صفحة 1 من 1

الدب الروسي.. تهديد متجدد للكاوبوي الأمريكي

مرسل: الاثنين مايو 07, 2012 9:11 pm
بواسطة وليد ناجي 5
تلعب الآن مجموعة من العوامل الفاعلة دورا رئيسيا فى تعزيز النزعة القومية الروسية التى تقود بها القيادة السياسية بزعامة الرئيس ديميترى ميدفيدف ورئيس وزراءه فلاديمير بوتين البلاد نحو استعادة دور موسكو فى العالم كقوة عظمى فى مواجهة الغرب بزعامة أمريكا بوصفها الوريث الشرعى للاتحاد السوفيتى السابق.


وتدفع هذه العوامل الثنائى ميدفديف وبوتين لانتهاج سياسة شبيهة بسياسة الاتحاد السوفيتى السابق، لكن بدوافع المحافظة على مصالح روسيا الاقتصادية وليس بدوافع ايديولوجية كما كان الوضع إبان حقبة الحرب الباردة.

وأبرز هذه العوامل الأزمة المالية العالمية التي استغلها رجال السياسة الروس أفضل استغلال لمهاجمة الولايات المتحدة باعتبارها المتسببة الرئيسية للأزمة، ومواصلة الترويج بقوة لمعاداة السياسات الامريكية على جميع الأصعدة.


ولاقي هذا الانهيار المالي الذى اطلق عليه فى روسيا" 17 سبتمبر الاسود" مجالا خصبا للتنديد به في موسكو ، حيث شن رجال السياسة هناك هجوما حادا على النظام المالى والاقتصادى الأمريكى، مطالبين القيادة الروسية والشعب الروسى بالوقوف فى وجه المخططات التى تستهدف الزج بروسيا فى المعسكر الغربى ليتثنى لأصحاب هذا المخطط نهب ثروات روسيا خاصة من الغاز و البترول .


بل ووصل الأمر إلى أن نجاة روسيا باتت معلقة بالوقوف فى مواجهة العمليات التى تستهدف ادخال البلاد فى المعسكر الغربى على اساس أن كل المشاكل التى تواجهها روسيا الآن من أزمة مالية و تعرضها للعدوان من قبل جورجيا هى نتاج خطة أمريكية مدروسة بعناية .


ولذا بات على روسيا أن تعتمد على نفسها وثرواتها من الغاز والنفط وعلى قدراتها و أصدقائها من الدول التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى السابق من أجل إعادة بناء الامبراطورية الروسية من جديد .


الحرب الجورجية نقطة تحول


ويعتبر اجتياح الجيش الروسى لجورجيا والاعتراف باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا مؤشرا كبيرا على أن النزعة القومية فى روسيا قد وصلت إلى قمتها وأن هذه النزعة لن تهدأ حتى تستعيد روسيا مكانتها فى العالم كقوة عظمى .


وأن كان البعض يهدف من الحرب الجورجية تضييق الحصار على روسيا ومزيد من زعزعة الأوضاع الداخلية فيها، إلا أن الأمور تحولت تماما بفعل الحسم الروسي الذي لم يكن منتظرا إلى هزيمة عسكرية على الأرض، وعودة روسيا إلى واجهة الأحداث العالمية وفتح الأبواب أمام عودة تعددية قطبية.


وقد اخذت أمريكا بمأخذ الجد الخطورة الداهمة التى يمكن ان يسببها الدب الروسى للمصالح الأمريكية والغربية بعد اجتياح روسيا للاراضى الجورجية فى وقت عبرت فيه وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس عن هذه المخاوف بتصريحات انتقدت فيها بشدة القيادة الروسية .


ولا يقل الدرع الصاروخي تأثيرا عن الأزمة المالية في تصاعد المواقف الروسية ضد الولايات المتحدة، حيث لم تفوت موسكو الفرصة لتبين أن الدرع الصاروخي الذي سارعت واشنطن إلى عقد اتفاقيات بشأنها مع وارسو، هي موجهة ضد روسيا وليس ضد أي عدوان وهمي إيراني، وأن خير دليل على ذلك هو توقيت التوقيع عليها.


وتحركت موسكو بسرعة وبدا وكأنها تعيد ترتيب أوراقها وتحالفاتها في إطار منظمة شنغهاي ومنظمة معاهدة الأمن المشترك، والتقى الرئيس الروسي بنظيره الإيراني واستدعي الرئيس السوري إلى سوتشي للقاء ميدفيديف والبحث في أمور التعاون العسكري وطارت القاذفات الإستراتيجية إلى فنزويلا.


والعودة الروسية بقوة إلى مسرح الأحداث العالمي تتناسب مع تطلعات كثيرة في العالم، فهناك دول تنادي الآن من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط بأهمية استخدام التحرك الروسي في مقاومة القطب الواحد.


والأهم هنا ليس عودة روسيا قطبا فاعلا في السياسة العالمية بقدر ما هو إحداث سابقة في العلاقات الدولية الراهنة، استخدمت فيها دولة القوة العسكرية دون تردد وذلك بما لا يخدم مصالح القطب الواحد.


إنهاء أسطورة القطب الأوحد

ديمترى ميدفيديف الرئيس الروسى الجديد


عموما شهدت فترة حكم بوتين عودة بعض التوازن للسياسة الخارجية الروسية، وتحديدا بدأت روسيا تعير اهتماما الى منطقة الشرق الأوسط التي أًهملتها السياسة الروسية نهاية القرن العشرين، نتيجة تبني موسكو حينها وبوضوح لسياسة التوجه نحو أوربا.


ويبدو أنه مع انتقال السلطة للرئيس الجديد في روسيا فإن هذه البلد ستستمر بزيادة تواجدها ونفوذها في الشرق الأوسط لأن هذه المنطقة قريبة جغرافيا من روسيا، ولأن الوضع فيها يؤثر بصورة مباشرة في السياسة الخارجية الروسية بشكل عام.


الإنجازات الإصلاحية


وتعد الإنجازات الإصلاحية والاستقرار الذي تنعم به روسيا في الفترة الأخيرة أحد أبرز العوامل التي تقودها إلي العودة إلي مكانها الطبيعي علي الساحة العالمية وإنهاء أسطورة القطب الأوحد، خاصة في ظل التدهور الذي تشهده الولابات المتحدة الأمريكية يوما بعد الأخر .


وتوقع محللون أن يكون لروسيا دور أكبر في الشرق الأوسط وفي العلاقات الدولية، مع استمرار ذات النهج السياسي، الداخلي والخارجي، للرئيس الروسي الجديد دميتري ميدفيديف، الذي تسلم رسميا اليوم 7 مايو رئاسة الجمهورية من الرئيس فلاديمير بوتين.


وأوضحوا أنه ربما لم تصل الديمقراطية الروسية لمستوى الديمقراطية في الغرب، لكن موسكو في عهد بوتين رسخت تقاليد ديمقراطية وتقدمت بها درجات جيدة، وتركت بصمات واضحة في السياسة الداخلية والخارجية.

ورجحوا أن يشكل عهد ميدفيديف استمرارية لنهج بوتين، لذا لن تشهد السياسة الداخلية أو الخارجية الروسية أي تغيير جذري في عهد ميدفيديف.


عودة روسيا للشرق الأوسط


وقد عادت روسيا مع صعود بوتين للسلطة إلى الشرق الأوسط بقوة بعد أن غابت عنه اضطراريا أواخر عهد غورباتشوف وعهد بوريس يلتسين، واستطاعت في السنوات الأخيرة إقامة شبكة علاقات مهمة مع الدول العربية المختلفة، قائمة على المصالح المشتركة وليس على الايدولوجيا كما كان الأمر في العهد السوفيتي، الأمر الذي يفسر وجود علاقات روسية قوية مع السعودية ودول الخليج بالتوازي مع علاقات قوية أيضا مع الدول العربية الحليفة للاتحاد السوفيتي السابق كسورية واليمن وليبيا.


ويعتبر عهد بوتين بمثابة عهد تعزيز العلاقات مع العرب من خلال الدور الروسي الفاعل في اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط ومن خلال العلاقات مع أطراف الأزمة في سوريا ولبنان وأيضا العراق.


"وقدر أن الدور الروسي في الشرق الأوسط يتجه إلى الاستمرارية والتواصل على ذات المنوال الإيجابي خاصة مع تحسن الوضع الداخلي والاستقرار في روسيا، وربما يتعاظم الدور الروسي الشرق الأوسط الذي باتت أبوابه مفتوحة لأدوار فاعلة للاعبين دوليين كبار باتوا يزاحمون الدور الأمريكي، كما هو الأمر مع روسيا والصين والهند إضافة إلى أوروبا.


ويري المحللون أن مستقبل العلاقات الدولية والعلاقة الروسية الأمريكية مع قدوم رئيس أمريكي جديد للبيت الأبيض خلال أشهر قليلة، سيكون غامض إلا أنهم أجمعوا على انه لن تكون هناك عودة للحرب الباردة بين الدولتين بأي شكل من الأشكال". لكنهم أكد أيضا أنه لن يكون هناك أيضا عودة لمرحلة القطب الواحد (الأمريكي) المهيمن.


وأوضحوا أن الدور الرئيسي في العلاقات الدولية في العالم سيكون للولايات المتحدة، لكنه لن يكون المهيمن، ولن تستطيع الإدارة الأمريكية المقبلة أو التي بعدها إعادة الدور المهيمن لأمريكا كما كان الوضع بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وجدار برلين مطلع التسعينيات الماضية وحتى الآن.


واعتبروا أن السبب الأساسي فى انتهاء هذه المرحلة تلك المرحلة انتهت جراء المأزق الأمريكي في العراق وأفغانستان وانعدام الرؤية لدى الولايات المتحدة تجاه مختلف الأزمات في الشرق الأوسط سواء في لبنان أو العراق أو فلسطين.


هل ستنجح خطة بوتين؟


وتؤكد المصادر أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ بالفعل قراره بانتهاج سياسة معادية لأمريكا وحلفاءها خلال اجتماع سرى ترأسه بوتين بمباركة الرئيس ميدفديف.


وأكد بوتين فى الاجتماع الذي عقد فى أعقاب الاجتياح الروسى لجورجيا "أن روسيا أصبحت اليوم أكثر من أى وقت مضى فى وضع يمكنها من اخضاع الغرب لمصالحها ....فأمريكا تعانى من المستنقعين العراقى والافغانستانى فى وقت تدهورت فيه صورة أمريكا إلى مستويات مأساوية لدى الرأى العام العالمى".



فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي حاليا

وتابع قائلا " أما أوروبا فتعانى هى أيضا من وضع لا يقل ضعفا حيث تعانى من الانقسام و تعدد مشاكلها الداخلية فضلا عن انها تعتمد اعتمادا كليا على الغاز الروسى وتولى اهتماما كبيرا ببيع منتجاتها للاسواق الروسية مما يجعل الاوروبيين على استعداد لقبول أى أمر واقع تفرضه عليهم روسيا ".


ووصلت الروح المعادية فى روسيا لأمريكا إلى اوج مستوياتها، خاصة بعد التحقيق المصور الذى اذاعته القناة الاولى للتلفزيون الروسى الرسمى والذى اتهم فيه المحافظين الجدد فى أمريكا بأنهم هم الذين دبروا هجمات الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 ضد نيويورك وواشنطن لتبرير تنفيذ سياستهم التوسعية فى العالم بحجة مكافحة الاسلام المتطرف.


ويرى المحللون أن الهدف من الحملة التى يشنها بوتين الآن على أمريكا والغرب تمهد لتنفيذ قناعاته بأن الدول التى كانت خاضعة للاتحاد السوفيتى السابق يجب ان تعود من جديد الى الحظيرة الروسية، وأن مخطط بوتين الذى يستهدف إعادة بناء الاتحاد السوفيتى السابق يقوم فى بادىء الامر على إقامة اتحاد بين روسيا وبيلاروسيا وابخازيا واوسيتيا الجنوبية، ثم يتوسع التحالف ليضم روسيا وكازاخستان وأوزباكستان وأرمينيا وطاجيكستان بهدف خلق حلف عسكرى مواجه لحلف الناتو بعد تفكك حلف وارسو الذى كان قائما إبان الحرب الباردة .


أخيرا .. هل تنجح خطط الثنائي ميدفديف وبوتين في السير قدما على طريق تحويل روسيا إلى قوة عظمى مناوئة للولايات المتحدة، أم ستنجح أمريكا بالحفاظ علي مكانتها باعتبارها القطب الواحد.