صفحة 1 من 1

يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكه

مرسل: الثلاثاء مايو 08, 2012 10:03 am
بواسطة محمد الدويخ O-8
1- احلام الصبا

بقلم : محمد حسن كامل .. كان نحيل الجسد قصير القامة اسمر البشرة من حدة الشمس حاد الذكاء هادىء النفس يهوى صيد الاسماك بل كان يتبارى مع اترابه من الصبيه في ابراز تلك الموهبة.



في كل صباح من ايام العطلة الصيفيةمع خيوط النور الاولي كان يقصد تلك الصخرة العاليه التي تنتحر لديها الامواج العاتية في ضاحية ابي قيربالاسكندرية بالقرب من منزله بامتار قليلة تلك الصخرة التي نقش عليها احلامه حتى اكتظت ثقوبها بتلك الاحلام فكم حاول مرات عديدة ان يقف على اطراف اصابع قدميه محاولا اطالة قامتة القصيرة لعله يرى ما وراء تلك الامواج او يرى اشباح الناحية الاخرى من الشاطىء بعيدا عند خط الافق وقد اوشكت شمس الدنيا على الرحيل وهى تجر ذيلها من الشفق الاحمر وكانها عروس فى ليلة الزفاف ورويدا ورويدا بدا يختفى ذاك القرص الاحمر على حياء فى كف الزمن ليعلن قدوم دولة الليل علمته هوايته الصبر وتحدى الامواج والتامل والاعتماد على النفس منذ نعومة اظافره وفي طريق العودة الي منزله كان يحث الخطى حتى يلتقى باصحابه من الشباب الذين كانوا يقضون شطرا من الليل فى الحديث عن السفر ولو بالخيال وكان لفرنسا نصيب الاسد فى تلك الحلقات من السمر في السبعنيات من القرن المنصرم حيث كانت قوافل الطلبة تقصد فرنسا فى مواسم جمع العنب فى الجنوب الفرنسي والعودة بداية العام الدراسي محملين بالهدايا والملابس ومصاريف الدراسة للعام كله ومعهم قصص لاتعد ولا تحصى تؤكد على محاولة تحقيق الذات ولو فى الخيال اذكر احدها وقد سمعتها الاف المرات مع اختلاف بطلها او الراوي ان احد الشباب المصريين سافر الى فرنسا والتقى بشقراء فرنسيه جميلة ونشات بينهما قصة حب وتزوجها وتبين بعد ذلك انها بنت الخواجه بيجو صاحب اكبر مصنع للسيارات في فرنسا لقد تزوجت المسكينه فى الخيال الاف المرات وبيني وبينكم الخواجه بيجو لم يرزق باي بنت احلام مبعثرة هنا وهناك تصلح للعديد من افلام السينما اما صاحبناصياد السمك بسنارتة البسيطة كان يستمد حلمه من خيوط اخرىنسجت في اقصي صعيد مصر في عزبة كيلو في الرابع عشر من نوفمبر 1889وعلى بعد امتار من مغاغه بمحافظة المنيا ويلتقي بصاحب هذا الحلم الذي تحدى الصعاب المتمرد العنيد الذى نقش اسمه في صدر التاريخ رغم كل الصعاب التى تجاوزها ليبصر ما لا يبصره الاخرونكان حلمه ذاك الصبي الذي عاش مع الايام مرات عديدةلقد حاول ان يتلمس معالم الطريق من عميد الادب العربي طه حسين الذي تربع علي عرش كيانه ووجدانه ولا غرو في ذلك وقد صور الحياة مجسدةملونة بكل انفعلات الفكر والحي والمجتمع بل يدخل في عالم السياسه وقيادة الامة واتخاذ القرار ذاك الفذ العبقري الذي شحذ في نفس صاحبنا كل الطاقات والهمم ليوضح له علامات الطريق ولم يكن يعلم ان الايام سوف تجمعه بنجله الدكتور مؤنس طه حسين في حفل اليونسكو بباريس بمئوية طه حسين في الوقت الذي غافلته المحافل الادبيه في مصر بدا صاحب السنارة ينسج حلمه منالكتاب وسيدنا والعريف ونعال التلاميذ الباليةوالشاعر والربابه وقاضي المحكمة وحفظ القران والالفية والتحاقه بالازهر وحصوله علي درجة الدكتوراه الاولي في الجامعة المصرية في 14 مايو 1919 وحصوله في نفس العام علي دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتنية.



تابع صاحبنا قصة الحب العذري بين طه وسوزان حينما سمعها وهي تقرا مقطعا من شعر راسين فاحب طه نغمات صوتها وعشق طريقة القائها وقد تذكر قول بشار بن برد والاذن تعشق قبل العين احيانا تاثر صاحبنا بهذا الحب العفيف وحاول ان يرى فتاة احلامه مثل سوزان بجمالها وثقافتها وذكاءها الحاد واحساسها المرهفحاول مرات ومرات ان يراها في صفحة الماء وهو يلقي بسنارتة وقد تحول الماء الي شاشة سينما فقرر ان يحقق حلمه بين ضفتي المتوسط وعليه ان يتعلم الفرنسيه ويدرس تاريخ فرنسا وجغرافيتها امامه الكثير والكثير ولكنه لم يملك سوى اوراقه واقلامه واحلامه ليخوض تجربة في بلاد الجن الملائكة اوعاصمة النور باريس كيف حقق ذلك …..في العدد القادم