صفحة 1 من 1

التحول الديمقراطي بقلم/ منذر السيد الحلولي

مرسل: الخميس يوليو 12, 2012 1:10 pm
بواسطة محمد المنجي313
إن مفهوم التحول الديمقراطي يعني بدلالاته اللفظية المرحلة الانتقالية بين نظام ديمقراطي ونظام غير ديمقراطي، فالنظام السياسي الذي يشهد تحولاً ديمقراطياً، يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي، مرحلة التحول الديمقراطي بهذا المعنى هي مرحلة تمر بين حدي نقيض، وهي مسكونة بتركيبة تجمع خصائص من كليهما، وفي المراحل البدائية لهذا التحول تكون الغلبة لخصائص مرحلة ما قبل التحول، هذا إذا كان ذلك التحول يحدث بشكل متدرج وليس من خلال تحول جذري يقلب الأمور رأساً على عقب، ويحول النظام السياسي من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي .

وبهذا المعنى فأن البدء في إحداث التحول الديمقراطي، يعني في إطار موحد بداية تحطم النظام التسلطي القديم، والأمر هنا نسبي بمعنى أنة ليس بالضرورة أن تشكل كل مرحلة انتقالية للتحول الديمقراطي أن تصلنا بالفعل إلى درجة الديمقراطية، لان التحول الديمقراطي قد يقف عند حدود معينة من تحقيق الانفراج السياسي، ولا ينتج نظام ديمقراطي، بل من الممكن أن يشكل التقدم الذي تم تحقيقه في سياق هذا التحول انتكاسة لاحقاً، وهذا بالطبع أمر ذو صلة وثيقة بنمط التحول الديمقراطي وقبل ذلك العوامل والمداخل التي دفعت في سبيله .

ويمكن النظر إلى الأسباب التي تدفع في سبيل حدوث التحول الديمقراطي، بالرغم من اختلاف هذه الأسباب من حالة إلى أخرى، إلى تشابه السياقات المجتمعية لمجموعة من النظم السياسية، وتشابه خبرات عملية التطوير السياسي في هذه النظم مما يؤدي بالتبعية إلى تشابه هذه الأسباب، وتنقسم أسباب التحول الديمقراطي إلى مجموعتين:-
المجموعة الأولى : تنبع من بيئة النظام السياسي الداخلية .
المجموعة الثانية : تنبع نتيجة التدخلات الخارجية .

إن مستقبل الديمقراطية في أي بلد من البلدان يرتبط بمسار تجربتها السياسية، وما انتهت إلية هذه التجربة من محصلة في مجال المشاركة السياسية وحقوق الإنسان والحريات العامة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك إلى نوعية البنى المشتركة ما بين الدولة والمجتمع وعلاقتهما الداخلية وارتباطاتهما الخارجية، لهذا فأن مصير الديمقراطية مرتبط بنتائج معركة فكرية وسياسية، فهي لا تولد من تلقاء نفسها بصورة عفوية، ولست مفهوم جاهز وثابت لا يحتاج إلى تطبيق ولكي تنجح فيلزم العمل على جبهتين :-
الجبهة الأولى : جبهة تحييد النفوذ الخارجي .
الجبهة الثانية : جبهة الإصلاح المؤسساتي للدولة .

من الممكن أن يحدث التحول الديمقراطي عن طريق الدعم الخارجي، والمال السياسي، للقوى التي تطمح في الوصول إلى النظام ، لكن لا يمكن لهذه القوى أن تكون ديمقراطية، ولا يقتصر التعامل مع الديمقراطية على اختزالها في الانتخابات، لأنها تعني في ابسط معانيها صيغة القبول بالأخر، وبالتالي إتاحة التداول السلمي للسلطة بين قوى المجتمع المتعددة، كانت أحزاب أم جماعات، ومن الملاحظ أصبحت الانتخابات في اغلب البلدان مطلب أمريكي، قبل أن تكون مطلب جماهيري شعبي، وتتم في ظل عدم القبول بالآخر، مع أن هذه المقولة يستند عليها النظام الديمقراطي ليؤكد صفة التعددية السياسية التي يقول بها ويقوم عليها .

إشكالية التحول الديمقراطي تتعثر نتيجة العديد من المداخل التي تؤثر وتتأثر بها، بدأً بالوحدات الصغيرة من الأسرة والمدرسة حتى جماعة الأصدقاء وصولاً إلى النقابة والجمعية والحزب السياسي، كما تشكل سيطرة الحزب الواحد على مقاليد الحكم إلى هشاشة هذا التحول، وبالتالي هشاشة القوى السياسية الأخرى، مما يؤثر على الإرادة الشعبية الحرة، وبالتالي على السيادة الوطنية .

إن إمكانية تعزيز التحول الديمقراطي لا يمكن أن تتم في غابة شرعية القوة، لان اغلب القوى السياسية تتخذ من القوة شرعية للحفاظ على سلطتها، على الجميع أن يدرك أن التحول لا يتم إلا بتفعيل آليات الإصلاح السياسي، دون الدخول في الأزمات الاجتماعية والسياسية، نحن بحاجة إلى تحديد الأهداف و بلورة آليات التحول الديمقراطي، لكننا أيضاً في أمس الحاجة إلى بلورة الرؤية، و كذلك تحديد آليات التغيير .