صفحة 1 من 1

خصائص وملامح التنمية السياسية في فلسطين

مرسل: الأحد يوليو 08, 2012 10:34 pm
بواسطة وليد ناجي 5
الميراث الاستعماري:
من الواضح أن المجتمع الفلسطيني مر في تجربة فريدة تميزه عن باقي الدول التى تحيط به فمنذ عام 1917 والاستعمار جاسم في فلسطين ومن الواضح سياسياً أن أي استعمار يسعى لاستغلال الموارد التي يمتلكها الشعب المستعمر الأمر الذي يؤثر سلباً على عملية التنمية السياسية في أي مجتمع أو دولة تقع تحت الاستعمار الفعلي وبالعودة إلى فلسطين فإننا نلاحظ أن الاحتلال البريطاني منذ صك الانتداب وهو يعيق سير العملية التنموية على كافة الصعد والمستويات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية وعلى رأسهم التنمية السياسية.
فقد حارب الاحتلال البريطاني كافة أشكال التطور السياسي فقمع الأحزاب وكمم الأفواه وحارب صدور الصحف ومنع المفكرين والمبدعين في التعبير عن وجهات نظرهم فمن الواضح أن أي مجتمع يفقد فلاسفته ومفكريه يفقد عملية التنمية السياسية لأن هؤلاء المفكرين هم أصحاب التوجه والقيادة نحو أي عملية تتطور خاصة إن كانت في الإطار السياسي.
ومن أمثلة هذا الاضطهاد السياسي الاستعماري قتل وسجن وترحيل كل من حاول الدفع قدما بعمليه التنمية السياسية وبالتتبع التاريخي من عام 1917 وحتى عام 1947 نجد أن الأحداث التى دارت في هذه الفترة ما هي إلا عملية شطب للفكر السياسي الفلسطيني التحرري في الدرجة الأولى فكيف يمكن لتنمية حقيقة في إطار سياسي حقيقي أن تتم وهي تعيش هذه الظروف وتحاط بهذه البيئة.
والمتابع لعملية التنمية السياسية بعد قيام "إسرائيل" يجد أن الأمور ساءت وتراجعت خطوات إلى الوراء فقد كان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بمثابة تدمير كامل لعملية التنمية السياسية على كافة مستوياتها سواء كانت سلمية أو دونها. فقد سعت إسرائيل إلى تدمير البنية الفكرية التي تعد الأساس في إحداث العملية التنموية السياسية مما يعني أن الأمور في فلسطين تراجعت كثيراً بالرغم من التراجع الواضح في عملية التنمية السياسية مسبقاً حيث هجرت العقول وشطبت الآراء وأصبح المجتمع الفلسطيني مجتمع مشرد بكل معنى الكلمة تقطعت أوصاله وتناثرت أجزائه. وتوقف الحديث بسبب الاستعمار عن عملية التنمية السياسية وأصبح الحديث يتعدى لا توفير المتطلبات الأساسية لكافة شرائح الشعب الفلسطيني، حيث تساوت العقول وتلاش التمايز بين الفلسطينيين بسبب هذا التشريد.
بعد احتلال إسرائيل لكافة الأراضي الفلسطينية عام 1967 فأصبح الاحتلال الإسرائيلي في كل مكان على الأراضي الفلسطينية الذي أعدم تماماً حتى فكرة الحديث عن عملية تنمية سياسية حقيقة فقد اعتقل المفكرين وأصحاب الآراء السياسية ووضعوا في السجون وعذبوا وحاولت إسرائيل شطب ما في رؤوسهم من أفكار خاصة بعملية التنمية السياسية والواقع الفلسطيني. لان الاحتلال في أي مكان متيقن تماماً أن التطور والتنمية في الفكر السياسي أخطر بكثير من المواجهة العسكرية.
لكن انطلاق م.ت.ف. أعطى بصيص من الأمل للفلسطيني في بدء دوران عملية التنمية السياسية على الأقل فكرياً أن لم تكن موجودة على أرض الواقع بفعل الاحتلال.
توج هذا العمل باندلاع الانتفاضة الأولى والتى لم تكن وليدة جهد مادي بل كانت وليدة قناعة تامة لضرورة تفعيل التنمية السياسية بشكل مختلف عن مضمونها العلمي نظراً للظروف الخاصة التى عاشها الشعب الفلسطيني فكانت بداية السعي لإيجاد تنمية سياسية فعلية تصل بالفلسطيني إلى نظام سياسي يحقق التنمية السياسية فعلاً على أرض الواقع وهذا ما حصل بالفعل من خلال توقيع اتفاقية أوسلو.
لتصبح العملية السياسية التنموية واقعاً ملموسا تشارك فيه كل شرائح الشعب الفلسطيني.

التخلف الاقتصادي والاجتماعي:
في الواقع إن هناك ارتباط وثيق بين السياسة والاقتصاد بل يمكن القول أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة ، ومن هنا تكمن أهمية الاقتصاد في عملية التنمية السياسة والواقع الفلسطيني يخبرنا عن تخلف حقيقي في جانبه الاقتصادي لعدة اعتبارات أهمها دور الاستعمار في تعزيز التخلف الاقتصادي بهدف تدمير البنية السياسية وإيقاف عملية التنمية في كافة المجالات خاصة المجال السياسي، فقد ساعد الاستعمار في إيقاف عجلة الإنتاج المحلى خصوصاً في الجانب الزراعي حيث أن فلسطين تعتبر من الدول التي تعتمد على الزراعة فصادرت الآلاف من الكيلومترات التى تعد من أكثر الأراضي خصوبة في فلسطين، بالإضافة إلى ذلك عمد الاحتلال إلى استنزاف المياه العذبة من خلال حفر أبار ارتوازية أعمق من الآبار التي يمتلكها الفلسطينيين، مما أدى إلى فقدان ملايين الأكواب من هذه المياه التى تسهم في عملية الزراعة في فلسطين، كذلك منع تصدير المنتجات الفلسطينية الزراعية المتميزة على مستوى العالم مما جعل أصحاب هذه المهنة يتركونها، وبالتالي أثر ذلك سلباً على هذه المنتج وغيره من المنتجات في كافة المجالات سواء كانت صناعات تقليدية أو صناعات حديثة، مما انعكس سلبا على عملية التنمية السياسية .
وعند الحديث عن التخلف الاجتماعي فمن الملاحظ أن تهجير السكان الفلسطينيين من أماكن سكناهم الأصلية قد أثر على علاقاتهم الاجتماعية والتشتت مما أدي إلى بروز ظواهر اجتماعية بينت مدى التخلف الاجتماعي بفعل الاحتلال


خاصية التعدد الأمني والتمزق القومي:
يعاني الشعب الفلسطيني منذ مطلع القرن العشرين مشكلة التعدد الأمني والتمزق القومي.
حيث برزت ظواهر عديدة بينت مدى هذا التمزق والتعدد الأمني فلم يكن منذ 1917 – 1965 جهة رسمية قومية تمثل الفلسطيني في المحافل الدولية. أو جهة رسمية قادرة على إدارة الشؤون الداخلية للداخل الفلسطيني. فقد اختلفوا سنة 1936 في إدارة ثورة 1936 وهذا على سبيل المثال لا الحصر. إن الاختلاف الأمني والتمزق القومي من أهم معوقات التنمية السياسية في أي بلد ما. فكيف المحال بفلسطيني التى تعاني من الاحتلال الإسرائيلي.

عدم وجود نظام سياسي مستقل:
من خلال التعريف الذي أوردته سالفاً عن فكرة التنمية السياسية يتبين لنا أن النظام السياسي هو الفاعل الأساسي في إدارة عملية التنمية السياسية في أي بلد ما وبالنظر إلى فلسطيني فإن الواقع يدلل على عدم وجود نظام سياسي فعلى يمارس إدارة الثروات وتوزيعها وتلبية احتياجات المواطنين والقدرة على إدارة الأزمات وأكبر مثال عدم قدرتهم على إعادة اللحمة للفلسطينيين كي تسير عجلة التنمية السياسية. وبالعودة وراءاً إلى ما قتل قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية. فقد كان من الملاحظ أيضاً عدم وجود نظام سياسي على الأرض الفلسطينية ليباشر إنجاز التحولات السياسية التى تخدم عملية التنمية بل ما كان موجود هو م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. لكنها كانت تدير الداخل الفلسطيني من خارجه وهو ما يختلف عن الدور الفعلي للنظام السياسي في إحداث التنمية السياسية.

التبعية السياسية:
تعتبر دول العالم الثالث بشكل عام من الدول التابعة سياسياً لدول العالم الأول والثاني. حتى وإن تمتعت بالاستقلال الذاتي. وفلسطين تقع ضمن دول العالم الثالث. وأيضاً تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي فهي تابعة لتلك الدول بشكل قصدي وليس إداري. وأيضاً تابعة بشكل قصدي لسياسة الاحتلال. فالاقتصاد الفلسطيني لازال تابعاً بالاقتصاد الإسرائيلي فالاحتلال هو الذي يحدد كمية الصادرات والواردات وهو الذي يجبي ضرائب تلك الصادرات والواردات.
أما على الصعيد السياسي فتاريخياً ومنذ نشأة م.ت.ف. وهو مستقطبه من الدول الغربية وبعد قيام السلطة ظلت قراراتها مرتبطة بالأخلاق الدولية والسياسيات الخارجية وبعض الدول خاصة الولايات المتحدة. فكيف يمكن أن تنجز تنمية سياسية والفلسطينيون مسلوبي خاصية القرار المستقل.

تعدد مؤسسات المجتمع المدني:
ظهرت مؤسسات المجتمع المدين قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وزادت تأثيرا بعد قيام السلطة الفلسطينية.
والهدف من هذه المؤسسات هو المشاركة في عملية التنمية بشكل عام لتنعكس سياسياً على حالة المجتمع ومن الواضح أن مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين. قد لعبت دوراً في عملية التنمية مما أثر إيجابياً على التنمية السياسية ولكن بشكل محدود نظراً للواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.
المشاركة السياسية:
من العوامل الهامة بل الأساسية الإحداث التنمية السياسية هي المشاركة السياسية لأنها تعد الركيزة الأساسية لسير عملية التنمية السياسية وعند الحديث عن المشاركة السياسية في فلسطيني فإننا نلاحظ عدم وجود الحد المطلوب من المشاركة السياسية.
أما على صعيد مشاركة المرأة في الانتخابات التشريعية فقد كان لها دور بارز في اختيار أعضاء المجلس التشريعي حيث بلغت نسبة مشاركتها 67% من لهم حق الانتخاب من النساء. وباختصار فإن المشاركة السياسية ضرورة حتمية الإحداث التنمية السياسية.
إن المشاركة السياسية لها علاقة بالمشاركة الثقافية والمواطنة السياسية وفي الاستقرار السياسي أولها علاقة في الولاء وهي السلوك والتوجه ولها قيمة سياسية عليا وهي فعل وممارسة يمارسها المواطن العادي على من يصنع القرار.

حالة الاغتراب في المجتمع الفلسطيني:
أن واقع المجتمع الفلسطيني السائد الآن هو واقع مغرب يحيل الشعب إلى كائنات عاجزة لا تقوى على مواجهة تحديات العصر. فالشعب عاجز في علاقته بالدولة والأحزاب والمؤسسات سواء السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وما نقصده هنا بالاغتراب السياسي. هي حالة عجز الإنسان الفلسطيني في علاقته بالمؤسسات السياسية والمجتمع والنظام العام. وفي هذه الحالة يصبح المجتمع بإفراده عاجزاً عن تجاوز أوضاعه وعاجز عن إعادة بناء نفسه من جديد وتتصل بحالة الاغتراب حالة التفكك السياسي والاجتماعي وخلله القيم والتبعية والطبقية المشوهة والسلطوية. فتسود علاقات القوة والصراع لا علاقات التعايش والتضامن وتغلب النزاعات الفئوية على حساب الإنسان والمجتمع وبالنظر إلى الواقع الفلسطيني فإن هذا الاغتراب قد أثر سلباً على عملية التنمية السياسية فتسود الآن حالة من زعزعة القيم والمفاهيم وازدواجية اقتباس كل ما يرد إلينا من الخارج مما يعنى أن عملية التنمية بحاجة إلى جهد جمعي متكامل لإحداثها.
كيفية الوصول إلى تنمية سياسة حقيقة في فلسطين:
1. تعزيز المشاركة السياسية.
2. بناء اقتصاد فاعل وتوزيع عادل للثروة.
3. التركيز على استقلالية النظام السياسي الفلسطيني.
4. مواجهة التغريب السياسي في المجتمع الفلسطيني.
5. تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني.
6. الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
7. تعزيز ثقافة الرأي والرأي الآخر ونبذ العنف السياسي.
8. تجسيد الروابط الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني.
9. إعطاء دور فاعل للمثقفين والكفاءات الفلسطينية الخاتمة.

في ضوء تشخيصنا للحالة الفلسطينية في مختلف الجوانب السياسية يتطلب منا نحن الفلسطينيين من كافة القوى والتوجهات توجيه الإمكانيات والطاقات من أجل تعزيز صمودنا وحماية مشروعنا وذلك بتحقيق تنمية سياسية حقيقة تتظافر فيها كافة الجهود وفق خطة إستراتيجية للمضي قدماً لتحقيق أهدافنا ومجابهة التحديات التى يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.