صفحة 1 من 1

الوطن العربي و الإستعمار الأوربي

مرسل: السبت يوليو 07, 2012 4:48 am
بواسطة سليمان المقبل36
مفهوم الاستعمار :



الاستعمار لفظة محدثة مشتقة من عَمَر، واستعمره في المكان أي جعله يعمره، ومنه قوله تعالى: ( هو الذي أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها ) هود: 61

فالأصل اللغوي يفيد معنى طلب التعمير والسعي لتحقيق العمران، لكن الواقع لا علاقة له بالمعنى اللغوي .



ويعرف الشهابي وحبنكة الاستعمار موافقين لما جاء في المعجم الوسيط بأنه استيلاء دولة أو شعب على دولة أخرى وشعب آخر لنهب ثرواته وتسخير طاقات أفراده والعمل على استثمار مرافقه المختلفة.

وهذا التعريف يشمل أنواع مختلفة من الاستعمار لاتختلف عن بعضها إلا بالأسماء وبعض الأشكال، فمن أشكال الاستعمار أن تضع دولة ما أخرى تحت حمايتها وإشرافها وتسلبها من حريتها بقدر ما يتناسب مع قوة هذه الدولة وضعف تلك، وفي الأغلب يكون للدولة المحمية شبه سيادة داخلية يمارسها حكام وطنيون تديرهم الدولة المستعمرة من خلف ستار .



ومن أمثلة هذا الشكل للاستعمار ما فعلته فرنسا في تونس حيث وقعتا معا معاهدة حماية في 12/5/1881م، ثم جددت في 8/6/1883م، وبموجب بنود هذه الحماية فقدت تونس سيادتها الخارجية وحقها في التمثيل الدبلوماسي المستقل، كما سلبت حق إبرام المعاهدات الخارجية، وعينت فرنسا آلاف الموظفين يرعون مصالحها يرأسهم المقيم العام .

وما حصل في تونس كررته فرنسا في مراكش بموجب معاهدة 30/3/1912م وفعله الإنجليز في مصر خلال احتلالهم لها بين عام 1914 - 1922م







وبعد الحرب العالمية الأولى ظهر شكل جديد من أشكال الاستعمار أقرته عصبة الأمم المتحدة التي تكونت حينذاك كمنظمة أممية لنشر السلام ومنع الحروب، فقد كرست عصبة الأمم نوعاً جديداً من الاستعمار وهو الانتداب، حيث ورد إجازته في المادة 22 لميثاق عصبة الأمم التي اعتبرته طريقة للنهوض بالشعوب القاصرة والأخذ بيد هذه الأمم لتكون قادرة على تسيير أمورها، لكنه في الحقيقة كان مظهراً للاستعمار ووسيلة لامتصاص خيرات الشعوب .



وفيما عدا هذين الوجهين أسفر الاستعمار عن وجهه الكالح، فأعلن عن ضمه لبعض الدول إلى مستعمراته كما فعلت فرنسا بالجزائر .



أهداف الإستعمار :

الأهداف السياسية

وتتمثل الأهداف السياسية في تحسين مركز الدولة الاستعمارية في التنافس على المراكز المتقدمة على سلم القوى الدولي، إِذ إِن تحسن المركز الدولي للدولة يوسع دائرة نفوذها في المجتمع الدولي، ويجعلها أكثر قدرة على التحكم في القرارت الدولية وتوجيهها لصالحها، ويمكن اعتبار مؤتمر برلين عام (1884م) مؤشراً على ذلك، فقد عقد هذا المؤتمر بسبب الصراع بين الدول الاستعمارية على مناطق النفوذ.

ويفسر العالم الأمريكي هانس مورغانثو الإِمبريالية بأنها "سياسة تستهدف قلب الوضع القائم والقيام بمراجعة علاقات القوى بين دولتين أو أكثر من أجل تحقيق تفوق محلي أو إقامة امبراطورية قارية أو تحقيق هيمنة عالمية ويرى أن الدول كالأفراد لديها "شهوة القوة" أي الرغبة في تحسين وضعها باستمرار، من غير الاقتناع بالوضع القائم.

ولكي تتمكن الدولة الاستعمارية من تعزيز مركزها الدولي في إطار هذا التنافس، لا بد لها من زيادة مواردها، وهو أمر يستدعي البحث عن موارد خارج حدودها، فقامت هذه الدول بالإجراءت الآتية:

تمويل بعثات الاستكشافات الجغرافية التي تستهدف البحث عن مناطق غنية بالموارد أو يمكن الاستثمار فيها، ومن أمثلة ذلك تمويل رحلة فاسكو دي غاما البرتغالي الذي اكتشف الطريق إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح في رحلته التي دامت من (1497 – 1498م)، وتمويل الإسِبان لبعثة كريستوفر كولومبوس الذي اكتشف السواحل الأمريكية (البهاما) عام (1492م). وتمويل بعثة ماجلان الذي وصل إلى سواحل أميركا الجنوبية عام (1519م)، وعبر الباسيفيكي (الهادي) إلى الفلبين حيث قتل هناك، كما تعرضت القارة الإفريقية إلى حملات استكشافية في القرن الخامس عشر الميلادي، لا سيما المناطق الساحلية، وتواصلت هذه الحملات إلى القارة الإفريقية حتى القرن التاسع عشر من البعثات البريطانية والفرنسية والألمانية.

الاحتلال العسكري المباشر للمناطق الغنية بالموارد، وإرسال موجات من المستوطنين في بعض الأحيان إلى المناطق التي تمت السطرة عليها.

ومن أمثلة الاحتلال العسكري المباشر: الاحتلال البريطاني لعدن عام (1839م)، ولمصر عام (1882م)، ولنيجريا ابتداء من عام (1861م)، والاحتلال الفرنسي للجزائر عام (1830م)، ولفيتنام عام(1858م)، والاحتلال الأسباني لمناطق من المغرب عام (1912م).

اما المناطق التي عرفت استعماراً استيطانياً فمن أمثلتها:الاستيطان الصهيوني في فلسطين، والاستيطان الهولندي في جنوب إفريقية منذ عام (1652م)، والاستيطان البريطاني فيها منذ (1823م).


السيطرة على المواقع: يستدعي تعزيز المركز الدولي للدولة الاستعمارية سيطرتها على المواقع التي تمثل مراكز، يمكن منها السيطرة على طرق المواصلات أو التحكم بمنابع بعض الأنهر أو مجاريها، أو منع تشكيل أحلاف متصلة جغرافياً مع بعضها. .

الأهداف الاقتصادية

الحصول على المواد الخام: أدت الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر إلى حاجة الدول الأوروبية إلى المواد الخام التي اعتمدت عليها الصناعات الجديدة.

ولسد حاجة مصانع الدول كافة من المواد الخام، اندفعت الدول الأوروبية تبحث عن هذه المواد في أرجاء العالم (كالقطن من مصر، والماس والذهب من جنوب أفريقيا والأراضي الزراعية في الشمال الإفريقي....الخ).

الأهداف الدينية والثقافية

ويتلخص الهدف الثقافي للدولة الاستعمارية في إعادة تشكيل المنظومة الثقاقية لمجتمع المستعمرات، لجعله أكثر ارتباطاً بالدولة المستعمرة.



الأهداف الثقافية

عند إلقاء نظرة على الخريطة اللغوية للعالم، نجد أن لغة المستعمر تحل مكان اللغة المحلية في البلدان المستعمرة؛ فأغلب المستعمرات الإسبانية في أميركا اللاتينة تستخدم اللغة الأسبانية لغة رسمية، وتعد الإنجليزية اللغة الرسمية لعدد من المستعمرات البريطانية مثل: الهند ونيجيريا وجنوب أفريقيا، كما تعد الفرنسية اللغة الرسمية في المستعمرات الفرنسية مثل تشاد ومالي والسنغال، وتعد اللغة البرتغالية لغة موزمبيق الرسمية بوصفها مستعمرة برتغالية سابقة.

وإِذا طبقنا ذلك على اللغة الثانية في عدد من الدول، فسنجد أنها لغة المستعمر، كما هو حال الإنجليزية في العراق ومصر والأردن، والفرنسية في دول المغرب العربي، وهو أمر ينسجم مع ما قاله العالم تريتشكا من: أن اللغة هي أساس التجارة المزدهرة، إِذ إِن الأمة لا تفقد مستعمراتها المرتبطة بها باللغة والثقافة حتى لو انقطعت الرابطة السياسية.

الأهداف الدينية

ارتبط عدد من الحملات الاستعمارية بوجود بعثات وارساليات تبشيرية دينية، وقد نجح عدد منها في تنصير قطاعات من سكان المستعمرات، وكان أبرز حالات النجاح في هذا المجال في الدول الإِفريقية مثل جنوب السودان وجنوب نيجيريا.

الهدف السكاني (الديموغرافية)

لتخفيف الضغط السكاني عندها بالسيطرة على أقاليم معينة ونقل الفائض السكاني إِليها، وهو ما اعتمدته ألمانيا وإيطاليا واليابان في الحربين العالميتين، ولذا فإِن من حق الدول الاستعمارية أن تنمو على حساب المناطق التي فيها أماكن للفائض السكاني، وقد قامت في أوروبا عند اشتداد البطالة في القرن التاسع عشر مدرسة الإِصلاح الاستعماري التي دعت لتحويل الفائض السكاني إِلى المستعمرات واستخدامهم في الزراعة، وكان في بريطانيا في هذه الفترة (103) جمعيات لهذا الغرض. لا شك ان المناطق التي اتخذها الاستعمارالأوروبي هدفاً له كانت على درجة كبيرة من الضعف والتأخر الاقتصادي والسياسي والعسكري والعلمي، وكان هذا دافعاً قوياً للدول على التوسع.

دوافع الاستعمار الأوربي :

نستطيع القول بأن ميل النفس إلى الصراع والطموح إلى الأفضل جِبلّة بشرية جاءت النبوات لتهذيبها وجعلها عبادة يراد منها إقامة دين الله وإزالة الطغيان.

وعليه فالسيطرة من القوي على الضعيف ليس بجديد، ولم يكن الأوربيون أول من مارسه، وإن كان للتوقيت والمكان الذي انطلقوا إليه مرامي ينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا كما لاينبغي أن يفوتنا بعض أسباب القسوة والهمجية التي تميز بها الاستعمار الأوربي.

فقسوة الأوربي في المستعمرات التي بسط سلطانه عليها - كما يرى الغزالي - منسجم مع قسوة الغربيين وجلافتهم وقرب عهدهم بالهمجية والتخلف.

وتزيد هذه الوحشية ضراوة عند النصارى عن غيرهم بسبب ما تحدثه عقيدة الفداء من آثار سلبية إذ هي تمنح النصراني اعتقاداً بنجاته على الرغم مما يحدثه من ذنوب وفظائع، إذ يكفيه الإيمان بالمسيح لينجوا، أو يكفيه أن يحصل على صك غفران من أحد آباء الكنيسة ليدخل في ملكوت الله، وعليه فهو لايبالي بالوحشية والقسوة التي يتعامل بها مع الشعوب المستضعفة.

وينبه الغزالي إلى أن ثمة أمراً مهماً يحتم على النصارى الاتجاه إلى الاستعمار وهو فقد النصرانية لوسائل الإقناع وعجز رجال الكنيسة عن شرح العقائد النصرانية في ضوء المعطيات العقلية.

فإذا أراد النصارى بعد ذلك نشر النصرانية لم يجدوا سوى السيف بديلاً يستجيب الناس من خلاله لمنطق القوة الغالبة، فكان الاستعمار حلاً ناجعاً لقصور العقائد والعبادات النصرانية.

وبدراسة الحملة الفرنسية وتحليل تاريخها يتوصل محمود شاكر إلى أمر هام مفاده أن الاستعمار يتحرك باتجاه البلاد الإسلامية ليس طمعاً في ثرواتها فحسب، وليس بهدف تبشيرها فقط، بل إنه يقرأ مسيرة الأمة الإسلامية من خلال الدراسات الاستشراقية الغربية، فإذا ما وجد محاولة جادة للنهوض بهذه الأمة من كبوتها تحرك لوأد هذا المولود قبل أن يكبر ويعيد ما كان قبل قرون.

وحملة نابليون على مصر أحد الأحداث الهامة التي يرى بعض المستغربين من أبناء المسلمين أنها كانت انطلاقة نحو النهضة، ولذا رأينا قبل شهور احتفالات هؤلاء بذكرى مرور مائتي سنة على دخول نابليون مصر.

وفي بيان حقيقة ما صنعه نابليون - وهو نموذج استعماري تكرر بشكل أو بآخر - يذكر محمود شاكر أن نهضة مصر إسلامية بدأت تعم عدداً من الأقطار الإسلامية وذلك في مطلع القرن الحادي عشر، ومن رواد هذه النهضة عبد القادر البغدادي ( ت1093هـ ) صاحب " خزانة الأدب " وحسن الجبرتي (الجبرتي الكبير) ( ت 1188هـ ) وكلاهما كان في مصر، ومحمد بن عبد الوهاب ( ت 1206هـ ) في الجزيرة العربية، والمرتضى الزبيدي ( ت 1205هـ ) صاحب " تاج العروس " في الهند ومصر، ومحمد على الشوكاني ( ت 1250هـ ) في اليمن.

فقد كان كل واحد من هؤلاء في موطنه معلماً من معالم النهضة الجديدة، فالجبرتي يقول ابنه الجبرتي ( الصغير ) في تاريخه وحضر إليه طلاب من الإفرنج، وقرأوا عليه علم الهندسة.... وأهدوا إليه من صنائعهم وآلاتهم أشياء نفيسة، وذهبوا إلى بلادهم، ونشروا بها ذلك العلم من ذلك الوقت.... ".

وهذه النهضة وإن كانت متباعدة الديار فإنها كما يصف محمود شاكر " قريبة التواصل وشيكة الالتئام".

وأرسلت نذر الاستشراق في بلاد المسلمين إلى أوربا مطالبة إياها بالتحرك قبل فوات الوقت، وكان من هذه الدعوات دعوة الكونت سان بريست سفير فرنسا في الأستانة 1768 - 1778م، والبارون دي توت الذي عاد من تركيا سنة 1776م ناصحاً باحتلال مصر، ومنهم التاجر مجالون الذي أقام في مصر ثلاثين سنة، ثم عاد إلى فرنسا عام 1797م، ثم سرعان ما عاد في ركاب حملة نابليون بعد أن قدم تقريراً ينصح فيه بغزو مصر، لكن هذه الدعوى المتكررة والملحة التي صدرت عن القناصل والتجار المبشرين لم تجد - في بادئ الأمر - صدىً عند ساسة أوربا، وحين قامت الثورة الفرنسية أصاخ نابليون إلى نذر الاستشراق الذين دعوه للقدوم إلى مصر بحجة قمع المماليك الذين أشاعوا مظالم استوجبت غضب العلماء والعامة، وكان بعض علماء الأزهر قد أطفئوا فتنة على المماليك أثارها العامة، فاستتابهم بعض علماء الأزهر من ذلك، لكنهم سرعان ما عادوا إلى ظلمهم وفسادهم. فحضر ومعه المستشرق الذي قضي في بلاد المسلمين أربعين سنة (كليبر) إلى مصر عام 1798م فعاث في مصر الفساد، وتصدى له العلماء وتلاميذهم فأحدث فيهم القتل، وحكى الجبرتي في تاريخه أنه في كل يوم كان يقتل خمسة أو ستة من الثائرين على فرنسا، ويطاف برؤسهم في شوارع القاهرة. وهؤلاء كما يؤكد محمود شاكر هم ورثة حركة النهضة من تلاميذ الجبرتي والزبيدي.

وقد أصاخ الفرنسيون مرة أخرى إلى جيش الاستشراق الذي رافقهم، فادعى قائد الحملة - بعد رحيل نابليون ومقتل كليبر - القائد مينو الإسلام في عام 1800م ( 1215هـ ) وتزوج ابنة أحد أعيان رشيد.



وسرعان ما اضطرت فرنسا تحت الضغط الشعبي للثورة العارمة التي يقودها علماء الأزهر، أن يخرجوا في عام 1801م وهم يحملون أنفس كتب المسلمين، يقول الجبرتي بعد أن عدد أسماء لكتب تاريخ كانت في القاهرة : " هذه أسماء من غير مسميات، فإنا لم نر من ذلك كله إلا بعض أجزاء مدشتة بقيت في خزائن الأوقاف بالمدارس مع تداولته أيدي الصحافين، وباعها القومة والمباشرون، ونقلت إلى بلاد المغرب والسودان، ثم ذهبت بقايا البقايا في الفتن والحروب، وأخذ الفرنسيون ما وجدوه إلى بلادهم.

وأسلم العلماء المنتصرون قيادة مصر إلى ضابط تركي هو محمد علي ششمة، فغدر بالعلماء ونفى بعضهم وتقرب إليه قناصل الاستعمار، وأصبحوا بطانته وخاصته، فأكملوا بسيفه وخيانته ما عجزت عنه حملة فرنسا، فأغروه بالبعثات العلمية إلى فرنسا، فكان رفاعة الطهطاوي أحد أفراد أول بعثه مصرية استقبلها المستشرق جومار في فرنسا عام 1826م، وصاغها هو وأعوانه من المستشرقين وفق خطتهم لتدمير النهضة الإسلامية.

ثم وقعت الحرب بينه وبين الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربي ولمدة ثمانية أعوام (1226 - 1235هـ ) ( 1811 - 1819م )، وشغل ذلك النهضة الإسلامية عن التكامل والتواصل، وشغلها أيضاً عن مواصلة حركتها العلمية بحمل السلاح والدفاع عن الحرمات والأوطان، وهكذا اتسع الفارق بين الغرب والمسلمين من جديد.

فمن هذه الدراسة الواعية لمحمود شاكر نرى بوضوح تجربة من تجارب الاستعمار، وأنموذجاً من الكيد الاستعماري الذي استمر طوال قرنين من الزمان.





الحملة الفرنسية علي مصر والشام


ترتبط الحملة الفرنسية علي مصر بأحداث هامة منها الصراع الاستعماري بين إنجلترا وفرنسا الذي انتهى بقيام حرب بينهما عام 1769م انتصرت فيها إنجلترا وتنازلت فرنسا عن مستعمراتها في الهند وجنوب شرق آسيا لإنجلترا . . . كذلك قيام الثورة الفرنسية عام 1789م ودعت لإلغاء الملكية واعلان الجمهورية مما أدى إلى . . . { تحالف دول أوربا بزعامة إنجلترا ضد فرنسا خوفا من إن تقلد شعوبها فرنسا لكن انتصرت فرنسا علي الدول الأوربية عدا إنجلترا بسب ـــــــــ قوة أسطو لها البحري وموقعها كجزر في المحيط الأطلنطي {

أسباب الحملة الفرنسية

(أ ) أسباب حقيقية : 1- تكوين إمبراطورية فرنسية في الشرق تكون قاعدتها مصر تعوض بها
فرنسا ما فقدته من مستعمرات .
2- قطع طريق التجارة بين إنجلترا و مستعمراتها في الهند .
(ب) أسباب ظاهرية :
1- تأديب المماليك لاعتدائهم على الرعايا لفرنسيين .

2- تأييد الباب العالي (السلطان العثماني)لاستعادة نفوذه من المماليك .

أهداف الحملة الفرنسية :
1ـ كان احتلال مصر هدفا قديما للفرنسيين, يلمع في الذاكرة للفرنسية من حين لآخر, ويتجدد من آن لآخر , حتى سنحت الظروف بهذا الاحتلال ، و ذلك للثأر من العار الذي لحقهم في معركة المنصورة سنة (648هـ = 1250م) والذي أسر فيها كبيرهم - لويس التاسع عشر -.
2ـ وكذلك الانتقام لفشل الحملة الصليبية الخامسة سنة ((618هـ= 1221م) ) علي يد الملك الكامل .
3ـ كذلك كان من أهدافها الرغبة الفرنسية في عقاب المماليك الذين ساهموا في كسر الغرور الفرنسي من قبل.
4ـ وأيضا البحث عن طريق تجاري آخر بعد استيلاء الإنجليز على طريق رأس الرجاء الصالح وتضييقهم على السفن الفرنسية في الإبحار فيه، لذلك تولدت رغبة فرنسية في مواجهة النفوذ البريطاني ، المتزايد ، بهدف التشويش على طرق التجارة البريطانية , وبالقضاء على مراكزهم التجارية في البحر الأحمر.


خط سير الحملــــــــــــــة

تم تجهيز الحملة سراً بقيادة )نابليون بونابرت ( وخرجت الحملة من ميناء
طولون في مايو 1789م ومعها 36 ألف جندي بالمؤن والسلاح والمعدات . . . وعندما علمت إنجلترا بخروج الحملة أرسلت أسطول بحري بقيادة )نلسون(وسبقت الحملة الإنجليزية الحملة الفرنسية إلي مصر )محمد كريم(حاكم الإسكندرية رفض نزول الإنجليز الذين ادعوا حماية مصر فاتجهوا إلي الشام
. . . . ثم وصل نابليون إلي الإسكندرية في أول يوليو وأمر جنوده بالنزول إلي الشاطئ بسرعة واستولي علي المدينة رغم مقاومة أهلها بزعامة محمد كريم . . . ثم تقدم نابليون إلي الرحمانية .

معركة شبراخيت كانت بين المماليك بزعامة )مراد بك(والفرنسيين وهزم فيها المماليك بسبب :
{استخدام المماليك الأسلحة القديمة – واعتمادهم علي الفروسية – مقابل كثرة عدد
الفرنسيين وأسلحتهم الحديثة}




معركة إمبابـــة كانت بين المماليك و الفرنسيين أيضاً بعد أن استعان مراد بك بإبراهيم بك
حاكم الوجه القبلي ولكن ما حدث في شبراخيت تكرر في امبابة وفر مراد بك إلي الصعيــد
وإبراهيم بك إلي الشرقية . . . ثم تقدم نابليون واستولى علي القاهرة في27 يوليو1798م
وبعد أن استقر نابليون في القاهرة عين عليها الجنرال ديبوي واستعد لمطاردة المماليــــــك
الفارين إلي الشرقية والصعيد .

موقعة أبي قير البحرية أغسطس 1798م

عاد الأسطول الإنجليزي من الشام فوجد الأسطول الفرنسي في خليج ابو قير
فاستولي علي المؤن والسلاح وحطموا الأسطول الفرنسي ثم حاصروا شواطئ
الإسكندرية

نتائج الموقعة :

- أ – بالنسبة للفرنسيين
}فقدوا المؤن والسلاح – قطع الصلة بين الحملة في مصر وفرنسا – ساءت الروح
المعنوية لجنود الحملة لاعتقادهم انهم لن يعودوا إلى بلادهم{
ب – بالنسبة للمصريين
}اعتماد نابليون علي موارد مصر الداخلية – فرض الضرائب علي المصريين – شجعت
المصريين علي الثورة ضد الفرنسيين }

- جـ – بالنسبة للعثمانيين
}تحالف العثمانيين مع الإنجليز من اجل خرج الفرنسيين من مصر{

-
سياسة نابليون في مصر

عندما أدرك نابليون بقاء الحملة في مصر بدأ التودد للمصريين فأعلن في منشور له
احترام الدين الإسلامي والقران الكريم وأمر بتشكيل الديوان الوطني الذي يتكون من (9 ) أعضاء من المشايخ والعلماء برئاسة عبد الله الشرقاوي .





ثورة القاهرة الأولى 21أكتوبر 1798م : -
} أسبابـــــــــــها {

(1) اتباع سياسة الشدة والعنف مع المصريين بعد معركة أبي قير البحرية .
(2) إعدام كثير من المصريين من بينهم السيد محمد كريم .
(3) فرض الضرائب علي المصريين .
(4) تحريض الإنجليز والمماليك للثوار المصريين .



- } أحداث الثـــــــــــــورة {
& كان مقر الثورة حي الأزهر واستغل فيها المصريون خروج نابليون لمطاردة
المماليك . واعتدوا علي الرعايا الفرنسيين وأخذوا أسلحتهم . ولما علم نابليون عاد إلي القاهرة
وحاول دخول المدينة ولما فشل صعد إلي جبل المقطم ووجه نيران مدافعه نحو مقر الثورة وهدد
بضرب الأزهر مما أدي إلي استسلام المصريين .

نتائج ثورة القاهرة الأولي : -
(1) زادت كراهية المصريين للفرنسيين بسب دخول الجنود للأزهر بخيولهم .
(2) إعدام كثير من المصريين . (3) فرض غرامات علي المصريين لتعويض الخسائر .
(4) حل الديوان الوطني وإعادة تشكيله من الأجانب .
(5) تشكيل فرق عسكرية من الأجانب لحماية القاهرة أثناء خروجه لمطاردة المماليك .

-

حملة نابليون علي الشام


أسباب الحملة علي الشام : -
(1) الاستيلاء علي مخازن المؤن والسلاح الإنجليزية في الشام .
(2) محاربة العثمانيين قبل أن يحاصروه في مصر .
(3) لمطاردة المماليك الفارين من مصر .






خط سير الحملة : -
خرج نابليون من القاهرة في فبراير 1799م متجهاً نحو الشام وضم عدد من المدن منها { العريش - غزة - يافا - } وقد أحدث في يافا مذبحة بعد أن أمن أهلها فاعدم 4الاف ثم حاصر عكا ولكنه فشل في فتحها بسب :
1- قوة أسوارها 2- استبسال أهلها بزعامة أحمد باشا الجزار .
3- مساعدة الإنجليز لأهل عكا عن طريق البحر .
: - وبعد حصار استمر شهرين قرر نابليون العودة إلى القاهرة .




موقعة أبي قير البرية : -


)أسبابــــــــــــــــــــها(
نزول القوات التركية علي شواطئ الإسكندرية فاسرع نابليون إليهم وهزمهم وتم اسر القائد التركي .


النتائــــــــــــــــج : -

1- أدرك نابليون خطورة موقفه خاصة بعد وصول أخبار عن سوء أحوال فرنسا .
فعاد نابليون إلي فرنسا سراً تاركاً الحملة تحت قيادة كليبر .

الحملة الفرنسية تحت قيادة كليبر

@ كان كليبر من قادة الحملة المؤمنين بأن وجود الحملة في مصر أصبح من المستحيل فقرر
التفاوض مع العثمانيين من أجل الخروج من مصر فتم توقيع اتفاقية العريش في يناير 1800م


أهم نصوصها : -

أ. . انسحاب الفرنسيين من المدن الشامية ويحل محلها جنود عثمانيين .
ب . . خروج الفرنسيين من مصر بكامل معداتهم علي سفن عثمانية .
ـــــ لكن فشلت اتفاقية العريش لان نلون قائد الأسطول الإنجليزي رفض خروج الفرنسيين إلا كأسرى حرب . فاعلن كليبر بقاء الحملة في مصر وطلب من العلماء صناعة البارود اللازم للدفاع عن الحملة .




موقعة عين شمس أول مارس 1800م
كانت بين الفرنسيين و العثمانيين وانتصر فيها كليبر وقرر البقاء لمطاردة العثمانيين .

ثورة القاهرة الثانية 20مارس 1800م
كان مقرها حي بولاق . . وتزعمها التجار والأعيان بزعامة السيد (عمر مكرم ) كبير الأشراف . وقاموا بالاعتداء علي الحمية الفرنسية والاستيلاء علي أسلحتها وعاد كليبر وأطلق نيران مدافعه علي مقر الثورة فأحدث حرائق كثيرة مما ساعد علي السيطرة علي الثورة والقضاء عليها .



النتائــــــــــــــــج : -

(1)زاد كره المصريين للفرنسيين لأن كليبر أمر بهدم الآثار اُلإسلامية وتحويلها مصانع للبارود
(2) فرض الضرائب والغرامات علي المصريين لتعويض الخسائر .
( 3) هدم أبواب الحارات والمساكن .
( 4) وقع كليبر معاهدة مع المماليك وترك لهم حكم الصعيد مقابل عدم التدخل في
الثورة مع المصريين .

@ كانت جميع الأحداث السابقة دافعاً لدى المصريين لمحاولة قتل كليبر حتى تمكن الشاب
السوري (سليمان الحلبي ) من قتل كليبر داخل قصره .


الحملة الفرنسية تحت قيادة مينـــــو :

@ تولى مينو أقدم قادة الحملة وقرر البقاء في مصر .ولكن الحكومة الإنجليزية أرسلت جيش لمساعدة القوات العثمانية في طرد الفرنسيين من مصر ونجحت إحدى الحملات في هزيمة الفرنسيين بالقرب من أبي قير سنة 1801م وزحفت إلي القاهرة مما اضطر مينو للتسليم في سبتمبر 1801م







نتائج الحملة الفرنسية علي مصر :-


)النتـــــائج السياسيـــة(

1- لفتت الحملة الفرنسية أنظار الدول الأوربية إلي أهمية موقع مصر الجغرافي وخاصة إنجلترا التي سعت فيما بعد لاحتلال مصر .



)النتـــــائج العلميـــــة(

1- قام علماء الحملة بدراسة أحوال مصر السياسية والاجتماعية و الاقتصادية ووضعوها في كتاب سمي }وصف مصر }
2- قام علماء الحملة برسم أول خريطة صحيحة للقطر المصري .
3- اكتشف أحد ضباط الحملة حجر رشيد الذي فك رموزه فيما بعد العالم الفرنسي ( شامبليون)
4- يرجع الفضل لعلماء الحملة في أنهم أول من درسوا مشروع ربط البحرين المتوسط و الأحمر . ولكن المشروع فشل بسب خطأ حسابي لعلماء الحملة .

)النتـــــــائج القوميــــة(

# أيقظت الحملة الفرنسية الروح القومية في مصر فقاوم المصريين الحملة أكثر من مرة وتمسكوا بحقهم في الحرية وتمثل ذلك في اختيارهم لمحمد علي والياً عليهم .

)النتـــــائج العلميـــــة (

بدأ المصريون في الاقتباس من المدنية الحديثة بعدما تعرفوا عليها أثناء وجود الحملة في مصر فقضوا علي الأفكار القديمة وتمسكوا بالأفكار الجديدة في جميع المجالات الاقتصادية و الثقافية وغيرها .





الراى الشخصي :
أن أعتقد أن الحملة كانت قاسية على الشعب الذي ناضلوا من أجل الوطن ولكن كانت مفيدها بعد ماتروكوا أشياء كثيرة استفادوا منها إلا أن الحملة كانت قاسية من ناحية الألم الذي حدث لهم , لا أعرف لماذا الهزيمة ؟ ولكن ربما هكذا التاريخ الذي طبق المثل الذي يقول( يوم لك ويوم عليك (.







المؤامرات الاستعمارية ضد الوطن العربي مطلع القرن (20م) :





في عهد الوحدة(1) كانت الطليعة العربية الثورية تعيش اعمق واعنف أزمة في تاريخ نضالها. لقد أسهمت في صنع حدث تاريخي عند قيام الوحدة بين مصر وسورية. واذا هي تصاب بعد زمن قليل بخيبة أمل كبرى نتيجة التشويه والتزييف اللذين داخلا تطبيق هذه الوحدة. ولقد زاد ازمة الطليعة العربية حدة وتعقيدا إدراكه بعد فوات الوقت انها لم تكن في مستوى الخطوة التي أسهمت في تحقيقها، وانها لم تكن مهيأة لتصحيحها وحمايتها. ولكن ذلك لا ينقص شيئا من مسؤولية نظام الحكم الذي كان سبب التشويه والانحراف. ومن أسباب صعوبة تلك الازمة وتعقدها ان ذلك الحكم كان قد استطاع قبل تحقيق الوحدة وبهذا التحقيق بالذات ان يكون لنفسه رصيدا من الثقة الشعبية على نطاق الوطن العربي كله لم يسبق ان توافر لحاكم من قبل. وهكذا مرت سنوات عهد الوحدة في جو من الالتباس الخطير. فالجماهير عاجزة عن أن تنظم نفسها وتلم شتات وعيها امام الضغط الهائل للاجهزة البوليسية وأجهزة الدعاية التي كانت تفتت التنظيم والوعي على حد سواء. وكان في نفس الطليعة العربية، المقهورة امام وسائل الدولة الضخمة، خوف عميق، تتمنى إيصاله الى كل فرد عربي وإشاعته بين الجماهير خوفا على المستقبل العربي كله من ان يتخذ ذلك السبيل الزائف ويبنى على تلك الاسس الواهية كما كان في نفس الطليعة العربية حرص عميق على بقاء الوحدة وعلى امكان معالجة الأخطاء والانحرافات التي شابت تطبيقها، لإيمانها بان الوحدة العربية يجب ان تبقى حركة تاريخية جدية ولا يجوز ان تكون كغيرها من المشكلات السياسية المحلية عرضة لتقلبات السياسة واخطاء الحكم.

ولكن التمادي في الاخطاء، من جهة، وتآمر قوى الاستعمار والصهيونية والرجعية، من جهة اخرى، قد عرضا تلك الخطوة التاريخية لانتكاسة قاسية ووقع الانفصال قبل ان تتاح للطليعة ان تتصل بالجماهير وان توصل اليها خلاصة تجربته مع ذلك الحكم، بغية ان يدفعها وعي هذه التجربة الى الضغط وتصحيح الاخطاء دون التفريط بالوحدة. وهكذا نشأ وضع جديد يحمل في طياته تناقضات العهد السابق وتناقضات جديدة. فالقوى الاستعمارية والرجعية والشعوبية التي عملت منذ اليوم الاول للوحدة على تهديم الوحدة، وجدت في الانفصال الذي غذته، فرصة العمر لها، تغتنم ما فيه من يأس وتشتت وفقدان للتنظيم الشعبي، وتتخذه مناسبة نادرة لتسديد ضربتها وسط بحران الشعب وضياع اهداف المعركة، ولتهيئة شروط في سورية والبلاد العربية تنتفي معها لأمد طويل امكانية قيام وحدة جديدة. وبذلك تحاول ان تجعل من الانفصال حقيقة ايجابية تحل محل الوحدة وتقتلعها من جذور ضمير الشعب العربي كفكرة وعقيدة.

وخطورة الانفصال هي في كونه وضعا جديدا يستمد مقوماته وطبيعته من فشل تجربة الوحدة وليس هو -كما قد يظن- مجرد عودة الى اوضاع التجزئة التي كانت قائمة قبل الوحدة. فالتجزئة في ذلك الحين لم تكن سوى ذلك الواقع المريض الذي كان يتراجع يوما بعد يوم أمام يقظة الوعي الشعبي. ولقد كانت التجزئة واقعا لا يتضمن فكرة ولا يجرؤ ان يكون له اسم او منطق، كانت واقعا منفصلا مشتتا يقف موقف الدفاع امام فكرة الوحدة وتيار الوحدة الذي كان هو التيار الفعال النشيط المهاجم المتماسك.

واليوم بعد ان تحققت أول وأثمن تجربة للوحدة، وبعد ان فشلت هذه التجربة يمثل الانفصال تجزئة من نوع جديد ترتكز الى أسس ومنطق ومبررات، وتوحد قواه التي هي قوى الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية والشعوبية لا لتواجه اي احتمال لقيام وحدة جديدة فحسب، بل لتلاحق فكرة الوحدة والقوى الوحدوية وتدمرها في كل مكان. فالانفصال هو تحقيق التجزئة اي جعلها حقيقة وحقا. انه محاولة تريد ان تجعل من فشل تجربة الوحدة شيئا يدحض الوحدة من اساسها ويعطي البرهان العملي على ان واقع التجزئة أصيل ابدي وان وجود الكيانات العربية المستقلة هو الوجود النهائي الخالد.

امام هذا الواقع وجدت الطليعة العربية نفسها مطالبة بواجبين وبأن تخوض معركتين في آن واحد: المعركة الاولى هي الدفاع عن الوحدة ضد الانفصال والقوى المعادية للامة العربية التي تريد ان تكرسه وتخلده. الدفاع عن الوحدة وفكرته وواقعيتها وقابليتها للتحقيق، والدفاع عن تقدميتها وارتباطها بمصلحة الجماهير وعن جديتها وضرورة وضعها فوق الظروف العابرة وفوق الانفعالات والأحقاد.

واما المعركة الثانية فهي التي لم تتمكن الطليعة العربية من خوضها في حينها، اي معركة تصحيح أخطاء التجربة الأولى للوحدة، تلك الأخطاء التي لا بد من الكشف عنها ونقدها لكي يبقى وعي الشعب سليما ويكون المستقبل العربي في مأمن من الضلال والخطأ.

فلقد كنا زمن الوحدة امام نظام للحكم يمثل من حيث ضخامة وسائله وتأثيره على الجماهير العربية ونزوعه الى الامتداد والسيطرة والشمول شيئا جديدا في حياة العرب. لقد كنا نواجه نظاما جديدا كل الجدة يختلف اختلافا كاملا عما عرف قبله من انظمة: فهو يتمتع برصيد شعبي ضخم وهو قادر بفضل أجهزته الضخمة ان يزيد من هذا الرصيد ويصل الى قناعة عشرات الملايين من أبناء الشعب العربي، ليعطيهم بفضل هذا كله صورة عن القومية والنظام الاجتماعي والوحدة، فيها تشويه اساسي وانحراف خطير رغم ما يخالطها من بعض الصفات التقدمية ما يكمن وراءه من كفاءة وقدرة على الانجاز. وجوهر هذا الانحراف ما يتصف به الحكم من فردية وتأليه للحاكم وإلغاء لدور الشعب واستعاضة عن الشعب الحقيقي الواعي المنظم بالغوغاء والفئات المرتزقة والمتملقة، وما اعطاه للقومية العربية من مفهوم منحرف يقيم في صلبها بذور التمييز الاقليمي والتسلط فالوحدة التي هي أمل الشعب العربي كله لم تفهم ولم تطبق من قبل نظام حكم الوحدة إلا على انها وسيلة لتوطيد هذا النظام في الاقليم المصري ولمد نفوذ هذا الإقليم على سائر أجزاء الوطن العربي. ولقد كانت ضربة الانفصال جديرة بان تهز اعماق كل مخلص للوحدة ولقضية الشعب العربي، ولكنها لم تغير في عقلية النظام واسلوبه شيئا، وظلت دعوته للوحدة في البلاد العربية وفي سوريا خاصة، مسخرة لهدف أساسي هو حماية نفسه في مصر، وفي هذا استمرار في الإساءة الى قضية الوحدة وإعطاء أسلحة جديدة لاعدائها لكي يطعنوها ويطعنوا من خلالها حرية الشعب ومكاسبه الاجتماعية التي حققها بالنضال الطويل.






ان اخطاء وانحرافات حكم الوحدة تتخذ اليوم ذريعة وستارا لتنفيذ اكبر مؤامرة على الامة العربية في تاريخها الحديث يحيكها الاستعمار والصهيونية بالتعاون مع الرجعية والشعوبية على نطاق الوطن العربي كله. وأدهى ما فيها انها هذه المرة تعمد الى تفتيت جسم الامة من الداخل بالانقسام والتناحر والتشكيك في العقيدة القومية بكل الأساليب والوسائل. ولما كانت الطليعة العربية الثورية هي القوة المهيأة والمسؤولة تاريخيا عن رد كيد هذه المؤامرة الرهيبة لتواصل امتنا العربية سيرها الصاعد المنتصر نحو اهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية، لذلك وجب ان يزال كل التباس يمكن ان يجزئ تفكير هذه الطليعة ونضالها في سبيل هذه الاهداف، ووجب بالتالي ان ينقد نظام حكم الوحدة نقدا موضوعيا صريحا لكي ينتزع هذ السلاح من أيدي الرجعية وتفوت عليها فرصة ضرب الاهداف القومية والمكاسب الشعبية وتخليد الانفصال وتنفيذ مؤامرات الاستعمار بحجة مكافحة الدكتاتورية والحكم الفردي. وعندما يزول الالتباس من صفوف الطليعة المخلصة، ويتوضح امامها الطريق، طريق الوحدة بمحتواها الشعبي الديمقراطي وبارتباطها الوثيق بالحرية والاشتراكية. وعندما تتضح امامها مهمتها في هذا الظرف العصيب، وهي التغلب على نكسة الانفصال وما تلاها من ردة رجعية شرسة، يصبح أمر انحراف أفراد قلائل عن الركب الثوري بدافع الكسب السياسي الشخصي او الانجراف مع الاحقاد الشخصية، امر غير ذي بال. المهم ان تعي الطليعة العربية دورها التاريخي وان تقوم به. ولقد برهنت الطليعة على هذا الوعي عندما اقامت تنظيمها ونضالها، قبل عشرين عاما، على نطاق الوطن العربي كله، وتحدت بذلك العقلية الإقليمية والانتهازية، والمكاسب الآنية. ولا يعقل ان ينتكس ايمان الطليعة بالوحدة العربية وايمانها بوحدة تنظيمها ونضالها، اذ انها هي المطالبة بمداواة النكسة والابقاء على شعاع الفكرة في وجه العواصف. فما دامت النكسة عميقة والاخطار جسيمة ومداهمة، وكل موقف اما ان تتناوله القوى الرجعية لتستغله في تكريس الانفصال وضرب قضية الشعب، واما ان تتناوله اجهزة الحكم الفردي لتخلق الالتباس حول الوحدة ومفهومها في أذهان الشعب. فليس امام الطليعة العربية الا ان تجدد معنى الرسالة التي ندبت نفسها لها قبل عشرين عاما، عندما ارادت ان تمثل، من فوق الحدود الاقليمية، والمصالح المحلية المؤقتة، ضمير الأمة الواحد، ومصلحتها العليا الدائمة. ولئن كان واجب الطليعة ان تدخل في هذا الظرف معركتين في آن واحد، فمن واجبها ايضا ان تظهر من الوعي والتجرد ما يرفعها فوق المعترك.