صفحة 1 من 1

رجل الديك .. صناعية!

مرسل: الثلاثاء يونيو 12, 2012 11:59 am
بواسطة سعد الخثران
رجل الديك .. صناعية!

خلف الحربي

لم يعد المثل الشعبي «رجل الديك تجيب الديك» صالحا للاستخدام في محاكمة المتهمين بالتسبب في كارثة سيول جدة، فقد اتضح أن ساق الديك الماثل للتحقيق صناعية! .. كلما أمسك بها المحقق بساق أحد الديوك ظنا منه أنها ستأتي بالديك الآخر انفصلت الساق الصناعية عن الديك، وبقيت في يده يلوح بها في الهواء قبل أن يصفها إلى عشرات السيقان الصناعية على مكتبه .. بعض هذه السيقان كانت خشبية، وفي أسفلها كعب معدني ما يعني أن القراصنة مروا من هنا!.
بالأمس ذكرت صحيفة الحياة أن المحكمة الإدارية أعادت ملفات 30 متهما بكارثة سيول جده إلى هيئة الرقابة والتحقيق بعد أن لاحظت المحكمة التركيز على استدعاء المرتشي وترك الراشي !، كما لاحظت عدم استدعاء شخصيات مهمة مسؤولة عن الكارثة وخصوصا بعض المسؤولين عن مخطط أم الخير. لقد وجدت المحكمة أن كل هذه الديكة بلا سيقان، وأن سلسلة الفساد تنقطع فجأة وتختفي بعض حلقاتها المهمة كلما صعد القاضي بالسلسلة نحو الأعلى.
واليوم أو غدا أو بعد غد سوف تعود الديكة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وكل واحد منها يسير بساق واحدة بعد أن فقد ساقه الصناعية في التحقيق الأول، وسيحاول المحققون الإمساك بالساق الوحيدة المتبقية لكل ديك لعلها تأتي بساق الديك الخفي. من يدري ؟! ..قد ينجح المحققون في مسعاهم فتكتسب هذه المحاكمة قيمتها التاريخية تجعل منها لطمة وطنية كبرى في وجه الفساد ..وقد تتكرر الحكاية نفسها حيث يمسك المحققون بالساق المتبقية فيتضح أنها صناعية أيضا، وأن هذه الديكة الواقفة أمامهم ليست إلا زواحف متنكرة بينما الديكة الحقيقية تعيش حياتها الرغيدة بعيدا عن عيون الحاسدين!.
لا أحد يحب سماع الحكايات المكررة، لذلك إذا كنا سنعود إلى صفحة البداية في قصة (محاكمة المتسببين بكارثة سيول جدة) فمن الأفضل أن لا نستمع لهذه الوقائع من جديد لأننا سمعناها وحفظناها وعرفنا أبطالها سواء تم الترميز لهم بصفة ( وكيل أمانة سابق ) أو ( مسؤول رياضي سابق ) أو أي صفة أخرى. فكل هذه الوقائع التي تكرر سردها مرارا لن تثير اهتمام الناس، ولن تكسب هذه المحاكمة أهميتها الافتراضية كقضية رأي عام حتى لو نشرت الصحف فصول المحاكمة على صفحاتها الأولى. سيقلب الناس الصفحة الأولى دون أن يكلفوا أنفسهم حتى قراءة العناوين، وسيبحثون في الصفحات الداخلية عن إعلانات الآيس كريم علها تطفئ حرارة الصيف اللاهب !.
أما إذا كان المحققون سيبدأون من صفحة المنتصف في هذه القصة الطويلة وهي الصفحة التي وجد قاضي المحكمة الإدارية أن كل الصفحات بعدها بيضاء فإن هذه الحكاية يمكن أن تنتهي وتنهي معها مرحلة قاسية أصبح الفساد فيها سيد الموقف حتى غرق الأبرياء في طوفانه الجارف. إذا كنا سنستمع إلى القصة من منتصفها حتى نهايتها فكلنا آذان صاغية، أما إذا كان كل ما يتوفر هو حكاية مكررة ناقصة ..فالأفضل أن نستمع إلى حكايات مكررة أكثر إمتاعا ..علاء الدين والمصباح السحري مثلا .. أو علي بابا والأربعين حرامي!.