منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#52531
يعتمد أي نمط النظام السياسي أو طريق التنمية السياسية الذي تختاره أي دولة على إرادة الأغلبية الساحقة للشعب، وعلى الظروف الوطنية الخاصة بكل دولة، وكذلك على خلفيتها التاريخية والثقافية.إن طريقة التنمية السياسية التي اتبعتها الصين جعلت وتيرة صعودها مذهلة جدا، فمنذ عام 1979،حققت الصين زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18 مرة،وأصبحت الصين ثاني اكبر اقتصاد عالمي. ومع ذلك، فإن العديد من الغربيين يعترف فقط بنجاح الإصلاحات الاقتصادية في الصين ،وغير راض عن إصلاحاتها السياسية.

شهدت البلدان الاشتراكية في العالم ثلاث أنماط للتغيير على مدى العقود الثلاث الماضي، أولا: " المحافظة على نموذج الإصلاح"،هو النظام السياسي الثابت تماما،ولا يقتصر الإصلاح إلا على النظام الاقتصادي. ثانيا: " نموذج للإصلاح الجذري" وهو إجراء تغيرات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي. ثالثا:" نموذج للإصلاح المعتدل" وهو النموذج الصيني الذي يتميز بالإصلاح الاقتصادي واسع النطاق وإصلاح نظام سياسي صغير نسبيا، حيث أن الإصلاحات السياسية هي من أجل الإصلاحات الاقتصادية وتمهيد الطريق لتحسين مستوى المعيشة. ومن بين النماذج الثلاثة، فإن النموذج الصيني هو الأكثر نجاحا بلا شك. إذ أن النموذج الصيني جنب الاضطرابات المجتمعية الكبيرة، وحقق التنمية الاقتصادية السريعة ودينامية المجتمع، وتحسين مستوى معيشة الشعب إلى مستوى غير مسبوق.

لقد نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية و" انترناشونال هيرالد تريبون" الصينية في اكتوبر 2004 مقالا تحليليا كتبته تحت عنوان " الصين تواصل إصلاح نموذجها الخاص"،وجاء في المقال بأن الارتفاع السريع للتنمية الاقتصادية في الصين اليوم هو نتيجة الإصلاح السياسي صغير النطاق نسبيا. وتشمل هذه الإصلاحات المواضيع التالية: استكمال إنهاء الصراع الطبقي والحركات السياسية المختلفة، بحيث يمكن لأي مواطن عادي الحق في الكسب المادي والحياة الثقافية والروحية، إعادة تأهيل ضحايا الحملات السياسية لاستعادة قدرتهم في اللعب دور قوي في المجتمع، إلغاء الحكومة للمجالس البلدية،واختيار مجموعة متنوعة يمثلون الانتخابات على مستوى القرى لتحقيق تجربة الديمقراطية الشعبية، إلغاء الانحياز للكوادر القيادية، إنشاء نظام الخدمة المدنية، اختيار بعض المسؤولين في إطار نظام " الانتخابات"،ترويج والدعاية للمسؤولين على نطاق واسع،إصلاح نظام الحسابات والسجلات الإدارية،الحد من الفحوصات واسعة النطاق للموافقة الإدارية،قرارات الحكومة الرئيسي تكون نتيجة التشاور الديمقراطي واسعة النطاق،إنشاء نظام إداري يتكيف أساسا مع اقتصاد السوق الاشتراكي في الصين.

في الواقع،فإن المعرفة الجيدة بتاريخ السياسة الصينية ، وظروف الصين على وجه الخصوص، يجعلنا نعرف أن عملية التنقل من " هيكل النظام السياسي " و" النظام الاقتصادي المخطط" القديم يمكن أن تكون مجرد تغيير سياسي،لأن مميزات النظام السياسي الصيني القديم لا يفصل بين الملامح السياسية والاقتصادية ( مثل المؤسسة هي الوحدة تقودها السياسة والحزب والشركة، الريف هو المجتمع السياسي وهو منظومة نظام البلدية الشعبية)، في حين أن مسار عملية الإصلاحات الصينية هو ثابت ولم يفصل بين الحل السياسي و الاقتصادي والتفاعل الإصلاح الاقتصادي مع الإصلاح السياسي،ومن هذا المنظور، فإن الصين وضعت الكثير من الإصلاحات السياسية خلال إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وأهمها التركيز الجيد على التنمية الاقتصادية ،والمضي قدما لتحسين معيشة الشعب. وباختصار،فإن هناك تراكم كبير لمجموعة الإصلاحات السياسية في الصين، وإن عمق واتساع الإصلاح السياسي في الصين واكبر بكثير مما يعرفه العالم الخارجي.

يعتبر نهج الإصلاح السياسي في الصين فريد من نوعه، وعلى الرغم من أن الكثير من العيون الأجنبية تحاول أن تغضي بصرها لكي لا تراه، إلا أنه لا يزال هناك حكمة السياسة العامة في الصين. كما أن وسيلة لتعزيز الإصلاحات السياسية للحد من الأخطار الاجتماعية المحتملة، وتتجنب الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي شهدته العديد من الدول بسبب الإصلاح السياسي الجذري.

إن العديد من الناس لا يريدون الاعتراف بالإصلاحات السياسية الصينية، بسبب الفضاء الضيق الذي يرون الصين منه. أن هؤلاء لا يعتقدون إلا بالنموذج الغربي، وما دام النظام السياسي في أي دولة بعيد عن النموذج الغربي المسمى" بالنظام الديمقراطي " فإنهم لا يعترفون بأي إصلاح سياسي تقوم به هذه الدول. لكن لو فتح هؤلاء أعينهم قليلا ولم يحصروا الأنظمة السياسية فقط في النظام الديمقراطي على الطريقة الغربية ،والاطلاع ودراسة أشكال الأنظمة المختلفة، بما يتفق مع خصائص البلدان نفسها، والتي حققت السلام والتسامح وراحة البال،والتنمية، أكيد يستطيعون رؤية الإصلاح السياسي في الصين.

.