من هدي الخلفاء الراشدين في كيفية ادارة المرحلة الانتقاليه
مرسل: الأربعاء مايو 16, 2012 9:50 am
روي عن احد الصحابة قوله نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فاذا طلبنا العزة في غيره ازلنا الله ولقد عصفت بامتنا شتي المذاهب الغربية التي لم تكن وليدة بيئتنا وخصوصيتنا الثقافية والحضارية وفرضت علينا انظمة حكمتنا بالحديد والنار واستمدت اسئسادها علينا من الانظمة الاستعمارية امريكا واوربا ومن امامهم وخلفهم اسرائيل حتي هان أمرنا علي مستوي العالم أجمع بعد ان أذلتنا تلك الانظمة واخص بلدي مصر الذي كان له النصيب الاكبر من هذا الهوان علي يد الغير مأسوف عليه مبارك الذي كما يقول اعدائنا الصهاينة انه كنز استراتيجي لهم نظرا لخدماته وخنوعه لهم فمصائبه تقاسمها معنا اخوتنا في فلسطين والان وبعد ان منا الله علينا بهذا النصر والتخلص من هذا النظام الفاسد نتطلع الي خروج وطننا من هذا النفق المظلم الذي كان فيه لعقود ولكننا لانجد الرؤية واضحة لكيفية الخروج من اسر النظام الذي مازال العقليات التي افرزها تتحكم في الكثير من مقاليد الامور .
ولان تلك المرحلة التي نمر بها تتقاطع في كثير منها مع المرحلة التاريخية للخلفاء الراشدين لاسيما الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الذي بشر به عمر بن الخطاب بقوله من من أبناء عمر الذي سيلد ولدا يملأ الدنيا عدلا بعد ان امتلأت جورا وظلما؟ وماأشبه اليوم بالبارحة في الجور والظلم ولذا أردت ان استضيئ بهديهم في بعث قيم الحق والعدل والخير في الأمة من جديد .فماذا كان منهجهم ؟ وكيف تغلبوا علي التحديات التي واجهتهم ؟ وماهي التحديات التي تواجهنا بعد الثورة فيما يعرف بالمرحلة الانتقالية وطرق التغلب عليها ؟
من تلك التحديات 1-كثرة المظالم والتي نتج عنها كثرة المطالب الفئوية خاصة بعد ان وجدت في الثورة امل ورجاء واسع في قشع الظلم الذي وقع علي تلك الفئات
والحل كما نجده من هدي الخلفاء الراشدين هو في اتباع السياسة المالية الرشيدة القائمة علي العدل ورد المظالم بسرعة من مغتصبي حقوق الناس اي ما كانوا دون مراعاة لقربي اوصداقة او غيرها اومسوغات فارغة تحول دون تحقيق ذلك
فنجد عمر بن عبد العزيز من لحظة توليه السلطة يأمر مناديه ان ينادي الا من كانت له مظلمة فليرفعها فقام اليه رجل ذمي من أهل حمص فقال: يامير المؤمنين اسالك كتاب الله قال وما ذاك؟ قال العباس بن الوليدبن عبد الملك اغتصبني أرضي والعباس جالس فقال له ياعباس ماتقول ؟قال :أقطعنيها أمير المؤمنين وكتب لي بها سجلا فقال:ماتقول ياذمي؟ قال يامير المؤمنينأسألك كتاب الله عز وجل فقال عمر كتاب الله احق ان يتبع من كتاب الوليدبن عبد الملك أردد عليه ياعباس ضيعته فرد عليه فجعل لا يدع شيئا مما كان في يده وفي يد أهل بيته من المظالم ألا ردها مظلمة مظلمة ....وفي موضع اخر يقول عمر لست بالذي أهلك أخرتي بدنياهم .
وكان عمر قوي وحازما في استرداد حقوق الناس لايخشي اي تهديد يحمله شانئيه فحينما حذرته عمته مما قد يفعله بنو مروان قال :اي عمة كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره ياعمة ان رسول الله قبض فترك الناس علي نهر مورود فولي ذلك النهر فلم يستنقص منه شيئا ثم ولي بعد ذلك النهر بعد ذلك الرجل رجل اخر فكري منه ساقيه ثم لم يزل الناس يكرون منه السواقي حتي تركوه يابسا ليس في قطرة وأيم الله لان أبقاني الله لأسكرن السواقي حتي أعيده الي مجراه الاول .
ويذكر ان عمر بن عبد العزيز ذكر مامضي من الجور والعدل وعنده هشام بن عبد الملك فقال هشام : انا والله لا نعيب ابائنا ولا نضع شرفنا(أشرافنا) في قومنا فقال عمر :واي عيب أعيب ممن عابه القران؟
وحين قال له سعيد بن خالد بن عمرو ياأمير المؤمنين امضي لرأيك فيما وليت بالحق والعدل وخل عمن سبقك وعن ماولي خيره وشره فأنك مكتف بذلك فقال له عمر انشدك الله الذي أليه نعود أرأيت لو أن رجلا هلك وترك بنين صغارا وكبارا فعزا الأكابر الأصاغر بقوتهم فأكلوا اموالهم فأدركك الاصاغر فجاؤوك بهم وبما صنعوا في أموالهم ماكنت صانعا ؟ قال كنت أرد عليهم حقوقهم حتي يستوفوها قال فاني وجدت كثيرا ممن قبلي من الولاة عزوا الناس بقوتهم وسلطانهم وعزهم بها أتباعهم فلما وليت أتوني بذلك فلم يسعني الا الرد علي الضعيف من القوي وعلي المستضعف من الشريف .فقال : وفقك الله ياأمير المؤمنين .
(من كتاب مناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي :ص 140,141,138
وسوف اتناول فيما بعد اصلاحات الخلفاء الراشدين للدولة من الناحية الاقتصادية
اوفيما عرف بالسياسة المالية وكيف اننا لو اعدنا تطبيقها سنتغلب علي الكثير من مشاكلنا وأهمها الفقر .ويكفي مانراه من الثورات التي تشتعل في العالم من اثر النظام الرأسمالي الجشع
2-التحدي الأخر الذي يواجهه مجتمعنا بعد الثورة هو عدم الاستقرار اواستتباب الامن
بسبب عدم وجود الشرطة بصورة فعالة واتباع اساليب النظام السابق من فرض حالة الطوارئ لارهاب كل كلمة حرة قد تنقد السياسات المعوجة بدلا من اعمال حتي القوانين العادية في القبض علي البلطجية الذين يعيثون في الارض الفساد بعد ان قبض علي أسيادهم سراق البلد
والحل نقتبسه من هدي عمر بن عبد العزيز وجده عمر بن الخطاب من اقالة كل من شارك في الفساد ووضع شروط ضرورية لتولي العمال ومراقبتهم ومحاسبة من يخطئ منهم وعزله وعدم تولية أحد لقرابة اوجاه وانما المعيار هو الكفاءة الي جانب انه كان هناك لا مركزية في الحكم من دلائل ذلك .
موقف عمر بن عبد العزيز من أهل الكوفة ومالحق بهم من مظالم فعزل عاملها وولي أخر كتب أليه قائلا:سلام عليك فان اهل الكوفة قد اصابهم بلاء وشدة وجور في احكامهم وسنن خبيثة سنها عليهم عمال السوء وأن أقوم الدين العدل والاحسان فلا يكونن شيء أهم اليك من نفسك أن توطنها الطاعة لله فانه لاقليل من الاثم"
والقائلين كلمة السوء بأن الشعب غير مهيأ للحرية والديمقراطية سواء كان ذلك بصورة علانية كما كان قبل الثورة او بصورة ضمنية بعدها وتؤكده افعالهم من اعادة وسائل الاستبداد ولكن بتأني لنري ماذا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أهل الكوفة"يقول عمر أعياني أهل الكوفة ان استعملت عليهم لينا استضعفوه وأن استعملت شديدا شكوه ولوددت أني وجدت رجلا قويا أمينا أستعمله عليهم وحين أشار عليه أحدهم ان يولي ابنه عبد الله بن عمر نهره قائلا بأنه لم يكن ليرتضيها لنفسه حتي يجعلها لاحد من أبنائه.
العيب ليس في الناس وانما في حكامهم والحل ليس بالسيف والبطش او بلغة عصرية قانون الطوارئ والتهاون في محاسبة الظلمة والفاسدين وانما في الحصول علي الحاكم القوي الامين من هنا نفهم دعاء عمر بن الخطاب اللهم أني اشكو اليك ضعف الامين وجلد الخائن
وعلي نهج عمر صار حفيده عمر بن عبد العزيز لنري ماذا فعل لاصلاح المدن الذي انتشر فيها الفساد وماذا أجاب من طلب منه كما نفهمهه بصورة عصرية تطبيق قانون الطوارئ "ذكر ابن يحي الغساني عن أبيه عن جده قال لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقا ونقبا فكتبت ألي عمر أعلمه حال البلد واساله أخذ الناس بالظنة وأضربهم علي التهمة او أخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة فكتب اليّ أن خذ الناس بالبينة وماجرت عليه السنة فان لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله فقال يحي:ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتي كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقا ونقبا .
ولمن يعترضون علي العمل بقانون الغدر وحرمان كل من شارك في افساد الحياة السياسية من النظام السابق لفترة زمنية محدودة فترتجف قلوبهم من العمل بهذا القانون بسرعة ويرجئونه لما بعد الانتخابات حتي يكن وكأن لم يكن لنري ماذا فعل عمر بن عبد العزيز في مثل هذا الشأن كتب عمر بن عبد العزيز الي عروة بن محمدعامله علي اليمن انظر من قبلك من بني فلان فأقصهم عنك ولا تشركهم في شئ من عملك فانهم بئس اهل البيت كانوا " وقيل أنهم اهل بيت الحجاج
وكان المامون يقول :مفتق عليّ فتق ألا وجدت سببه جور الولاة.
شروط تولية الولاة والعمال
1-السيرة الحميدة والتجربة فقد قيل ينبغي ان يتخير الملك لولاية الاعمال من تقدمت له فيها تجربة وسيرة حميدة ولا يعدل عنه ما وجده
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تنظروا ألي صلاة أمرئ ولا صيامه ولكن أنظروا الي صدق حديثه اذا حدث والي ورعه اذا اتقي والي أمانته اذا أوتمن
2-التواضع قال بعض الخلفاء دلوني علي رجل أستعمله علي أمر قد أهمني قالوا وكيف تريده ؟ قال أذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأميرهم وان كان أميرهم كان كالرجل منهم قالوا مانعلمه الا الربيع بن زياد الحارثي قال صدقتم وهو لها
3- اختباره كان عمر بن عبد العزيز يختبر من يريد توليته كما فعل مع بلال بن ابي بردة الذي لم يمنعه ثنائه علي عمر وشدة عبادته من اختبار عمر له "فيذكر أنه لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد عليه بلال بن ابي بردةفهنأه فقال: من كانت الخلافة ياأمير المؤمنين شرفته فقد شرفتها ومن كانت زانته فقد زنتها ...فجزاه عمر خيرا ولزم بلال المسجد يصلي ويقرأ ليله ونهاره فهم عمر ان يوليه العراق ثم قال هذا رجل له فضل فدس اليه ثقة له :فقال له ان علمت لك في ولاية العراق ماتعطيني ؟فضمن له مالا جليلا فأخبر بذلك عمر فنفاه وأخرجه
وكان عمر بن الخطاب يقول :أحبكم الينا أحسنكم اسما فاذا رأيناكم فاحبكم الينا أحسنكم أخلاقا فاذا اختبرناكن فأحبكم الينا أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة.".فمن أظهر للناس خشوعا فوق مافي قلبه فقد أظهر نفاقا علي نفاق
وكان عمر بن الخطاب يحاسب عماله فانشأ قاعدة من اين لك هذاوطبقها بصورة عملية فكان اذا استعمل عاملا كتب عليه كتابا وأشهد عليه رهطا من الانصار ألا يركب ركوبا ولايلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون حا جات الناس فيقول اللهم اشهد"
4-مراقبة العمال بعد توليهم حكم الولايات
في وصية طاهر بن الحسين لما ولاه المأمون الرقة ومصر ومابينهما "واجعل في كل كورة من عملك أمينا يخبرك بخبر عاملك ويكتب اليك بسيرهم وأعمالهم واعرف مايجمع عمالك من أموال وما ينفقون منها حتي كأنك مع كل عامل في عمله معاينا لاموره كلها .."ماذا لو ثبت من العامل خطأ هنا كما ذهب بن الازرق وجب العقاب لايكتفي بالعزل(بدائع السلك في طبائع الملك -لابن الازرق ص:323)
وفي هذا الصددايضا يقول بن حزم :يلزم الامام أهل كل حهة بلده ان يفد عليه من خيارهم وعلمائهم ليستخبرهم عن حال الأمير والناس ويكسوهم ويصلحهم كما كان عليه السلام يفعل فأذا وفدوا عليه انفرد بهم واحد حتي يقف علي الحق من الباطل في أمر الناس وأمر ولاته وجميع أحوال عماله
وعن زياد أنه كان أذا ولي أحدا قال خذ عهدك وسر الي عملك وأنك تصير الي أربع خلال فاختر لنفسك انا ان وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من مضرتنا أمانتك وأن وجدناك خائنا قويا استبدلنا بك وأحسنا علي خيانتك أدبك فأوجعنا ظهرك وأثقلنا غرمك وان جمعت بين الجرمين جمعنا عليك العقوبتين وأن وجدناك أمينا قويا زدناك في عملك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا عقبك
5-ان لا يستعل علي الولايات من كان يعمل في الجيش اوعظيم الشأن
ولكننا في عصرنا ومازال نجد المحافظين هم من قادة الجيش ولوائاته فما بالنا ببلد بأكمله اثبتت تجارب التاريخ انهم منبع الاستبداد والقهر منذ محمد علي مرورا برؤساء جمهوريتنا السابقين لنري مسوغات رفض توليهم الحكم يقول :"سأبور لا تستعملن علي الارض الكثير الخراج شريفا عظيم الشأن ولا قائد جند ولا من لا يعتمد عليه في الخطوب فربما خانوا او ضيعوا العمل فان تركتهم هلك المال واقتدي بهم غيرهم وأن عاقبتهم أذهب بهاءهم وهيبتهم وأضغنت صدورهم وضعفت نياتهم في المناصحة فكنت قد فللت سلاحك وهدمت حصنك "
وللبحث تتمة بأذن الله
المراجع
السياسة والخلافة الراشدة :عبد المتعال الصعيدي
وكتاب مناقب عمر بن الخطاب الي جانب العديد من كتب التراث القديمة وقد ذكرت بعضها أثناء البحث
رد مع اقتباس
ولان تلك المرحلة التي نمر بها تتقاطع في كثير منها مع المرحلة التاريخية للخلفاء الراشدين لاسيما الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الذي بشر به عمر بن الخطاب بقوله من من أبناء عمر الذي سيلد ولدا يملأ الدنيا عدلا بعد ان امتلأت جورا وظلما؟ وماأشبه اليوم بالبارحة في الجور والظلم ولذا أردت ان استضيئ بهديهم في بعث قيم الحق والعدل والخير في الأمة من جديد .فماذا كان منهجهم ؟ وكيف تغلبوا علي التحديات التي واجهتهم ؟ وماهي التحديات التي تواجهنا بعد الثورة فيما يعرف بالمرحلة الانتقالية وطرق التغلب عليها ؟
من تلك التحديات 1-كثرة المظالم والتي نتج عنها كثرة المطالب الفئوية خاصة بعد ان وجدت في الثورة امل ورجاء واسع في قشع الظلم الذي وقع علي تلك الفئات
والحل كما نجده من هدي الخلفاء الراشدين هو في اتباع السياسة المالية الرشيدة القائمة علي العدل ورد المظالم بسرعة من مغتصبي حقوق الناس اي ما كانوا دون مراعاة لقربي اوصداقة او غيرها اومسوغات فارغة تحول دون تحقيق ذلك
فنجد عمر بن عبد العزيز من لحظة توليه السلطة يأمر مناديه ان ينادي الا من كانت له مظلمة فليرفعها فقام اليه رجل ذمي من أهل حمص فقال: يامير المؤمنين اسالك كتاب الله قال وما ذاك؟ قال العباس بن الوليدبن عبد الملك اغتصبني أرضي والعباس جالس فقال له ياعباس ماتقول ؟قال :أقطعنيها أمير المؤمنين وكتب لي بها سجلا فقال:ماتقول ياذمي؟ قال يامير المؤمنينأسألك كتاب الله عز وجل فقال عمر كتاب الله احق ان يتبع من كتاب الوليدبن عبد الملك أردد عليه ياعباس ضيعته فرد عليه فجعل لا يدع شيئا مما كان في يده وفي يد أهل بيته من المظالم ألا ردها مظلمة مظلمة ....وفي موضع اخر يقول عمر لست بالذي أهلك أخرتي بدنياهم .
وكان عمر قوي وحازما في استرداد حقوق الناس لايخشي اي تهديد يحمله شانئيه فحينما حذرته عمته مما قد يفعله بنو مروان قال :اي عمة كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره ياعمة ان رسول الله قبض فترك الناس علي نهر مورود فولي ذلك النهر فلم يستنقص منه شيئا ثم ولي بعد ذلك النهر بعد ذلك الرجل رجل اخر فكري منه ساقيه ثم لم يزل الناس يكرون منه السواقي حتي تركوه يابسا ليس في قطرة وأيم الله لان أبقاني الله لأسكرن السواقي حتي أعيده الي مجراه الاول .
ويذكر ان عمر بن عبد العزيز ذكر مامضي من الجور والعدل وعنده هشام بن عبد الملك فقال هشام : انا والله لا نعيب ابائنا ولا نضع شرفنا(أشرافنا) في قومنا فقال عمر :واي عيب أعيب ممن عابه القران؟
وحين قال له سعيد بن خالد بن عمرو ياأمير المؤمنين امضي لرأيك فيما وليت بالحق والعدل وخل عمن سبقك وعن ماولي خيره وشره فأنك مكتف بذلك فقال له عمر انشدك الله الذي أليه نعود أرأيت لو أن رجلا هلك وترك بنين صغارا وكبارا فعزا الأكابر الأصاغر بقوتهم فأكلوا اموالهم فأدركك الاصاغر فجاؤوك بهم وبما صنعوا في أموالهم ماكنت صانعا ؟ قال كنت أرد عليهم حقوقهم حتي يستوفوها قال فاني وجدت كثيرا ممن قبلي من الولاة عزوا الناس بقوتهم وسلطانهم وعزهم بها أتباعهم فلما وليت أتوني بذلك فلم يسعني الا الرد علي الضعيف من القوي وعلي المستضعف من الشريف .فقال : وفقك الله ياأمير المؤمنين .
(من كتاب مناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي :ص 140,141,138
وسوف اتناول فيما بعد اصلاحات الخلفاء الراشدين للدولة من الناحية الاقتصادية
اوفيما عرف بالسياسة المالية وكيف اننا لو اعدنا تطبيقها سنتغلب علي الكثير من مشاكلنا وأهمها الفقر .ويكفي مانراه من الثورات التي تشتعل في العالم من اثر النظام الرأسمالي الجشع
2-التحدي الأخر الذي يواجهه مجتمعنا بعد الثورة هو عدم الاستقرار اواستتباب الامن
بسبب عدم وجود الشرطة بصورة فعالة واتباع اساليب النظام السابق من فرض حالة الطوارئ لارهاب كل كلمة حرة قد تنقد السياسات المعوجة بدلا من اعمال حتي القوانين العادية في القبض علي البلطجية الذين يعيثون في الارض الفساد بعد ان قبض علي أسيادهم سراق البلد
والحل نقتبسه من هدي عمر بن عبد العزيز وجده عمر بن الخطاب من اقالة كل من شارك في الفساد ووضع شروط ضرورية لتولي العمال ومراقبتهم ومحاسبة من يخطئ منهم وعزله وعدم تولية أحد لقرابة اوجاه وانما المعيار هو الكفاءة الي جانب انه كان هناك لا مركزية في الحكم من دلائل ذلك .
موقف عمر بن عبد العزيز من أهل الكوفة ومالحق بهم من مظالم فعزل عاملها وولي أخر كتب أليه قائلا:سلام عليك فان اهل الكوفة قد اصابهم بلاء وشدة وجور في احكامهم وسنن خبيثة سنها عليهم عمال السوء وأن أقوم الدين العدل والاحسان فلا يكونن شيء أهم اليك من نفسك أن توطنها الطاعة لله فانه لاقليل من الاثم"
والقائلين كلمة السوء بأن الشعب غير مهيأ للحرية والديمقراطية سواء كان ذلك بصورة علانية كما كان قبل الثورة او بصورة ضمنية بعدها وتؤكده افعالهم من اعادة وسائل الاستبداد ولكن بتأني لنري ماذا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أهل الكوفة"يقول عمر أعياني أهل الكوفة ان استعملت عليهم لينا استضعفوه وأن استعملت شديدا شكوه ولوددت أني وجدت رجلا قويا أمينا أستعمله عليهم وحين أشار عليه أحدهم ان يولي ابنه عبد الله بن عمر نهره قائلا بأنه لم يكن ليرتضيها لنفسه حتي يجعلها لاحد من أبنائه.
العيب ليس في الناس وانما في حكامهم والحل ليس بالسيف والبطش او بلغة عصرية قانون الطوارئ والتهاون في محاسبة الظلمة والفاسدين وانما في الحصول علي الحاكم القوي الامين من هنا نفهم دعاء عمر بن الخطاب اللهم أني اشكو اليك ضعف الامين وجلد الخائن
وعلي نهج عمر صار حفيده عمر بن عبد العزيز لنري ماذا فعل لاصلاح المدن الذي انتشر فيها الفساد وماذا أجاب من طلب منه كما نفهمهه بصورة عصرية تطبيق قانون الطوارئ "ذكر ابن يحي الغساني عن أبيه عن جده قال لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقا ونقبا فكتبت ألي عمر أعلمه حال البلد واساله أخذ الناس بالظنة وأضربهم علي التهمة او أخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة فكتب اليّ أن خذ الناس بالبينة وماجرت عليه السنة فان لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله فقال يحي:ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتي كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقا ونقبا .
ولمن يعترضون علي العمل بقانون الغدر وحرمان كل من شارك في افساد الحياة السياسية من النظام السابق لفترة زمنية محدودة فترتجف قلوبهم من العمل بهذا القانون بسرعة ويرجئونه لما بعد الانتخابات حتي يكن وكأن لم يكن لنري ماذا فعل عمر بن عبد العزيز في مثل هذا الشأن كتب عمر بن عبد العزيز الي عروة بن محمدعامله علي اليمن انظر من قبلك من بني فلان فأقصهم عنك ولا تشركهم في شئ من عملك فانهم بئس اهل البيت كانوا " وقيل أنهم اهل بيت الحجاج
وكان المامون يقول :مفتق عليّ فتق ألا وجدت سببه جور الولاة.
شروط تولية الولاة والعمال
1-السيرة الحميدة والتجربة فقد قيل ينبغي ان يتخير الملك لولاية الاعمال من تقدمت له فيها تجربة وسيرة حميدة ولا يعدل عنه ما وجده
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تنظروا ألي صلاة أمرئ ولا صيامه ولكن أنظروا الي صدق حديثه اذا حدث والي ورعه اذا اتقي والي أمانته اذا أوتمن
2-التواضع قال بعض الخلفاء دلوني علي رجل أستعمله علي أمر قد أهمني قالوا وكيف تريده ؟ قال أذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأميرهم وان كان أميرهم كان كالرجل منهم قالوا مانعلمه الا الربيع بن زياد الحارثي قال صدقتم وهو لها
3- اختباره كان عمر بن عبد العزيز يختبر من يريد توليته كما فعل مع بلال بن ابي بردة الذي لم يمنعه ثنائه علي عمر وشدة عبادته من اختبار عمر له "فيذكر أنه لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد عليه بلال بن ابي بردةفهنأه فقال: من كانت الخلافة ياأمير المؤمنين شرفته فقد شرفتها ومن كانت زانته فقد زنتها ...فجزاه عمر خيرا ولزم بلال المسجد يصلي ويقرأ ليله ونهاره فهم عمر ان يوليه العراق ثم قال هذا رجل له فضل فدس اليه ثقة له :فقال له ان علمت لك في ولاية العراق ماتعطيني ؟فضمن له مالا جليلا فأخبر بذلك عمر فنفاه وأخرجه
وكان عمر بن الخطاب يقول :أحبكم الينا أحسنكم اسما فاذا رأيناكم فاحبكم الينا أحسنكم أخلاقا فاذا اختبرناكن فأحبكم الينا أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة.".فمن أظهر للناس خشوعا فوق مافي قلبه فقد أظهر نفاقا علي نفاق
وكان عمر بن الخطاب يحاسب عماله فانشأ قاعدة من اين لك هذاوطبقها بصورة عملية فكان اذا استعمل عاملا كتب عليه كتابا وأشهد عليه رهطا من الانصار ألا يركب ركوبا ولايلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون حا جات الناس فيقول اللهم اشهد"
4-مراقبة العمال بعد توليهم حكم الولايات
في وصية طاهر بن الحسين لما ولاه المأمون الرقة ومصر ومابينهما "واجعل في كل كورة من عملك أمينا يخبرك بخبر عاملك ويكتب اليك بسيرهم وأعمالهم واعرف مايجمع عمالك من أموال وما ينفقون منها حتي كأنك مع كل عامل في عمله معاينا لاموره كلها .."ماذا لو ثبت من العامل خطأ هنا كما ذهب بن الازرق وجب العقاب لايكتفي بالعزل(بدائع السلك في طبائع الملك -لابن الازرق ص:323)
وفي هذا الصددايضا يقول بن حزم :يلزم الامام أهل كل حهة بلده ان يفد عليه من خيارهم وعلمائهم ليستخبرهم عن حال الأمير والناس ويكسوهم ويصلحهم كما كان عليه السلام يفعل فأذا وفدوا عليه انفرد بهم واحد حتي يقف علي الحق من الباطل في أمر الناس وأمر ولاته وجميع أحوال عماله
وعن زياد أنه كان أذا ولي أحدا قال خذ عهدك وسر الي عملك وأنك تصير الي أربع خلال فاختر لنفسك انا ان وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من مضرتنا أمانتك وأن وجدناك خائنا قويا استبدلنا بك وأحسنا علي خيانتك أدبك فأوجعنا ظهرك وأثقلنا غرمك وان جمعت بين الجرمين جمعنا عليك العقوبتين وأن وجدناك أمينا قويا زدناك في عملك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا عقبك
5-ان لا يستعل علي الولايات من كان يعمل في الجيش اوعظيم الشأن
ولكننا في عصرنا ومازال نجد المحافظين هم من قادة الجيش ولوائاته فما بالنا ببلد بأكمله اثبتت تجارب التاريخ انهم منبع الاستبداد والقهر منذ محمد علي مرورا برؤساء جمهوريتنا السابقين لنري مسوغات رفض توليهم الحكم يقول :"سأبور لا تستعملن علي الارض الكثير الخراج شريفا عظيم الشأن ولا قائد جند ولا من لا يعتمد عليه في الخطوب فربما خانوا او ضيعوا العمل فان تركتهم هلك المال واقتدي بهم غيرهم وأن عاقبتهم أذهب بهاءهم وهيبتهم وأضغنت صدورهم وضعفت نياتهم في المناصحة فكنت قد فللت سلاحك وهدمت حصنك "
وللبحث تتمة بأذن الله
المراجع
السياسة والخلافة الراشدة :عبد المتعال الصعيدي
وكتاب مناقب عمر بن الخطاب الي جانب العديد من كتب التراث القديمة وقد ذكرت بعضها أثناء البحث
رد مع اقتباس