صفحة 1 من 1

الديمقراطية الفلسطينية تواجه امتحانا عسيرا..!!

مرسل: الخميس يوليو 12, 2012 12:12 pm
بواسطة نايف التمران313
يتفاخر الفلسطينيون بأنهم نجحوا في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل ستة أعوام هي الأكثر نزاهة في المنطقة العربية وربما في العالم، كما كانوا يتحدثون بصوت عال عن ديمقراطيتهم الوليدة تحت الاحتلال وفي ظلال اتفاق أوسلو سيئ السمعة باعتبارها الديمقراطية الأكثر نضجاً واحتراماً لحقوق الإنسان في الوطن العربي، بل لعلنا نتذكر كلمات الراحل عرفات وهو يشيد بالديمقراطية الفلسطينية حتى في وجود السلاح بأيدي الفصائل والمنظمات الفلسطينية وكم كان يحلو له القول بأنها ديمقراطية غابة البنادق.

يومي السبت والأحد الماضيين "30/ 6 و1/ 7" وفي مدينة رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية وغير بعيد عن المقاطعة مركز هذه السلطة ورئيسها كان موعدنا مع صورة نقيضة لهذا الكلام عن عظمة الديمقراطية الفلسطينية، حيث استخدمت الحكومة بأجهزتها الشرطية والأمنية العنف والقوة لفض مسيرة سلمية لشباب خرجوا للإعلان عن رفضهم لقاء رئيسهم "الذي انتهت ولايته من سنتين" مع الإرهابي شاؤول موفاز واستقباله في المقاطعة، الأمر الذي اعتبروه خطوة في الاتجاه الخاطئ واستمراراً لمفاوضات عبثية أثبتت التجربة عقمها ومساسها بحقوق شعبنا وكرامته.

إن ما يؤكد على قلة احترام المنهج الديمقراطي والاستخفاف بحق المواطن في التعبير من جانب المسؤولين عن أجهزة الأمن والسلطة جميعهم هو أن قمع الناس يوم الأحد كان لمنعهم من التعبير عن غضبهم واحتجاجهم على استخدام العنف ضد متظاهري يوم السبت دون أن ينطق أي مسؤول من هؤلاء بجملة تفيد حرصه على حق الشعب في إبداء رأيه بمستقبله وحقوقه، وجرى تبرير سلوك الشرطة وأجهزة الأمن بعدم حصول المحتجين على ترخيص مسبق للتظاهر، وهو كما نعلم ليس مبرراً لاستخدام العنف بالطريقة التي جرت كما شاهدنا.

نعلم أن هناك حملة أمنية تجري وقائعها كل يوم في الضفة الغربية منذ مدة لأسباب متنوعة، أهمها حالة الانفلات التي شهدتها بعض المدن الفلسطينية وأدت لحوادث خطيرة وتثير الانزعاج والقلق، لكن هذا لا يبرر أن تتجاوز الحكومة الفلسطينية على حق التعبير فتقمع وتضرب وتسحل متظاهرين خرجوا من أجل حفظ كرامة شعبهم ورفض المساس بحقوقه.

اللافت فيما جرى أن الشرطة والأمن في رام الله تعاملوا مع المسيرة وتظاهرة اليوم التالي لها مثلما كان يتعامل معها الاحتلال تماماً، وربما بطريقة أكثر فجاجة، وهذا يعني أن هؤلاء القامعين تلقوا تعليمات من جهات سياسية لفعل هذا، وأنهم يحملون عقيدة أمنية تتفق مع واقع الاحتلال والتنسيق الأمني مع سلطاته الإجرامية، وهو ما جرى التأكد منه حين سمعنا سيل المدائح التي وجهها مسؤولون صهاينة للحملة الأمنية والقائمين عليها.

إن قمع الشباب الرافض لاستقبال أحد قادة العدو لمدينتهم ولسياسة القيادة الفلسطينية المتنفذة يدلل على مدى الخواء الوطني عند من أمر بذلك وعند من قام بالتنفيذ. وإذا أضفنا لهذا جملة الأخطاء والتجاوزات التي ترتكبها أجهزة الأمن في حملتها الأمنية فإن الصورة ستكتمل وتنذر بالخطر، وبأننا قد نكون مقبلين على مرحلة سيئة في تاريخ السلطة الفلسطينية والقضية الفلسطينية، وقد تكون ردة الفعل تشبه ما جرى ويجري في بعض دول ما يسمى بالربيع العربي، وربما يكون مفيداً وأدعى للفطنة والفهم أن نتذكر جميعاً تلك المرحلة السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية حين اقتتل الإخوة بعد أقل من سنة على تلك الانتخابات التي افتخرنا بها، وسقط من أبناء شعبنا الفلسطيني عشرات القتلى والجرحى، واستولت حماس إثرها على قطاع غزة، الأمر الذي ما زالت عقابيله السلبية تتوالى حتى الآن، ولا يزال الانقسام واقعاً مريراً نعيشه حتى اللحظة.

إن عدم إدراك النتائج السلبية للقمع ومنع حرية التعبير سيؤدي حتماً للمزيد من الخراب في الساحة الفلسطينية، كما سيجعل قضية المصالحة وعودة الوحدة الوطنية أمراً صعباً ويقدم خدمة كبيرة للعدو الصهيوني. إن احترام حرية التعبير مع وقوع سلبيات في الممارسة الديمقراطية أفضل ألف مرة من قمعها ومنع الناس من ممارستها بالشكل الذي يرتأون طالما كانت سلمية ولا تعرقل الانتاج أو النظام العام.

ما جرى في رام الله وما نسمعه حول موضوع المصالحة وعودة الوحدة الوطنية لا يبشر بخير، كما أن ممارسات سلطة حماس في قطاع غزة تتقاطع بكل أسف مع مثيلتها في الضفة الغربية، وآخرها وقف تجديد لوائح الناخبين مما يعني تعطيل موضوع المصالحة والانتخابات كجزء منها.

لا بد أن يرتفع صوت الشعب الفلسطيني وتعلو نبرته تجاه مطالب وطنية محقة من طرفي الصراع "فتح وحماس" لوقف المماحكات بينهما وللجم اتجاهات التطرف واللاديمقراطية في صفوفهما.

يتفهم الفلسطينيون بعض دوافع السلطة وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية برام الله حين تسمح بإجراء حملة أمنية لملاحقة المجرمين والقتلة ومروجي المخدرات، لكنهم لا يتفهمون أو يتقبلون أن يكون هذا الهدف النبيل غطاءً لمنع الرأي الآخر أو الافتئات على حقوق المواطنين، وخاصة من يحملون وجهة نظر تخالف رأي الرئيس وحزبه السياسي الذي تمثله حركة "فتح" التي لم تصدر بياناً شاجباً لقمع مسيرتي رام الله.

الديمقراطية الفلسطينية تقول إنه لا توجد مؤسسات منتخبة تدير شؤون الشعب الفلسطيني وإن ولاية الرئيس وسلطته في رام الله، وكذلك ولاية حماس ومجلسها التشريعي في غزة قد انتهت من سنتين، وبات ضرورياً عودة اللحمة للضفة والقطاع تحت سلطة وطنية وثورية منتخبة تحظى بثقة الشعب واحترامه.