سيكيورتي!
مرسل: الثلاثاء يونيو 12, 2012 11:56 am
سيكيورتي!
خلف الحربي
أقيم في الرياض مؤتمر لبحث أوضاع حراس الأمن (السيكيورتي) شارك فيه ممثلون لوزارة الداخلية ومجلس الشورى والغرفة التجارية وعدد من رجال الأعمال المستثمرين في قطاع الحراسات الأمنية، ولا شك أن باب القاعة التي احتضنت هذا المؤتمر كان يتواجد أمامه حارس أمن سعودي (سيكيورتي) لا يتجاوز راتبه ألفي ريال ولا يعلم إلا الله كيف يواجه التزاماته العائلية الخانقة! ولا أظن أن صاحبنا هذا اهتم ولو للحظة واحدة بأوراق العمل المطروحة في هذا المؤتمر الذي يناقش أوضاعه الوظيفية المزرية لأنه تعود منذ سنوات أن الكلام الذي يحرسه في الندوات والمؤتمرات لا يتخطى باب القاعة!
صاحبنا حارس الكلام يعرف أن خطط السعودة (أي كلام) وهي لم تنجح في تحسين الأوضاع الوظيفية للمهندسين والمعلمين فكيف ستنجح في تحسين أوضاعه؟ أما وظيفته؛ (السيكيورتي) فهي أيقونة السعودة، حيث لجأ اليها الكثير من الشركات للهروب من نسبة السعودة، ثم وجدت شركات أخرى أنه بالإمكان استثمار هذا الوضع على طريقة (مقاول أنفار) فبدأت بتأمين حراس الأمن و(تأجيرهم) على الشركات والبنوك والفنادق فيأخذ المقاول الملايين ويعطيهم فتات الفتات، وفي بعض الأحيان لا يأتي الفتات بشكل منتظم بل.. حسب الظروف!
وحياة السيكيورتي السعودي مثيرة للاهتمام حقا، فهو مثله مثل أي شاب يستخدم الإنترنت والجوال والسيارة ويدفع إيجار الشقة التي يسكنها وزوجته مع طفل أو طفلين وكل ذلك بـ1800 ريال قد لا تأتي أحيانا، خصوصا إذا ما واجهت الشركة المشغلة مشاكل في بعض العقود. ورغم حساسية وظيفة السيكيورتي التي تعرضه في بعض الأحيان لمخاطر متنوعة إلا أنه تحول بسبب التهميش الحاد إلى إنسان غير مرئي ولا يحق له أن ينبس ببنت شفة، بل عليه أن يتشبث إلى أقصى حد بالعقد الجائر الذي قد يتعرض للإلغاء في أية لحظة، وبحسب ما جاء في كلمات المؤتمر فإن عدد (السيكيورتية) السعوديين يتجاوز 139 ألف حارس أمن، وعدد الشركات التي تشغلهم أكثر من 290 شركة.
وأكبر دليل على أن السيكيورتي السعودي تحول إلى كائن غير مرئي أنه بقي واقفا يحرس البوابة الخارجية لقاعة المؤتمر الذي يتناول أوضاعه الوظيفية! كل الذين تحدثوا في المؤتمر من مسؤولين حكوميين وأعضاء مجلس شورى ورجال أعمال ليس فيهم من جرب الوقوف تحت الشمس الحارقة ليتلقى قرار الفصل التعسفي عبر اللاسلكي، وقد اتخذ المتحدثون قرارات وأصدروا توصيات مختلفة تتعلق بتوحيد زي (السيكيورتية) وتدريبهم على المهارات القتالية مثل الكاراتيه وزيادة رواتبهم بحيث يكون الحد الأدنى 3700 ريال، بالإضافة إلى قرارات أخرى لا أظنها سوف تنفذ بل ستبقى لسنوات حبيسة الأدراج كونها تخص كائنات غير مرئية!
لا أدري لماذا تخيلت أن صاحبنا حارس الكلام انتظر حتى انتهت جلسات المؤتمر وخرج المؤتمرون باتجاه بوفيه العشاء ليدخل القاعة ويصعد إلى المنبر ويخطب في الكراسي الخالية: أيها السادة الكرام.. أنا منكم وفيكم.. حياتي اليوم مثل ريشة معلقة في عاصفة ترابية، وفوق كل ذلك مطلوب مني أن أمنع عنكم أي أذى وأن أتقبل كل إساءة بصدر رحب.. أنا لا أراكم الآن، لأنكم لم تروني في يوم من الأيام.. أنتم تلعبون معي «الغميضة» وتطلبون مني أن أفتح عيني على الدوام!.. فهل تعتقدون أنها لعبة قابلة للاستمرار؟!
خلف الحربي
أقيم في الرياض مؤتمر لبحث أوضاع حراس الأمن (السيكيورتي) شارك فيه ممثلون لوزارة الداخلية ومجلس الشورى والغرفة التجارية وعدد من رجال الأعمال المستثمرين في قطاع الحراسات الأمنية، ولا شك أن باب القاعة التي احتضنت هذا المؤتمر كان يتواجد أمامه حارس أمن سعودي (سيكيورتي) لا يتجاوز راتبه ألفي ريال ولا يعلم إلا الله كيف يواجه التزاماته العائلية الخانقة! ولا أظن أن صاحبنا هذا اهتم ولو للحظة واحدة بأوراق العمل المطروحة في هذا المؤتمر الذي يناقش أوضاعه الوظيفية المزرية لأنه تعود منذ سنوات أن الكلام الذي يحرسه في الندوات والمؤتمرات لا يتخطى باب القاعة!
صاحبنا حارس الكلام يعرف أن خطط السعودة (أي كلام) وهي لم تنجح في تحسين الأوضاع الوظيفية للمهندسين والمعلمين فكيف ستنجح في تحسين أوضاعه؟ أما وظيفته؛ (السيكيورتي) فهي أيقونة السعودة، حيث لجأ اليها الكثير من الشركات للهروب من نسبة السعودة، ثم وجدت شركات أخرى أنه بالإمكان استثمار هذا الوضع على طريقة (مقاول أنفار) فبدأت بتأمين حراس الأمن و(تأجيرهم) على الشركات والبنوك والفنادق فيأخذ المقاول الملايين ويعطيهم فتات الفتات، وفي بعض الأحيان لا يأتي الفتات بشكل منتظم بل.. حسب الظروف!
وحياة السيكيورتي السعودي مثيرة للاهتمام حقا، فهو مثله مثل أي شاب يستخدم الإنترنت والجوال والسيارة ويدفع إيجار الشقة التي يسكنها وزوجته مع طفل أو طفلين وكل ذلك بـ1800 ريال قد لا تأتي أحيانا، خصوصا إذا ما واجهت الشركة المشغلة مشاكل في بعض العقود. ورغم حساسية وظيفة السيكيورتي التي تعرضه في بعض الأحيان لمخاطر متنوعة إلا أنه تحول بسبب التهميش الحاد إلى إنسان غير مرئي ولا يحق له أن ينبس ببنت شفة، بل عليه أن يتشبث إلى أقصى حد بالعقد الجائر الذي قد يتعرض للإلغاء في أية لحظة، وبحسب ما جاء في كلمات المؤتمر فإن عدد (السيكيورتية) السعوديين يتجاوز 139 ألف حارس أمن، وعدد الشركات التي تشغلهم أكثر من 290 شركة.
وأكبر دليل على أن السيكيورتي السعودي تحول إلى كائن غير مرئي أنه بقي واقفا يحرس البوابة الخارجية لقاعة المؤتمر الذي يتناول أوضاعه الوظيفية! كل الذين تحدثوا في المؤتمر من مسؤولين حكوميين وأعضاء مجلس شورى ورجال أعمال ليس فيهم من جرب الوقوف تحت الشمس الحارقة ليتلقى قرار الفصل التعسفي عبر اللاسلكي، وقد اتخذ المتحدثون قرارات وأصدروا توصيات مختلفة تتعلق بتوحيد زي (السيكيورتية) وتدريبهم على المهارات القتالية مثل الكاراتيه وزيادة رواتبهم بحيث يكون الحد الأدنى 3700 ريال، بالإضافة إلى قرارات أخرى لا أظنها سوف تنفذ بل ستبقى لسنوات حبيسة الأدراج كونها تخص كائنات غير مرئية!
لا أدري لماذا تخيلت أن صاحبنا حارس الكلام انتظر حتى انتهت جلسات المؤتمر وخرج المؤتمرون باتجاه بوفيه العشاء ليدخل القاعة ويصعد إلى المنبر ويخطب في الكراسي الخالية: أيها السادة الكرام.. أنا منكم وفيكم.. حياتي اليوم مثل ريشة معلقة في عاصفة ترابية، وفوق كل ذلك مطلوب مني أن أمنع عنكم أي أذى وأن أتقبل كل إساءة بصدر رحب.. أنا لا أراكم الآن، لأنكم لم تروني في يوم من الأيام.. أنتم تلعبون معي «الغميضة» وتطلبون مني أن أفتح عيني على الدوام!.. فهل تعتقدون أنها لعبة قابلة للاستمرار؟!