صفحة 1 من 1

دلالة الماضي في رؤية المستقبل نظرة سياسية

مرسل: الخميس يوليو 05, 2012 12:14 am
بواسطة محمد العمري 36
تعج الساحة السياسية في العراق في شقها الأول وهو الفسطاط الممالئ للاحتلال بحراكات ازاحية وتسقيطات وتدافع للفوز بالاستفراد وإعلان الانتهاء لعهد ما يسمى التوافق والشراكة الوطنية وهي مسميات جوفاء لا قيمة لها سوى الاستهلاك الإعلامي لتصوير ما يجري في العراق من عمالة وانغماس في الأجندات الاحتلالية والإقليمية على انه حراك سياسي توافقي تشترك فيه جميع المكونات ومكونات الشعب العراقي من هؤلاء براء.

وفي مقابل هذا الفسطاط حراك سياسي في الفسطاط السياسي المناهض للاحتلال الرافض للعملية السياسية الجارية في ظل الاحتلال حتى بعد إعلان خروجه الجزئي إلا أن دوائر القرار لا تزال مرتبطة بشكل رسمي وقوي في الدوائر التي تدير الدفة في العراق.

إذن هناك فسطاطان، فسطاط منغمس بالعمالة حتى النخاع وآخر يناهض ويدافع ويحارب على جبهات متعددة في ظل جفاء عربي وإقليمي مرتبط بإشارة أمريكية تحدد حركة التدخل الإقليمي وتحصره في المشروع الأمريكي المتمثل بدعم العملية السياسية، التي تعد الثمرة الخبيثة للمشروع الذي استهدف العراق كيانا وشعبا وحضارة وتاريخا وأصالة.

من خلال الحراك السياسي في الأعوام المنصرمة ،يمكن ملاحظة أهم النشاطات السياسية بالنسبة للرافضين للاحتلال باقتصارها على الإيضاح والكشف، والاستنكار، والشجب، ولم تشهد هذه الأعوام طرحا سياسيا فاعلا سوى ما طرحته هيئة علماء المسلمين بمشروعها المعلوم والمنشور باسم المشروع الوطني البديل للعملية السياسية التابعة للاحتلال ،إلا أن هذا المشروع واجه تحديا خطيرا فقد تعاونت على محاصرته القوى المستندة إلى المحتل والمحيط العربي وحتى الجامعة العربية لمحاولات وعملت بكل ما في وسعها على وأده وتجميده وتمييعه.

إن نظرة سياسية إلى الواقع العراقي طيلة السنوات الماضية تؤشر على ضعف التفاعل السياسي وغياب الإبداع السياسي الذي من المفترض ان تضطلع به المكاتب السياسية للقوى الرافضة للاحتلال ولكن بعض القوى التي تصدت للفعل الميداني في العراق لم تفلح بإنتاج شخصيات سياسية وإعلامية قادرة على أن تمخر عباب السياسة وتضع بصمتها المميزة لها في عالم تشابكت فيه الأجندات واختلطت فيه الأوراق. فالمؤشر يقول بضعف واضح ومخيف لكمية الكتل الكلامية التي تضطلع بها بيانات المكاتب السياسية وهي تمر على قضايا في غاية الأهمية ولا تفصح عن تصوراتها بل تكتفي بالسطحيات وملامسة ظواهر الأشياء وقد غاب عنها الغوص في عمق السياسية وابتداع الأسلوب المؤثر لتكوين رأي سياسي مناهض للمشاريع المطروحة.

إن الانفعال السياسي والتفاعل مع المطروح فقط دون المبادرة إلى طروحات ملفتة للنظر يجعل من الحراك السياسي غير مؤثر، والمطلوب بشدة في هذه المرحلة بالذات التصدي بشكل واضح وجلي والقيام بحملات إعلامية تسويقية للآراء السياسية المتبناة من قبل هذه المكاتب السياسية .

إن دور المكاتب السياسية غير مفعل بالطريقة المثلى وبالأسلوب الصحيح فهو يحتاج إلى وضع الأطر الصحيحة والتصورات الواضحة للمرحلة القادمة وهي الأخطر بعد مرحلة المواجهة مع المحتل فالمرحلة القادمة تتسم بالسياسية وتكوين التيارات والرصد الإعلامي والانتباه الشديد لما يطرح على الساحة من أكاذيب واختلاق وتشويه .

المرحلة التي نعيشها اليوم تشهد تحركا سياسيا وطرحا لنماذج قد تبدو مضحكة ولكنها خطرة جدا إن لم تعالج بحذاقة السياسي الماهر القادر على تسقيطها وكشف سوءتها أمام المراقبين ،لا يمكن أن يمر كلام حتى وان كان من نكرات ولا يرد عليه فالكلام التافه هذا اليوم قد يكون وثيقة دامغة في القابل من الأيام لطرحه على العلن ولم يرد عليه احد فالانتباه واجب ومن ضروريات المرحلة.

فالذي يخرج على العلن مكشوف الوجه وينفي وجود المقاومة ويحصرها بفصيله الوهمي المستند بوجوده الى العملية السياسية لا بد ان يواجه بقوة وصرامة بكشف تاريخه وألاعيبه وما ورائيات تصريحاته.

خلاصة الفكرة ان المرحلة القادمة لا يجب أن تنسلخ من الماضي بل لابد ان تستنير بدلالات الماضي في مراجعاتها السياسية فليست المراجعة شيئا سلبيا بل هي من الايجابيات الواجب إدامتها مع مراعاة الكوادر الإعلامية والسياسية والاختيار الصحيح لمن يتحدث بالإعلام وعدم اعتماد التثقيف الشخصي غير المنضبط بمعرفة ما يدور على الساحة بل يجب أن يكون الجميع على رأي رجل واحد حاضر الجواب قوي الحافظة وعلى دراية تامة بمجريات الأحداث السياسية الدولية منها والمحلية، هذه الإخفاقات يجب أن نغادرها الآن وان تكون طروحاتنا للمرحلة القادمة واضحة وإجاباتنا حاضرة لأي سؤال يمكن أن يطرح علينا.