ألمانيا النازية.[54] ازدهر الاقتصاد الكندي مع ازدهار الصناعات العسكرية لكل من كندا وبريطانيا والصين والاتحاد السوفياتي.[51] وعلى الرغم من أزمة تجنيد أخرى في كيبك، أنهت كندا الحرب بجيش كبير واقتصاد قوي
الفترة الحديثة
انضمت نيوفاوندلاند (الآن نيوفاوندلاند ولابرادور) إلى كندا في عام 1949.[56] أدى النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب جنباً إلى جنب مع سياسات الحكومات الليبرالية المتعاقبة إلى ظهور هوية كندية جديدة والتي تمثلت في اعتماد علم ورقة الإسفندان الحالي في 1965، [57] واعتماد ثنائية اللغة الرسمية (الإنكليزية والفرنسية) في عام 1969، [58] والتعددية الثقافية الرسمية في عام 1971.[59] كان هناك أيضاً تأسيس برامج ديمقراطية اشتراكية مثل الرعاية الطبية وخطة المعاشات التقاعدية وقروض الطلاب، رغم أن حكومات المقاطعات وخصوصاً كيبك وألبرتا عارضت الكثير من هذه المشاريع واعتبرتها تدخلاً في المناطق الخاضعة لولايتها.[60] وأخيراً أسفرت سلسلة أخرى من المؤتمرات الدستورية إلى فصل الدستور الكندي عن المملكة المتحدة عام 1982 بالتزامن مع إنشاء ميثاق الحقوق والحريات.[61] وفي عام 1999، أصبح إقليم نونافوت الكندي ثالث إقليم في البلاد بعد سلسلة من المفاوضات مع الحكومة الاتحادية.[62]
في الوقت نفسه، خضعت كيبك لتغيرات اجتماعية واقتصادية جذرية عبر ثورة هادئة من ستينات القرن الماضي مما تجلى في ولادة الحركة القومية الحديثة. أشعلت جبهة تحرير كيبك المتطرفة أزمة أكتوبر 1970.[63] انتخب الحزب الكيبيكي المنادي بالسيادة في عام 1976 ونظم استفتاء فاشلاً على السيادة المشتركة عام 1980. فشلت محاولات استيعاب قومية كيبك دستورياً من خلال اتفاق بحيرة ميتش في عام 1990.[64] أدى ذاك إلى تشكيل الكتلة الكيبيكية في كيبك وتنشيط حزب الإصلاح الكندي في الغرب.[65][66] تلا ذلك استفتاء ثان في عام 1995، والذي رفضت فيه السيادة بفارق ضئيل 50.6% مقابل 49.4%. في عام 1997، قضت المحكمة العليا بأن انفصال المقاطعة من جانب واحد سيكون غير دستوري، وصدر قانون التوضيح من قبل البرلمان والذي يحدد شروط التفاوض لمغادرة الاتحاد.[64]
بالإضافة إلى قضايا السيادة كيبك، هزت عدة أزمات المجتمع الكندي في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات. شملت هذه انفجار رحلة الخطوط الجوية الهندية 182 في عام 1985، [67] وهي أكبر مأساة من حيث عدد القتلى في تاريخ كندا، ومذبحة مدرسة الفنون التطبيقية في عام 1989، [68] وهي حالة إطلاق نار استهدفت طالبات الجامعة، وأزمة أوكا في عام 1990 [69] التي كانت أولى سلسلة من المواجهات العنيفة بين الحكومة وجماعات السكان الأصليين.[70] انضمت كندا أيضاً إلى حرب الخليج في عام 1990 كجزء من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، ونشطت في عدة بعثات لحفظ السلام في أواخر التسعينات.[71] أرسلت قوات إلى أفغانستان في عام 2001، لكنها امتنعت عن إرسال قوات إلى العراق عندما غزته الولايات المتحدة في عام 2003.[72]
الحكومة والسياسة
تتمتع كندا بتقاليد ديمقراطية قوية يدعمها نظام برلماني ضمن دائرة الملكية الدستورية؛ كان الفضل للنظام الملكي في كندا في تأسيس السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.[73][74][75][76] إليزابيث الثانية هي ملكة كندا و15 دولة أخرى من دول الكومنولث والمقاطعات العشر في كندا وتقيم في المملكة المتحدة. بناء على ذلك فإن ممثل الملكة الحاكم العام لكندا (حالياً ديفيد لويد جونستون) يقوم بمعظم مهامها الملكية الفدرالية في كندا.[77][78]
المشاركة المباشرة للمؤسسة الملكية في مجالات الحكم محدودة؛ [75][79][80] في الممارسة العملية، توجه صلاحياتها التنفيذية لصالح مجلس الوزراء، وهو لجنة من وزراء التاج مسؤولة أمام مجلس العموم المنتخب ويختارهم ويرأسهم رئيس وزراء كندا (ستيفن هاربر حالياً [81]). لضمان استقرار الحكم، يعين الحاكم العام عادة قائد الحزب السياسي الذي يمتلك الأغلبية في مجلس العموم رئيساً للوزراء.[82] هكذا فإن مكتب رئيس الوزراء هو أحد أقوى المؤسسات الحكومية ويضع معظم مشاريع القوانين لتصديقها في البرلمان. يرشح للحاكم العام الممثل للتاج الملكي جكام المقاطعات ومجلس الشيوخ وقضاة المحكمة الاتحادية ورؤساء مؤسسات التاج والوكالات الحكومية.[79] بينما يصبح قائد الحزب الثاني في البرلمان زعيم المعارضة (في الوقت الحاضر نيكول تورمل) وهو جزء من نظام برلماني يهدف إلى إبقاء الحكومة تحت المراقبة.[83]
يتم انتخاب كل أعضاء البرلمان البالغ عددهم 308 في مجلس العموم بالأغلبية البسيطة في الدائرة الانتخابية. يقوم الحاكم العام حصراً بالدعوة لانتخابات عامة بناء على طلب رئيس الوزراء في غضون أربع سنوات من الانتخابات السابقة أو لفقدان الحكومة ثقة مجلس النواب.[84] يبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ 105 وتوزع مقاعده على أساس إقليمي، ويخدمون حتى سن 75.[85] توجد خمسة أحزاب ممثلة في البرلمان الاتحادي المنتخب عام 2011: حزب المحافظين الكندي (الحزب الحاكم) والحزب الديمقراطي الجديد (المعارضة الرسمية) وحزب الأحرار الكندي والكتلة الكيبيكية وحزب الخضر الكندي. قائمة الأحزاب التاريخية ذات التمثيل المنتخب جوهرية.
يقسم الهيكل الفدرالي الكندي المسؤوليات الحكومية بين الحكومة الفيدرالية والمقاطعات العشر. تتألف المجالس التشريعية الإقليمية من غرفة واحدة وتعمل بنظام برلماني مماثل لمجلس العموم.[80] أما أقاليم كندا الثلاثة فتمتلك هيئات تشريعية لكنها ليست ذات سيادة ولها مسؤوليات دستورية أقل من المقاطعات مع بعض الاختلافات الهيكلية.[86][87]
القانون
دستور كندا هو القانون الأعلى للبلاد ويتألف من النص المكتوب والاتفاقيات غير المكتوبة. أكد القانون الدستوري لعام 1867 (المعروف باسم قانون أمريكا الشمالية البريطانية قبل 1982) على الحكم على أساس برلمانية وقسم السلطات بين الحكومة الاتحادية وحكومات المقاطعات؛ أما نظام وستمنستر الأساسي عام 1931 فمنحها الحكم الذاتي الكامل بينما أنهى القانون الدستوري 1982 كل العلاقات التشريعية بالمملكة المتحدة وأضاف صيغة تعديل دستورية وأضاف الميثاق الكندي للحقوق والحريات الذي يضمن الحقوق والحريات الأساسية التي لا يمكن عادة لأي حكومة تجاوزها على الرغم من أن بنداً في الميثاق يسمح للبرلمان الاتحادي والبرلمانات الإقليمية بتجاوز مقاطع معينة لمدة خمس سنوات.[88]
كان الاتصال الأولي بين الكنديين الأوروبيين والأمم الأولى والإنويت سلمياً نسبياً. بدأ التاج والشعوب الأصلية التفاعل خلال فترة الاستعمار الأوروبي. أنشئت معاهدات مرقمة وقانون الهنود والقانون الدستوري لعام 1982 وقوانين المحاكم.[89] وقعت سلسلة من أحد عشر معاهدة بين السكان الأصليين في كندا والتاج الحاكم في كندا بين عامي 1871-1921.[90] هذه المعاهدات هي اتفاقات مع حكومة كندا يديرها قانون السكان الأصليين الكندي ويشرف عليها وزير الشؤون الهندية والتنمية الشمالية. أعيد تأكيد دور المعاهدات في الفقرة خمسة وثلاثون من القانون الدستوري لعام 1982 والتي "تعترف وتؤكد المعاهدات الحالية مع السكان الأصليين وحقوقهم".[89] يمكن أن تشمل هذه الحقوق توفير خدمات مثل الرعاية الصحية والإعفاء من الضرائب.[91] جرى تأكيد ترسيم الإطار القانوني والسياسي للأمم الأولى في كندا في عام 2005 من خلال اتفاق الأمم الأولى والتاج الاتحادي السياسي الأول.[89]
تلعب السلطة القضائية في كندا دوراً هاماً في تفسير القوانين ولديها سلطة إلغاء القوانين التي تخالف الدستور. المحكمة العليا في كندا هي أعلى محكمة وتصدر أحكاماً نهائية، وتترأسها بيفرلي مكلاكلين رئيسة العدل (الأولى من بين الإناث) منذ عام 2000.[92] تضم المحكمة العليا تسعة أعضاء يعينهم الحاكم العام بناء على نصيحة رئيس الوزراء ووزير العدل. يتم تعيين جميع القضاة على الصعيدين الأعلى والاستئناف بعد التشاور مع هيئات قانونية غير حكومية. تعين الحكومة الفيدرالية أيضاً قضاة المحاكم العليا على مستوى المقاطعات والأقاليم.[93]
يسود القانون العام في كل مكان ما عدا كيبك حيث يسود القانون المدني. القانون الجنائي مسؤولية اتحادية حصراً ويسود جميع أنحاء كندا.[94] أما إنفاذ القانون بما في ذلك المحاكم الجنائية فهي مسؤولية المقاطعات، ولكن في المناطق الريفية في جميع المقاطعات باستثناء أونتاريو وكيبك يتم التعاقد مع شرطة الخيالة الملكية الاتحادية الكندية.[95]
لقوات المسلحة والعلاقات الخارجية
تشترك كندا والولايات المتحدة في أطول حدود غير محمية في العالم، كما تتعاونان في الحملات والتدريبات العسكرية كما أنهما أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض.[96] إلا كندا تتمتع بسياسة خارجية مستقلة ومن أبرز نقاطها الحفاظ على علاقات كاملة مع كوبا ورفض المشاركة الرسمية في حرب العراق. ترتبط كندا أيضاً بعلاقات تاريخية مع المملكة المتحدة وفرنسا وغيرها من المستعمرات البريطانية والفرنسية السابقة من خلال عضويتها في دول الكومنولث والفرانكوفونية، [97] كما تمتلك كندا علاقة إيجابية مع هولندا ويرجع ذلك جزئياً لمساهمتها في تحرير هولندا في الحرب العالمية الثانية.[54]
توظف كندا حالياً جيشاً محترفاً من المتطوعين يفوق تعداده 67,000 من النظاميين ونحو 43,000 من الاحتياطيين بما في ذلك الاحتياطيون التكميليون.[98] تتضمن القوات الكندية الموحدة الجيش الكندي والبحرية الملكية الكندية والقوات الجوية الملكية الكندية.
أدى ارتباط كندا القوي بالامبراطورية البريطانية والكومنولث للمشاركة في الجهود العسكرية البريطانية الكبرى مثل حرب البوير الثانية والحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الحين، أصبحت كندا من دعاة التعددية، باذلة جهوداً ترمي إلى حل القضايا العالمية بالتعاون مع الدول الأخرى.[99][100] كانت كندا عضواً مؤسساً للأمم المتحدة في عام 1945 وحلف شمال الأطلسي في عام 1949. خلال الحرب الباردة، كانت كندا مساهماً رئيسياً في قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية، وساهمت في تأسيس قيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية الشمالية (نوراد) بالتعاون مع الولايات المتحدة للدفاع ضد الهجمات الجوية المحتملة من الاتحاد السوفياتي.[101]
خلال أزمة السويس في العام 1956، خففت جهود رئيس الوزراء المستقبلي ليستر بيرسون من حدة التوتر من خلال اقتراح قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، وذاك ما منحه جائزة نوبل للسلام 1957.[102] كانت تلك أول بعثة حفظ سلام أممية مما دفع البعض بمنح بيرسون براءة اختراع هذا المفهوم. منذ ذلك الحين خدمت كندا في 50 من بعثات حفظ السلام، بما في ذلك كل بعثات حفظ السلام الأممية حتى عام 1989، [51] وحافظت منذ ذاك الحين على قوات في البعثات الدولية في رواندا ويوغوسلافيا السابقة وغيرها؛ واجهت كندا في بعض الأحيان جدلاً حول مشاركتها في البلدان الأجنبية ولا سيما في قضية الصومال عام 1993.[103]
انضمت كندا لمنظمة الدول الأمريكية في عام 1990 واستضافت الجمعية العامة للمنظمة في وندسور في يونيو 2000 وقمة الأمريكيتين الثالثة في مدينة كيبك في أبريل 2001.[104] تسعى كندا لتوسيع علاقاتها مع الاقتصادات على طرفي المحيط الهادئ من خلال العضوية في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (ابيك).[105]
في عام 2001، نشرت كندا قواتها في أفغانستان كجزء من قوة حفظ الاستقرار الأمريكية والمرخصة من الأمم المتحدة التي تعرف باسم قوة المساعدة الأمنية الدولية بقيادة حلف شمال الأطلسي. ابتداء من يوليو 2011، بدأت كندا بسحب قواتها من أفغانستان. كلفت تلك البعثة أرواح 157 جندياً ودبلوماسي وحيد واثنين من موظفي الإغاثة وصحفي وحيد، [106] بينما بلغت التكلفة المادية 11.3 مليار دولار كندي.[107] تواصل كندا والولايات المتحدة دمج الدولة والوكالات المحلية لتعزيز الأمن على طول الحدود الكندية الأمريكية من خلال مبادرة السفر عبر نصف الكرة الغربي.[108]
في فبراير 2007، أعلنت كندا وإيطاليا وبريطانيا والنرويج وروسيا التزامها بتمويل إطلاق مشروع بنحو 1.5 مليار دولار للمساعدة في تطوير لقاحات قالوا أنها يمكن أن ينقذ حياة الملايين في الدول الفقيرة، ودعوا الآخرين للانضمام إليهم.[109] في أغسطس 2007، تم الطعن بالمطالب الكندية بإقاليم في منطقة القطب الشمالي بعد رحلة استكشافية روسية تحت الماء إلى القطب الشمالي. تنظر كندا إلى تلك المنطقة على أنها منطقة تتبع لسيادتها منذ عام 1925.[110] في يوليو عام 2010، تمت أكبر صفقة شراء في التاريخ العسكري الكندي والتي بلغ ثمنها 9 مليارات دولار كندي لشراء 65 مقاتلة من طراز F-35 عبر الحكومة الفدرالية.[111]
الأقاليم والمقاطعات
كندا عبارة عن اتحاد يتألف من عشر مقاطعات وثلاثة أقاليم. يمكن توزيع تلك إلى مناطق: كندا الغربية وكندا الوسطى وكندا الأطلسي وكندا الشمالية (تشير شرق كندا إلى كندا الوسطى وكندا الأطلسي معاً). تمتلك المقاطعات حكماً ذاتياً أوسع من الأقاليم. تعتبر المقاطعات المسؤولة عن معظم برامج كندا الاجتماعية (مثل الرعاية الصحية والتعليم والرعاية الاجتماعية) وتجمع سوية إيرادات أكثر من الحكومة الاتحادية، وهي بنية فريدة من نوعها تقريباً بين الاتحادات في العالم. تستطيع الحكومة الاتحادية عبر سلطة إنفاقها البدء بسياسات وطنية في مجالات المقاطعات مثل قانون الصحة الكندي، يمكن للمقاطعات الخروج من تلك الالتزامات ولكنها نادراً ما تفعل ذلك في الواقع العملي. تدفع الحكومة الاتحادية مدفوعات موزانة لضمان الاحتفاظ بمعايير موحدة معقولة من الخدمات والضرائب بين المقاطعات الغنية والفقيرة.[112]
الجغرافيا
تحتل كندا جزءاً كبيراً من شمال أمريكا الشمالية، وتتقاسم الحدود البرية مع الولايات المتحدة في الجنوب وولاية ألاسكا في الشمال الغربي، وتمتد من المحيط الأطلسي شرقاً إلى المحيط الهادئ في الغرب، وإلى الشمال يقع المحيط المتجمد الشمالي.[113][114] بحساب المساحة الكلية (بما في ذلك مياهها) تعد كندا ثاني أكبر بلد في العالم بعد روسيا. أما من حيث المساحة البرية فتحتل كندا المرتبة الرابعة.[114]
تقع البلاد بين خطي عرض 41 درجة و 84 درجة شمالاً وخطي طول 52 درجة و 141 درجة غرباً. منذ عام 1925، طالبت كندا بالجزء من القطب الشمالي بين خطي طول 60 درجة و 141 درجة غرباً [115] ولكن مطالبها غير معترف بها دولياً. أقصى المستوطنات الكندية (والعالمية) شمالاً هي محطة إنذار القوات الكندية على الطرف الشمالي من جزيرة إليسمر - خط العرض 82.5 درجة شمالا - على بعد 817 كم من القطب الشمالي.[116] يغطي الجليد والصقيع جزءاً كبيراً من القطب الشمالي الكندي. تمتلك كندا أيضاً أطول خط ساحلي في العالم بطول 202,080 كم.[114]
منذ العصر الجليدي الأخير وكندا تتألف من ثماني مناطق غابات متميزة بما في ذلك الغابات الشمالية الواسعة من الدرع الكندي.[118] تمتلك كندا بحيرات أكثر من أي بلد آخر وتحتوي بذلك على أغلب المياه العذبة في العالم.[119] هناك أيضاً مياه الأنهار الجليدية العذبة في جبال روكي الكندية والجبال الساحلية. كندا نشطة جيولوجيا، حيث فيها العديد من الزلازل والبراكين ذات الفعالية الكامنة ولا سيما جبل ميغر وجبل غاريبالدي وجبل كيلي ومعقد جبل إدزيزا البركاني.[120] تسبب الانفجار البركاني في مخروط تسيكاس في 1775 في كارثة مأساوية، مما أسفر عن مقتل 2000 من شعب نيسغا وتدمير قريتهم في وادي نهر ناس شمال كولومبيا البريطانية. أنتج الثوران تدفقاً حممياً بطول 22.5 كم ووفقاً لأسطورة شعب نيسغا، فإن تلك الحمم أوقفت تدفق نهر ناس.[121]
تبلغ الكثافة السكانية 3.3 نسمة لكل كيلومتر مربع، وهي من بين الأدنى في العالم. الجزء الأكثر كثافة سكانية في البلاد هي مدينة كيبك وممر وندسور ويقع في كيبك الجنوبية وأونتاريو الجنوبية على طول البحيرات العظمى ونهر سانت لورانس.[122]
يختلف متوسط درجات الحرارة في فصلي الشتاء والصيف حسب الموقع. يمكن أن يكون الشتاء قاسياً في كثير من مناطق البلاد ولا سيما في المقاطعات الداخلية والسهلية والتي تواجه المناخ القاري، حيث متوسط درجات الحرارة اليومية بالقرب من -15 درجة مئوية ولكنها قد تنخفض إلى أقل من -40 درجة مئوية بوجود الرياح المتجمدة الشديدة.[123] في المناطق غير الساحلية قد يغطي الثلج الأرض لما يقرب من ستة أشهر في السنة (أكثرها في الشمال). يتمتع ساحل كولومبيا البريطانية بمناخ معتدل مع شتاء معتدل وممطر. على الساحلين الشرقي والغربي، يبلغ متوسط درجات الحرارة الصيفية بشكل عام في أوائل العشرينات درجة مئوية بينما تكون بين الساحلين عند 25-30 درجة مئوية بينما قد تبلغ درجات مرتفعة في بعض الأحيان في بعض المناطق الداخلية عند 40 درجة مئوية.[124]
أراضي كندا مأهولة منذ آلاف السنين من قبل مجموعات مختلفة من السكان الأصليين. مع حلول أواخر القرن الخامس عشر بدأت الحملات البريطانية والفرنسية استكشاف المنطقة ومن ثم استوطنتها على طول ساحل المحيط الأطلسي. تنازلت فرنسا عن ما يقرب من جميع مستعمراتها في أمريكا الشمالية في عام 1763 بعد حرب السنوات السبع. في عام 1867، مع اتحاد ثلاثة مستعمرات بريطانية في أمريكا الشمالية عبر كونفدرالية تشكلت كندا باعتبارها كيانًا فدراليًا ذا سيادة يضم أربع مقاطعات. بدأ ذلك عملية اتسعت فيها مساحة كندا وتوسع حكمها الذاتي عن المملكة المتحدة. تجلت هذه الاستقلالية من خلال تشريع وستمنستر عام 1931 وبلغت ذروتها في صورة قانون كندا عام 1982 والذي قطع الاعتماد القانوني لكندا على البرلمان البريطاني.
كندا دولة فيدرالية يحكمها نظام ديمقراطي تمثيلي وملكية دستورية حيث الملكة إليزابيث الثانية قائدة للدولة. الأمة الكندية أمة ثنائية اللغة حيث الإنكليزية والفرنسية لغتان رسميتان على المستوى الاتحادي. تعد كندا واحدة من أكثر دول العالم تطوراً، حيث تمتلك اقتصاداً متنوعاً وتعتمد على مواردها الطبيعية الوفيرة، وعلى التجارة وبخاصة مع الولايات المتحدة اللتان تربطهما علاقة طويلة ومعقدة. كندا عضو في مجموعة الدول الصناعية السبع ومجموعة الثماني ومجموعة العشرين وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ودول الكومنولث والفرنكوفونية ومنظمة الدول الأمريكية والإبيك والأمم المتحدة. تمتلك كندا واحداً من أعلى مستويات المعيشة في العالم حيث مؤشر التنمية البشرية يضعها في المرتبة الثامنة عالمياً.
أصل التسمية
تعود كلمة كندا في الأصل إلى كنتا، وهي كلمة ترجع إلى لغة الإيروكواس في سانت لورانس وتعني قرية أو مستوطنة.[10] في عام 1535، استخدم السكان الأصليون لمنطقة مدينة كيبك الحالية هذه الكلمة لإرشاد المستكشف الفرنسي جاك كارتييه إلى قرية ستاداكونا.[11] ثم استخدم كارتييه فيما بعد كلمة كندا ليس للإشارة لتلك القرية بعينها فقط، بل ولكامل المنطقة التي تقع تحت حكم الزعيم دوناكونا (زعيم قرية ستاداكونا). بحلول عام 1545، أصبحت جميع الكتب والخرائط الأوروبية تشير إلى تلك المنطقة المستكشفة باسم كندا.[11]
في القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، أطلق الاسم كندا على شطر من فرنسا الجديدة والذي يقع بمحاذاة نهر سانت لورانس وعلى السواحل الشمالية للبحيرات العظمى. انقسمت هذه المنطقة فيما بعد إلى مستعمرتين بريطانيتين هما كندا العليا وكندا السفلى. أعيد توحيدهما كمقاطعة كندا عام 1841.[12] ومع تشكيل الاتحاد الكونفيدارلي عام 1867، تم إطلاق الاسم كندا اسماً رسمياً للدولة الجديدة، بينما اختير لقب دومينيون كلقب للدولة (من المزمور 72:8).[13] مع اتساع الحكم الذاتي لكندا عن المملكة المتحدة، استخدمت الحكومة الكندية اسم كندا في مستندات الدولة والمعاهدات الدولية بشكل متزايد. تجلى هذا التغيير في إعادة تسمية العطلة الوطنية من يوم الدومينيون إلى يوم كندا عام 1982.[14]
الشعوب الأصلية
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :سكان كندا الأصليين
تدعم الدراسات الوراثية والأثرية وجود البشر شمال يوكون منذ 26,500 عام مضت، وفي جنوب أونتاريو منذ حوالي 9,500 عام.[15][16][17] تعد بلوفيش كيفز وأولد كرو فلاتس من أقدم المواقع الأثرية من الوجود البشري (باليو هندي) في كندا.[18][19][20] كان من خصائص المجتمعات الأصلية في كندا المستوطنات الدائمة والزراعة والبنية الاجتماعية الهرمية المعقدة والشبكات التجارية.[21][22] اندثرت بعض تلك الثقافات مع حلول الوقت الذي وصلت فيه أولى طلائع المستوطنين الأوروبيين (أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر)، واكتشفت عبر التنقيبات الأثرية.[23]
قدر عدد السكان الأصليين بين 200,000 [24] ومليوني نسمة في أواخر القرن الخامس عشر، [25] بينما تقبل اللجنة الكندية الملكية لصحة السكان الأصليين بنحو 500,000 نسمة.[26] أدى تكرار اندلاع الأمراض المعدية الأوروبية مثل الأنفلونزا والحصبة والجدري (التي لم يكن لديهم مناعة طبيعية ضدها) بالإضافة إلى الآثار الأخرى للاتصال بالأوروبيين، أدى ذلك إلى تراجع تعداد السكان الأصليين بنحو 40-80%.[24] تشمل الشعوب الأصلية في كندا الأمم الأولى [27] والإنويت [28] والميتيس.[29] الميتيس هم شعب مختلط الدماء نشأ في منتصف القرن السابع عشر عندما تزوج الأمم الأولى والإنويت من المستوطنين الأوروبيين.[30] كان للإنويت تفاعل أقل مع المستوطنين الأوروبيين خلال فترة الاستيطان.[31]
الاستيطان الأوروبي
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :فرنسا الجديدة
وفاة الجنرال وولف بريشة بنجامين ويست 1771، تجسد وفاة وولف في معركة سهول أبراهام في كيبك 1759.
بدأ الاستعمار الأوروبي عندما استقر سكان الشمال الأوروبي لفترة وجيزة في لانس أو ميدوز في نيوفاوندلاند حوالي العام 1000.[32] لم تجر أي من الاستكشافات الأوروبية حتى 1497 عندما استكشف البحار الإيطالي جون كابوت الساحل الأطلسي لكندا لصالح انكلترا.[33] أنشأ البحارة الباسك والبرتغاليون مراكز صيد أسماك وحيتان موسمية على طول ساحل المحيط الأطلسي.[34] في 1534 استكشف جاك كارتييه نهر سانت لورانس لفرنسا.[35]
في 1583، طالب السير همفري جيلبرت بسانت جونز في نيوفاوندلاند كأول مستعمرة إنكليزية في أمريكا الشمالية بامتياز الملكي من الملكة إليزابيث الأولى.[36] وصل المستكشف الفرنسي صمويل دو شامبلان في 1603، وأنشأ أول مستوطنة أوروبية دائمة في بورت رويال في 1605 وكيبيك سيتي في 1608. بين المستعمرين الفرنسيين في فرنسا الجديدة، استقر الكنديون في وادي نهر سانت لورانس والأكاديين في المناطق البحرية الحالية بينما استكشف تجار الفراء والمبشرين الكاثوليك منطقة البحيرات الكبرى وخليج هدسون ومسار الميسيسيبي حتى لويزيانا. اندلعت حروب البيفر للسيطرة على تجارة الفراء الأمريكية الشمالية.[35]
أسس الإنجليز مستعمرات إضافية في كيوبيدس وفيريلاند في نيوفوندلاند بداية في 1610، وبعدها أسسوا المستعمرات الثلاثة عشر إلى الجنوب.[34] اندلعت سلسلة من أربعة حروب فرنسية وهندية ما بين 1689 و1763.[35] خضع بر نوفا سكوشا للحكم البريطاني بموجب معاهدة أوترخت 1713. ثم جاءت معاهدة باريس عام 1763 لتتنازل بموجبها فرنسا عن كندا وأغلب فرنسا الجديدة لصالح بريطانيا في أعقاب حرب السنوات السبع.[37]
فصل الإعلان الملكي لعام 1763 إقليم كيبك عن فرنسا الجديدة وضم جزيرة كيب بريتون إلى نوفا سكوشا.[14] كما أصبحت جزيرة سانت جون (حالياً جزيرة الأمير إدوارد) مستعمرة منفصلة في 1769.[38] لتجنب اندلاع الصراع في كيبك، جاء قانون كيبك عام 1774 ليوسع الإقليم إلى البحيرات العظمى ووادي أوهايو. كما أنه أعاد استخدام اللغة الفرنسية وحرية ممارسة العقيدة الكاثوليكية وتطبيق القوانين المدنية الفرنسية هناك. أثار ذلك القانون غضب العديد من سكان المستعمرات الثلاث عشرة، وأسهم في استعار الثورة الأمريكية.[14]
آباء الاتحاد بريشة روبرت هاريس، [39] مشاهد مدمجة من مؤتمري شارلوت تاون وكيبيك.
اعترفت اتفاقية باريس (1783) بالاستقلال الأمريكي وتخلت عن الأراضي جنوب البحيرات العظمى لصالح الولايات المتحدة. انفصلت نيو برانزويك عن نوفا سكوشا كجزء من إعادة تنظيم المستعمرات الموالية للمملكة المتحدة في الأقاليم البحرية الكندية. ومن أجل استقبال الموالين لبريطانيا والناطقين باللغة الإنجليزية في كيبك، صدر القانون الدستوري لعام 1791 والذي تم تقسيم الإقليم بموجبه إلى كندا السفلى المتحدثة بالفرنسية (لاحقاً كيبك) وكندا العليا المتحدثة بالإنكليزية (لاحقاً أونتاريو)، مع ضمان حق كل من سكان المنطقتين في انتخاب مجلسه التشريعي الخاص.[40]
كانت كندا (العليا والسفلى) الجبهة الرئيسية لحرب 1812 بين الولايات المتحدة وبريطانيا. بعد الحرب بدأت وفود الهجرات بشكل واسع من بريطانيا وأيرلندا إلى كندا في عام 1815.[25] بين 1825-1846 سجل وصول 626,628 مهاجر أوروبي إلى الموانئ الكندية.[41] توفي ما بين ربع وثلث المهاجرين الأوروبيين إلى كندا قبل عام 1891 بسبب الأمراض المعدية.[24]
أسفرت الرغبة في وجود حكومة مسؤولة عن ثورات عام 1837 والتي تم قمعها. أوصى تقرير دورهام عقب ذلك بضرورة وضع حكومة مسؤولة ودمج الكنديين الفرنسيين في الثقافة الإنجليزية.[14] دمج قانون الاتحاد عام 1840 كندا العليا والسفلى في مقاطعة كندا. كما تأسست حكومة مسؤولة عن جميع المقاطعات التابعة للإمبراطورية البريطانية في أمريكا الشمالية عام 1849.[42] أنهى التوقيع على معاهدة أوريجون 1846 بين بريطانيا والولايات المتحدة نزاع أوريجون الحدودي، مما مدد الحدود غرباً في موازاة دائرة العرض 49. مهد ذلك الطريق لتشكيل مستعمرات تابعة بريطانية في جزيرة فانكوفر 1849 وكولومبيا البريطانية 1858.[43]
الاتحاد والتوسع
بعد عقد مؤتمرات دستورية عدة، فإن قانون الدستور عام 1867 أعلن الاتحاد الكندي رسمياً في 1 يوليو 1867 من أربعة مقاطعات هي أونتاريو وكيبك ونوفا سكوشا ونيو برانزويك.[44][45][46] سيطرت كندا على أرض روبرت والإقليم الشمالي الغربي لتشكل الأقاليم الشمالية الغربية، حيث أشعلت معاناة الميتيس "ثورة النهر الأحمر" ونتج عنها تشكيل مقاطعة مانيتوبا في يوليو عام 1870.[47] انضمت كولومبيا البريطانية وجزيرة فانكوفر (واللتان اتحدتا في عام 1866) وجزيرة الأمير إدوارد للاتحاد في 1871 و 1873 على التوالي.[48] وضع رئيس الوزراء جون ماكدونالد وحكومته المحافظة سياسة وطنية من التعرفات الجمركية لحماية الصناعات الكندية الوليدة.[46]
رعت الحكومة بناء ثلاث سكك حديدية عابرة للقارة (بما فيها سكة حديد الهادئ الكندية)في محاولاتها لإعمار الغرب كما فتحت أراضي البراري للاستيطان بقانون أراضي الدومنيون، وأنشأت شرطة الخيالة الشمالية الغربية لتأكيد سلطتها على هذه المنطقة.[49][50] في عام 1898، وبعد حمى البحث عن الذهب في كلوندايك في الأقاليم الشمالية الغربية، أنشأت الحكومة الكندية إقليم يوكون. تحت حكم رئيس الوزراء الليبرالي ويلفريد لورييه، استقر المهاجرون الأوروبيون في أراضي البراري وأصبحت كل من ألبرتا وساسكاتشوان مقاطعتين في عام 1905
بدايات القرن العشرين
خاضت كندا الحرب العالمية الأولى كونها كانت تابعة في سياستها الخارجية لبريطانيا وفقاً لقانون الاتحاد، وهكذا دخلت الحرب مع إعلان بريطانيا دخولها عام 1914. أرسل المتطوعون إلى الجبهة الغربية وعرفوا لاحقاً باسم الفيلق الكندي. لعبت تلك القوات دوراً كبيراً في معركة فيمي ريدج وغيرها من المعارك الكبرى في الحرب.[51] من أصل ما يقرب من 625,000 جندي خدموا في الحرب، قتل حوالي 60,000 وأصيب 173,000 آخرون.[52] اندلعت أزمة التجنيد عام 1917 عندما فرض رئيس الوزراء المحافظ روبرت بوردن الخدمة العسكرية الإجبارية رغم اعتراض كيبك الناطقة بالفرنسية. في عام 1919، انضمت كندا إلى عصبة الأمم بشكل مستقل عن بريطانيا، [51] كما أكد قانون دستور وستمنستر 1931 استقلال كندا.[4]
جلب الكساد الكبير أزمة اقتصادية إلى جميع أنحاء كندا. وفي مجال تجاوبها مع ذلك، سنت تعاونية رابطة الاتحاد في ألبرتا وساسكاتشوان العديد من معايير دولة الرفاه (التي كان تومي دوغلاس رائدها) في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.[53] أعلنت كندا الحرب على ألمانيا بشكل مستقل خلال الحرب العالمية الثانية تحت حكم رئيس الوزراء الليبرالي وليم ليون ماكينزي كينغ وذلك بعد ثلاثة أيام من دخول بريطانيا الحرب. وصلت أولى وحدات الجيش الكندي إلى بريطانيا في ديسمبر عام 1939.[51]
لعبت القوات الكندية دوراً هاماً في غارة دييبي الفاشلة عام 1942، إضافة إلى غزو الحلفاء لإيطاليا وإنزال النورماندي ومعركة النورماندي ومعركة شيلدت في عام 1944.[51] منحت كندا اللجوء للملكية الهولندية بعد سقوط البلاد بيد النازية، وتعزو هولندا لها الفضل في القيادة والمساهمات الكبيرة لتحريرها من ألمانيا النازية.[54] ازدهر الاقتصاد الكندي مع ازدهار الصناعات العسكرية لكل من كندا وبريطانيا والصين والاتحاد السوفياتي.[51] وعلى الرغم من أزمة تجنيد أخرى في كيبك، أنهت كندا الحرب بجيش كبير واقتصاد قوي
الفترة الحديثة
انضمت نيوفاوندلاند (الآن نيوفاوندلاند ولابرادور) إلى كندا في عام 1949.[56] أدى النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب جنباً إلى جنب مع سياسات الحكومات الليبرالية المتعاقبة إلى ظهور هوية كندية جديدة والتي تمثلت في اعتماد علم ورقة الإسفندان الحالي في 1965، [57] واعتماد ثنائية اللغة الرسمية (الإنكليزية والفرنسية) في عام 1969، [58] والتعددية الثقافية الرسمية في عام 1971.[59] كان هناك أيضاً تأسيس برامج ديمقراطية اشتراكية مثل الرعاية الطبية وخطة المعاشات التقاعدية وقروض الطلاب، رغم أن حكومات المقاطعات وخصوصاً كيبك وألبرتا عارضت الكثير من هذه المشاريع واعتبرتها تدخلاً في المناطق الخاضعة لولايتها.[60] وأخيراً أسفرت سلسلة أخرى من المؤتمرات الدستورية إلى فصل الدستور الكندي عن المملكة المتحدة عام 1982 بالتزامن مع إنشاء ميثاق الحقوق والحريات.[61] وفي عام 1999، أصبح إقليم نونافوت الكندي ثالث إقليم في البلاد بعد سلسلة من المفاوضات مع الحكومة الاتحادية.[62]
في الوقت نفسه، خضعت كيبك لتغيرات اجتماعية واقتصادية جذرية عبر ثورة هادئة من ستينات القرن الماضي مما تجلى في ولادة الحركة القومية الحديثة. أشعلت جبهة تحرير كيبك المتطرفة أزمة أكتوبر 1970.[63] انتخب الحزب الكيبيكي المنادي بالسيادة في عام 1976 ونظم استفتاء فاشلاً على السيادة المشتركة عام 1980. فشلت محاولات استيعاب قومية كيبك دستورياً من خلال اتفاق بحيرة ميتش في عام 1990.[64] أدى ذاك إلى تشكيل الكتلة الكيبيكية في كيبك وتنشيط حزب الإصلاح الكندي في الغرب.[65][66] تلا ذلك استفتاء ثان في عام 1995، والذي رفضت فيه السيادة بفارق ضئيل 50.6% مقابل 49.4%. في عام 1997، قضت المحكمة العليا بأن انفصال المقاطعة من جانب واحد سيكون غير دستوري، وصدر قانون التوضيح من قبل البرلمان والذي يحدد شروط التفاوض لمغادرة الاتحاد.[64]
بالإضافة إلى قضايا السيادة كيبك، هزت عدة أزمات المجتمع الكندي في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات. شملت هذه انفجار رحلة الخطوط الجوية الهندية 182 في عام 1985، [67] وهي أكبر مأساة من حيث عدد القتلى في تاريخ كندا، ومذبحة مدرسة الفنون التطبيقية في عام 1989، [68] وهي حالة إطلاق نار استهدفت طالبات الجامعة، وأزمة أوكا في عام 1990 [69] التي كانت أولى سلسلة من المواجهات العنيفة بين الحكومة وجماعات السكان الأصليين.[70] انضمت كندا أيضاً إلى حرب الخليج في عام 1990 كجزء من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، ونشطت في عدة بعثات لحفظ السلام في أواخر التسعينات.[71] أرسلت قوات إلى أفغانستان في عام 2001، لكنها امتنعت عن إرسال قوات إلى العراق عندما غزته الولايات المتحدة في عام 2003.[72]
الحكومة والسياسة
تتمتع كندا بتقاليد ديمقراطية قوية يدعمها نظام برلماني ضمن دائرة الملكية الدستورية؛ كان الفضل للنظام الملكي في كندا في تأسيس السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.[73][74][75][76] إليزابيث الثانية هي ملكة كندا و15 دولة أخرى من دول الكومنولث والمقاطعات العشر في كندا وتقيم في المملكة المتحدة. بناء على ذلك فإن ممثل الملكة الحاكم العام لكندا (حالياً ديفيد لويد جونستون) يقوم بمعظم مهامها الملكية الفدرالية في كندا.[77][78]
المشاركة المباشرة للمؤسسة الملكية في مجالات الحكم محدودة؛ [75][79][80] في الممارسة العملية، توجه صلاحياتها التنفيذية لصالح مجلس الوزراء، وهو لجنة من وزراء التاج مسؤولة أمام مجلس العموم المنتخب ويختارهم ويرأسهم رئيس وزراء كندا (ستيفن هاربر حالياً [81]). لضمان استقرار الحكم، يعين الحاكم العام عادة قائد الحزب السياسي الذي يمتلك الأغلبية في مجلس العموم رئيساً للوزراء.[82] هكذا فإن مكتب رئيس الوزراء هو أحد أقوى المؤسسات الحكومية ويضع معظم مشاريع القوانين لتصديقها في البرلمان. يرشح للحاكم العام الممثل للتاج الملكي جكام المقاطعات ومجلس الشيوخ وقضاة المحكمة الاتحادية ورؤساء مؤسسات التاج والوكالات الحكومية.[79] بينما يصبح قائد الحزب الثاني في البرلمان زعيم المعارضة (في الوقت الحاضر نيكول تورمل) وهو جزء من نظام برلماني يهدف إلى إبقاء الحكومة تحت المراقبة.[83]
يتم انتخاب كل أعضاء البرلمان البالغ عددهم 308 في مجلس العموم بالأغلبية البسيطة في الدائرة الانتخابية. يقوم الحاكم العام حصراً بالدعوة لانتخابات عامة بناء على طلب رئيس الوزراء في غضون أربع سنوات من الانتخابات السابقة أو لفقدان الحكومة ثقة مجلس النواب.[84] يبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ 105 وتوزع مقاعده على أساس إقليمي، ويخدمون حتى سن 75.[85] توجد خمسة أحزاب ممثلة في البرلمان الاتحادي المنتخب عام 2011: حزب المحافظين الكندي (الحزب الحاكم) والحزب الديمقراطي الجديد (المعارضة الرسمية) وحزب الأحرار الكندي والكتلة الكيبيكية وحزب الخضر الكندي. قائمة الأحزاب التاريخية ذات التمثيل المنتخب جوهرية.
يقسم الهيكل الفدرالي الكندي المسؤوليات الحكومية بين الحكومة الفيدرالية والمقاطعات العشر. تتألف المجالس التشريعية الإقليمية من غرفة واحدة وتعمل بنظام برلماني مماثل لمجلس العموم.[80] أما أقاليم كندا الثلاثة فتمتلك هيئات تشريعية لكنها ليست ذات سيادة ولها مسؤوليات دستورية أقل من المقاطعات مع بعض الاختلافات الهيكلية.[86][87]
القانون
دستور كندا هو القانون الأعلى للبلاد ويتألف من النص المكتوب والاتفاقيات غير المكتوبة. أكد القانون الدستوري لعام 1867 (المعروف باسم قانون أمريكا الشمالية البريطانية قبل 1982) على الحكم على أساس برلمانية وقسم السلطات بين الحكومة الاتحادية وحكومات المقاطعات؛ أما نظام وستمنستر الأساسي عام 1931 فمنحها الحكم الذاتي الكامل بينما أنهى القانون الدستوري 1982 كل العلاقات التشريعية بالمملكة المتحدة وأضاف صيغة تعديل دستورية وأضاف الميثاق الكندي للحقوق والحريات الذي يضمن الحقوق والحريات الأساسية التي لا يمكن عادة لأي حكومة تجاوزها على الرغم من أن بنداً في الميثاق يسمح للبرلمان الاتحادي والبرلمانات الإقليمية بتجاوز مقاطع معينة لمدة خمس سنوات.[88]
كان الاتصال الأولي بين الكنديين الأوروبيين والأمم الأولى والإنويت سلمياً نسبياً. بدأ التاج والشعوب الأصلية التفاعل خلال فترة الاستعمار الأوروبي. أنشئت معاهدات مرقمة وقانون الهنود والقانون الدستوري لعام 1982 وقوانين المحاكم.[89] وقعت سلسلة من أحد عشر معاهدة بين السكان الأصليين في كندا والتاج الحاكم في كندا بين عامي 1871-1921.[90] هذه المعاهدات هي اتفاقات مع حكومة كندا يديرها قانون السكان الأصليين الكندي ويشرف عليها وزير الشؤون الهندية والتنمية الشمالية. أعيد تأكيد دور المعاهدات في الفقرة خمسة وثلاثون من القانون الدستوري لعام 1982 والتي "تعترف وتؤكد المعاهدات الحالية مع السكان الأصليين وحقوقهم".[89] يمكن أن تشمل هذه الحقوق توفير خدمات مثل الرعاية الصحية والإعفاء من الضرائب.[91] جرى تأكيد ترسيم الإطار القانوني والسياسي للأمم الأولى في كندا في عام 2005 من خلال اتفاق الأمم الأولى والتاج الاتحادي السياسي الأول.[89]
تلعب السلطة القضائية في كندا دوراً هاماً في تفسير القوانين ولديها سلطة إلغاء القوانين التي تخالف الدستور. المحكمة العليا في كندا هي أعلى محكمة وتصدر أحكاماً نهائية، وتترأسها بيفرلي مكلاكلين رئيسة العدل (الأولى من بين الإناث) منذ عام 2000.[92] تضم المحكمة العليا تسعة أعضاء يعينهم الحاكم العام بناء على نصيحة رئيس الوزراء ووزير العدل. يتم تعيين جميع القضاة على الصعيدين الأعلى والاستئناف بعد التشاور مع هيئات قانونية غير حكومية. تعين الحكومة الفيدرالية أيضاً قضاة المحاكم العليا على مستوى المقاطعات والأقاليم.[93]
يسود القانون العام في كل مكان ما عدا كيبك حيث يسود القانون المدني. القانون الجنائي مسؤولية اتحادية حصراً ويسود جميع أنحاء كندا.[94] أما إنفاذ القانون بما في ذلك المحاكم الجنائية فهي مسؤولية المقاطعات، ولكن في المناطق الريفية في جميع المقاطعات باستثناء أونتاريو وكيبك يتم التعاقد مع شرطة الخيالة الملكية الاتحادية الكندية.[95]
لقوات المسلحة والعلاقات الخارجية
تشترك كندا والولايات المتحدة في أطول حدود غير محمية في العالم، كما تتعاونان في الحملات والتدريبات العسكرية كما أنهما أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض.[96] إلا كندا تتمتع بسياسة خارجية مستقلة ومن أبرز نقاطها الحفاظ على علاقات كاملة مع كوبا ورفض المشاركة الرسمية في حرب العراق. ترتبط كندا أيضاً بعلاقات تاريخية مع المملكة المتحدة وفرنسا وغيرها من المستعمرات البريطانية والفرنسية السابقة من خلال عضويتها في دول الكومنولث والفرانكوفونية، [97] كما تمتلك كندا علاقة إيجابية مع هولندا ويرجع ذلك جزئياً لمساهمتها في تحرير هولندا في الحرب العالمية الثانية.[54]
توظف كندا حالياً جيشاً محترفاً من المتطوعين يفوق تعداده 67,000 من النظاميين ونحو 43,000 من الاحتياطيين بما في ذلك الاحتياطيون التكميليون.[98] تتضمن القوات الكندية الموحدة الجيش الكندي والبحرية الملكية الكندية والقوات الجوية الملكية الكندية.
أدى ارتباط كندا القوي بالامبراطورية البريطانية والكومنولث للمشاركة في الجهود العسكرية البريطانية الكبرى مثل حرب البوير الثانية والحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الحين، أصبحت كندا من دعاة التعددية، باذلة جهوداً ترمي إلى حل القضايا العالمية بالتعاون مع الدول الأخرى.[99][100] كانت كندا عضواً مؤسساً للأمم المتحدة في عام 1945 وحلف شمال الأطلسي في عام 1949. خلال الحرب الباردة، كانت كندا مساهماً رئيسياً في قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية، وساهمت في تأسيس قيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية الشمالية (نوراد) بالتعاون مع الولايات المتحدة للدفاع ضد الهجمات الجوية المحتملة من الاتحاد السوفياتي.[101]
خلال أزمة السويس في العام 1956، خففت جهود رئيس الوزراء المستقبلي ليستر بيرسون من حدة التوتر من خلال اقتراح قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، وذاك ما منحه جائزة نوبل للسلام 1957.[102] كانت تلك أول بعثة حفظ سلام أممية مما دفع البعض بمنح بيرسون براءة اختراع هذا المفهوم. منذ ذلك الحين خدمت كندا في 50 من بعثات حفظ السلام، بما في ذلك كل بعثات حفظ السلام الأممية حتى عام 1989، [51] وحافظت منذ ذاك الحين على قوات في البعثات الدولية في رواندا ويوغوسلافيا السابقة وغيرها؛ واجهت كندا في بعض الأحيان جدلاً حول مشاركتها في البلدان الأجنبية ولا سيما في قضية الصومال عام 1993.[103]
انضمت كندا لمنظمة الدول الأمريكية في عام 1990 واستضافت الجمعية العامة للمنظمة في وندسور في يونيو 2000 وقمة الأمريكيتين الثالثة في مدينة كيبك في أبريل 2001.[104] تسعى كندا لتوسيع علاقاتها مع الاقتصادات على طرفي المحيط الهادئ من خلال العضوية في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (ابيك).[105]
في عام 2001، نشرت كندا قواتها في أفغانستان كجزء من قوة حفظ الاستقرار الأمريكية والمرخصة من الأمم المتحدة التي تعرف باسم قوة المساعدة الأمنية الدولية بقيادة حلف شمال الأطلسي. ابتداء من يوليو 2011، بدأت كندا بسحب قواتها من أفغانستان. كلفت تلك البعثة أرواح 157 جندياً ودبلوماسي وحيد واثنين من موظفي الإغاثة وصحفي وحيد، [106] بينما بلغت التكلفة المادية 11.3 مليار دولار كندي.[107] تواصل كندا والولايات المتحدة دمج الدولة والوكالات المحلية لتعزيز الأمن على طول الحدود الكندية الأمريكية من خلال مبادرة السفر عبر نصف الكرة الغربي.[108]
في فبراير 2007، أعلنت كندا وإيطاليا وبريطانيا والنرويج وروسيا التزامها بتمويل إطلاق مشروع بنحو 1.5 مليار دولار للمساعدة في تطوير لقاحات قالوا أنها يمكن أن ينقذ حياة الملايين في الدول الفقيرة، ودعوا الآخرين للانضمام إليهم.[109] في أغسطس 2007، تم الطعن بالمطالب الكندية بإقاليم في منطقة القطب الشمالي بعد رحلة استكشافية روسية تحت الماء إلى القطب الشمالي. تنظر كندا إلى تلك المنطقة على أنها منطقة تتبع لسيادتها منذ عام 1925.[110] في يوليو عام 2010، تمت أكبر صفقة شراء في التاريخ العسكري الكندي والتي بلغ ثمنها 9 مليارات دولار كندي لشراء 65 مقاتلة من طراز F-35 عبر الحكومة الفدرالية.[111]
الأقاليم والمقاطعات
كندا عبارة عن اتحاد يتألف من عشر مقاطعات وثلاثة أقاليم. يمكن توزيع تلك إلى مناطق: كندا الغربية وكندا الوسطى وكندا الأطلسي وكندا الشمالية (تشير شرق كندا إلى كندا الوسطى وكندا الأطلسي معاً). تمتلك المقاطعات حكماً ذاتياً أوسع من الأقاليم. تعتبر المقاطعات المسؤولة عن معظم برامج كندا الاجتماعية (مثل الرعاية الصحية والتعليم والرعاية الاجتماعية) وتجمع سوية إيرادات أكثر من الحكومة الاتحادية، وهي بنية فريدة من نوعها تقريباً بين الاتحادات في العالم. تستطيع الحكومة الاتحادية عبر سلطة إنفاقها البدء بسياسات وطنية في مجالات المقاطعات مثل قانون الصحة الكندي، يمكن للمقاطعات الخروج من تلك الالتزامات ولكنها نادراً ما تفعل ذلك في الواقع العملي. تدفع الحكومة الاتحادية مدفوعات موزانة لضمان الاحتفاظ بمعايير موحدة معقولة من الخدمات والضرائب بين المقاطعات الغنية والفقيرة.[112]
الجغرافيا
تحتل كندا جزءاً كبيراً من شمال أمريكا الشمالية، وتتقاسم الحدود البرية مع الولايات المتحدة في الجنوب وولاية ألاسكا في الشمال الغربي، وتمتد من المحيط الأطلسي شرقاً إلى المحيط الهادئ في الغرب، وإلى الشمال يقع المحيط المتجمد الشمالي.[113][114] بحساب المساحة الكلية (بما في ذلك مياهها) تعد كندا ثاني أكبر بلد في العالم بعد روسيا. أما من حيث المساحة البرية فتحتل كندا المرتبة الرابعة.[114]
تقع البلاد بين خطي عرض 41 درجة و 84 درجة شمالاً وخطي طول 52 درجة و 141 درجة غرباً. منذ عام 1925، طالبت كندا بالجزء من القطب الشمالي بين خطي طول 60 درجة و 141 درجة غرباً [115] ولكن مطالبها غير معترف بها دولياً. أقصى المستوطنات الكندية (والعالمية) شمالاً هي محطة إنذار القوات الكندية على الطرف الشمالي من جزيرة إليسمر - خط العرض 82.5 درجة شمالا - على بعد 817 كم من القطب الشمالي.[116] يغطي الجليد والصقيع جزءاً كبيراً من القطب الشمالي الكندي. تمتلك كندا أيضاً أطول خط ساحلي في العالم بطول 202,080 كم.[114]
منذ العصر الجليدي الأخير وكندا تتألف من ثماني مناطق غابات متميزة بما في ذلك الغابات الشمالية الواسعة من الدرع الكندي.[118] تمتلك كندا بحيرات أكثر من أي بلد آخر وتحتوي بذلك على أغلب المياه العذبة في العالم.[119] هناك أيضاً مياه الأنهار الجليدية العذبة في جبال روكي الكندية والجبال الساحلية. كندا نشطة جيولوجيا، حيث فيها العديد من الزلازل والبراكين ذات الفعالية الكامنة ولا سيما جبل ميغر وجبل غاريبالدي وجبل كيلي ومعقد جبل إدزيزا البركاني.[120] تسبب الانفجار البركاني في مخروط تسيكاس في 1775 في كارثة مأساوية، مما أسفر عن مقتل 2000 من شعب نيسغا وتدمير قريتهم في وادي نهر ناس شمال كولومبيا البريطانية. أنتج الثوران تدفقاً حممياً بطول 22.5 كم ووفقاً لأسطورة شعب نيسغا، فإن تلك الحمم أوقفت تدفق نهر ناس.[121]
تبلغ الكثافة السكانية 3.3 نسمة لكل كيلومتر مربع، وهي من بين الأدنى في العالم. الجزء الأكثر كثافة سكانية في البلاد هي مدينة كيبك وممر وندسور ويقع في كيبك الجنوبية وأونتاريو الجنوبية على طول البحيرات العظمى ونهر سانت لورانس.[122]
يختلف متوسط درجات الحرارة في فصلي الشتاء والصيف حسب الموقع. يمكن أن يكون الشتاء قاسياً في كثير من مناطق البلاد ولا سيما في المقاطعات الداخلية والسهلية والتي تواجه المناخ القاري، حيث متوسط درجات الحرارة اليومية بالقرب من -15 درجة مئوية ولكنها قد تنخفض إلى أقل من -40 درجة مئوية بوجود الرياح المتجمدة الشديدة.[123] في المناطق غير الساحلية قد يغطي الثلج الأرض لما يقرب من ستة أشهر في السنة (أكثرها في الشمال). يتمتع ساحل كولومبيا البريطانية بمناخ معتدل مع شتاء معتدل وممطر. على الساحلين الشرقي والغربي، يبلغ متوسط درجات الحرارة الصيفية بشكل عام في أوائل العشرينات درجة مئوية بينما تكون بين الساحلين عند 25-30 درجة مئوية بينما قد تبلغ درجات مرتفعة في بعض الأحيان في بعض المناطق الداخلية عند 40 درجة مئوية.[124]