منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By مشهور الوتيد
#51168
السـياسـة هي رعاية شـؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.
ورعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً من قبل الدولة تكون بتنفيذ المبدأ في الداخل، وهذه هي السياسة الداخلية.
وأما رعاية شؤون الأمة خارجياً من قبل الدولة فهي علاقتها بغيرها من الدول والشعوب والأمم، ونشر المبدأ إلى العالم، وهذه هي السياسة الخارجية.
وفهم السياسة الخارجية أمر جوهري لحفظ كيان الدولة والأمة، وأمر أساسي للتمكن من حمل الدعوة إلى العالم، وعمل لابد منه لتنظيم علاقة الأمة بغيرها على وجه صحيح.

ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة، كان لزاماً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها الدول؛ ولذلك كان لزاماً على المسلمين أن يدركوا حقيقة الموقف في العالم الإسلامي على ضوء فهم الموقف الدولي العالمي؛ ليتسنى لهم أن يتبينوا أسلوب العمل لإقامة دولتهم، وحمل دعوتهم إلى العالم.

غير أنه ينبغي أن يكون واضحاً أن موقف الدول لا يظل ثابتاً على حال واحدة، فهو يتغير حسب تغير الأوضاع الدولية.
وإن موقف كل دولة من الدول لا يلزم حالة واحدة من ناحية دولية، وإنما تتداوله حالات متعددة من ناحية القوة والضعف، ومن ناحية قوة التأثير أوعدم التأثير، ومن ناحية تفاوت العلاقات القائمة بينها وبين الدول، واختلاف هذه العلاقات؛ لذلك كان من غير الممكن إعطاء خطوط عريضة ثابتة للموقف الدولي، وإعطاء فكرة ثابتة عن موقف أي دولة من الدول القائمة في العالم. وإنما يمكن إعطاء خط عريض عن الموقف الدولي في فترة ما، مع تصور إمكانية تغيّر هذا الموقف. وإعطاء فكرة معينة عن موقف أي دولة في ظروف ما، مع إدراك قابلية تبدل هذا الموقف؛ ولهذا كان لا غنى للسياسي عن أن يتتبع الأعمال السياسية القائمة في العالم، وأن يربطها بمعلوماته السياسية السابقة، حتى يتسنى له فهم السياسة فهماً صحيحاً، وحتى تتأتى له معرفة ما إذا كان الموقف الدولي لا يزال كما هو أو تغيّر، وحتى يتأتى له إدراك موقف كل دولة، ومعرفة ما إذا كان هذا الموقف قد بقي على حاله، أم طرأ عليه تغيّر.

وتغيّر الموقف الدولي تابع لتغيّر موقف بعض الدول من حال إلى حال، إمّا بقوتها، وإمّا بضعفها، وإمّا بقوة علاقتها بالدول، أو بضعف هذه العلاقة، فينتج حينئذ تغير في الميزان الدولي؛ لحصول تغير في ميزان القوى القائمة في العالم؛ ولذلك كان فهم موقف كل دولة من الدول التي لها تأثير في الموقف الدولي أساساً لفهم الموقف الدولي. ومن هنا كانت العناية منصبة على الإحاطة بمعلومات عن كل دولة؛ لأنها الركيزة الأولى للفهم السياسي. وليست معرفة موقف كل دولة متعلقة بموضعها في الموقف الدولي، بل هي متعلقة في كل شيء له علاقة بسياستها الداخلية والخارجية. ومن هنا تتحتم معرفة الفكرة التي تقوم عليها سياسة الدول القائمة في العالم، والتي لها شأن يذكر في الموقف الذي ينبغي أن تقفه الأمة الإسلامية منها. كما أنه يتحتم أن تعرف الخطط والأساليب التي تستعملها، وأن تقترن معرفة الخطط والأساليب بالتتبع الدائم لها، وبإدراك مدى تغيّرها، وبالوعي على الدوافع التي حملت على تغيّرها، أو الأسباب التي اضطرت هذه الدول لتغيير الخطط والأساليب، مع المعرفة الصحيحة بالأشياء التي تؤثر على هذه الدول، أو تحملها على تغيير خططها وأساليبها.

أما الطريقة لإيجاد الوعي السياسي في الأفراد، وإيجاده في الأمة، فإنها هي التثقيف السياسي بالمعنى السياسي، سواء أكان تثقيفاً بأفكار الإسلام وأحكامه، أم كان تتبعاً للأحداث السياسية، فيتثقف بأفكار الإسلام وأحكامه، لا باعتبارها نظريات مجردة، بل بتنـزيلها على الوقائع، ويتتبع الأحداث السياسية، لا كتتبع الصحفي ليعرف الأخبار، ولا كتتبع المعلم ليكتسب معلومات، بل بالنظرة إليها من الزاوية الخاصة لإعطائها الحكم الذي يراه، أو ليربطها بغيرها من الأحداث والأفكار، أو يربطها بالواقع الذي يجري أمامه من الأعمال السياسية. فهذا التثقيف السياسي، بالمبدأ وبالسياسة، هو طريقة إيجاد هذا الوعي السياسي في الأمة وفي الأفراد، وهو الذي يجعل الأمة الإسلامية تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية، ألا وهي حمل الدعوة إلى العالم، ونشر الهدى بين الناس؛ ولذلك كان التثقيف السياسي هو الطريقة لإيجاد الوعي السياسي، عند الأمة وعند الأفراد. ومن هنا كان لا بد من التثقيف السياسي في الأمة الإسلامية على أوسـع نطاق، فإنه هو الذي يوجد في الأمة الوعي السياسي، ويجعلها تنبت حشداً من السياسيين المبدعين.

الوعى السياسى وكيف نصنعة:

الوعى السياسى هو الرؤية الشاملة بما تتضمنه من معارف سياسية وقيم واتجاهات سياسية – التى تتيح للإنسان أن يدرك أوضاع مجتمعه ومشكلاته ويحللها ويحكم عليها ويحدد موقفه منها والتى تدفعه للتحرك من أجل تغييرها وتطويرها .

وبناء على هذا التعريف فإن الوعى السياسى يشتمل على أربعة محددات رئيسية هى :

1. الرؤية الشاملة .

2. الإدراك الناقذ .

3. الإحساس بالمسئولية .

4. الرغبة فى التغيير .

وسائل تكوين الوعى السياسى :

1) التوجيه السياسى المباشر من خلال قنوات رسمية وغير رسمية .

2) الخبرة السياسية المكتسبة من خلال المشاركة السياسية .

3) التعليم الذاتى عن طريق قراءة الصحف ومتابعة الأحداث .

4) امتداد خبرات فى المجال العام إلى المجال السياسى كمثل :

i. التلمذة :

وهى أحد أساليب التنشئة السياسية للفرد وتعنى امتداد خبرات ومهارات مكتسبة فى مجال غير سياسى إلى المجال السياسى ( مثل مشاركة الطلاب فى انتخابات اتحاد الطلبة وما يكتسبةنه من مهارات تمتد إلى المجال السياسى ) .

ii. التعميم :

وهو امتداد القيم الاجتماعية إلى المجال السياسى بما يفيد تأثير المناخ العام فى المجتمع فى تكوين الوعى السياسى للأفراد .

العوامل المؤثرة فى الوعى السياسى : -

1) نوع الثقافة السياسية ومنها ثلاثة أنواع :

أ‌) ثقافة المشاركة وتؤدى لتكوين اتجاهات إيجابية تجاه الموضوعات السياسية ( وعى مشارك ) .

ب‌) ثقافة التبعية وتؤدى لتكوين اتجاهات سلبية تجاه الموضوعات السياسية ( وعى سلبى أو تابع ) .

ت‌) ثقافة المحدودية وتؤدى لتكوين علاقة ضعيفة مع الموضوعات السياسية ( وعى محدود ) .

2) وجود أحداث كبرى مثل التطورات والتغيرات الثقافية والمعارك العسكرية مما يؤدى لحدوث تغيرات ثقافية وسياسية كبرى وبالتالى تغيير فى الوعى السياسى .

3) مستوى التعليم : حيث يغلب وجود وعى سياسى لدى المتعلمين عن مقارنتهم بغير المتعلمين مع وجود استئناؤات .

4) وجود زعيم سياسى بارز فى فترة معينة يؤدى لزيادة الوعى السياسى خلال تلك الفترة .

5) القدرات والمهارات الخاصة التى يتمتع بها بعض الأفراد .

محددات ( عناصر ) الوعى السياسى لدى الجماعة :

1) الوعى الرسالى :

رؤية الفرد لرسالته والعالم من خلال فهم الإسلام العام الشامل والاعنقاد بضرورة تطبيقه من خلال استيعاب نصوصه ( القرآن – الحديث - …… ) واستيعاب منهجه الواقعى المتضمن لجميع شئون الإنسان . ( وعى ثابت )

2) الوعى الحركى :

رؤية الفرد لتنظيمه وصفاته المختلفة ( حزب سياسى وحركة سلفية وطريقة صوفية وفكرة اجتماعية …. ) وأهدافه ووسائله المتعددة . ( وعى ثابت + متغير ( نظراً لتحديث الوسائل والأهداف وعدم جمود الحركة ) ]

3) الوعى بالقضايا السياسية :

رؤية الفرد للقضايا المحلية والقومية والعالمية ذات التأثير على الوطن . ( وعى متغير يستند إلى رؤية ثابتة ) .

4) الوعى بالموقف السياسى :

رؤية الفرد الموقف السياسى بكل مستجداته وتطوراته على الأصعدة المختلفة مع تمييز القوى الفاعلة فى المشهد السياسى ومرجعيات كل منها ( وعى متغير حسب نوع الحدث ) .

كيفية قياس الوعى السياسى :

1) الاستبيان : ويطبق على مجموعة من الأفراد مشتملاً على أسئلة توضح حجم المعارف السياسية (أسئلة عن الحكم وآلياته وأشخاصه ) وآليات المشاركة السياسية ( الحقوق الانتخابية وآليات إبداء الرأى ) والذات السياسية ( مواقف وأراء الجماعة فى مختلف القضايا ) على أن تتضمن الأسئلة المستويات المحلية والقطرية والعالمية .

2) قياس سلوك الأفراد فى بعض المواقف ومنها المشاركة فى محافل الانتخابات(بكل أنواعها) وإبداء الرأى

3) قياس الحرص على متابعة وسائل الإعلام بمختلف أشكالها (صحافة – تليفزيون – فضائيات – انترنت )

4) قياس مستوى الحوار والأسئلة والاستفسارات عند طرح موضوع معين للنقاش .

مما سبق من وسائل – كما يتضح – تؤدى للحصول على نتائج تتعلق بالكيف وليس الكم ( باستثناء بعض وسائل القياس مثل الاستبيان وعدد المتابعين للصحف ) ومع ذلك فإن تكرارها يؤدى لتكوين صورة عامة عن تطور الوعى السياسى لدى الأفراد أو الجماعات .

وسائل رفع الوعى السياسى :

1- تيسير وصول المواقف السياسية للجماعة إلى الأفراد _ البيانات – الحوارات ) .

2- تقديم عروض شاملة لمختلف القضايا السياسية إلى الأفراد ( محلية – قومية – عالمية - …. ) .

3- التشجيع على متابعة وسائل الإعلام المختلفة ومتابعة الحصاد الذى تم تحصيله من خلال هذه المتابعة

4- تكوين أرشيف عن بعض القضايا أو الأشخاص من قبل الأفراد .

5- تكاليف بعض الأفراد بمتابعة قضايا معينة والتخصص فيها ( وهى مرحلة متقدمة من التربية السياسية بشكل عام ) .

6- اعتماد الحوار كوسيلة لتكوين الوعى السياسى بشكل عام وذلك بدلاً عن طريقة التلقين للتوجيه .

7- الاحتكاك بأصحاب الخبرة فى هذا المجال عن طريق الزيارات واللقاءات ( من داخل وخارج الجماعة ) .

8- تشجيع مراسلة وسائل الإعلام المختلفة وإبداء الرأى فى مختلف القضايا ( وهو ما يعد ثمرة للوعى السياسى بشكل أساسى ) .

9- تكليف الأفراد بإعداد ابحاث فى موضوعات سياسية مختلفة مما يدفعهم لتكوين رصيد من المعارف حول هذه الموضوعات .

10- المشاركة فى ورشة عمل لإعداد أوراق حول موضوعات مختارة تستدعى رصيد الأفراد من المعارف الخبرات وتؤدى لتبادل المعلومات ورفع مستوى التفكير وتوسيع الرؤية .