منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#52082
المحاضرة السادسة: الاثنين، 5 شعبان 1433 – 25 يونيو 2012

أزمة المشاركة:
تمثل المشاركة السياسية إحدى أهم مقومات الحداثة السياسية، فهي الفارق بين مجتمع الحداثة السياسية و المجتمع التقليدي. كما أنها أيضاً الفارق بين المواطن و الرعية، لأن المواطن يكون على دراية بحقوقه و واجباته الدستورية و يندفع بإيجابية للمشاركة في كل ما يتعلق بشؤون مجتمعه. أما الرعية فعكس ذلك.

و على الرغم من أهمية المشاركة السياسية كمبحث مهم في علم السياسة فليس هناك اتفاق على تعريف محدد لها. إذ يعرفها صمويل هنتچتن بقوله أنها نوع من النشاط يقوم به المواطنون العاديون بهدف التأثير في ضنع القرار الحكومي. أما السيد الزيات فيعرفها بأنها عملية تطوعية أو رسمية تعبر عن اتجاه عام رشيد و تتضمن سلوكاً منظماً و مشروعاً متواصلاً يعكس إدراكاً مستنيراً لأبعاد الدور الشعبي في عالم السياسة و يتسلح بالفهم العميق للحقوق و الواجبات. (نص التعريف في الكتاب بصفحة 39).

و كلام الزيات يصور المشاركة السياسية بصورة طوباوية لو أُخذت و طبقت على الواقع لما زادت النسبة عن 1%. كما أن العزلة تعد نوعاً من المشاركة السياسية حينما يعتقد الناخب أن امتناعه عن الإدلاء بصوته يشكل ضغطاً على النظام.

و هناك تعريف ثالث للمشاركة السياسية هو أنها مجموعة التصرفات الإرادية التي تستهدف التأثير في عملية صنع السياسات العامة، و إدارة شؤون المجتمع، و كذا تلك التي يتم من خلالها اختيار القيادات السياسية على كافة المستويات الحكومية من قومية و محلية، و ذلك بغض النظر عما إذا كانت هذه التصرفات منظمة أو غير منظمة، مؤقتة أو مستمرة، مشروعة أو غير مشروعة، و سواء نجحت في بلوغ غاياتها أو لم تنجح. (نص التعريف في الكتاب بصفحة 40).

و المشاركة تشمل الكثير من الأنشطة التي من خلالها تنقل الجماهير مطالبها للصفوة. فهناك الأنشطة الداعمة للصفوة، و الجهود المبذولة من الجماهير للتأثير على سلوك الحكام و اختيارهم، و عمليات التمثيل البرلماني، و تقلد المناصب السياسية الرسمية، و الانضمام للأحزاب و جماعات الضغط، و المشاركة في الاجتماعات العامة، و تأليف المقالات و الكتب المتعلقة بالشأن العام، و النقاشات العامة مع الرفاق في الشؤون السياسية، و الولوج إلى المواقع الإلكترونية السياسية، و كل محاولات تغيير الواقع.

أما الحال في دول العالم الثالث فهو معاناتها من تدني نسبة المشاركة السياسية. و هي تظهر على المجتمع حينما تطرأ على المجتمع أي صورة من صور التحديث السياسي مثل انتقال الدولة من الاستعمار إلى الاستقلال، أو انتقال الحكم من كونه دكتاتورياً إلى كونه ديمقراطياً، أو انتقال الدولة من نظام الحزب الواحد إلى نظام متعدد الأحزاب. فكل ما سبق يؤدي إلى زيادة أعداد المتطلعين إلى المشاركة السياسية. و تظهر الأزمة عندما تضع الصفوة الحاكمة العراقيل أمام المتطلعين إلى المشاركة.

و أهم أسباب وجود أزمة المشاركة في دول العالم الثالث هو الاستبداد الذي عاشه معظم جماهير العالم الثالث، و الفقر، و الأمية.