منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#52367
إن الحديث عن العولمة يحتاج للكثير من الأبحاث والدراسات, خاصةً ونحن نتحدث عن دول العالم الثالث التي ما تزال تنظر للعولمة على أنها الظاهرة القريبة البعيدة، فهي قريبة بمظاهرها الاستهلاكية الترفية وبعيدة بإنجازاتها التي تؤدي لتنمية الموارد البشرية.


لقد تنامى الاعتماد المتبادل بين الدول وازداد ارتباط الاقتصاد العالمي في ظل العولمة ، مما أثر على النمو الاقتصادي في العالم وفي دول العالم الثالث، فقد فتحت العولمة المزيد من الفرص أمام الاقتصاديات الناشئة وذلك من خلال: زيادة الاستثمار، نقل التكنولوجيا، تحسين فرص التصدير، زيادة دور القطاع الخاص(الخصخصة)، فتح الأسواق العالمية للمنتجات، وتحرير التجارة وما رافق ذلك من انسياب في تدفق رأس المال والسلاسة في انتقال الأيدي العاملة، إن النظرة السريعة لهذه المعطيات ترينا ايجابيات العولمة بكل وضوح، ولكن الواقع ليس كذلك فالمستفيد الأول والأخير من العولمة هو الدول المتقدمة، أما الدول النامية فتواجه ظروفاً صعبة تتمثل بعدم الاستقرار السياسي في كثير منها، وارتفاع مستويات الدين الخارجي، واعتمادها على سلعة أو سلعتين للتصدير، بالاضافة لصعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية، وذلك لعدم توفر البيئة المناسبة والعمالة الفنية المدربة والمؤهلة، فعلى الرغم من تحقيق بعض النجاحات في بعض الدول النامية إلا أن اقتصاديات دول العالم الثالث ما تزال تعاني من اختلالات في هيكلة الإنتاج وفي تدفق رأس المال، لقد جاءت الأرقام أبلغ من الكلام فمساهمة البلدان النامية في الإنتاج العالمي تشكل ما نسبته (14,5%) مقابل (85,5%) مساهمة الدول الصناعية، ويظهرهذا الخلل جليا إذا علمنا أن مجموعة دول العالم الثالث تضم (129) دولة تشكل ما نسبته (77%) من نسبة سكان العالم، في حين أن مجموعة الدول المتقدمة الصناعية تضم (48) دولة إي ما نسبته (23%) من سكان العالم، وفي ظل هذا الواقع تواجه صادرات دول العالم الثالث الكثير من العقبات، كالحواجز والقيود الجمركية، اضافة للمنافسة غير المتكافئة في الإنتاج وما رافق ذلك من استنزاف لموارد الدول النامية من قبل الدول المتقدمة الصناعية.


إن سيطرة النموذج الاقتصادي الغربي أدت لاضعاف الاقتصاديات الوطنية، فلم تعد الدول هي الفاعل الرئيسي في العملية الاقتصادية بل ظهر فاعلون جدد وعلى رأسهم: البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعددة الجنسيات, بالاضافة لصندوق النقد الدولي والذي يعتبر أكبر داعم للعولمة وذلك بسبب ضخامة رأس المال المتوفر لديه إلا أنه فشل في معالجة الأزمات المالية التي اجتاحت العالم ومنها الأزمة التي ظهرت في جنوب شرق آسيا عام(1997)، والتي أدت إلى إنهيار العملات والنظام المالي في تلك الدول، ولم تجلب نصائح الصندوق لهذه الدول سوى المزيد من تفاقم للأزمة، وازدياد الوضع سوءا فتراجع الدخل القومي لهذه الدول أكثر مما كان عليه في السابق.


لقد سعت العولمة بكل قوتها جاهدة لتوحيد العالم ضمن منظومة متكاملة عن طريق سلب منجزات الشعوب ومقدراتها من خلال نظام الخصخصة، الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين عالمين مختلفين: عالم يزداد فقرا وآخر يزداد غناً، فقد وصفها أحد أبنائها وهو الاقتصادي الأمريكي إدوارد لوتاك بالهدم الخلاق، وفي النهاية لا بد من وجود طرف خاسر وآخر رابح فالمعادلة أصعب مما نتصور.


إن مواجهة هذه التحديات تستلزم تظافر الجهود وتضامنها بقوة والعمل بتعاون وتنسيق، لدخول دول العالم الثالث في تكتل اقتصادي على غرار السوق الأوروبية المشتركة، وسوق جنوب غرب آسيا.