الإسلاميون لن يشنوا حروبا ويجهزوا غزاة
مرسل: الخميس يونيو 28, 2012 3:24 pm
مهند مبيضين
أثبتت ثورة مصر وتونس عدم صحة مقولة الاستعصاء الديمقراطي عربيا، فالإسلام السياسي الذي تقدم في مصر ومشروع الشراكة بين الإسلام والقوى الوطنية الأخرى في تونس أثبت أن الإسلاميين ليسوا اقصائيين، وأنه من ممكن أن يشكلوا نموذجا في الحكم، واليوم باتت لدينا حالات ثلاثة عربيا في المغرب وتونس ومصر، وهناك الجار التركي.
في كل هذه التجارب لم يرفض الإسلاميون أرث الدولة والنظام والقانون، بل تعاملوا معه، ومهمتهم الوحيدة اليوم محاولة تطبيق برنامج تنموي يقلل الفقر والتهميش ويحقق العدالة الاجتماعية للفئات التي تشعر بالحرمان والإقصاء، وهي مهمة ليست بالسهلة إطلاقا، وليست ممكنة التحقيق بين يوم وليلة، وتحتاج إلى عقود، كما هي الحال في النموذج التركي، الذي لم يصل إلى ثاني أكبر دولة في العالم في النمو الاقتصادي إلا بعد جهد ودأب كبيرين.
في السياسة الخارجية، لا ننتظر تغييرا كبيرا في الدول التي باتت تحت حكم الإسلاميين، فحين كان الإخوان المسلمون في المعارضة، كان في وسعهم اتخاذ المواقف النقدية الجازمة - مثلاً في مصر - حيال السياسة الخارجية لمبارك، وخاصة في ما يرتبط بالعلاقة مع إسرائيل.
لكن بدا واضحاً، فيما يستعد الإخوان لتحمُّل مسؤولية الحكومة، أن مواقفهم في السياسة الخارجية قد أصبحت براغماتية إلى حدّ كبير، وتستند إلى الاعتبارات نفسها التي تُملي على أي حكومة - في مصر أو تونس أو المغرب– أخذ وضعها في الاعتبار. والواقع أنّه من المفاجئ أن صعود الإسلاميين لم يُسفر - ليس بعد على الأقل- عن تغيُّر دراماتيكي في السياسة الخارجية.
ولأن جماعة الإخوان ربما تدرك تماماً الحاجات الاقتصادية للطبقات الدنيا والوسطى، وبسبب موقفها الإيجابي العام من قطاع رجال الأعمال وآليات السوق، فإنها تعي، على وجه الخصوص، أن قواعدها تحتاج أكثر ما تحتاج إلى فرص العمل، وأن أفضل وسيلة لتوفير ذلك هي القيام بما قامت به تركيا، أي سياسة خارجية تستند إلى العلاقات الطيبة مع أوسع مراوحة ممكنة من الدول والأطراف الاقتصادية، إضافة إلى سياسة خارجية ومحلية ودودة مع قطاع رجال الأعمال من دون تجاهل السياسة الضريبية للدولة، والصناديق الاجتماعية التي تساعد على ضمان الحاجات الأساسية للمواطنين، ومحاولة الموازنة بين دينامية السوق وحاجات العدالة الاجتماعية.
في الموقف من إسرائيل من المتوقع استمرار الرفض للتعامل مع إسرائيل والتنديد بها، لكن من الصعب مرحليا الانقلاب على العلاقات الطويلة التي نسجتها بلدان المنطقة، ففي تونس مثلا صرح الشيخ راشد الغنوشي بأنه لن يعترف بإسرائيل، لكنه لم يتعد في تصريحه أكثر من ذلك. وفي مصر جرى تفاهم مع الولايات المتحدة على ذلك، وستنحصر العلاقات في أدني ما تقتضيه درجات الدبلوماسية.
ولنكن واقعيين في توقعنا من سلوك الإسلاميين في الحكم، فهم لن يشنوا حروبا، ولن يبدؤوا معارك تحرير واستعادة، ومعركتهم الوحيدة في بلدانهم، تكمن بإعادة الثقة للمواطن الغلبان والمهمش، وتحقيق العدالة ومكافحة الفساد بجدية.
لن يجهز الإسلاميون غزاة جددا، وطموحاتهم التي ربما تنحصر في رد الاعتبار للمواطن وكرامته، قد تكون أفضل من وعود الثورات التقدمية التي جربناها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ومع أنهم ليسوا الأفضل، لكنهم يستحقون التجريب وأخذ الفرصة.
أثبتت ثورة مصر وتونس عدم صحة مقولة الاستعصاء الديمقراطي عربيا، فالإسلام السياسي الذي تقدم في مصر ومشروع الشراكة بين الإسلام والقوى الوطنية الأخرى في تونس أثبت أن الإسلاميين ليسوا اقصائيين، وأنه من ممكن أن يشكلوا نموذجا في الحكم، واليوم باتت لدينا حالات ثلاثة عربيا في المغرب وتونس ومصر، وهناك الجار التركي.
في كل هذه التجارب لم يرفض الإسلاميون أرث الدولة والنظام والقانون، بل تعاملوا معه، ومهمتهم الوحيدة اليوم محاولة تطبيق برنامج تنموي يقلل الفقر والتهميش ويحقق العدالة الاجتماعية للفئات التي تشعر بالحرمان والإقصاء، وهي مهمة ليست بالسهلة إطلاقا، وليست ممكنة التحقيق بين يوم وليلة، وتحتاج إلى عقود، كما هي الحال في النموذج التركي، الذي لم يصل إلى ثاني أكبر دولة في العالم في النمو الاقتصادي إلا بعد جهد ودأب كبيرين.
في السياسة الخارجية، لا ننتظر تغييرا كبيرا في الدول التي باتت تحت حكم الإسلاميين، فحين كان الإخوان المسلمون في المعارضة، كان في وسعهم اتخاذ المواقف النقدية الجازمة - مثلاً في مصر - حيال السياسة الخارجية لمبارك، وخاصة في ما يرتبط بالعلاقة مع إسرائيل.
لكن بدا واضحاً، فيما يستعد الإخوان لتحمُّل مسؤولية الحكومة، أن مواقفهم في السياسة الخارجية قد أصبحت براغماتية إلى حدّ كبير، وتستند إلى الاعتبارات نفسها التي تُملي على أي حكومة - في مصر أو تونس أو المغرب– أخذ وضعها في الاعتبار. والواقع أنّه من المفاجئ أن صعود الإسلاميين لم يُسفر - ليس بعد على الأقل- عن تغيُّر دراماتيكي في السياسة الخارجية.
ولأن جماعة الإخوان ربما تدرك تماماً الحاجات الاقتصادية للطبقات الدنيا والوسطى، وبسبب موقفها الإيجابي العام من قطاع رجال الأعمال وآليات السوق، فإنها تعي، على وجه الخصوص، أن قواعدها تحتاج أكثر ما تحتاج إلى فرص العمل، وأن أفضل وسيلة لتوفير ذلك هي القيام بما قامت به تركيا، أي سياسة خارجية تستند إلى العلاقات الطيبة مع أوسع مراوحة ممكنة من الدول والأطراف الاقتصادية، إضافة إلى سياسة خارجية ومحلية ودودة مع قطاع رجال الأعمال من دون تجاهل السياسة الضريبية للدولة، والصناديق الاجتماعية التي تساعد على ضمان الحاجات الأساسية للمواطنين، ومحاولة الموازنة بين دينامية السوق وحاجات العدالة الاجتماعية.
في الموقف من إسرائيل من المتوقع استمرار الرفض للتعامل مع إسرائيل والتنديد بها، لكن من الصعب مرحليا الانقلاب على العلاقات الطويلة التي نسجتها بلدان المنطقة، ففي تونس مثلا صرح الشيخ راشد الغنوشي بأنه لن يعترف بإسرائيل، لكنه لم يتعد في تصريحه أكثر من ذلك. وفي مصر جرى تفاهم مع الولايات المتحدة على ذلك، وستنحصر العلاقات في أدني ما تقتضيه درجات الدبلوماسية.
ولنكن واقعيين في توقعنا من سلوك الإسلاميين في الحكم، فهم لن يشنوا حروبا، ولن يبدؤوا معارك تحرير واستعادة، ومعركتهم الوحيدة في بلدانهم، تكمن بإعادة الثقة للمواطن الغلبان والمهمش، وتحقيق العدالة ومكافحة الفساد بجدية.
لن يجهز الإسلاميون غزاة جددا، وطموحاتهم التي ربما تنحصر في رد الاعتبار للمواطن وكرامته، قد تكون أفضل من وعود الثورات التقدمية التي جربناها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ومع أنهم ليسوا الأفضل، لكنهم يستحقون التجريب وأخذ الفرصة.