صفحة 1 من 1

الهوية العربية في عصر العولمة

مرسل: الخميس يونيو 28, 2012 9:50 am
بواسطة محمد البدنه 36
صحيفة 26سبتمبر
أ.د. علي محمد باعباد

مدخل
يذهب بعض المفكرين والباحثين العرب وغيرهم الى أن العولمة فعل يقلص الكون كله في هوية واحدة متجانسة، ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، فالعولمة وفقاً لهذا الرأي تعمل على بناء ثقافة واحدة، وتسعى الى تذويب الحدود والحواجز الثقافية والفكرية والاقتصادية بين الأمم.. إنها مجموعة لبناء المجتمع الانساني على مقياس الثقافة الواحدة والحياة الاقتصادية الواحدة، وبالتالي فإن ثقافة العولمة هي ثقافة الشركات العابرة للجنسيات والقوميات، ورغم ما ذكر في شمولية العولمة للاقتصاد والسياسة والثقافة، فإن ذلك كله لا يكفي أن يكون لكل أمة خصوصيتها الثقافية وغيرها، وأن الأيديولوجية السياسية في كل بلد تتكون وفق خصوصيتها، واستناداً الى هويتها، فمهما كانت شدة مكونات العولمة وصدمتها لذلك الشعب أو تلك الأمة.

إن الهوية لأي شعب أو أمة هي حصيلة العقيدة والفكر واللغة والتاريخ والفنون والآداب والتراث والقيم والعادات والأخلاق والوجدان ومعايير العقل والسلوك وغيرها من المقومات التي تتمايز بها الأمم والشعوب والمجتمعات، وليست كل هذه المكونات ثابتة بل بعضها يتغير حسب المستجدات الانسانية والحضارية التي لا تتناقض مع ثوابته الدينية والوطنية.(11:3).
لقد اقترن الإنتاج التقني بالعولمة في مجال الاتصالات والمعلومات وتنوع المعرفة وبتحكم الأقوياء، وتوظيفها كوسيلة سيطرت على هوية الضعفاء الدينية والوطنية عن طريق السيطرة على وسائل التواصل وهي اللغة أحد أركان الهوية المهمة، إذ بات تأثيرها في اللسان أمراً واقعاً لدى النخب السياسية والإدارية والاقتصادية، وامتد هذا - وبكل أسف - حتى الى بعض شرائح الطبقة المتوسطة في البلاد العربية والاسلامية والمناهج التعليمية من رياض الاطفال الى الدراسات الجامعية العليا.
لقد أشار الكاتب الامريكي «صمويل هنتعتون» والمنظر للعولمة الامريكية في كتابه (صراع الحضارات) (في أن العالم يتوجه نحو حرب حضارية تكون فيها القيم الثقافية الرمزية هي الحدود الثقافية بين الحضارات) وهو ما يحدث حالياً للهوية العربية الاسلامية تحت ما يسمى بالارهاب كغطاء للتمويه، ولكنها حرب شاملة ضد الاسلام وكل من ينتمي الى هذه الهوية المكونة من الدين واللغة والتاريخ والبيئة.
إن النقاش حول الهوية أصبح سائداً في ساحات النقاش الفكري في العالم في الدول الضعيفة والقوية والمتقدمة، فهذا الاتحاد الاوروبي الذي أصبح يشكل قطباً سياسياً واقتصادياً وثقافياً كبيراً في العالم المعاصر وهو يتكون من خمس وعشرين دولة، يتوجس خيفة من الاختراق الثقافي الامريكي، ويتخذ من القرارات العملية لمواجهة مكونات النمط الثقافي الامريكي، وهناك نقاش فكري ساخن بين المفكرين في أوروبا، تحتل الهوية الصدارة في النقاشات الفكرية.
يشير «اريك دوبان» الصحفي والكاتب الفرنسي في كتابه (هستيريا الهوية) الى أن مسألة الانتماء في بعض البلدان في العصر الحاضر أدت الى حروب ونزاعات أزهقت فيها عشرات الآلاف من الأرواح في مسألة الانتماء الى الهوية، أخذت أبعاداً جديدة في بعض الاحيان الى اللجوء للعنف الدامي، كما حدث في يوغسلافيا وكوسوفو، ومنطقة القوقاز، ومنطقة البحيرات بأفريقيا السوداء وغيرها من مناطق أخرى، وإن هذه النزاعات قد باتت حول مفهوم «الهوية» وتأكيدها والاستماتة من أجل إبقائها وإبرازها ماثلة ومؤثرة.. (11:4).
إن الواقع يشير الى أن في أكثر موطن وبلد في العالم عنده نوع من «هستيريا الهوية » ويتمثل ذلك في عدم اندماج الفرد بسهولة وبشكل طبيعي، كما كان الامر في الامس في علاقاته مع الاسرة، والعمل والجماعة والأمة.
نحن اليوم لسنا في موقع يتيح لنا الاختيار بين نموذج هوية وأخرى ولكن النموذج الغربي للهوية هو المفروض على كل الشعوب ونحن منها، لكن كيف يمكن للهوية العربية الاسلامية الاستفادة مما تقدمه هوية العولمة في كل مجالات الحياة وتحافظ على مكوناتها.
إن مكونات الهوية العربية الاسلامية تختلف عن مكونات الهويات الاخرى، فهي تستطيع أن تستوعب مكونات العولمة وتصوراتها حتى تواكب النفسية الانسانية ومتطلباتها في كل مجالات الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها.. وهذا كله سيتضح بعد إجابة حاسمة وصادقة عن سؤال من نحن؟
أي ما مكونات هويتنا العربية الاسلامية التي من خلالها تأخذ وتعطي من مكونات العولمة الفكرية والمادية؟
إن الهوية العربية الاسلامية في حاجة الى التحديث كفاعلة ومساهمة للاختراق حامية خصوصيتها من الانحلال والذوبان والتلاشي.. إنها ليست في حاجة الى من يدفعها الى الهرولة في أحضان العولمة المتوحشة والدعوة الى الانفتاح على الحضارات المغايرة ولاسيما تلك التي تدعى لنفسها صفة العالمية وتفرضها على الشعوب والأمم بالحديد والنار وبحكم قوتها الاقتصادية والإعلامية والثقافية والسياسية والعسكرية..
إن مشكلة الهوية العربية الاسلامية في ظل العولمة لا تكمن في هل تتفاعل أم لا؟
ولكن تكمن في شروط هذا التفاعل ومنطلقاته ومدى تحكمها في الشروط والمنطلقات.
إن على الهوية العربية الاسلامية أن تسارع الى ركوب قطار العولمة بشرط أن لا يتركها في محطات التخلف والعبودية والقهر والإذلال، فشعوبها بشر وليسوا حيوانات، فهم يحملون «هويتهم» وجوازات سفرهم وأشياءهم الخاصة ويعرفون وجهة سفرهم، وليسوا سوائم وأنعاماً، يسيرون حيث سار قطار العولمة الضال.
إن الهوية العربية الاسلامية هوية عالمية اسلامية وليست هوية قومية خاصة بالعرب.. ولكنها خاصة بكل من يقول: «لا إله الا الله محمد رسول الله» في هذا العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه..

مشكلة البحث
تعاني الهوية العربية الاسلامية من هجمة غربية وأمريكية تحت اسم العولمة في كل مجالات الحياة، بهدف قمعها والقضاء عليها باسم الارهاب والتخلف وعدم مواكبتها للتقدم العلمي والحضاري.

هدف البحث
يهدف البحث الى الإجابة عن سؤال كبير وهو هل تستطيع الهوية العربية الاسلامية العيش في ظل العولمة؟ ومن خلال هذا السؤال يجيب البحث عن الأسئلة الفرعية الآتية:
- ما آفاق وأفكار العولمة؟
- ما الهوية العربية الاسلامية والهوية العولمية؟
- ما المكونات الاساسية للهويتين؟ وهل بينهما اختلاف؟
- هل استطاعت الهوية العربية الاسلامية استيعاب مكونات العولمة ونشر مبادئها وأفكارها وأنظمتها في العالم بدلاً عن العولمة؟
- ما التحديات التربوية والتعليمية التي تواجه الهوية العربية الاسلامية في ظل العولمة؟

حدود البحث
يسعى الباحث الى دراسة الهوية العربية الاسلامية ومكوناتها من خلال مبادئ الاسلام وتصوراته للانسان والكون والحياة.. وتربية الهوية وتثقيفها والتحديات التي تواجهها في مجال التربية والتعليم العالي والجامعي في العصر الحاضر.

منهج البحث
استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي الذي يعتمد على تجميع الحقائق والمعلومات، ثم مقارنتها وتحليلها وتفسيرها للوصول الى تصورات وأفكار وآراء مقبولة، وذلك من خلال الكتب والمراجع والمقالات التي تتعلق بموضوع البحث.

مصطلحات الهوية
«تستعمل كلمة الهوية في الأدبيات المعاصرة لأداء معنى كلمة idintity التي تعبر عن خاصية المطابقة، مطابقة الشيء لنفسه او مطابقته لمثيله.
وفي المعاجم الحديثة فإنها لا تخرج عن هذا المضمون، فالهوية هي حقيقة الشيء او الشخص، المشتملة على صفاته الجوهرية، التي تميزه عن غيره وتسمى أيضاً وحدات الذات»..(23:4).
«الهوية بالنسبة للفرد أو الجماعة أو المجتمع هي ما يكون به» هو «أي به تتكون عناصر ومقومات مميزة لشخصه وما يثبت وجوده ويؤكد حضوره في سياق مجتمعي صغير او كبير وما يوجد أفعاله وانفعالاته ويضبط علاقاته الخاصة، او العامة، إن تلك المقومات هي ما تطبعه بسمات وملامح خاصة تتشكل منها الهوية وتحدد عناصرها من خلال: «الدين، اللغة، التاريخ والبيئة»(8: 48).

العولمة
العولمة كلمة ليست عربية الأصل، لم تستعمل الا منذ مدة قصيرة، وهي تعريب أو ترجمة لكلمة انجليزية «globalization» المشتقة من glob والتي تعني كرة او الكرة الارضية وهو اشتقاق حديث في اللغة الانجليزية، ويعرف معجم ويبستر «webster» الانجليزي كلمة العولمة بالقول: «هي اكتساب الشيء طابع العالمية وخاصة جعل نطاق الشيء وتطبيقه عالمياً، وتعطي المعاجم الفرنسية للكلمة تعريفاً مماثلاً تقريباً للتعريف الانجليزي السابق، والكلمة المقابلة لها باللغة الفرنسية هي «mondialsaton» (20: 12).
ويشير قاموس اكسفورد للمصطلحات الانجليزية الجديدة الى فهوم مصطلح العولمة للمرة الاولى عام 1991م واصفاً إياه بأنه من الألفاظ الجديدة التي برزت خلال التسعينيات مستعينة بالمستجدات التقنية وتطور علم المعلومات وآليات الاتصال..(6: 17).
وتعني العولمة في مفهومها المثالي بناء عالم واحد، أساسه توحيد المعايير الكونية، وتحرير العلاقات الدولية، والدبلوماسية والاقتصادية وتقريب الثقافات، ونشر المعلومات وعالمية الانتاج المتبادل، وانتشار التقدم التكنولوجي، وعالمية الاعلام.
والعولمة كما هي مطبقة في عالم الواقع - فهي عملية الحاقية انتقائية تقسم العالم الى عالمين: «عالم القوى الكبرى ذات المصالح المتبادلة، والمؤسسات العالمية، والشركات العالمية، وعالم الدول النامية او الضعيفة، والعالم الثاني عليه أن يقبل دور التابع للعالم الأول، حتى طاقاتها التكنولوجية القليلة التي طورت بشق الانفس يتم استنزافها والاستيلاء عليها بواسطة دول العالم الأول.(15: 217).
يستعمل البعض مصطلح العولمة مرادف أو بديل للعالمية unitersatsm أو العكس، ولكن هذا الاستخدام غير دقيق، فالمهتمون معظمهم يؤكدون على أن العولمة في مفهومها الضمني ومدلولها الاصطلاحي ليست هي العالمية، إذ تشير العالمية الى زيادة التعاون وتوثيق العلاقات بين الدول مع الحفاظ على سيادة كل دولة وخصوصياتها، في حين ترى العولمة الى إيجاد نشاط اقتصادي وثقافي وإعلامي معلوم من خلال تقليص وتهميش دور الدولة القطرية أو القومية ومؤسساتها الوطنية والسعي لجعل العالم قرية كونية وسوقاً عالمياً واحدة..(20: 16).

الهوية العربية الإسلامية
إن الهوية هي عقلية ونفسية كامنة في جسم الإنسان والأمة، لا تعرف الا من خلال التفكير والسلوك.. أي عقلية تفكر وتحلل كل شؤون الحياة.. والاحداث على أساس نظرية كلية للكون والإنسان والحياة.. ونفسية تقوم بتصرف الغرائز والميول وفق تلك النظرية او التصور الكلي الذي تنبثق منه كل تشريعات المجتمع وأسس علاقاته قال تعالى: «ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على على كل شيء قدير» (البقرة: 148)، وقال تعالى: «قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً».. (الإسراء: 84) «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة» (المائدة: 48).
يمكن أن تعرف الهوية العربية الاسلامية بأنها الهوية التي تتكون من خلال عقلية ا لشعب العربي المسلم، القائمة على أساس تصور الاسلام للانسان والكون والحياة ومن خلال نفسية الشعب العربي المسلم، التي تصرف غرائزها وميولها وفقاً لأحكام الاسلام في جميع شؤون الحياة.
ويعرفها الدكتور محمد عمارة «الهوية العربية الاسلامية جوهر وحقيقة وثوابت الامة العربية التي اصطبغت بالاسلام منذ دانت به غالبية هذه الامة»، فأصبح (هو) «الهوية» الممثلة بأصالة ثقافتها، فهو الذي طبع ويطبع، وصبغ ويصبغ ثقافتها بطابعه وصبغته، فعاداتها وتقاليدها وأعرافها وآدابها وفنونها وسائر علومها الانسانية والاجتماعية وعلومها الطبيعية والتجريبية، ونظرتها للكون، وللذات، وللآخرة وتصوراتها لمكانة الانسان في الكون من أين أتى؟ والى أين ينتهي؟ وحكمة هذا الوجود ونهايته، ومعايير المقبول والمرفوض، والحلال والحرام وهي جميعها عناصر لهويتها»(22: 3).

خطة البحث
يتكون البحث من مقدمة وأربعة موضوعات:
- مقدمة البحث ومشكلته وأهدافه ومنهجه ومصطلحاته.
- العولمة آفاق وأفكار.
- مكونات الهوية العربية الاسلامية وهوية العولمة.
- الهوية العربية الاسلامية في ظل العولمة.
- التحديات التربوية التعليمية التي تواجهها الهوية العربية الاسلامية في عصر العولمة.
- النتائج والتوصيات.
- مراجع البحث.

العولمة آفاق وأفكار
يقول علماء الاسلام: إن الحكم على الشيء فرع من تصوره، ولذا فالحكم على العولمة لابد أن يبدأ بتصور واضح لها، وفهم عميق لمكوناتها وما يمكن ان ينشأ عنها من مترتبات.
إن ظاهرة العولمة نشأت عند بزوغ الرأسمال مع تهميش السلطة، وتزايد حركة التجارة التي كسرت العزلة الاقتصادية بين الشعوب، مما اتاح فرض الاقتصاديات القومية على العلاقات التجارية، وتوحيد الأسواق الداخلية، فقد شهد القرن التاسع عشر أوج انتشار الاقتصاد ولكن لم يصل الى حد العولمة كما في الوقت الحاضر.
يرى «فوكوياما» المستشار الاستراتيجي والمخطط للسياسة الامريكية الخارجية أن انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكيك المنظومة الشيوعية لم يضع حداً للصراع التقليدي فحسب، وإنما وضع نهاية للتاريخ أيضاً، باعتباره الى الآن تاريخ صراعات مريرة، وبتلك النهاية يميل التاريخ الى الاستقرار عند الرأسمالية العالمية، كنظام للديمقراطية الليبرالية الغربية وكنظام اجتماعي سياسي عالمي، كما تجاوز «صموئيل هنتغتون» المحاضر في جامعة هارفارد بأمريكا فلسفة «النهائيات» التي اكتملت عند َ «فوكوياما» بحتمية الليبرالية كمصير للشعوب الى حتمية «صراع الحضارات» التي هي آخر طور، أي الحلقة الاخيرة في سلسلة تطور والصراعات ويرى أن التاريخ لن ينهض وأن الصراع الحقيقي لن يختفي، وإنما سينكفي كل منهما بتغير مصادره واتجاهاته، وتبديل أشكاله بالتحويل في صراع دول ومجتمعات وطبقات الى صراع ثقافات وحضارات (7: 1).
«تطورت العولمة مع بروز الحداثة بكونها مؤثراً في صيرورة المجتمع الغربي،و تطور الرأسمالية الغربية، فقد أعادت الحداثة وتطور الرأسمالية في الغرب ترتيب النظام الدولي وأهليته لحركة دمج وصهر في نظام اقتصادي عالمي ينبثق من الغرب وينتشر في كل الاتجاهات في العالم مظللاً بقناع تفوق ثقافة الغرب وسلوكياته وتأثيرهما في شعوب العالم» (6: 17).
هنا يمكن أن نوضح أهم الآفاق والأفكار التي أحدثتها العولمة في العالم والقلق منها على هوية الشعوب والمجتمعات ومنها الهوية العربية الاسلامية ومن أهمها: (11: 2).
- ارتباط العولمة بالثورة العلمية والمعلوماتية الجديدة التي تنتشر في العالم منذ التسعينيات.
- الثورة العلمية التكنولوجية هي التي جعلت العالم أكثر اندماجاً، وسهلت وعجلت حركة الافراد والرأسمالية والسلع والمعلومات والخدمات وجعل المسافات تتقلص والزمان والمكان ينكمش، وساهمت في انتقال المفاهيم والقناعات والمفردات والأذواق فيما بين الثقافات.
- إن عصر العولمة يشير الى أنه لا يوجد شعب يحترم نفسه ويود أن يكون له موقع متقدم بين الأمم الحية والفاعلة، الا وهو يدرك أن عليه الاقتراب من العلم والمعرفة، ويأخذ بالتفكير العلمي.
- القوة والغنى والتقدم والتحضر تقاس بالاندماج في الحضارة العلمية والأخذ بمعطيات الثورة العلمية والتكنولوجية.
- إن جوانب الثورة العلمية التكنولوجية برزت في مجال الكمبيوتر التي ضاعفت كفأته الى آلاف المرات التي تقوم بعمليات حسابية تحسب بالمليارات في الثانية الواحدة مع صغر حجمها.
- لقد فتحت العولمة آفاقاً جديدة، ومستجدات حديثة في مجال الهندسة الوراثية وتكنولوجية الاتصالات - وعالم الكمبيوتر الاضافة الى التطورات في مجال تقنيات الفضاء والطب والفيزياء المرتبطة بالثورة العلمية والتكنولوجية الثالثة والتي لا نهاية لفهم أدق تفاصيلها.
- إذا كانت العولمة تعني التدفق الحر للسلع والخدمات عبر الاقتصاديات المفتوحة على بعضها البعض، فإن بإمكان كل الدول والمجتمعات الاستفادة من مثل هذا التدفق لزيادة فرص النمو والرفاهية في كل أرجاء المعمورة، كما أن بإمكان كل الثقافات في العالم أن تستفيد من اقترابها من بعضها البعض، وأن تسخر التدفق الحر للبيانات والمعلومات والأفكار والمفاهيم لكي تتعرف على اختلافاتها، وتحترم خصوصياتها وتعزز من التنوع الثقافي العالمي.
- العولمة تعني بروز نظام عالمي جديد أكثر اهتماماً بقضايا البيئة وحقوق الانسان، وتدني الفقر، وإيجاد الحلول للاختلال الاجتماعي، فإن هذا النظام «العولمة» سيكون حقاً أكثر استقراراً وأقل تأثراً من النظام العالي القديم الذي انتهى بانتهاء صراع الشرق والغرب، واختفاء التوتر النووي بين الدول العظمى، إذا كان كل ذلك من آفاق وأفكار العولمة فهي عولمة ذات الوجه الانساني الذي سيجد الترحيب الكبير من قبل الدول والشعوب والمجتمعات.
- لكن النظام العالمي الجديد - الذي نادى به الرئيس الامريكي جورج بوش، وأكمل مسيرته الرئيس بل كلينتون، والرئيس جورج بوش الابن، يهدف الى سيطرة أمريكا على العالم: تمثل العولمة ميادينه التطبيقية،و تساند أمريكا مؤسسات عالمية عظمى مثل: الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية، وصندوق النقد الدولي، وحلف الناتو.. (6: 45).
يقوم هذا النظام العالمي على الوحدات والنظم التالية: (6: 46)
- الوحدة الوطنية، لكل دولة على حدة.
- التكتلات الاقليمية مثل: الوحدة الاوروبية ووحدة دول آسيان.
- العالم وحركة انتقال الاموال، والاستثمارات المستقلة.
- الشركات العالمية متعددة الجنسيات ومتعددة الحدود.
تخضع الوحدة الأولى والثانية للمساءلة أمام الحكومات المحلية والاتحادات، ولكن الثالثة والرابعة لاتُسأل من قبل المجتمع المحلي أو الدولي.. ومن هنا تعزز العولمة نظاماً عالمياً غير عادل، وغير متوازن، يدفع المجتمعات الى رفض منطلقات العولمة، ونتائجها، والتمسك بشكل المجتمع ما قبل الصناعة الحديثة.
«إن العولمة بهذا المفهوم تتعارض - تعارضاً تاماً - مع قواعد القانون الدولي، ومع طبيعة العلاقات الدولية، بل إنها تتعارض كلية مع الاقتصاد الوطني ومع السيادة الوطنية، ومع قانون التنوع الثقافي ومبادئ التعاون الثقافي الدولي، والعولمة إذا سارت في الاتجاه المرسوم لها، ستكون إنذاراً بانهيار وشيك للاستقرار العالمي، لأن العولمة بهذا المفهوم الشمولي ذي الطابع القسري سيؤدي الى فوضى على مستوى العالم في الفكر والسلوك، وفي الاقتصاد والتجارة، وفي الفنون والآداب، وفي العلوم والتكنولوجيا أيضاً» (23: 6). يتبع

# الأمين العام المساعد لاتحاد الجامعات العربية