مشكلة ايران النوويه
سلمت ايران الاثنين 1 اغسطس/آب الجاري رسالة الى الوكالة الدولية للطاقة
الذرية في فيينا تبلغها فيها استئناف النشاطات النووية الحساسة رغم
التحذيرات الدولية، فيما ردت الوكالة بالطلب من ايران عدم تنفيذ قرارها
واستئناف المفاوضات.
هشام القروي
سلمت ايران الاثنين 1 اغسطس/آب الجاري رسالة الى الوكالة الدولية للطاقة
الذرية في فيينا تبلغها فيها استئناف النشاطات النووية الحساسة رغم
التحذيرات الدولية، فيما ردت الوكالة بالطلب من ايران عدم تنفيذ قرارها
واستئناف المفاوضات. وجاء في الرسالة "قررت ايران استئناف انشطة تحويل
اليورانيوم في الاول من آب/اغسطس 2005 في مصنع اصفهان"، مشيرة الى "حق
الجمهورية الاسلامية غير القابل للمساومة" في ذلك.
ولم يتأخر الرد. ففي نفس اليوم, قال السيد ماكليلان, الناطق الرسمي باسم
البيت الأبيض, في مؤتمر صحفي , إنه اذا اختارت إيران أن تخالف اتفاق
باريس، فستضطر الحكومة الاميركية الى "اللجوء الى مجلس الأمن الدولي،"
وأفاد بأن واشنطن ستباحث الأوروبيين بشأن ذلك.
ويرى بعض الملاحظين أنه في أسوأ الأحوال , قد تواجه ايران ضربة عسكرية
تسددها لها “اسرائيل”، أو غزواً أمريكياً من الشمال عبر اذربيجان.
ولم يكن الرئيس الايراني المنتخب قد أخفى نواياه . ففي غضون أيام من فوزه
في السباق الرئاسي أفصح السيد محمود أحمدي نجاد عن نيته في متابعة برنامج
ايران النووي المدني، حيث قال في مؤتمر صحفي: “الطاقة النووية هي الإنجاز
العلمي للأمة والوطن الايراني، فهذه الطاقة هي للأمة الايرانية، وبكل
تأكيد فإن تقدم بلد ما لا يمكن اعاقته .. والتنمية والتطوير العلمي والطبي
والتقني لبلدنا ضرورة ملحة”. ويقول مسؤولون ايرانيون الآن إن بلادهم تريد
بناء 20 مجمعاً للطاقة النووية.
وحذر الرئيس الجديد الغرب من ان ينتهج ويسلك مسلك القوى الاستعمارية
القديمة، وقال نجاد متحدثا إلى التلفزيون الايراني: “لايزال الغرب يفكر
بعقلية السادة ملاّك الأراضي قبل قرن من الزمان، وما كان الاقطاعيون سادة
الأراضي يتوقعون من الأقنان من فلاحيهم سوى الإنصات لكلماتهم والإذعان
لإيعازاتهم، لكن عهد اتخاذ القرارات أحادية الجانب قد ولى إلى غير رجعة،
فبلدنا لم يعد يقبل بالعلاقات المفروضة على الأمة فرضاً”.
غير أن “العلاقات المفروضة” هي بالضبط ما تسعى أمريكا وحلفاؤها إليه
وتحاول إقحامه. فالولايات المتحدة، وقد كبّلت المقاومة أيديها في العراق،
أفسحت المجال أمام ما يعرف بالترويكا الاوروبية (بريطانيا وفرنسا
وألمانيا)، للمضي قدماً في مساعيها لوقف ايران والحؤول دون تطوير برنامجها
النووي، ولا تزال الولايات المتحدة هي التي تمسك بخيوط اللعبة وتحركها.
وفي بؤرة هذا النزاع تكمن الصلة المعقدة بين الطاقة النووية والأسلحة
النووية، فالبرامج النووية المدنية عليها تغتذي في الحقيقة البرامج
العسكرية ووراءها تختبئ، فحالما يتمكن بلد ما من تخصيب اليورانيوم من أجل
الطاقة النووية يصبح قاب قوسين أو أدنى من تطوير اسلحة نووية عمادها
اليورانيوم. وكل بلد طوّر برنامج أسلحة نووية إنما ولج هذا الميدان عبر
تطوير برنامج نووي مدني، ومن ثم عبر القنطرة الى البرنامج النووي العسكري.
وكانت المفاوضات جارية بين المانيا وفرنسا وبريطانيا باسم الاتحاد
الاوروبي وبين ايران منذ كانون الاول/ديسمبر من اجل الحصول على ضمانات
بعدم تصنيع ايران سلاحا نوويا، على ان يقدم الاتحاد الاوروبي في المقابل
ضمانات بتعاون نووي وتجاري وسياسي بموجب اتفاق تم التوصل اليه في باريس في
14 تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وقد علقت ايران كل انشطتها المتعلقة
بالتخصيب و التحويل.
وبعد اشهر من التجاذبات الصاخبة، طلبت ايران ان يتم تسليمها الاقتراحات
المفصلة حول التعاون بحلول الاول من آب/اغسطس كحد اقصى. وجاء في الرسالة
الايرانية الى الوكالة الدولية "اصبح من البديهي بعد الآن الا تتقدم
المفاوضات كما كان مقررا في اتفاق باريس بسبب سياسة الترويكا الاوروبية
القاضية باطالة فترة المفاوضات من دون اي محاولة من جانبها لاحترام
التزاماتها".
ويفترض وفقاً للاتفاقية الدولية للحد من الانتشار النووي ألا تسعى الدول
غير النووية ولا تقوم بتطوير أسلحة نووية، غير انه يسمح لها في المقابل
بتطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية وللحصول على الطاقة. لكنّ
الاتفاقية، مع أنها لا تزال سارية المفعول ينظر إليها على نطاق واسع على
أنها تتداعى وتنهار. فهناك بادئ ذي بدء ثغرات في هذه الاتفاقية، وهناك دول
ثلاث هي الهند وباكستان و”إسرائيل” معروف أنها تمتلك أسلحة نووية, غير
انها لم تنضم قط إلى هذه المعاهدة ولم توقع عليها، فضلا عن كوريا الشمالية
; كما أن كوريا الجنوبية التي لا تمتلك أسلحة نووية انسحبت هي الأخرى من
الاتفاقية تاركة الدول الأخرى في حالة عجز عن السيطرة عليها