صفحة 1 من 1

نظرية الامن الاسرائيلي

مرسل: الأربعاء مايو 09, 2012 9:03 pm
بواسطة غالب معيكل
هل يعتبر مفهوم الأمن القومي حقيقة أم مجرد خيال؟ وهل الأمن القومي الفلسطيني من أولويات فكر المسؤولين وصناع القرار في السلطة الوطنية التي لم تكتمل سيادتها بعد على الأراضي الفلسطينية؟
لقد حددت إسرائيل أولويات أمنها القومي منذ نشأتها، بل إن قادتها قد وضعوا فرضيات هذه النظرية قبل قيام إسرائيل، ليتوصلوا لاحقاً إلى وضع الإستراتيجيات ورسم السياسات للرد على تلك الفرضيات.
إن هذا الكتاب يتعرض لمسألة الأمن القومي الإسرائيلي بالتحليل والدراسة، ويتتبع تسلسل تطورها حسب الظروف والأحوال في محاولة متواصلة من القادة السياسيين والعسكريين ونخبة من المفكرين لتصور احتمالات الأخطار التي قد تهدد إسرائيل في وجودها أو في تقدمها وإزدهارها.
وفي هذا السياق يتتبع الكتاب تطور مفهوم الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي الواسع، بدءاً من الأمن العسكري إلى الأمن الغذائي، وهدف هذه الدراسة هو تحفيز الفكر الفلسطيني أولاً والعربي عامة على الشروع الفوري في التفكير في المستقبل والتحديات التي تواجهنا، بدءاً بوضع المفهوم العام والإطار الفكري لنظرية الأمن القومي، من خلال وضع الفرضيات التي تهدد الأمن القومي الفلسطيني الخارجية والداخلية، وصولاً إلى النظرية والإطار العام، مع إعطاء الأولوية لجعل هذه العملية دائمة ومستمرة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات على الساحة الداخلية والخارجية، فالنظرية الأمنية ليست نظرية جامدة مقدسة بل هي رؤية واقعية متجددة ونظرة شاملة، تحدد الأخطار وتضع الحلول وتسعى لتوفير الإمكانيات اللازمة لهذه الحلول.
فإذا كان مفهوم الأمن القومي هو ما تقوم به الدولة من إجراءات في حدود طاقتها للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات المحلية والدولية، فأين يقع مفهوم الأمن القومي في الفكر الفلسطيني؟ هل يدخل في إطار المبادئ فيكون متماهياً مع المفهوم العربي للأمن القومي؟ أم يقع في إطار القيم فيكون متماهياً مع مفهوم المصلحة الوطنية؟
من خلال هذين الموقعين فإنه يتوجب على الفكر الأمني الفلسطيني أن ينظر للأمن القومي كتطبيق مؤقت للأمن القومي العربي وليس بديلاً عنه. إن الأمن القومي العربي يدور في مفهوم يتضمن قدرة الدول العربية على حماية الكيان الذاتي للدول العربية من أية أخطار ناتجة أو محتملة، مما يعني أن الأمن القومي العربي يتخطى المفهوم العام لتحقيق الفكرة القومية الجماعية، ويهتم بمفهوم التجزئة والقطرية، حيث تهتم كل دولة بأمنها ومصالحها الذاتية. لذلك نجد أن كل دولة عربية ترسم سياستها الإقليمية والدولية وتنفذها على المستوى الأحادي، ففي عقد الأربعينيات والخمسينيات كان طموح العرب هو التحرر من المحتل الأجنبي وتحقيق الوحدة العربية، وفي الستينيات ومطلع السبعينيات كان طموح العرب تحقيق التضامن العربي، وبعد ذلك أصبح الطموح هو وقف حالة الإقتتال والتنازع والصراع .
فأين يقع الطموح الفلسطيني في تحقيق الأمن القومي للكيان الفلسطيني؟
إن المعنيين بالأمن القومي الفلسطيني يتوجب عليهم الأخذ بعين الإعتبار أهم التحديات التي تعترض وتواجه أمن ومستقبل هذا الكيان، ومن أهمها:
1. وجود إسرائيل القائم على الأرض الفلسطينية، وخطرها لا يكمن فقط في احتلالها للأرض الفلسطينية والعربية، بل في الأهداف العليا للحركة الصهيونية، القائمة على التوسع واحتلال المزيد من الأراضي العربية، ويمكن أن نضيف إلى التهديدات العسكرية الإسرائيلية المباشرة، تهديدات أخرى تتمثل في تضييق الخناق على المصالح والأهداف الوطنية الفلسطينية.
2. في المجال السياسي: يعاني الكيان الفلسطيني من مظاهر التوتر وعدم الاستقرار الداخلي الناتج عن الصراع الحزبي وعدم التوصل إلى سياسة إستراتيجية موحدة للمواجهة مع إسرائيل، وهذا ينعكس أيضاً على العلاقات مع الدول العربية ودول العالم بشكل عام.
3. في المجال الإقتصادي: يعاني الوضع الإقتصادي في فلسطين من غياب التخطيط التنموي المتكامل مع الأخذ بعين الإعتبار قلة الموارد وتبعية الإقتصاد الفلسطيني للإقتصاد الإسرائيلي، بل الأخطر من ذلك تبعيته للأمن الإسرائيلي. ناهيك عن البطالة وتدمير القطاع الزراعي نتيجة السياسات الإسرائيلية وخاصة سياسة العقاب الجماعي، كما أن الوضع في القطاع الصناعي أشد تعقيداً وسوءاً.
4. في المجال الإجتماعي: تعرض النسيج الإجتماعي في السنوات الأخيرة إلى تهديد داخلي نتيجة التجاذبات السياسية والأوضاع الإقتصادية.
5. لعل أهم هذه التحديات التي تواجه وضع إستراتيجية أمن قومي فلسطيني هو غياب صفة الدولة عن هذا الكيان، والتحدي الآخر يكمن في غياب الهدف الإستراتيجي الموحد للحركة الوطنية الفلسطينية، فكل فصيل يحاول أن يملي رؤيته ويفرضها. وفي غياب هذا المفهوم الواضح يضيع الجهد المبذول لإيجاد إستراتيجية قومية للأمن الفلسطيني.