منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#51981
المحاضرة الرابعة: الأربعاء، 30 رجب 1433 – 20 يونيو 2012

أزمة الهوية الناتجة عن التباين الطبقي:
البنية الاجتماعية الطبقية السليمة هي أن يتكون المجتمع من ثلاث طبقات: طبقة غنية قليلة العدد، و طبقة وسطى ضخمة العدد، و طبقة فقيرة قليلة العدد. و كلما تضخمت الطبقة الوسطى في المجتمع كلما كان البناء الاجتماعي سليماً. أما إذا تضخمت الطبقة الفقيرة و تآكلت الطبقة الوسطى فنحن بصدد اختلال طبقي.

و لتعريف الطبقة الوسطى، يمكننا القول بأنها مكونة من ذوي المستويات الاقتصادية التي ليست فقيرة ليمدوا أيديهم و ليست غنية لينشبوا أظفارهم. و في كل المجتمعات تقدم الطبقى الوسطى للدولة القيادات الإدارية و السياسية، و بالتالي فهي ضمانة المجتمع.

أما الحاصل في مجتمعات العالم الثالث هو أنها تعاني من اختلال طبقي حاد. فهي تعاني من قلة الطبقة الغنية و تآكل الطبقة الوسطى و تضخم الطبقة الفقيرة. و ازداد هذا الأمر رسوخاً و وضوحاً في ظل ما يعرف بالخصخصة و العولمة، التي لها ثلاث أدوات اقتصادية كبرى هي: منظمة التجارة العالمية، و منظمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي للإنشاء و التعمير. و لقد ظلت معظم دول العالم الثالث تطبق نظماً اشتراكية باقتصاد قائم على التخطيط المركزي إلى أن انهار الإتحاد السوڤييتي و اتجه العالم نحو النظم الاقتصادية الرأسمالية. و لما كان التحول من الاشتراكية إلى الرأسمالية فجائياً، و لأن النظام الرأسمالي لا يراعي القيم الاجتماعية، زادت البطالة بشكل كبير. و تصاحب ظاهرة الخصخصة ظاهرة أخرى هي ظاهرة تزاوج السلطة و رأس المال. أي سعي الأغنياء للحفاظ على امتيازاتهم اللامحدودة عن طريق الوصول للسلطة بطريقة أو بأخرى.

و علاقة هذا كله بأزمة الهوية هو أننا نجد أنفسنا أمام أمتين لا أمة واحدة. أمة قليلة العدد – يطلق عليها أحياناً مجتمع النصف بالمئة – تهيمن على مؤسسات صنع القرار و يبدو النظام السياسي بكامله يدار لصالحها، و أمة ضخمة العدد تعاني شظف العيش. و غالباً ما نجد في هذه المجتمعات نسبة بطالة عالية لا سيماً من فئة الشباب. و لربما كانوا على مستويات مرموقة من التعليم. كما نجد أن الطبقة الغنية تسوق لباقي المجتمع قيماً من قبيل المارد الذي سيأتي بالحل لكل مشاكلهم لازدراء العمل و الجهد و انتظار المعجزة التي تحوله إلى إنسان غني، مثل مسابقات اليانصيب و البورصة.

كل هذه الأوضاع تكرس أزمة هوية من نوع ثالث قد تصل بالإنسان إلى أن يهون عليه الوطن نفسه. و وصلت أيضاً ببعض الشباب العربي أن يعمل لدى الكيان الصهيوني. فيفقد الفقراء ثقتهم بالمجتمع و بالنظام السياسي و ينظروا إليه كأداة تحفظ امتيازات الطبقة الغنية. و لا يتجه ولاؤهم لهذا النظام السياسي، و قد تسعى هذه الطبقة الفقيرة إلى الإطاحة بالنظام السياسي القائم.

إذن، فأزمات التنمية السياسية كالحلقات الخبيثة المرتبطة ببعضها و تغذي كل منها الأخرى. فأزمة الهوية تتداخل مع أزمة التوزيع، و أزمة الهوية الناتجة عن التباين العرقي تتداخل مع أزمة الاستقرار السياسي.

أزمة شرعية السلطة:
يجب أن نحلل السلطة السياسية إلى عنصريها: السيطرة، و الفاعلية. فالسيطرة هي احتكار الحاكمين لأدوات الإكراه المادي التي يُنظر إليها من قبل المحكومين كاحتكار شرعي خيّر. فالسلطة السياسية تنفذ القوانين من خلال السيطرة. أما الفاعلية فترتكز إلى رضا المحكومين بحيث ينفذون القوانين دونما إكراه لأنهم يرون ان السلطة السياسية سلطة عادلة و تعبر عنهم. و الرضا هو الذي يضفي الشرعية على سلطة الحكام و يهيء لها الفاعلية. فمن غير المعقول استخدام القوة لإنفاذ كل التشريعات.

أما مصادر الشرعية كما حددها ماكس ڤيبر هي:
• التقاليد
• كارزمية القيادة السياسية
• الدستور