صفحة 1 من 1

ويبقي الآمل

مرسل: الخميس يوليو 05, 2012 4:33 pm
بواسطة فراس الشويرخ 36
محمود نافع
سئمت ومللتم معي من جرعات السياسة الزائدة طوال الشهور الماضية.. فضلت أن أخرج بكم ومعكم إلي دنيا أرحب وأوسع. إلي الحياة. فاكتشفت أنها أيضاً ملونة بالسياسة.

وأخطر أنواع السياسة هي أن تكون مسمومة. فنلون بها حياتنا اليومية ليموت من يستنشق هواءها. أو يصاب بنزلة حياتية. أو بمغص وتلبك فكري.. أضعف الإيمان أن يصاب المجتمع بفيروس الفتنة. فيدب في أوصال وجسم البلد. فتنقسم شيعاً وأحزاباً تصفي بعضها بعضا. لصالح مصلحة الشيطان.

يسألني من يسألني ومن هو الشيطان. هل تريد أن تعود بنا إلي أيام اللهو الخفي. الذي كنا نعلق علي شماعته كل شيء.

حيث كان يقتل المتظاهرين. ويحرق المنشآت. ويشعل النيران في شارع محمد محمود وفي المجمع العلمي. وهو كذلك الذي خرم الأوزون ودق الدقي. وهندس المهندسين وجعل المطرية طرية.

وأجيب: "فعلاً" انه اللهو الخفي الذي سيطل عليكم هذه الأيام من كل مكان في محافظات مصر في صور وأشكال عديدة لكي تحدث الفتنة ولكي يدب الفيروس في أوصال الوطن. ولكي تنخر السوسة في عظامه.. الهدف ألا نستقر. وألا يكون عندنا وقت لكي ننظر إلي الإمام ونعوض ما فاتنا. فالمطلوب كل المطلوب أن نظل نغرق في مشاكلنا وأن يمسك ال 80 مليون مصري في تلابيب بعضهم البعض فنختلف ونتعارك ونفشل وتذهب ريحنا.

أحدثكم هنا عن نموذجين لحادثين الهدف منهما هو إحداث الفتنة ووقوع الزلزال واستمرار أضرار التوابع.. الأول مقتل طالب الهندسة بالسويس بواسطة ملتحين قتلوه لأنه يسير في الشارع مع خطيبته بدون محرم.. والثاني هو قيام أحد الشيوخ من خريجي الأزهر بإتمام ما أطلق عليه "زواج ملك اليمين".

الحادثان وإن كانا مختلفين إلا أنهما وجهان لعملة واحدة هي عملة الفتنة والتي إن تدوولت بين الناس وقعت الواقعة التي ليس لها من دون الله كاشفة.
نبدأ بالحالة الأولي.. أحمد حسين طالب الهندسة يسير مع خطيبته في الشارع.. يخرج عليه ثلاثة من الملتحين يقتلونه لأنه من وجهة نظرهم يقف مع أجنبية. فهي حتي لو كانت خطيبته فهو يقف معها بدون محرم. ثم بعد ذلك تقوم عناصر تنتمي إلي ما يسمي بجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالاعتراف علي الإنرنت بمسئوليتهما عن الحادث!

ولاحظوا معي أركان ومقادير صناعة الفتنة: أولها اللحية. حيث من قام بعملية القتل أشخاص ملتحون.. وثانيها شاب وفتاة يقفان معاً في الشارع بدون محرم.. وثالثها جماعة سواء حقيقية أو وهمية تطلق علي نفسها جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويكون الاعتراف بالمسئولية عبر شبكة الإنترنت حتي يطير الخبر إلي كل الدنيا. فيعرف الجميع أن هذا هو الآن موجز أنباء مصر ومؤشر أحوالها والبوصلة التي تتجه إليها.
لا يهم من يكون مرتكب الجريمة. الأهم أن هذا يحدث في مصر وسوف يحدث في الأيام القادمة أكثر وأكثر.. لأن الرسالة الموجهة والمطلوبة مفادها كالآتي: "انتبهوا مصر ترجع إلي الخلف".

وبالمناسبة لا يشترط أن يكون المجرم من السلفيين أو الإخوان أو حتي من الليبراليين الذين التحوا لأداء مهمة أو وظيفة معينة. فالمجرمون في النهاية أشخاص أو مجموعات. عشوائية كانت أو منظمة.. تتحرك تحت قيادة محلية أو تدار بريموت كنترول خارجي. كل هذا لا يهمني. ما يهمني أن هذا يحدث. وسوف يحدث كثيراً. ولابد أن ننتبه إلي أنها فتنة ونفكر جميعاً في كيفية إخمادها قبل أن تسري في نسيج مصر.

هناك نوع ثان من الفتنة هو ما يسمي "السوس الفكري".. إذ سوف تطل علينا في ألف شكل وصورة. مغلفة بالدين. ومعجونة بالحلال. ومغطاة بالشيكولاتة. لذة لمن يأكلون الطعم ويدخلون في الشرك والمصيدة.

الشيخ عبدالرءوف عون من خريجي الأزهر. يطل علينا من إحدي القنوات الفضائية بوجه سمح صبوح يشع نوراً - وتلك بالمناسبة قد تكون عدة الشغل وأدوات الفتنة - فالرجل له طلعة مريحة. ومن خريجي الأزهر. ويحدث البسطاء - الذين سيلعقون آيس كريم الفتنة ويجرون وراءه ويحذون حذوه من أول لحسة - بمنطق قال الله وقال الرسول.
هذا الرجل مالك تلك الأدوات والمؤثرات عندما يخرج علي الناس بتجربته مع الزواج ممن أطلق عليها ملك يمين ويحضر معه "السي دي" الذي به وقائع حفل الزواج لكي يؤكد به نظرية: لماذا تدفع أكثر طالما باستطاعتك أن تدفع أقل.. ولماذا نعقد الأمور ونكلكعها مع أنها شرعاً ودينياً سهلة وبسيطة ولا تحتاج إلا أن نفكر ونتدبر.. ولماذا تضيع الزوجة وقتها أو تذل نفسها مع زوج لا يريد أن يفك أسرها ويطلقها. مع أنها لو كانت قد تزوجت بمنطق وقواعد ملك اليمين. لكانت قد تخلصت من ربقته وكسرت قيوده بمجرد أن قرأت واحدة من قصار السور.

من الآخر زواجة سهلة هاشة باشة وحاجة ببلاش كدة - وهذا هو السم الممزوج بالعسل والحليب - بئس الشراب وساءت مرتفقا.
الحكاية ان الشيخ عبدالرءوف عون تزوج من سيدة زواجاً أسماه "زواج ملك اليمين".. تعريف ملك اليمين عنده يختلف عن المتعارف عليه.

ملك اليمين في الشريعة الإسلامية هي المرأة الأسيرة في الحرب المشروعة التي ضرب عليها إمام المسلمين الرق وملكها لأحد المجاهدين. وعندما تصبح بذلك ملك يمينه. وعليه أن يكرمها ويفتش لها عن زوج يعفها. فإن لم يجد فله أن يعفها بنفسه بملك اليمين من غير حاجة إلي عقد زواج.. الآن لم يبق رقيق في العالم الإسلامي. لاتفاق المسلمين وغيرهم علي منع الرق.. أما الخادم والخادمة فهما حران وليسا من ملك اليمين. ولا يجوز اعتبارهما رقيقين أصلاً. لأنهما حران والحر لا يملك سواء كان مسلماً أو غير مسلم.

لكن الشيخ عبدالرءوف له تعريف آخر.. فالأمة هي تلك المرأة التي عورتها مثل عورة الرجل.. عورة الرجل من سرته إلي ركبته ونفس الشيء بالنسبة للأمة. عورتها من سرتها إلي ركبتها.

ولكي تصل الفتنة إلي أكبر عدد من غير المتفقهين في الدين فإن الشيخ يغلفها بالأحاديث.. فيقول إن حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول: إن عورة الرجل في الصلاة ما بين سرته وركبته وعورة الأمة مثل عورة الرجل.
وهنا يقول متطوعاً بإيجاد المخرج الشرعي - من وجهة نظره - للسيدات غير الراغبات في الحجاب أو غير القادرات عليه قائلاً: طالما ان الدين يسر فلماذا نصعبها علي أنفسنا. فقد أباح للمرأة أن تكشف شعرها وأن تلبس "CUT" وأن تغطي فقط منطقة السرة وحتي الركبة!

لم يكتف بذلك بل راح يؤكد أن عمر بن الخطاب عندما كان يمشي في الشارع ويري أمة ترتدي الحجاب كان يأمرها أن تزيله!
ليس هذا فقط بل راح علي لسان أنس يقول: إماء عمر كن يخدمننا وشعورهن تتدلين علي صدورهن.

وعلي الهواء مباشرة راح يبث الفتنة إلي أكبر عدد من الشباب.. جلس مع الأمة التي اختارها مع الأهل والأقارب والأصدقاء وقالت له: ملكتك نفسي علي كتاب الله. بدلاً من زوجتك نفسي. ثم قال هو: وأنا قبلت.. ثم جاء بعد ذلك موعد دفع المهر. فكان بدلاً من النقود أن جعلها تقرأ وراءه سورة الإخلاص. بحيث تكون العصمة في يدها. ولا يكون مطلوباً منها إذا أرادت التخلص من الزوج إلا أن ترد مهره بأن تقرأ له سورة الإخلاص وتكون حرة وبعد أن تم عقد القران بدون مأذون. أن قامت وخلعت العباءة وظهرت بالملابس ال CUT والقصيرة التي لا تغطي إلا من السرة وحتي الركبة.

انتبهوا معي إلي مغزي الفتنتين: في فتنة السويس كان أحمد طالب الهندسة يقف مع خطيبته بدون محرم فقتله الملتحون.. ومع فتنة الشيخ عبدالرءوف.. الدنيا سداح مداح.. تسهيل مهمة الزواج بسورة قصيرة مع ارتداء الملابس العارية واستخدام بعض أجزاء من الأحاديث - علي طريقة لا تقربوا الصلاة - فيكون بذلك الشيخ عبدالرءوف إماماً يسير خلفه الشباب والفتيات.. ينتشر الفيروس في اتجاه التحلل والتحرر.. ومن السويس والمحافظات الأخري ينتشر الفيروس المضاد في اتجاه التطرف والغلو.. في النهاية تلعب مصر في دوري التصفيات.. دوري يهدف إلي تصفية مصر المعتدلة الوسطية.. حيث تنقسم إلي فريقين: الفريق الأول هو فريق أقصي المتطرفين جهة اليمين.. والفريق الثاني هو فريق أقصي المتطرفين جهة اليسار.. النتيجة المرجوة مصر الوسطية - لا قدر الله - في خبر كان.. فإن أردتم أن تحافظوا علي مصر من شر الفتن ومن سوس الأفكار. فقاوموا المتطرفين حيث وجدتموهم وثقفتموهم.. حمي الله مصر