صفحة 1 من 1

المحاضرة الأولى: الاثنين، 21 رجب 1433

مرسل: الثلاثاء يونيو 26, 2012 5:07 pm
بواسطة مهند مسمار 313
المحاضرة الأولى: الاثنين، 21 رجب 1433 – 11 يونيو 2012

ارتبط ظهور حقل التنمية بما يسمى بالعالم الثالث الذي ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية. فالدول الاستعمارية الأورپية – المنتصرة و المنهزمة – خرجت من الحرب العالمية الثانية بحالة من التدهور الحاد في المقدرات الاقتصادية و العسكرية. و بالتالي لم تعد قادرة على الحفاظ على مستعمراتها في آسيا و إفريقيا، مما أدى إلى استقلال هذه المستعمرات مكونة عشرات من الدول الجديدة التي أطلق عليها دول العالم الثالث. و بظهور هذه الدول ظهرت حقول التنمية التي تدرس الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية و تستهدف تحديث و تطوير العالم الثالث.

و لمعرفة دول العالم الثالث لدينا أربعة معايير هي:

• معيار جغرافي: الدول الموجودة في آسيا و إفريقيا و أميركا اللاتينية (أي كل دول الأميركتين ما عدا الولايات المتحدة و كندا).
• معيار تاريخي: الدول حديثة الاستقلال. معظم دول العالم الثالث نزعت عن عنقها نير الاحتلال و الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية. أما دول أميركا اللاتينية فقد استقلت خلال الثلث الأول من القرن التاسع عشر.
• معيار اقتصادي: هي الدول المتخلفة اقتصادياً التي يطلق عليها مصطلح الدول النامية أو الدول الآخذة في النمو. إلا أن مصطلح الدول النامية مصطلح يستخدم من قبل أهل الاختصاص الاقتصادي، أما متخصصي السياسة فيستخدمون مصطلح دول العالم الثالث.
• معيار سياسي: معظم دول العالم الثالث اتبعت سياسة عدم الانحياز، فلا هي تابعة للمعسكر الشرقي الشيوعي التابع للإتحاد السوڤييتي و لا تابعة للمعسكر الغربي الرأسمالي التابع للولايات المتحدة. إلا أن معظم هذه الدول اضطرت تحت وطأة الحاجة إلى الانحياز لأحد المعسكرين.

و بذلك يبدو جلياً أن حقل التنمية السياسية حديث النشأة مثل باقي حقول التنمية الأخرى. و لحداثة هذا الحقل وجدت بعض الإشكاليات المتعلقة بتعريف التنمية السياسية. إلا أن هناك تعريف مبدئي هو أن التنمية السياسية برنامج عمل يستهدف تخليص المجتمع من ظاهرة التهلف السياسي بكل أبعادها و معطياتها.

و الاختلاف هو حول كنه برنامج العمل الوارد في التعريف. و الاختلاف الآخر هو حول تعريف التخلف السياسي. و هنا ننظر إلى أقسام المشكلة.

الإشكالية الأولى:
معظم دراسات التنمية السياسية صدرت عن باحثين غربيين. و المشكلة في ذلك أن هؤلاء الباحثين لم يكونون ملمين إلماماً حقيقياً و مرتبطاً بالواقع السياسي لدول العالم الثالث. كما أن أولئك الباحثين كانوا متحيزين حضارياً بمعنى أن التنمية السياسية كانت تسعى إلى التغريب و التأريب. أي ببساطة، كانوا لا يريدون التنمية إلا في نمط أورپي لكي يكون مرضياً. و بذلك يتجاهلون هوية المجتمع الذي يدرسونه. كما أن كثيراً من الدراسات انطوت على التحيز الأيديولوجي، فقد تعاملت هذه الدراسات مع التنمية السياسية على أنها الديمقراطية على الطريقة الغربية. فلا يمكن لمجتمع أن يكون حديثاً سياسياً إلا إذا نقل التطبيق الغربي للديمقراطية.

الإشكالية الثانية:
معظم الدراسات تعاملت مع التنمية السياسية كمرادف للتنمية الاقتصادية، و اعتبرت أن التخلف السياسي مرادف للتخلف الاقتصادي و أن نظريات التنمية الاقتصادية المعروفة هي نظريات للتنمية السياسية. هذا الخلط أدى إلى ميوعة المفاهيم. فربما كان للتنمية السياسية أبعاد اقتصادية إلا أنه لا يمكن جعل أسباب التخلف السياسي اقتصادية بحتة. أي نعم هناك أسباب اقتصادية تؤدي إلى التخلف السياسي لكنها ليست أسباباً رئيسية، بل مرتبطة بأسباب أخرى ثقافية و اجتماعية و سياسية.

الإشكالية الثالثة:
تعامل الباحثين العرب مع التنمية السياسية و التخلف السياسي كمعلوم بالضرورة. فلم يكلفوا أنفسهم عناء البحث و معرفة الأسباب وراء التخلف السياسي أو حتى إعطاء تعريف له أو آثار أو ملامح لهذا المصطلح.