بين التعليم والتنميه
مرسل: الأحد يونيو 24, 2012 5:17 pm
بين التعليم والتنمية
د. خليل إبراهيم السعادات (*)
التعليم نشاط حياتي متّصل ومستمر متعدِّد القنوات ومتنوع الأوعية وهو وسيلة الفرد لتحقيق ذاته وأداة المجتمع في تحقيق نموِّه واستمراره .. والتعليم بهذا المفهوم العريض لا يقتصر على التعليم المدرسي الموجَّه بسلطة المجتمع، ولكنه يشمل التعليم النظامي وغير النظامي واللانظامي، وهو لا يقتصر على الكتاب أو الكلمة المطبوعة، ولكن يتوسل بكلِّ أوعية الثقافة المسموع منها والمقروء، المسجَّل منها والموروث الشعبي غير المسجّل، وهو مستمر كما يقال في التراث من المهد إلى اللحد تحقيقاً لمبدأ التربية المستمرة، وله مكوّن ذاتي يتمثَّل في دافعية المتعلم ورغبته في التعلُّم وهدفه الأسمى تحقيق النمو الشامل والمتكامل للإنسان عقلياً ووجدانياً ومهارياً واجتماعياً وثقافياً .. رصدت ذلك دراسة حول التعليم والتنمية، وأكدت أنّ هذا المفهوم الواسع للتعليم يخرجه عن الإطار البيداجوجي الضيق ويجعله شأناً مجتمعياً .. فقرار التعليم كقرار الحرب يجب أن لا يترك للتربويين وحدهم، وقضايا التعليم كانت وستبقى لصيقة الصلة ببقايا المجتمع، لأنّ التعليم نظام فرعي يؤثِّر ويتأثر بعناصر النَّسق الاجتماعي المتكامل .. وبالحديث عن التنمية فإنّ نمو الشيء في اللغة يعني زيادته، أمّا تنميته فيعني فعل النمو أو إحداثه فيه، كما يعرف الكتاب النمو بأنّه الزيادة الحاصلة في السكان وفي الثروات المتاحة، كما أنّه الزيادة الحاصلة خلال فترة أو عدة فترات طويلة من الزمن لمؤشر ما في بيئة ما. أمّا التنمية فتعني عند الاقتصاديين، كما ورد في الدراسة، إلى بعث وإطلاق قوى معيّنة خلال فترة طويلة الأجل محدثة تعديلاً في متغيّرات معيّنة تحقق زيادة كبيرة في الدخل تختلف عن الزيادة البسيطة التي تحدث خلال دورة تجارية واحدة تؤدي إلى زيادة نصيب الفرد من الدخل الحقيقي، إذا كان معدَّل التنمية أعلى من معدَّل الزيادة السكانية. كما أنّ الدخل القومي الحقيقي يزداد بموجب التنمية الاقتصادية خلال فترة من الزمن.
وتقصد الدراسة بالتنمية تعبئة الموارد وتوجيه الجهود من أجل توسيع خيارات الناس، والمقصود بالخيارات الفرص المنتقاة في ميادين أساسية للحياة الإنسانية من أهمها الحصول على دخل أكبر وزيادة التعليم وزيادة توقعات الحياة نتيجة للرعاية الصحية، وإيجاد البيئة النظيفة، وتحقيق الحرية السياسية وحماية حقوق الإنسان. والتنمية بهذا المفهوم تختلف عن النمو الاقتصادي الذي يهدف إلى زيادة الإنتاج ورفع معدَّلاته المعبر عنها بالناتج المحلي الإجمالي، والجانب الاقتصادي هو عنصر مهم من عناصر التنمية ولكن لا يمثِّل العنصر الوحيد .. إنّ التنمية كما يصفها تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي نسيج من المكونات التي تتداخل وتتفاعل في إطار مفاهيم الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع والبيئة وغيرها. وتحذر الدراسة من تقديم عملية التنمية على أنّها مقولة من مقولات علم الاقتصاد وحسب، كما أنّ مؤشر قياس التنمية ليس مؤشراً اقتصادياً فقط، ولكنه مؤشر متعدد المعايير ومكتمل الجوانب، ويشمل توقعات الحياة والإنجازات التعليمية والثقافية والقدرات الشرائية الحقيقية للناس، وهو مؤشر مفتوح قابل لاستيعاب مكوّنات جديدة. وهكذا يختلف مصطلح التنمية عن مصطلح النمو، كذلك يختلف مصطلح التنمية عن مصطلح الحاجات الأساسية الذي ذاع في السبعينيات، والذي يربط التعليم بالتنمية هو الإنسان الذي كرّمه الله وحمّله الرسالة والأمانة ودعاه للتفكُّر في خلق السموات والأرض وسخّر له مصادر الطبيعة لتنميتها ولينعم بما فيها، ومن ثم ينظر إلى التنمية على أنّها استثمار في البشر ومن أجل البشر وبمقدار كفاءة الاستثمار في التنمية البشرية (التعليم) تكون كفاءة الاستثمار في القطاعات التنموية الأخرى.
وعلى الله الاتَِّكال.
د. خليل إبراهيم السعادات (*)
التعليم نشاط حياتي متّصل ومستمر متعدِّد القنوات ومتنوع الأوعية وهو وسيلة الفرد لتحقيق ذاته وأداة المجتمع في تحقيق نموِّه واستمراره .. والتعليم بهذا المفهوم العريض لا يقتصر على التعليم المدرسي الموجَّه بسلطة المجتمع، ولكنه يشمل التعليم النظامي وغير النظامي واللانظامي، وهو لا يقتصر على الكتاب أو الكلمة المطبوعة، ولكن يتوسل بكلِّ أوعية الثقافة المسموع منها والمقروء، المسجَّل منها والموروث الشعبي غير المسجّل، وهو مستمر كما يقال في التراث من المهد إلى اللحد تحقيقاً لمبدأ التربية المستمرة، وله مكوّن ذاتي يتمثَّل في دافعية المتعلم ورغبته في التعلُّم وهدفه الأسمى تحقيق النمو الشامل والمتكامل للإنسان عقلياً ووجدانياً ومهارياً واجتماعياً وثقافياً .. رصدت ذلك دراسة حول التعليم والتنمية، وأكدت أنّ هذا المفهوم الواسع للتعليم يخرجه عن الإطار البيداجوجي الضيق ويجعله شأناً مجتمعياً .. فقرار التعليم كقرار الحرب يجب أن لا يترك للتربويين وحدهم، وقضايا التعليم كانت وستبقى لصيقة الصلة ببقايا المجتمع، لأنّ التعليم نظام فرعي يؤثِّر ويتأثر بعناصر النَّسق الاجتماعي المتكامل .. وبالحديث عن التنمية فإنّ نمو الشيء في اللغة يعني زيادته، أمّا تنميته فيعني فعل النمو أو إحداثه فيه، كما يعرف الكتاب النمو بأنّه الزيادة الحاصلة في السكان وفي الثروات المتاحة، كما أنّه الزيادة الحاصلة خلال فترة أو عدة فترات طويلة من الزمن لمؤشر ما في بيئة ما. أمّا التنمية فتعني عند الاقتصاديين، كما ورد في الدراسة، إلى بعث وإطلاق قوى معيّنة خلال فترة طويلة الأجل محدثة تعديلاً في متغيّرات معيّنة تحقق زيادة كبيرة في الدخل تختلف عن الزيادة البسيطة التي تحدث خلال دورة تجارية واحدة تؤدي إلى زيادة نصيب الفرد من الدخل الحقيقي، إذا كان معدَّل التنمية أعلى من معدَّل الزيادة السكانية. كما أنّ الدخل القومي الحقيقي يزداد بموجب التنمية الاقتصادية خلال فترة من الزمن.
وتقصد الدراسة بالتنمية تعبئة الموارد وتوجيه الجهود من أجل توسيع خيارات الناس، والمقصود بالخيارات الفرص المنتقاة في ميادين أساسية للحياة الإنسانية من أهمها الحصول على دخل أكبر وزيادة التعليم وزيادة توقعات الحياة نتيجة للرعاية الصحية، وإيجاد البيئة النظيفة، وتحقيق الحرية السياسية وحماية حقوق الإنسان. والتنمية بهذا المفهوم تختلف عن النمو الاقتصادي الذي يهدف إلى زيادة الإنتاج ورفع معدَّلاته المعبر عنها بالناتج المحلي الإجمالي، والجانب الاقتصادي هو عنصر مهم من عناصر التنمية ولكن لا يمثِّل العنصر الوحيد .. إنّ التنمية كما يصفها تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي نسيج من المكونات التي تتداخل وتتفاعل في إطار مفاهيم الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع والبيئة وغيرها. وتحذر الدراسة من تقديم عملية التنمية على أنّها مقولة من مقولات علم الاقتصاد وحسب، كما أنّ مؤشر قياس التنمية ليس مؤشراً اقتصادياً فقط، ولكنه مؤشر متعدد المعايير ومكتمل الجوانب، ويشمل توقعات الحياة والإنجازات التعليمية والثقافية والقدرات الشرائية الحقيقية للناس، وهو مؤشر مفتوح قابل لاستيعاب مكوّنات جديدة. وهكذا يختلف مصطلح التنمية عن مصطلح النمو، كذلك يختلف مصطلح التنمية عن مصطلح الحاجات الأساسية الذي ذاع في السبعينيات، والذي يربط التعليم بالتنمية هو الإنسان الذي كرّمه الله وحمّله الرسالة والأمانة ودعاه للتفكُّر في خلق السموات والأرض وسخّر له مصادر الطبيعة لتنميتها ولينعم بما فيها، ومن ثم ينظر إلى التنمية على أنّها استثمار في البشر ومن أجل البشر وبمقدار كفاءة الاستثمار في التنمية البشرية (التعليم) تكون كفاءة الاستثمار في القطاعات التنموية الأخرى.
وعلى الله الاتَِّكال.