- الثلاثاء مايو 08, 2012 2:08 am
#50979
محمد الحمادي
هل إسرائيل سعيدة بما تعيشه الدول العربية من ثورات وما تتأثر به الدول الأخرى التي لم تصلها الثورات؟ هل إسرائيل خائفة أم معجبة بما يحدث؟ هل إسرائيل شامتة بحسني مبارك بعد أن ترك الحكم وأصبح متهماً تجري محاكمته، وبعد أن رآه العالم ممداً على سرير طبي في قفص الاتهام، أم تعتقد أنها خسرت صديقاً وحليفاً لا يمكن تعويضه؟ هل تريد إسرائيل أن يسقط النظام في سوريا أم أنها تفضل بقاء النظام بمن فيه؟
هل الثورات العربية في صالح إسرائيل أم أنها ضد مصالحها؟ هل ستعاني إسرائيل في المرحلة المقبلة بسبب وجود حكومات جديدة بأفكار ورؤى وتوجهات مختلفة أم أنها ستكون مرتاحة لانشغال الدول الثورية بترتيب أوضاعها الداخلية وبناء أوطانها الجديدة وبالتالي انشغالها عن إسرائيل كذلك انشغال الدول التي لم تصلها الثورات بالعمل لتفادي ثورة قد تأتي؟ وبالتالي تحمل أعباء مالية إضافية لدواعي الأمن والدفاع في وقت تعاني فيه إسرائيل ضغوطاً اقتصادية وشعبية.
ألن يؤدي عدم الاستقرار في الأردن إلى زعزعة الهدوء والاستقرار على طول حدودها وبالتالي توفير موارد مالية كبيرة لتأمين حدودها؟ ألن تؤدي ثورة ديمقراطية في الأردن التي تضم عدداً كبيراً من ذوي الأصول الفلسطينية إلى تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل، وتغيير شروط السلام؟ ألن يشكل كل ذلك خطراً على إسرائيل واستقرارها؟
وفي المقابل هل سيضعف النفوذ الإيراني في المنطقة؟ وهل سيخف القلق الإسرائيلي من الخطر الإيراني وبالتالي ينخفض التوتر الإقليمي؟ وكيف يمكن أن تتقبل أو تتعامل إيران مع نتائج المتغيرات على الأرض العربية، إذا ما أصبحت على هامش اللعبة الإقليمية؟
هل تريد إسرائيل أنظمة ديمقراطية في المنطقة العربية -كما كانت تطالب أميركا دائماً- أم أنها سترفض ذلك، وهل تعتقد بأن وجود أنظمة ديمقراطية سيفقدها الميزة التي تتباهى بها أمام العالم كونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهل سترفض الديمقراطية لأنها قد توصل إلى الحكم أنظمة لا تتردد في مواجهتها؟ ألا تعتقد بان التحول الديمقراطي في المنطقة لن يكون في صالحها لأن أغلب شعوب المنطقة لا تثق بإسرائيل، فمن الناحية الاستراتيجية فإن وجودها سيصبح في خطر؟.
المنطق يقول إن على إسرائيل أن تقلق وتخشى على نفسها ووجودها كما لم تقلق من قبل، ليس فقط لاحتمال وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر والدول التي تشهد التغيير، بل لأن الجديد القادم للحكم بعد الثورة -وان لم يكن إسلامياً- لن يعرف كيف يتعامل مع إسرائيل لأنه منتصر ويحب النصر ولا يتكلم إلا بلغة القوة التي أسقط بها حكوماته، وفي المقابل فإن إسرائيل لا تعرف أن تتعامل إلا مع المنهزمين أمامها والمستعدين لتقديم التنازلات، لذا فإن على إسرائيل أن تقلق، ولكن ماذا ستفعل إذا قلقت فعلاً؟ هذا السؤال يجب أن تكون إجابته عند العرب، فمن المهم أن تتوقع الدول العربية ردة فعل إسرائيل تجاه الأحداث في المنطقة وخصوصًا إذا ما سقط النظام السوري. فسقوط النظام في سوريا يعني تغيراً جذرياً في ميزان القوى في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها ويعني خروج لاعب إقليمي رئيسي من اللعبة وهي إيران -التي خسرت كل جيرانها العرب ولم يبق لها إلا النظام السوري- ودخول لاعب آخر قوي هي تركيا، التي ما تزال إلى الآن تحظى بقبول من أغلب الدول العربية.
وفي مقابل هذه الأوضاع الخارجية في الدول العربية، فإن إسرائيل تعاني من وضع داخلي صعب جداً، فتأثير الربيع العربي والمظاهرات والاحتجاجات العربية وصلت إليها فقد مضى شهر تقريباً على بدء ما يطلق عليها "ثورة الخيام" الإسرائيلية، والتي يطالب المشاركون الإسرائيليون فيها بتعديل أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية، ويخرجون تحت شعار "الشعب يريد عدالة اجتماعية"، أصبحت تتسع يوماً بعد يوم، وتشكل هذه المظاهرات ضغطاً على مستقبل رئيس الوزراء بشكل مباشر كما تشكل ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية، وبلا شك أن إسرائيل ستحتاج إلى مخرج حقيقي لتحمي نفسها من أي هزة تؤثر على وجودها واستقرارها.
في خضم الربيع العربي، ربما تشعر إسرائيل اليوم أكثر من أي وقت مضى أنها أضاعت فرصاً عديدة وثمينة للتسوية وإنهاء الصراع، الأمر الذي كان يمكن أن يجعلها في مأمن من تأثيرات "الربيع العربي"، لكن بسبب عنادها وتعاليها على العرب فإنها رفضت كل المقترحات، وخطط السلام العربية وغير العربية، وذلك بسبب اعتقادها بأنها الطرف الأقوى في المعادلة، وكذلك بسبب الدعم المطلق، الذي تحصل عليه من الولايات المتحدة والغرب.
في ظل الانشغال العربي بثوراتهم وثورات الجيران، من المهم أن لا يغفلوا إسرائيل الموجودة بينهم، والتي لا شك أنها تراقب الوضع عن كثب لأنها تتأثر بما يحدث حولها، ويبدو أن التأثير هذه المرة سلبي عليها، وليس إيجابياً كما كان يحدث دائماً.
"الربيع العربي" خلط كثيراً من الأمور في المنطقة، ويبدو أن الأوراق المرشحة للخلط ستكون أكثر في المستقبل، وذلك بسبب تأثيرات "الربيع العربي"، التي يبدو أنها ستكون جوهرية، وقد تغير مجرى التاريخ، وتدخل المنطقة في حقبة تاريخية جديدة مختلفة عما كانت عليه في السابق، وهذا ما يفترض أن يدفع الدول العربية الاستعداد لما هو قادم.
"ربيع عربي" وقلق إسرائيلي
محمد الحمادي
هل إسرائيل سعيدة بما تعيشه الدول العربية من ثورات وما تتأثر به الدول الأخرى التي لم تصلها الثورات؟ هل إسرائيل خائفة أم معجبة بما يحدث؟ هل إسرائيل شامتة بحسني مبارك بعد أن ترك الحكم وأصبح متهماً تجري محاكمته، وبعد أن رآه العالم ممداً على سرير طبي في قفص الاتهام، أم تعتقد أنها خسرت صديقاً وحليفاً لا يمكن تعويضه؟ هل تريد إسرائيل أن يسقط النظام في سوريا أم أنها تفضل بقاء النظام بمن فيه؟
هل الثورات العربية في صالح إسرائيل أم أنها ضد مصالحها؟ هل ستعاني إسرائيل في المرحلة المقبلة بسبب وجود حكومات جديدة بأفكار ورؤى وتوجهات مختلفة أم أنها ستكون مرتاحة لانشغال الدول الثورية بترتيب أوضاعها الداخلية وبناء أوطانها الجديدة وبالتالي انشغالها عن إسرائيل كذلك انشغال الدول التي لم تصلها الثورات بالعمل لتفادي ثورة قد تأتي؟ وبالتالي تحمل أعباء مالية إضافية لدواعي الأمن والدفاع في وقت تعاني فيه إسرائيل ضغوطاً اقتصادية وشعبية.
ألن يؤدي عدم الاستقرار في الأردن إلى زعزعة الهدوء والاستقرار على طول حدودها وبالتالي توفير موارد مالية كبيرة لتأمين حدودها؟ ألن تؤدي ثورة ديمقراطية في الأردن التي تضم عدداً كبيراً من ذوي الأصول الفلسطينية إلى تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل، وتغيير شروط السلام؟ ألن يشكل كل ذلك خطراً على إسرائيل واستقرارها؟
وفي المقابل هل سيضعف النفوذ الإيراني في المنطقة؟ وهل سيخف القلق الإسرائيلي من الخطر الإيراني وبالتالي ينخفض التوتر الإقليمي؟ وكيف يمكن أن تتقبل أو تتعامل إيران مع نتائج المتغيرات على الأرض العربية، إذا ما أصبحت على هامش اللعبة الإقليمية؟
هل تريد إسرائيل أنظمة ديمقراطية في المنطقة العربية -كما كانت تطالب أميركا دائماً- أم أنها سترفض ذلك، وهل تعتقد بأن وجود أنظمة ديمقراطية سيفقدها الميزة التي تتباهى بها أمام العالم كونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهل سترفض الديمقراطية لأنها قد توصل إلى الحكم أنظمة لا تتردد في مواجهتها؟ ألا تعتقد بان التحول الديمقراطي في المنطقة لن يكون في صالحها لأن أغلب شعوب المنطقة لا تثق بإسرائيل، فمن الناحية الاستراتيجية فإن وجودها سيصبح في خطر؟.
المنطق يقول إن على إسرائيل أن تقلق وتخشى على نفسها ووجودها كما لم تقلق من قبل، ليس فقط لاحتمال وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر والدول التي تشهد التغيير، بل لأن الجديد القادم للحكم بعد الثورة -وان لم يكن إسلامياً- لن يعرف كيف يتعامل مع إسرائيل لأنه منتصر ويحب النصر ولا يتكلم إلا بلغة القوة التي أسقط بها حكوماته، وفي المقابل فإن إسرائيل لا تعرف أن تتعامل إلا مع المنهزمين أمامها والمستعدين لتقديم التنازلات، لذا فإن على إسرائيل أن تقلق، ولكن ماذا ستفعل إذا قلقت فعلاً؟ هذا السؤال يجب أن تكون إجابته عند العرب، فمن المهم أن تتوقع الدول العربية ردة فعل إسرائيل تجاه الأحداث في المنطقة وخصوصًا إذا ما سقط النظام السوري. فسقوط النظام في سوريا يعني تغيراً جذرياً في ميزان القوى في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها ويعني خروج لاعب إقليمي رئيسي من اللعبة وهي إيران -التي خسرت كل جيرانها العرب ولم يبق لها إلا النظام السوري- ودخول لاعب آخر قوي هي تركيا، التي ما تزال إلى الآن تحظى بقبول من أغلب الدول العربية.
وفي مقابل هذه الأوضاع الخارجية في الدول العربية، فإن إسرائيل تعاني من وضع داخلي صعب جداً، فتأثير الربيع العربي والمظاهرات والاحتجاجات العربية وصلت إليها فقد مضى شهر تقريباً على بدء ما يطلق عليها "ثورة الخيام" الإسرائيلية، والتي يطالب المشاركون الإسرائيليون فيها بتعديل أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية، ويخرجون تحت شعار "الشعب يريد عدالة اجتماعية"، أصبحت تتسع يوماً بعد يوم، وتشكل هذه المظاهرات ضغطاً على مستقبل رئيس الوزراء بشكل مباشر كما تشكل ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية، وبلا شك أن إسرائيل ستحتاج إلى مخرج حقيقي لتحمي نفسها من أي هزة تؤثر على وجودها واستقرارها.
في خضم الربيع العربي، ربما تشعر إسرائيل اليوم أكثر من أي وقت مضى أنها أضاعت فرصاً عديدة وثمينة للتسوية وإنهاء الصراع، الأمر الذي كان يمكن أن يجعلها في مأمن من تأثيرات "الربيع العربي"، لكن بسبب عنادها وتعاليها على العرب فإنها رفضت كل المقترحات، وخطط السلام العربية وغير العربية، وذلك بسبب اعتقادها بأنها الطرف الأقوى في المعادلة، وكذلك بسبب الدعم المطلق، الذي تحصل عليه من الولايات المتحدة والغرب.
في ظل الانشغال العربي بثوراتهم وثورات الجيران، من المهم أن لا يغفلوا إسرائيل الموجودة بينهم، والتي لا شك أنها تراقب الوضع عن كثب لأنها تتأثر بما يحدث حولها، ويبدو أن التأثير هذه المرة سلبي عليها، وليس إيجابياً كما كان يحدث دائماً.
"الربيع العربي" خلط كثيراً من الأمور في المنطقة، ويبدو أن الأوراق المرشحة للخلط ستكون أكثر في المستقبل، وذلك بسبب تأثيرات "الربيع العربي"، التي يبدو أنها ستكون جوهرية، وقد تغير مجرى التاريخ، وتدخل المنطقة في حقبة تاريخية جديدة مختلفة عما كانت عليه في السابق، وهذا ما يفترض أن يدفع الدول العربية الاستعداد لما هو قادم.