- الخميس يونيو 28, 2012 9:48 am
#51914
إن تناول مفهوم التنمية السياسية، يفرض علينا الإشارة إلى التداخل الموجود بين مفهوم التنمية، ومفاهيم أخرى كالتغيير والتحديث… هذا رغم الصعوبة والغموض الذي يعتري هذه المفاهيم، وقلة قليلة من الباحثين هم الذين يهتمون بضرورة إبراز الاختلاف بين هذه المفاهيم.
بالنسبة للتنمية والتغير، فالتنمية تتضمن حكما ورغبة في التغيير، فهي انسلاخ وخروج عن التوازن الموجود، وهي كذلك تغيير توري([1]). أما التغيير فهو انتقال بطيئ من خلال التوازن الموجود، ويعتبر تغيير تطوري([2]). وبالنسبة للتنمية والتحديث، فالأولى تسعى إلى تغيير في العلاقات الإنسانية وفي المراكز الاقتصادية والسياسية التي يتصل فيها الفرد بغيره([3])، والتحديث هو العملية التي يمكن من خلالها للنسق السياسي أن يسمح أو يساير التغير الاجتماعي والاقتصادي([4]). وآبتر Apter بدوره أراد القيام بتمييز بين التنمية والتحديث([5]):
« le développement est un processus très général, d’extension universelle : il concerne tout les changements qui tiennent à une modification de la stratification social ou à une nouvelle répartition de rôles sociaux. Au contraire, la modernisation constitue une signification très restrictive : elle consiste en l’importation,au sein des sociétés traditionnelles de rôles sociaux nouveaux issus de la société industrielle ([6])
ولرصد مفهوم التنمية السياسية سنتطرق إلى جذور ومفهوم وغايات التنمية السياسية، وكذا الجانب الأيديولوجي في التنظير التنموي.
إن التنظير في التنمية السياسية ارتبط أساسا بالسوسيولوجية الأنكلوسكسونية، إذ تم إنشاء "مجلس أبحاث العلوم الاجتماعية" بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1923، الذي انبثقت عنه "لجنة السياسية المقارنة" التي توجت أعمالها بإصدار خمس مؤلفات في التنمية([7]). وقد برز التنظير في التنمية السياسية كحقل معرفي مستقل عن علم السياسية في بداية الستينات من القرن 20. واستفاد من استثمار مختلف التنظيرات والأفكار السياسية السابقة، والاعتماد على مجموعة من المؤشرات الكمية والكيفية لقياس درجة التطور والتقدم في كل نظام سياسي، وكذا الاعتماد على مجموعة من المعطيات المتعددة والمختلفة والمتكاملة فيما بينها، اقتصادية، اجتماعية، سياسية… والتنظير التنموي ينطلق من تجارب الدول المتقدمة لقراءة ودراسة الدول النامية، ويسعى إلى تحويل المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات حديثة.
إن للتنمية السياسية تعاريف متعددة، فقد عرفها روبيربركنهايم Robert Berghinham بحيث أعطاها خمس مدلولات.
- مدلول قانوني: يهتم بالبناء الدستوراني للدولة. بمعنى الأسس الديموقراطية بكل أبعادها.
- مدلول اقتصادي: يعني تحقيق نمو اقتصادي يوافق تطلعات الشعب الاقتصادية.
- مدلول إداري: ضرورة وجود إدارة مواطنة ملتزمة باحترام مبادئ المشروعية الإدارية والقانونية مع تحقيق شروط الفعالية والكفاءة والعقلانية.
- مدلول سياسي: تحقيق الانصهار في منظومة مجتمعية، والمشاركة في الحياة السياسية.
- مدلول ثقافي: تعتبر التنمية السياسية باعتبارها تحديثا تأتي نتيجة لثقافة سياسية معينة([8]).
كما عرفها لوسيان باي PYE.Lucien بأنها "عملية تغيير اجتماعي متعددة الجوانب غايتها الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، وتتميز بثلاث مظاهر، تتمثل في التمايز البنيوي، وقدرة وكفاءة النظام، تم الاتجاه نحو المساواة([9]).
إن نظريات التنمية السياسية تتخذ النموذج الغربي للدولة الحديثة، كنموذج مثالي حسب المفهوم الفيبيري-يتم على ضوئه قراءة ودراسة التنمية السياسية في الدول النامية، فالمنظرون الغربيون يعتبرون القيم الغربية هي القيم المثلى التي يجب على الدول استيرادها وتطبيقها لتصبح دولا متقدمة وديموقراطية. هذا في حين أن داخل الدول الغربية نفسها ليس هناك نموذج واحد للتنمية، بل هناك نماذج متعددة.
لقد حدد لوسيان باي PYE.Lucien عشرة تعاريف تتداولها الأوساط السياسية تم تصنيفها من طرف محمد الرضواني إلى ثلاثة أصناف.
- صنف أول: يعتبر النمو الاقتصادي أساس تحقيق التنمية السياسية، ويرتكز البحث في هذا الشأن حول النظام السياسي الأنسب لتحقيق الأقلاع الاقتصادي.
- صنف ثاني: يرى أن التنمية السياسية تتحقق بإقرار مجموعة من الخصائص التي بلغتها الممارسة السياسية في البلدان الديموقراطية.
- صنف ثالث: يرى أن التنمية السياسية بعد من أبعاد النمو الإنساني عامة، وهي عملية تغيير تمتاز بخصائص معينة، وجانب من جوانب التغيير بصفة عامة([10]).
فالتنمية السياسية عملية تغيير توري، تطال النسق السياسي، وتستهدف إحداث تغييرات إيجابية، وتسعى إلى ترسيخ قيمتي العقلانية والحرية. فهي تنفي الثقافة التقليدية، وتسعى إلى إحلال ثقافة جديدة، كما تنفي المؤسسات التقليدية المدعمة لثقافة الخضوع، والمفسرة للاستغلال والتخلف كنوع من القدرية، وتريد إحلال المؤسسات الحديثة التي تحاول أن تخلق لدى الفرد نوعا من الاهتمام، وتشجعه على النقد واستعمال العقل في إطار من الحرية.
إن للتنظير التنموي جوانب أيديولوجية، تتمثل في أنه يسعى إلى تسويق القيم الأوربية، ويتخذ النموذج الأوربي كمقياس لدراسة مستويات التنمية في الدول النامية. وهذا يعني إلى حد ما اعتبار المجتمعات الأخرى مجتمعات دنيا، وكذلك تفوق للمؤسسات والقيم الأوربية. كما أن التنظير التنموي جعل من القيم الغربية القيم المركزية التي يجب على الدول السير نحو تحقيقها. وقد حاول التنظير التنموي خلق إطار نظري لمنافسة النظريات التي تفسر التحولات الاجتماعية، كذا لخدمة المصالح الأمريكية في البلدان النامية. فالخارجية الأمريكية تبنت بعض الدراسات التي تسير مع أهدافها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر دراسة لوسيان باي حول حرب العصابات الشيوعية في ماليزيا التي خلصت إلى ضرورة توفير أطر جديدة لرعاية عملية التحول من العلاقات التقليدية إلى الحديثة لمواجهة المد الشيوعي في آسيا"([11]).كما أن بعض المنظرين دعوا الحكومة الأمريكية إلى تبني بعض الخلاصات النظرية التي توصلوا إليها فعلى سبيل المثال لا الحصر" دعى صمويل هانتنغتون وجوان نلسن في مؤلفهما، اختبار غير سهل" المشاركة السياسية والدول النامية، سنة 1976 إلى ضرورة استجابة الكونكريس والرئيس الأمريكي بمطالبة العديد من الأمريكيين بالاقتصار في منح المعونات الاقتصادية على الدول النامية التي تتسم نظمها السياسية بالرغبة والاستعداد لمحاكاة النموذج الأمريكي الإنمائي، باعتباره السبيل الفعال لتحقيق التنمية الاقتصادية والديموقراطية والمشاركة السياسية والاستقرار السياسي"([12]).
رغم الحمولات الأيديولوجية، التي تعتري التنظير التنموي، فإنه لا يجب أن تشكل مبررا لرفض التنمية السياسية، وذلك بالتشبث بالخصوصيات والتقاليد، والتموقف السياسي الرافض والمقصي للآخر. كما أنه لا يجب أن تتجاهل الإنتاج المعرفي الموضوعي الذي أنتجه، وكذا الغايات التي تحملها وتسعى إلى ترسيخها.
إن للتنضير التنموي غايات وأهداف تصب في خلق مجتمع الحرية والعقلانية، ويهتم بالبناء المؤسساتي للدولة، ويمكن التطرق إلى بعض غايات التنمية السياسية على سبيل المثال لا الحصر:
- طبيعة الدولة أنها دولة المؤسسات في مقابل دولة الأمير والجيش.
- العلاقة بين المؤسسات يجب أن تقوم على أساس تمايز وتخصص وظيفي.
- المكانة الاجتماعية تكتسب عن طريق الاستحقاق وليست متوارثة.
- آليات الوصول إلى السلطة يتم عبر انتخابات نزيهة وتنافس حر والاحتكام إلى الشعب وليس عن طريق الوراثة أو الانقلاب أو تدخل خارجي.
- دور البرلمان يتمثل في تشكيل الحكومة والمساهمة في صناعة السياسات العامة.
- الثقافة السياسية ثقافة دنيوية، عقلانية، تشاركية، وليست لاهوتية، مقدسة وتراتية([13]).
[1] - جهينة سلطان العيسى، خضر زكريا، كلثم علي الغانم، علم اجتماع التنمية، دار الأهالي للطباعة، الطبعة الأولى 1999، ص 94.
[2] - نفس المرجع، ص93.
[3] - نفس المرجع، ص93.
[4] - نفس المرجع، ص96.
[5] - Bertrand Badie, le développement politique, Economica, 3éme édition 1984, p95.
[6] - ترجمة شخصية، "التنمية هي مسلسل وامتداد عالمي يتعلق بكل التغيرات التي تحدث تحولات على المستوى الاجتماعي وكذا توزيع جديد للأدوار الاجتماعية، وبالمقابل فالتحديث ظاهرة خاصة ظهرت في حضن المجتمعات التقليدية باستيراد الأدوار الاجتماعية المنبثقة من المجتمعات الصناعية".
[7] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية"، المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات"، الاصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، فصيلة عدد 36 خريف 2006، ص38-39.
[8] - مصطفى الصوفي، الجماعات المحلية والتنمية السياسية.WWW.Safipness.com/index.php ?op=Suit et art=96
[9] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية" المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات"، الاصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة، فصيلة عدد 36 خريف 2006 ص33-34.
[10] - نفس المرجع صفحة 34.
[11] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية" المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات" الاصطلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة، فصيلة عدد 36 خريف 2006 ص38.
[12] - نفس المرجع، ص38.
[13] - للتعمق أكثر: محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الأيديولوجية " المجلة المغاربية للكتاب"، "مقدمات"، "الإصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة عدد 36 خريف 2006، ص36-37.
منقول
بالنسبة للتنمية والتغير، فالتنمية تتضمن حكما ورغبة في التغيير، فهي انسلاخ وخروج عن التوازن الموجود، وهي كذلك تغيير توري([1]). أما التغيير فهو انتقال بطيئ من خلال التوازن الموجود، ويعتبر تغيير تطوري([2]). وبالنسبة للتنمية والتحديث، فالأولى تسعى إلى تغيير في العلاقات الإنسانية وفي المراكز الاقتصادية والسياسية التي يتصل فيها الفرد بغيره([3])، والتحديث هو العملية التي يمكن من خلالها للنسق السياسي أن يسمح أو يساير التغير الاجتماعي والاقتصادي([4]). وآبتر Apter بدوره أراد القيام بتمييز بين التنمية والتحديث([5]):
« le développement est un processus très général, d’extension universelle : il concerne tout les changements qui tiennent à une modification de la stratification social ou à une nouvelle répartition de rôles sociaux. Au contraire, la modernisation constitue une signification très restrictive : elle consiste en l’importation,au sein des sociétés traditionnelles de rôles sociaux nouveaux issus de la société industrielle ([6])
ولرصد مفهوم التنمية السياسية سنتطرق إلى جذور ومفهوم وغايات التنمية السياسية، وكذا الجانب الأيديولوجي في التنظير التنموي.
إن التنظير في التنمية السياسية ارتبط أساسا بالسوسيولوجية الأنكلوسكسونية، إذ تم إنشاء "مجلس أبحاث العلوم الاجتماعية" بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1923، الذي انبثقت عنه "لجنة السياسية المقارنة" التي توجت أعمالها بإصدار خمس مؤلفات في التنمية([7]). وقد برز التنظير في التنمية السياسية كحقل معرفي مستقل عن علم السياسية في بداية الستينات من القرن 20. واستفاد من استثمار مختلف التنظيرات والأفكار السياسية السابقة، والاعتماد على مجموعة من المؤشرات الكمية والكيفية لقياس درجة التطور والتقدم في كل نظام سياسي، وكذا الاعتماد على مجموعة من المعطيات المتعددة والمختلفة والمتكاملة فيما بينها، اقتصادية، اجتماعية، سياسية… والتنظير التنموي ينطلق من تجارب الدول المتقدمة لقراءة ودراسة الدول النامية، ويسعى إلى تحويل المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات حديثة.
إن للتنمية السياسية تعاريف متعددة، فقد عرفها روبيربركنهايم Robert Berghinham بحيث أعطاها خمس مدلولات.
- مدلول قانوني: يهتم بالبناء الدستوراني للدولة. بمعنى الأسس الديموقراطية بكل أبعادها.
- مدلول اقتصادي: يعني تحقيق نمو اقتصادي يوافق تطلعات الشعب الاقتصادية.
- مدلول إداري: ضرورة وجود إدارة مواطنة ملتزمة باحترام مبادئ المشروعية الإدارية والقانونية مع تحقيق شروط الفعالية والكفاءة والعقلانية.
- مدلول سياسي: تحقيق الانصهار في منظومة مجتمعية، والمشاركة في الحياة السياسية.
- مدلول ثقافي: تعتبر التنمية السياسية باعتبارها تحديثا تأتي نتيجة لثقافة سياسية معينة([8]).
كما عرفها لوسيان باي PYE.Lucien بأنها "عملية تغيير اجتماعي متعددة الجوانب غايتها الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، وتتميز بثلاث مظاهر، تتمثل في التمايز البنيوي، وقدرة وكفاءة النظام، تم الاتجاه نحو المساواة([9]).
إن نظريات التنمية السياسية تتخذ النموذج الغربي للدولة الحديثة، كنموذج مثالي حسب المفهوم الفيبيري-يتم على ضوئه قراءة ودراسة التنمية السياسية في الدول النامية، فالمنظرون الغربيون يعتبرون القيم الغربية هي القيم المثلى التي يجب على الدول استيرادها وتطبيقها لتصبح دولا متقدمة وديموقراطية. هذا في حين أن داخل الدول الغربية نفسها ليس هناك نموذج واحد للتنمية، بل هناك نماذج متعددة.
لقد حدد لوسيان باي PYE.Lucien عشرة تعاريف تتداولها الأوساط السياسية تم تصنيفها من طرف محمد الرضواني إلى ثلاثة أصناف.
- صنف أول: يعتبر النمو الاقتصادي أساس تحقيق التنمية السياسية، ويرتكز البحث في هذا الشأن حول النظام السياسي الأنسب لتحقيق الأقلاع الاقتصادي.
- صنف ثاني: يرى أن التنمية السياسية تتحقق بإقرار مجموعة من الخصائص التي بلغتها الممارسة السياسية في البلدان الديموقراطية.
- صنف ثالث: يرى أن التنمية السياسية بعد من أبعاد النمو الإنساني عامة، وهي عملية تغيير تمتاز بخصائص معينة، وجانب من جوانب التغيير بصفة عامة([10]).
فالتنمية السياسية عملية تغيير توري، تطال النسق السياسي، وتستهدف إحداث تغييرات إيجابية، وتسعى إلى ترسيخ قيمتي العقلانية والحرية. فهي تنفي الثقافة التقليدية، وتسعى إلى إحلال ثقافة جديدة، كما تنفي المؤسسات التقليدية المدعمة لثقافة الخضوع، والمفسرة للاستغلال والتخلف كنوع من القدرية، وتريد إحلال المؤسسات الحديثة التي تحاول أن تخلق لدى الفرد نوعا من الاهتمام، وتشجعه على النقد واستعمال العقل في إطار من الحرية.
إن للتنظير التنموي جوانب أيديولوجية، تتمثل في أنه يسعى إلى تسويق القيم الأوربية، ويتخذ النموذج الأوربي كمقياس لدراسة مستويات التنمية في الدول النامية. وهذا يعني إلى حد ما اعتبار المجتمعات الأخرى مجتمعات دنيا، وكذلك تفوق للمؤسسات والقيم الأوربية. كما أن التنظير التنموي جعل من القيم الغربية القيم المركزية التي يجب على الدول السير نحو تحقيقها. وقد حاول التنظير التنموي خلق إطار نظري لمنافسة النظريات التي تفسر التحولات الاجتماعية، كذا لخدمة المصالح الأمريكية في البلدان النامية. فالخارجية الأمريكية تبنت بعض الدراسات التي تسير مع أهدافها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر دراسة لوسيان باي حول حرب العصابات الشيوعية في ماليزيا التي خلصت إلى ضرورة توفير أطر جديدة لرعاية عملية التحول من العلاقات التقليدية إلى الحديثة لمواجهة المد الشيوعي في آسيا"([11]).كما أن بعض المنظرين دعوا الحكومة الأمريكية إلى تبني بعض الخلاصات النظرية التي توصلوا إليها فعلى سبيل المثال لا الحصر" دعى صمويل هانتنغتون وجوان نلسن في مؤلفهما، اختبار غير سهل" المشاركة السياسية والدول النامية، سنة 1976 إلى ضرورة استجابة الكونكريس والرئيس الأمريكي بمطالبة العديد من الأمريكيين بالاقتصار في منح المعونات الاقتصادية على الدول النامية التي تتسم نظمها السياسية بالرغبة والاستعداد لمحاكاة النموذج الأمريكي الإنمائي، باعتباره السبيل الفعال لتحقيق التنمية الاقتصادية والديموقراطية والمشاركة السياسية والاستقرار السياسي"([12]).
رغم الحمولات الأيديولوجية، التي تعتري التنظير التنموي، فإنه لا يجب أن تشكل مبررا لرفض التنمية السياسية، وذلك بالتشبث بالخصوصيات والتقاليد، والتموقف السياسي الرافض والمقصي للآخر. كما أنه لا يجب أن تتجاهل الإنتاج المعرفي الموضوعي الذي أنتجه، وكذا الغايات التي تحملها وتسعى إلى ترسيخها.
إن للتنضير التنموي غايات وأهداف تصب في خلق مجتمع الحرية والعقلانية، ويهتم بالبناء المؤسساتي للدولة، ويمكن التطرق إلى بعض غايات التنمية السياسية على سبيل المثال لا الحصر:
- طبيعة الدولة أنها دولة المؤسسات في مقابل دولة الأمير والجيش.
- العلاقة بين المؤسسات يجب أن تقوم على أساس تمايز وتخصص وظيفي.
- المكانة الاجتماعية تكتسب عن طريق الاستحقاق وليست متوارثة.
- آليات الوصول إلى السلطة يتم عبر انتخابات نزيهة وتنافس حر والاحتكام إلى الشعب وليس عن طريق الوراثة أو الانقلاب أو تدخل خارجي.
- دور البرلمان يتمثل في تشكيل الحكومة والمساهمة في صناعة السياسات العامة.
- الثقافة السياسية ثقافة دنيوية، عقلانية، تشاركية، وليست لاهوتية، مقدسة وتراتية([13]).
[1] - جهينة سلطان العيسى، خضر زكريا، كلثم علي الغانم، علم اجتماع التنمية، دار الأهالي للطباعة، الطبعة الأولى 1999، ص 94.
[2] - نفس المرجع، ص93.
[3] - نفس المرجع، ص93.
[4] - نفس المرجع، ص96.
[5] - Bertrand Badie, le développement politique, Economica, 3éme édition 1984, p95.
[6] - ترجمة شخصية، "التنمية هي مسلسل وامتداد عالمي يتعلق بكل التغيرات التي تحدث تحولات على المستوى الاجتماعي وكذا توزيع جديد للأدوار الاجتماعية، وبالمقابل فالتحديث ظاهرة خاصة ظهرت في حضن المجتمعات التقليدية باستيراد الأدوار الاجتماعية المنبثقة من المجتمعات الصناعية".
[7] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية"، المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات"، الاصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، فصيلة عدد 36 خريف 2006، ص38-39.
[8] - مصطفى الصوفي، الجماعات المحلية والتنمية السياسية.WWW.Safipness.com/index.php ?op=Suit et art=96
[9] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية" المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات"، الاصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة، فصيلة عدد 36 خريف 2006 ص33-34.
[10] - نفس المرجع صفحة 34.
[11] - محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية" المجلة المغاربية للكتاب "مقدمات" الاصطلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة، فصيلة عدد 36 خريف 2006 ص38.
[12] - نفس المرجع، ص38.
[13] - للتعمق أكثر: محمد الرضواني "التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الأيديولوجية " المجلة المغاربية للكتاب"، "مقدمات"، "الإصلاحات المؤسساتية بالمغرب الحصيلة والآفاق، مطبعة النجاح الجديدة عدد 36 خريف 2006، ص36-37.
منقول