صفحة 1 من 1

نموذج التنمية الإقتصادية في الصين الإشتراكية

مرسل: الجمعة يوليو 13, 2012 9:59 pm
بواسطة وليد ناجي 5
تجربة الصين في التنمية الإقتصادية

جاء الاحتفال بالذكرى الستين لتاسيس جمهورية الصين الشعبية في وقت
يخرج فيه اقتصادها من الركود اسرع من أي اقتصاد في العالم، وبمعدلات
نمو لا تزال من بين الاعلى عالميا.
ومع أن الإعلام العالمي لم يهتم كثيرا بقوة الاقتصاد الصيني قبل نهاية القرن الماضي،
إلا أن الصين بدات نهضتها الاقتصادية منذ نهاية السبعينات وعقب وفاة زعيمها
ماو تسي تونج.
كان المحرك الاساسي، ضمن مجموعة من الاصلاحيين في قيادة الحزب الشيوعي،
هو دنج زياو بنج الذي رسخ اسس ما وصف بنموذج "اقتصاد السوق الاشتراكي".
البداية

اتبعت الصين طريقة متدرجة في الاصلاح الاقتصادي، ورغم تحرير السوق الا ان دور الدولة ظل قويا في تحديد وتنفيذ سياسات التنمية.


ولم يقتصر الامر على تطوير الصناعات التي جعلت منها من اكبر المصدرين، بل بدأ الاصلاح اساسا في القطاع الرئيسي الذي يستوعب القدر الاكبر من العمالة: قطاع الزراعة.
وفي البداية، الغيت التعاونيات الزراعية بنهاية السبعينات، وتم تحرير القطاع الزراعي الى حد كبير.
وفي سياق الارتداد عن سياسات ماوتسي تونج، بدأ تخفيف قيود التخطيط المركزي للزراعة واصبحت التعاونيات الباقية مسؤولة عن ادارة نفسها على اساس الربح والخسارة.
خلال الثمانينيات بلغت نسبة الصناعات الزراعية من انتاج القطاع الزراعي 23 في المئة، وساهم ذلك في استيعاب البطالة في الريف التي ازدادات مقارنة مع الحضر الذي امتص قدرا كبيرا من البطالة في تطور القطاع التجاري والخدمي.
ونتيجة اصلاح قطاع الزراعة، اعتبر انجازا لدنج زياو بنج ان اخرج حوالى 170 مليونا من المزارعين الصينيين من حالة الفقر المدقع بحلول اواسط الثمانينيات.
الانفتاح

في عام 1978 اتخذت القيادة الصينية القرار بالسماح بالاستثمار الاجنبي المباشر في عدد من "المناطق الاقتصادية الخاصة" قرب المدن الساحلية في الصين.
وفي بداية الثمانينات بدأ التوسع في تلك المناطق، واصبحت هناك 14 مدينة ساحلية وثلاث مناطق مفتوحة للاستثمار الاجنبي.
بحلول عام 1993 كانت هناك 2000 منطقة اقتصادية خاصة زادت من انسياب رؤوس الاموال الاجنبية، وارتفع الناتج القومي وارتفعت الاسعار والاستثمار خارج الميزانية الحكومية.

بدأ تحرير قطاع الزراعة عقب وفاة ماو مباشرة



ومع موجة الانهيارات للانظمة الاشتراكية في وسط وشرق اوروبا نهاية الثمانينيات، تمكنت الصين من خلال صرامة النظام السياسي ان تتفادى تلك الهزة ـ وان لم يؤثر ذلك على خطط التطور الاقتصادي.
وبدأت السلطات في مواجهة عقبات الانفتاح مثل البيروقراطية الصينية التقليدية امام الاستثمارات الاجنبية، وقلة الخبرة بقواعد العمل والسوق في الاقتصادات الراسمالية المتقدمة.
في عام 1992 اعلن دنج زياو بنج عدة قرارات سياسية تستهدف تنشيط عملية الاصلاح الاقتصادي، وافق عليها المؤتمر العام الرابع عشر للحزب الشيوعي الصيني.
وتحددت مهمة الصين في التسعينات في اطلاق ما سمي "اقتصاد سوق اشتراكي" ـ أي استمرار النظام السياسي مع تغييرات جريئة في النظام الاقتصادي.
وهكذا تجاوزت الصين بقية الاقتصادات الاسيوية التي تعتمد على التصدير مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا، بعدما سمحت للشركات العالمية الكبرى يالعمل فيها من اجل التصدير.
تبعات

لم تخل عملية التطور الاقتصادي الصيني في العقود الثلاثة الاخيرة من تبعات اجتماعية وغيرها.
ففي اواسط التسعينيات، انكشف الاقتصاد الصيني الى حد ما على الازمة الاسيوية، لكن عوامل داخلية كالنمو الهائل فوق 10 في المئة سنويا كان لها اثر سلبي.
فمع ذلك الغليان في الاقتصاد، وخشية ارتفاع التضخم بصورة كبيرة لجأت الحكومة في ذلك الوقت الى رفع اسعار الفائدة واعادت تقييم المشروعات الاستثمارية.
ادى ذلك الى تراجع نسبة النمو الاقتصادي بالطبع، لكن التضخم انخفض من 17 في المئة عام 1995 الى 8 في المئة عام 1996.


وفي ذلك العام عاد الاقتصاد الى النمو بمعدل جيد مع تضخم منخفض، ثم تباطأ النمو قليلا في السنوات الثلاث التالية بسبب الازمة الاسيوية وما صاحبها من ضبط السلطات لاسعار المواد الغذائية وتشديد السياسة النقدية.
تصل نسبة البطالة الان الى ما بين 8 و10 في المئة في المناطق الحضرية ـ والنسبة اكبر بكثير في المناطق الريفية.
لذا تحتاج الصين الى معدل النمو السنوي الكبير كي يمكن للاقتصاد ان يوفر فرص عمل جديدة تستوعب حوالى 15 مليون سنويا.
وحسب الارقام الرسمية الصينية انخفضت نسبة الفقر من 53 في المئة عام 1981 الى 2.5 في المئة عام 2005.
لكن حسب تقديرات الامم المتحدة لعام 2007، يعيش 35 في المئة من سكان الصين على اقل من دولارين يوميا (الحد الدولي للفقر)، فيما يعيش 130 مليون منهم في فقر مدقع (اقل من دولار في اليوم).
واجمالا تبقى هناك معوقات، حتى للنمو الصناعي والخدمي السريع في اقتصاد يمكنه التوسع اكثر في الانتاج للتصدير.
من تلك المعوقات مثلا ان الطاقة المتوفرة لا تكفي لتلبية احتياجات التوسع الصناعي، وتعتمد الصين على استيراد القدر الاكبر من احتياجاتها من الطاقة.
كما ان شبكة النقل ليست بالكفاءة التي تستوعب حجم الانتاج، ونظم الاتصالات لا تزال