منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
#51621
@ نكمل في الموضوع عن أنواع حديثة لمفهوم التنمية :

ب- التنمية الإجتماعية:
ظهرت لأول مرة وبطريقة علمية ورسمية في هيئة الأمم المتحدة سنة 1950 وكانت الخطة الخماسية للحكومة الهندية، قد لفتت إليها الأنظار بأساليبها وأهدافها سنة 1951، ومنذ سنة 1955 بدأ الاهتمام الأممي بالتنمية الاجتماعية عن طريق أحد مجالسها الدائمة وهو المجلس الاقتصادي والاجتماعي وقد عرف كل من لاري نيلسون L.Nilson وفارنررامسي Verner Ramcay " التنمية الاجتماعية على أنها دراسة تهتم بتغير المجتمع من حيث بناءه، فهي العملية الهادفة التي تؤدي إلى تنمية الوعي والاعتماد بين المواطنين تنمية قدراتهم على تحمل المسؤولية في مواجهة مشكلاتهم". بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون هناك دفعة قوية عن طريق تعبئة كل الطاقات والإمكانيات الموجودة في المجتمع للوصول إلى تطور المجتمع اقتصاديا واجتماعيا .

ج- التنمية الثقافية: :scratch:
تعتمد على تزايد عدد العلماء والمثقفين والباحثين والمفكرين وعدد الطلبة في الجامعات وبالتالي فهي أساس وركيزة في ظهور تنمية اقتصادية واجتماعية، وبالتالي كلما ارتفع المستوى العلمي وحجم الوعي ونسبة البحث العلمي في المجتمع كلما أدى ذلك إلى تزايد حظوظ نجاح التنمية الشاملة.
د- التنمية الشاملة:
تهدف إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والذي له علاقة بالتنمية السياسية والثقافية، فإن التنمية الشاملة، هي إمكانية الدولة في تحقيق التداخل والترابط بين كل أنواع التنمية تحقيق نجاحات معتبرة في كل نوع منها سواء في الجانب الاقتصادي، الاجتماعي الثقافي والسياسي.
و- التنمية السياسية:
وهي من المفاهيم الحديثة التي بدأ الاهتمام بها حديثا وتتناول موضوع التنشئة السياسية وغيرها.

رابعا: مفهوم التنمية السياسية والصعوبات التي تواجهه: :!:
- تعريف التنمية السياسية:
رغم الصعوبات التي واجهت الباحثين في مجال التنمية السياسية في تحديد مفهوم محدد وواضح، إلا أنهم حاولوا وضع بعض التعاريف التي قد تؤدي إلا تقريب الرؤى حول هذا المفهوم.
ومن أهم التعاريف نأخذ ما يلي:
1-تعريف (روبير بيركنهايم Robert Berghinham ) وقد أعطى لمفهوم التنمية السياسية خمس مدلولات وهي:
أ‌-مدلول قانوني: يهتم بالبناء الدستوري للدولة (بعد ديمقراطي).
ب-مدلول اقتصادي: تحقيق نمو اقتصادي وتوزيع عادل للثورة.
ج‌-مدلول إداري: ضرورة وجود إدارة عقلانية ذات فعالية وكفاءة.
د‌-مدلول سياسي: المشاركة في الحياة السياسية.
و‌-مدلول ثقافي: يتعلق بالتحديث وذلك نتيجة لثقافة سياسية معينة.(16)
أما ( لوسيان باي Lucien pye ) فقد قدم عشر تعريفات للتنمية السياسية في كتابه "جوانب ومظاهر التنمية السياسية" نتناول منها بعض التعاريف مثل:
1-" التنمية السياسية هي الشرط الضروري اللازم لتحقيق التنمية الاقتصادية".
2-" التنمية السياسية هي تحقيق التغيير الحكومي".
3-"التنمية السياسية بناء الدولة القومية".
4-" التنمية السياسية هي تحقيق المشاركة"
5-" التنمية السياسية هي بناء الديمقراطية".
بالنسبة لعبد الحليم الزيات فقد عرفها:"بأنها عملية سيسو تاريخية متعددة الأبعاد والزوايا بغية تطوير أو استحداث نظام سياسي عصري، يستمد أصوله الفكرية ومرجعيته العقدية من نسق إيديولوجي تقدمي ملائم، تتسق مقولاته مع مقتضيات البنية الاجتماعية والمحددات الثقافية للمجتمع وتشكل في الوقت نفسه، منطلقا رئيسيا لفعاليات التعبئة الاجتماعية..........".
أما أحمد وهبان فيعرفها :"بأنها عملية سياسية متعددة الغايات تستهدف ترسيخ فكرة المواطنة وتحقيق التكامل والاستقرار داخل ربوع المجتمع، وزيادة معدلات المشاركة بالنسبة للجماهير في الحياة السياسية.....". ومنه نستشف أن هناك نقص يشوب عملية البحث من أجل إيجاد إطار نظري محدد للتنمية السياسية، وذلك بسبب توجه الباحثين إلى خدمة مصالح حكومية وليس لأغراض علمية ومعرفية، لكن هذا لا يعني فشل عملية الدراسة لأن باحثي العالم الثالث قد تداركوا الخلل وعكفوا على التنظير في هذا المجال من أجل ظهور مجتمعات جديدة في العالم الثالث معتمدة على طاقتها الخاصة وخصائصها المنفردة دون الرجوع إلى النظريات الغربية السياسية الخاصة بالديمقراطية.

رابعا- مقومات التنمية السياسية وأهدافها وآلياتها: :scratch:
ترتكز التنمية السياسية على مجموعة من الأسس أهمها:
1-نشر ثقافة سياسية واعية مخطط لها من قبل الحكومة من خلال عملية التنشئة السياسية مع ضرورة مراعاة التقاليد السائدة عند بناء ثقافة جديدة لتحقيق المشاركة السياسية للجماهير.
2-تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، وبالتالي تحقيق الديمقراطية.
3-عدم النظر إلى الدولة من زاوية المصالح الشخصية ومدى قدرة الأفراد على الاستفادة منها، من دون أن يقوم الفرد بتحمل مسؤولياته الكاملة اتجاه دولته.
4-إطلاق الحريات بين جميع فئات المجتمع الواحد بعيدا عن الخوف والإرهاب الفكري، وتحقيق الاتصال بين الجماهير.
5-وجود تعددية سياسية وفكرية ضمن الثوابت القائمة عليها، أي مجتمع من دون إدعاء طرف امتلاكه الحقيقة أو حماية المصلحة الوطنية على حساب طرف آخر.
6-قيام أحزاب وطنية قوية، لديها القدرة على العمل في بيئة ملائمة بعيدا عن التحزب الأعمى، واحتكار الوطنية ومشاركة المواطنين في صنع القرارات ديمقراطيا من خلال المؤسسات الدستورية.
7-تفعيل دور المجتمع المدني بإنشاء مجموعة من المنظمات النقابية وحقوق الإنسان وغيرها.
8-الإلحاق الحضاري.
ومنه فإنه لتحقيق التنمية السياسية يتطلب مراعاة الحريات الفردية والعامة، واحترام حقوق الإنسان والمحافظة عليها عن طريق سن قوانين تنظيمية عادلة على كل الأصعدة.
كما تتطلب أن تستفد مختلف العمليات التي يقوم بها النظام إلى العقلانية والتخطيط الدقيق، وأن تكون هناك قنوات اتصال بين النظام أو النخبة الحاكمة والشعب لكي تكون الرسائل بينهما واضحة.
ب-آليات التنمية السياسية: هناك مجموعة من الآليات والميكانيزمات التي لابد من توفرها لضمان نجاح عملية التنمية في مجتمع معين وخاصة في دول العالم الثالث ومن أهمها ما يلي:
1-التنشئة السياسية:
والتنشئة السياسية كما يعرفها " هايمان H. HAYMAN" :"تعليم المرء المعايير الاجتماعية عن طريق مختلف مؤسسات المجتمع، بما يساعده على التفاعل معه".أما "لانجتون K.LANGTON " فيقول : "أن التنشئة السياسية في أوسع معانيها إنما تشير إلى كيفية نقل الثقافة السياسية للمجتمع من جيل إلى جيل"(20).
ومنه فإن التنشئة السياسية تهتم بشخصية الفرد وتطويرها وصياغتها وفق نموذج معياري مسبق لتعميق القيم والتوجهات السياسية الشائعة المستقرة في المجتمع، كما تسعى إلى تنمية مدركات الفرد وتعزيز قدراته السياسية بحيث يستطيع التعبير عن ذاته من خلال سلوكات ينتهجها في الحياة السياسية خاصة إذا كان النظام السياسي غير عقلاني وغير رشيد ومنه إمكانية خلق مجتمع مدني منظم قادر على القيام بدوره الفعال .
2- الاتصال السياسي:
عرّفه"وسبتر" « WEBSTER » : بأنه العملية التي يتم فيها تبادل المعاني بين الأفراد، من خلال نسق متعارف عليه من الرموز كاللغة والإشارات والإيحادات"
أما " كولي" « COOLY » فيعرفه: على أنّه تلك العملية الآلية التي من خلالها تنشأ العلاقات الإنسانية وتنمو وتتطور الرموز العقلية وذلك عن طريق وسائل نشر هذه الرموز عبر المكان واستمرارها عبر الزمان، ويشتمل ذلك تعبيرات الوجه والإيحاءات والإشارات ونغمات الصوت والكلمات والطباعة وخطوط السكك الحديدية والبرق والهاتف وما إلى ذلك من تدابير تعمل بسرعة وكفاءة على قهر بعدي الزمن والمكان".
وعليه فإن الاتصال السياسي يساهم في دعم مايلي: :roll:
أ- يساهم في دعم النظام السياسي وزيادة كفاءته وفعاليته بحيث يتيح للنظام إمكانية تدفق المعلومات منه إلى الجماهير كما يعمل على نقل اهتمامات الجماهير إلى النخبة وصانعي القرار وبالتالي إمكانية خلق مجتمع ونظام ديمقراطي قائم على الحوار.21
ب- يساهم في اتصال الجماهير يبعضها البعض وبالتالي تكوين مواقف متقاربة حول محيطهم السياسي ومنه إمكانية انتهاج سلوك موّحد سواء أكان سلبي أو إيجابي اتجاه النظام السياسي حسب ديمقراطية وعدالة النظام أو فساده.
وبالتالي فهو يؤدي دورا هاما في عملية التنشئة السياسية والثقافية السياسية، ممّا يؤثر تأثيرا بالغا في ممارسة حرية الرأي و التعبير، ويتيح فرصه للنظام للتعريف ببرامجه، وهذا ما يؤدي إلى إمكانية طرح بدائل.

3- الأحزاب السياسية:
يعرفها " نيومان" « S.NEUMAN » :" بأنها تنظيم محددّ، معلن عنه عادة ، يعبّر عن قاسم مشترك يميز جماعة أو أكثر عن الجماعات الأخرى في المجتمع من خلال برنامج محدد، ويهتم أساسا بالنشاط السياسي وإمكانية الوصول إلى كراسي الحكم، ويتناقض من أجل ذلك للحصول على تأييد متزايد من الجماعات المختلفة في المجتمع". وبالتالي فالأحزاب السياسية هي قوى مدنية وسياسية طوعية معيّنة منظمة ، تضم مجموعة من الأفراد يشتركون في أفكار وتصورات معينة تعمل على تعبئة الرأي العام للتأثير على السلطة وتلعب دور رقابي على السلطات الثلاث ( تنفيذية ، تشريعية، قضائية) تبرز في الانتخابات .

4- النخبة السياسية: :o
وهي قلّة من أفراد المجتمع يمتلكون مؤهلات بنيوية ، فيزيائية، عقلية، ومعرفية، اقتصادية ومالية تنظيمية إدارية ومؤسساتية أ إطارات حاكمة لها مركز متميز في السلطة أو بيئتها الاجتماعية.
وعليه فإن الصفوة هي المسئول الأول عن مسيرة وعملية التنمية السياسية في المجتمع، باعتبار أن التنمية هي عملية مخطط لها وموجه لتحقيق الصالح العام ، ولهذا يجب أن نركز على التنشئة السياسية لخلق مثل هذه الصفوة لقيادة المجتمع.ونتيجة لذلك نجد أن كل ميكانيزمات وآليات التنمية متداخلة فيما بينها للوصول إلى نتيجة واحدة وهي التنمية السياسية للمجتمع.