منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#52220
تغطى دراسة الأستاذين Philips و Rimkunas واحدا من الأبعاد الهامة فى دراسة السياسة الخارجية وهو البعد الخاص بالأزمة الدولية.
وتبين الدراسة أن هناك اعتبارين يقضيان إلى الاهتمام بدراسات الأزمة. الاعتبار الأول :- أن الوصول إلى موقف الأزمة يعنى التأثير على عملية صنع السياسة الخارجية والتأثير على السياسة الخارجية ذاتها، حيث أن صناعة السياسة الخارجية فى موقف الأزمة يختلف عنه فى الوضع العادى ذلك أن الأزمة تتضمن مجموعة من المتغيرات تنقل عملية صنع السياسة الخارجية من حالة السلوك البيروقراطى الروتينى Day- to - Day Rautimr السلوك الخاص بموقف الأزمة Crisis Situation Behavior
الاعتبار الثانى :- أن الأزمة الدولية تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للقوى العظمى حيث تهدف عملية إدارة الأزمة إلى تجنب التورط فى مواجهة نووية فيما بينها.
ويمثل الكتاب الذى ينقسم إلى أحد عشر جزءا ويقع فى 270 صفحة جهد الباحثين خلال ثلاث سنوات كمحاولة لاستخدام المنهج العلمى فى دراسة السياسة الخارجية الأمريكية.
ويتمثل التحدى الحقيقى لهذه الدراسة فى محاولة الإجابة على : لماذا وجدت الأزمات فى السياسة الخارجية الأمريكية؟ وكيف يمكن تجنب الوصول الى موقف الأزمة؟ وبعبارة أخرى كيف يمكن التحذير من احتمال حدوث الأزمة بما يعنيه ذلك من إمكانية رسم السياسة الخارجية بما يضمن تفادى حدوثها؟
هنا يأتى الإسهام الحقيقى للدراسة متمثلا فى إدراج عامل الإدراك كمحدد رئيسى فى التعرف على مدى إمكانية تطور الحدث ووصوله إلى حد الأزمة. أما أن تكون فعلية أو أنها مجرد افتراض محتمل حدوثه ولكن بسبب سوء الإدراك يتحول هذا الافتراض إلى أزمة حقيقية، بمعنى أن سوء الإدراك هو الذى أسهم فى خلق الأزمة.
والأصل فى عملية الإدراك كما تبين الدراسة هو ترجمة الحقائق الواردة من البيئة الدولية إلى معلومات وتقديمها إلى صانع القرار. فإذا صحت عملية ترجمة الحقائق كانت المعلومات المقدمة الى صانع القرار صحيحة، غير أنه فى الموقف السابق على الأزمة تكون احتمالات سوء الإدراك كبيرة لمجموعة من الأسباب.
فأولا :- تكون إدراكات صانع القرار نمطية Streotype Perception بحيث يميل إلى تفسير سلوك الخصم وفق تصوراته الأول عنه وبناء على أنماط التعامل السابقة وليس بناء على معطيات الموقف الجديد فى حد ذاته.
ثانيا :- فإن صانع القرار يميل إلى تفسير أى سلوك من جانب العدو على أنه سلوك عدائى.
ثالثا :- يتميز النظام العقائدى لصانع القرار بالانغلاق وهو الأمر الذى يؤدى إلى أن تصبح الخيارات المطروحة أمامه غير واقعية.
ويقتضى التنبؤ بالأزمة كما ترى الدراسة الانتقال من دراسة الأنشطة الموجودة فى البيئة الخارجية الى دراسة نظام التحذير أو التنبؤ داخل الدولة ذاتها بمنى دراسة أجهزة تقى وتفسير المعلومات وتقديمها لصانع القرار.
ونظرا للاهتمام الذى أولته الدراسة لقضية التحذير من الأزمة فى السياسة الخارجية الأمريكية وبناء على دور ثلاثة أجهزة رئيسية مسئولة عن القيام بدور المحذر من حدوث الأزمة وهى وزارة الخارجية، وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع. وتبين الدراسة أن عملية الإدراك لدى هذه الهيئات تبدأ باستقبال المعلومات حيث تمتلك كل مؤسسة ما أطلق عليه ضابط مراقبة Watch Officer أى وحدة داخل كل جهاز مهمتها استقبال الرسائل الواردة من أجل التعرف على احتمالات حدوث أزمة وشيكة. ففى وزارة الدفاع على سبيل المثال يقوم بنشاط ضابط المراقبة "المركز القومى للمخابرات العسكرية" (NMIC) National Military Intelli-gence Center . ويوجد فى كل من وكالة المخابرات ووزارة الخارجية جهاز ممثل للعمليات.
وتصل الدراسة إلى تحديد ثلاثة أدوار تقوم بها تلك الأجهزة بناء على المعلومات الوافدة إليها والتى تم تفسيرها.
1- تقديم مجموعة من المؤشرات التحذيرية حيث يتم تقييم الموقف الدولى ويتم فحص واختبار المعلومات الواردة عن الأحداث والاتجاهات والتى تختلف عن المواقف التى لا تشهد أزمة.
2- تقديم تقييم مبدئى للأزمة قبل وقوعها فعليا.
3- تقييم التهديد حيث يتم تحديد أثار ونتائج موقف الأزمة ويتضمن التقييم تقديرا للخسائر السياسية والاقتصادية والعسكرية المحتملة للولايات المتحدة الأمريكية.
غير أن الصعوبة فى إدراك هذه المؤسسات الثلاثة تعود إلى أن كلا منها يتبنى اهتماما خاصا يؤثر عى إدراكه للمعلومات الواردة إليه. فمثلا تعكس وزارة الخارجية فى تفسيراتها اهتماما خاصا بقضايا الاستقرار داخل حلف الأطلنطى والإبقاء على التوازنات العالمية والإقليمية القائمة، بينما تعكس وكالات المخابرات المركزية (CIA) اهتماما أقل بالتوازنات الإقليمية حيث تنظر إلى مصالح الولايات المتحدة على أنها مستقلة عن التوازنات الإقليمية القائمة والحفاظ على تلك المصالح لا يستلزم بالضرورة الحفاظ على تلك التوازنات. أما وزارة الدفاع فتعكس فى تفسيراتها اهتماما عاما بالوضع الاستراتيجى للولايات المتحدة حيث تميل إلى تفسير الأحداث على أنها تؤثر مباشرة على المصالح الأمريكية ومن أهم إسهامات الدراسة.
أولا :- تعريف الأزمة، حيث تم تعريفها على أساس أنها تحول فجائى عن السلوك المعتاد وفى هذا الصدد يتفق هذا تعريفات أخرى قدمتها دراسات عن ذات الموضوع منها مثلا تعريف Herman و Mecllland حيث أشارت هذه التعريفات إلى الأزمة على أنها ذلك الموقف الذى يخلق انقطاعا أو تغيرا مفاجئا فى واحد أو أكثر من المتغيرات النظامية.
ثانيا :- خاص بعملية إدارة الأزمة، حيث أوضحت الدراسة وجود مدرسين فى عملية إدارة الأزمة.
المدرسة الأولى :- تساوى بين عملية إدارة الأزمة وقدرة صانع القرار على تجنب الحرب ووفقا لهذه المدرسة فإن القاعدة التى يستند إليها القرار هى اختيار ذلك البديل الذى يحد من احتمالات الحرب.
المدرسة الثانية :- تنظر للأزمة على أنها فرصة سانحة فى إدارة السياسة الخارجية حيث أن ادارة الأزمة تعنى إعطاء الفرصة للطرف الأكثر مهارة ليثبت ذاته كما أن موقف الأزمة يبين أهداف ونويا الخصم بوضوح.
وتحدد الدراسة ثلاثة متغيرات تؤثر على عملية إدارة الأزمة وهى :
a- التهديد ويتمثل فى مجموعة الأحداث التى تنبع من النظام الدولى وتؤثر سلبيا فى مصلحة الدولة وتؤدى إلى حالة من التشتيت فى أهدافها السياسية.
b- الوقت المتاح لاتخاذ القرار وهو الفترة الزمنية المتوافرة لاختيار أحد البدائل السلوكية أو هو الوقت السابق مباشرة على التقييم النهائى للموقف.
c- عدم اليقين :- ويتمثل فى تلك الحالة التى تعكس من جهة إلى أى مدى يمكن أن يتم الاعتماد الإدراكى على المعلومات التى تم استقبالها والتى تتعلق بالأحداث التى تدور فى البيئة الدولية ومن جهة أخرى تعكس القلق المصاحب لعملية صنع القرار سواء فى اختيار بين البدائل أو فى تنفيذ البديل المختار.
وتستبعد الدراسة أن يكون عنصر المفاجأة أحد المتغيرات التى تؤثر على عملية إدارة الأزمة ذلك أن الموقف السابق على حدوث الأزمة أما أن يكون مفاجئا أو غير مفاجئ أى أن يكون هناك علم لدى صانع القرار بوجود مثل هذا الموقف ولكن على الرغم من هذا العلم المسبق فإن حدوث الأزمة يظل أمرا قائما ليس لوجود المفاجأة ولكن بسبب سوء الإدراك.
يبقى فى النهاية أن الدراسة وإن كانت تمثل محاولة لتطبيق منهاجيه عملية فى دراسة السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أنها لا تخلو من تقديم أبعاد نظرية عامة يمكن لها أن تفيد دارسى الأزمات الدولية.