الحصار الاقتصادي على العراق وهاجس أسلحة الدمار الشامل
مرسل: الأربعاء مايو 16, 2012 9:27 am
في أعقاب تحرير الكويت ، أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم (687) للعام 1991 ، الذي أعاد فرض العقوبات الاقتصادية على العراق ونص على ما يلي :
'إن صادرات النفط ستخضع للحصار إلى حين انتهاء عملية مراقبة نزع السلاح في العراق ....'
لقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وعلى رأسهم المملكة المتحدة ، أن أفضل وسيلة يمكن بها إضعاف العراق – الذي خرج أصلاً ضعيفاً من حربيين مدمرتين هما حرب الخليج الأولى مع إيران ، وحرب تحرير الكويت – وهي وضعه في قفص لا يستطيع الإفلات منه مطلقاً . وقد وجدوا ضالتهم في فرض نظام عقوبات شامل وصارم للحصار على العراق شمل كافة الواردات والصادرات العراقية .
وبفرض الحصار تم تحقيق ثلاثة أهداف :
(1) إحكام الطوق على العراق من خلال إصدار قرارات من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع ، وهذا أدى إلى تعطيل حركته الاقتصادية والتنموية مع جميع الآثار الاجتماعية المترتبة على ذلك وانعكاساتها على السياسة الداخلية والخارجية للبلد .
(2) تقييد أو حتى تحييد كل من روسيا والصين وفرنسا (في عملية استثمار فوز ذكية جداً لحرب (تحرير الكويت) وكذلك لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001) من خلال استصدار عدد كبير من القرارات مستندة إلى القرار 687 للعام 1991 الذي نص على معاقبة العراق من خلال الحصار الشامل عليه .
(3) الهيمنة على كثير من قرارات الأمم المتحدة لتحقيق الأهداف الأمريكية – البريطانية ليس فقط العراق ، بل على المستوى العالمي تحقيقاً لما أطلق عليه النظام الدولي الجديد الذي وضع خطوطه وملامحه الرئيس بوش الأب ، وبذلك تحولت كل من الصين وروسيا من دول مشاركة في صنع القرارات الدولية المهمة إلى دول مهمشة إلى حد كبير(1) .
لقد ترك الحصار الاقتصادي آثاراً شديدة الوطأة على الشعب العراقي في الإطباق التام على كل ما تبقى من حياة اقتصادية واجتماعية وثقافية على امتداد العراق ، عدا المنطقة الكردية التي كانت تحظى بامتيازات من قبل دول عديدة من العالم في أوروبا وأمريكا.
لم يعد الوضع الدولي يحتمل وضعاً سيئاً كهذا وأمام ضغط عدد كبير من أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تعالت أصوات بعض الدول العربية وغيرها لإيجاد حل إنساني للمسألة ، واضطر مجلس الأمن بموافقة الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إصدار قراره رقم 986 لعام 1995 الذي انتهى به الأمر ليتحول إلى مذكرة أطلق عليها اسم 'النفط مقابل الغذاء والدواء' التي بدأ التنفيذ الفعلي لها عام 1997 .
في السابع عشر من ديسمبر 1999 صدر القرار 1284، وبموجبه تم إنشاء لجنة جديدة بدلاً من اللجنة السابقة التي عملت في العراق منذ عام 1991 حتى منتصف 1998 تحت رئاسة السفير السويدي 'ايكيوس' وبعده السفير الاسترالي 'بتلر' أطلق عليها لجنة الرصد والتحقيق والتفتيش 'UNMOVIC' ، وكان الهدف من إنشائها تشغيل نظام معزز للرصد والتحقيق المستمرين ومعالجة مسائل نزع السلاح المعلقة والسماح لفرق اللجنة بالوصول فوراً ودون شرط إلى أي من – أو كل – المناطق والمرافق والمعدات والسجلات ووسائل النقل التي تود الفرق تفتيشها وفقاً لولاية اللجنة وكذلك إلى جميع المسئولين وغيرهم من الأشخاص العاملين تحت سلطة حكومة العراق ..' .
منذ يونيو 1991 وحتى نوفمبر 1997 (وهو التاريخ الذي منع فيه صدام المفتشين الذين يحملون الجنسية الأمريكية من العمل) كان العراق يعج بمفتشي الأمم المتحدة الذين كانوا يكتشفون ويفككون بشكل منظم بعض أسلحة العراق ، ولكنهم لم يعثروا على أسلحة دمار شامل . ولقد قيل أن هذه العملية أدت إلى أن أصبح العراق محاصراً بين قوة نووية فعلية هي إسرائيل وأخرى محتملة هي إيران ، بينما هو لا يمتلك الوسائل الدفاعية التي تحميه(2).
خلال الفترة بين صدور القرار 1284 وأحداث 11 سبتمبر 2001 ، كانت الأمور هادئة نسبياً عدا التقارير الإعلامية والصحافية والمخابراتية ، فالولايات المتحدة كانت تخوض عملية انتخاب رئيس الجمهورية التي تبدأ التهيئة لها قبل سنة ونصف السنة على الأقل من تاريخ الانتخابات الفعلي .
ولكن ، ومع الترتيب لإقصاء صدام حسين وإخراجه من السلطة في العراق كانت أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وبريطانيا تعد لتشكيل فصائل المعارضة العراقية في الخارج ، وفي الوقت نفسه كانت تتنامى بالداخل حركات المقاومة الشعبية برغم كل أشكال العنف والقهر التي يمارسها النظام على كافة أطياف الشعب العراقي .
فماذا عن المعارضة في الخارج وفي الداخل وكيف تشكلت ؟ وإلى أين وصلت في احتلال الأدوار المؤدية إلى إسقاط البعث ونظامه ورئيسه في العراق ؟
---------------------------------------
'إن صادرات النفط ستخضع للحصار إلى حين انتهاء عملية مراقبة نزع السلاح في العراق ....'
لقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وعلى رأسهم المملكة المتحدة ، أن أفضل وسيلة يمكن بها إضعاف العراق – الذي خرج أصلاً ضعيفاً من حربيين مدمرتين هما حرب الخليج الأولى مع إيران ، وحرب تحرير الكويت – وهي وضعه في قفص لا يستطيع الإفلات منه مطلقاً . وقد وجدوا ضالتهم في فرض نظام عقوبات شامل وصارم للحصار على العراق شمل كافة الواردات والصادرات العراقية .
وبفرض الحصار تم تحقيق ثلاثة أهداف :
(1) إحكام الطوق على العراق من خلال إصدار قرارات من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع ، وهذا أدى إلى تعطيل حركته الاقتصادية والتنموية مع جميع الآثار الاجتماعية المترتبة على ذلك وانعكاساتها على السياسة الداخلية والخارجية للبلد .
(2) تقييد أو حتى تحييد كل من روسيا والصين وفرنسا (في عملية استثمار فوز ذكية جداً لحرب (تحرير الكويت) وكذلك لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001) من خلال استصدار عدد كبير من القرارات مستندة إلى القرار 687 للعام 1991 الذي نص على معاقبة العراق من خلال الحصار الشامل عليه .
(3) الهيمنة على كثير من قرارات الأمم المتحدة لتحقيق الأهداف الأمريكية – البريطانية ليس فقط العراق ، بل على المستوى العالمي تحقيقاً لما أطلق عليه النظام الدولي الجديد الذي وضع خطوطه وملامحه الرئيس بوش الأب ، وبذلك تحولت كل من الصين وروسيا من دول مشاركة في صنع القرارات الدولية المهمة إلى دول مهمشة إلى حد كبير(1) .
لقد ترك الحصار الاقتصادي آثاراً شديدة الوطأة على الشعب العراقي في الإطباق التام على كل ما تبقى من حياة اقتصادية واجتماعية وثقافية على امتداد العراق ، عدا المنطقة الكردية التي كانت تحظى بامتيازات من قبل دول عديدة من العالم في أوروبا وأمريكا.
لم يعد الوضع الدولي يحتمل وضعاً سيئاً كهذا وأمام ضغط عدد كبير من أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تعالت أصوات بعض الدول العربية وغيرها لإيجاد حل إنساني للمسألة ، واضطر مجلس الأمن بموافقة الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إصدار قراره رقم 986 لعام 1995 الذي انتهى به الأمر ليتحول إلى مذكرة أطلق عليها اسم 'النفط مقابل الغذاء والدواء' التي بدأ التنفيذ الفعلي لها عام 1997 .
في السابع عشر من ديسمبر 1999 صدر القرار 1284، وبموجبه تم إنشاء لجنة جديدة بدلاً من اللجنة السابقة التي عملت في العراق منذ عام 1991 حتى منتصف 1998 تحت رئاسة السفير السويدي 'ايكيوس' وبعده السفير الاسترالي 'بتلر' أطلق عليها لجنة الرصد والتحقيق والتفتيش 'UNMOVIC' ، وكان الهدف من إنشائها تشغيل نظام معزز للرصد والتحقيق المستمرين ومعالجة مسائل نزع السلاح المعلقة والسماح لفرق اللجنة بالوصول فوراً ودون شرط إلى أي من – أو كل – المناطق والمرافق والمعدات والسجلات ووسائل النقل التي تود الفرق تفتيشها وفقاً لولاية اللجنة وكذلك إلى جميع المسئولين وغيرهم من الأشخاص العاملين تحت سلطة حكومة العراق ..' .
منذ يونيو 1991 وحتى نوفمبر 1997 (وهو التاريخ الذي منع فيه صدام المفتشين الذين يحملون الجنسية الأمريكية من العمل) كان العراق يعج بمفتشي الأمم المتحدة الذين كانوا يكتشفون ويفككون بشكل منظم بعض أسلحة العراق ، ولكنهم لم يعثروا على أسلحة دمار شامل . ولقد قيل أن هذه العملية أدت إلى أن أصبح العراق محاصراً بين قوة نووية فعلية هي إسرائيل وأخرى محتملة هي إيران ، بينما هو لا يمتلك الوسائل الدفاعية التي تحميه(2).
خلال الفترة بين صدور القرار 1284 وأحداث 11 سبتمبر 2001 ، كانت الأمور هادئة نسبياً عدا التقارير الإعلامية والصحافية والمخابراتية ، فالولايات المتحدة كانت تخوض عملية انتخاب رئيس الجمهورية التي تبدأ التهيئة لها قبل سنة ونصف السنة على الأقل من تاريخ الانتخابات الفعلي .
ولكن ، ومع الترتيب لإقصاء صدام حسين وإخراجه من السلطة في العراق كانت أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وبريطانيا تعد لتشكيل فصائل المعارضة العراقية في الخارج ، وفي الوقت نفسه كانت تتنامى بالداخل حركات المقاومة الشعبية برغم كل أشكال العنف والقهر التي يمارسها النظام على كافة أطياف الشعب العراقي .
فماذا عن المعارضة في الخارج وفي الداخل وكيف تشكلت ؟ وإلى أين وصلت في احتلال الأدوار المؤدية إلى إسقاط البعث ونظامه ورئيسه في العراق ؟
---------------------------------------