منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By يزيد الاحيدب36
#51756
عصر القوميات
لقد اراد المؤتمرون في فيينا (1815) تأكيد سيادة أصحاب الحقوق القدامى وترسيخ مجد العروش (الحقوق الشرعية) وذلك بطبيعة الحال على حساب (حقوق الشعوب) . بيدا ان هذا المؤتمر لم يكد ينتهي حتى بات الايمانراسخا في قلوب شعوب أوروبا جميعا بوجوب اقامة الرباط السياسي (الدولة) على اساس من الرباط الطبيعي (الأمة) إنه مبدأ القوميات الذي يفضي بضرورة أن تأتي الوحدة السياسية (الدولة) متوجة للوحدة الطبيعية التي تربط أبناء الأمة الواحدة ، وبالتالي فلابد من أن تكون الدولة قومية .

ولقد ساعد على ترسيخ الفكرة القومية في نفوس الشعوب الأوروبية وزكى الجهاد في سبيلها عاملان هما :
(1)سياسة الكبت التي حبكها المؤتمرون في فيينا والتي كان مؤداها كبت الافكار الحرة (حال فكرة القومية) ، وقمع كل حركة في سبيل تلك الافكار لحساب مبدأالحقوق الشرعية .
(2)إحساس بع الامم التي وقعت فريسة للغزو النابليوني _وعلى رأسها المنيا_ بأن تفتتها السسياسي هو الذي مكن هذا الغزو منها .

وتأسيسا على ما تقدم ففي اعقاب مؤتمر فيينا تكونت في شتى ارجاء اوروبا جمعيات سرية تدعو الى العنف والثورة في سبيل تحقيق الوحدة السياسية القومية .

وجملة القول في شأن ما تقدم أن فكرة القومية قد بلغت درجة من الرسوخ في اذهان الشعوب _إبان القرن التاسع عشر_ أضحت معها بمثابةزي القرن ، ومن هنا جاء وصف القرن التاسع عشر بأنه قرن القومية في اوروبا مرتبطة بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وبالتالي جاءت بمثابة الثورة على الحقوق الشرعية القديمة (حقوق العروش) مستهدفة الوحدة السياسية بالنسبة لأبناء الامة الواحدة من أجل القوة .

وكنتيجة لمبدأ القوميات _بمضمونة المتقدم_ خلال القرم الذي اعقب مؤتمر فيينا لعام 1815 _ من التطورات والانقلابات مالم يسجل التاريخ مثيلا له في اي عهد من العهود الغابرة .

فإبان الحقيقة المذكورة ظهرت اغلب الدول القومية فب اوروبا ، وغذا كانت هذه الدول قد نشأت كثمرة مباشرة لأنتصارات حربية أوثورات شعبيةأو لأعتبارات متعلقة بالتوازن الاوروبي وحلف الدول الكبرى فأن ثمة حقيقة كبرى لا سبيل غلى انكارها قوامها ان استقرار الوعي القومي ورسوخ الايمان بالقومية كان بمثابة القلب النابض في كل الحركات القومية ، إذ تبعثت جميعها من هذا الايمان عاملة على ان تستند الوحدة السياسية الى وحدة طبيعية ، فلا تفتيت لوحدة الامة الواحدة لحساب سيادات سياسية مختلفة ولا سيطرة اجنبية ولا اكراه على اتحاد سياسي بين ابناء امم مختلفة لا تصدق رغبتهم فيه .

وارتباطا بما تقدم فقد شهد القرن التاسع عشر ظهور العديد الدول القومية الجديدة في اوربا وكان اظهر هذه الدول دولة الوحدة الالمانية ودولة الوحدة الايطالية ، إنهما الوحيدتان القوميتان اللتان كان لظهورهما أثر عظيم في تاريخ اوروبا ، بل وفي تاريخ العالم المعاصر قاطبة .

كذلك انتشرت المبادئ النبيلة والافكار القومية وعرت المحيط الاطلنطي الى ما يسمى بالعالم الجديد (امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية) حيث كان العالم الجديد تحت الاستعمار .

المرجع :

د. محمد وهبان التاريخ الدبلوماسي (العلاقات السياسية بين الدول الكبرى ، 1815 1991) ، الطبعة الرابعة ، 2012 (ص55-ص58)