- الجمعة يوليو 13, 2012 11:41 pm
#52546
لا شك أن الآثار تظهر أكثر وضوحا في الاقتصاديات الوطنية المستقبلة، منها في الأصلية، وذلك لتوطن الاستثمار الأجنبي المباشر فيها، مما ينجر عنه من آثار مباشرة على الاقتصاد الوطني، سواء كان على الصعيد الداخلي أو الخارجي. غير أنه من المهم أن نذكر أنه، مهما كانت هذه الآثار سلبية أو إيجابية على البلاد المضيفة، فإن هذا الاستثمار لم يحصل إلا بعد قبول السلطات المحلية به، وفي أحيان كثيرة بعد طلب وإلحاح من هذه الأخيرة. ومن المناسب تقسيم هذه البلدان إلى قسمين وهما: بلدان متقدمة وبلدان نامية ( العالم الثالث).
فكما رأينا سابقا، يؤدي خروج رؤوس الأموال من البلاد إلى إحداث عجز في ميزان المدفوعات في المدى القصير، وهذا ما دفع بالبلدان الأصلية إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر لتصبح بدورها بلدانا مستقبلة، مما أوجد ( كما اصطلح على تسميته) استثمارا متقاطعا، ومنه وجود بلدان مستقبلة / أصلية وبلدان مستقبلة.
فأما الأولى، فتتمثل في البلدان المتقدمة التي تحصل على الأغلبية الكبيرة من رؤوس الأموال الأجنبية بحوالي % 71,5 في سنة 1998[1]، كما تمثل هذه البلدان المصدر الرئيسي لرؤوس الأموال والتي بلغت في نفس السنة حوالي % 91,6، مما يدفع إلى اعتبار الاستثمار الأجنبي المباشر حركة تحويل رؤوس الأموال بين البلدان المتقدمة أساسا.
أما الثانية فتتمثل في البلدان النامية، والتي تعتبر بلدانا مستقبلة بالدرجة الأولى، حيث تمثل حصتها من الاستثمار الأجنبي المباشر بحوالي ربع رؤوس الأموال الأجنبية المتراكمة.
فهذه الحركة لرؤوس الأموال بين الدول تؤثر على الاقتصاديات المستقبلة في هياكلها الإنتاجية، وتحويل التكنولوجيا، وميزان المدفوعات، والتشغيل مثلا.
أولا – أثر الشركات متعددة الجنسية على الهياكل الإنتاجية
تبحث البلدان المستقبلة عند جلب الشركات متعدد الجنسية عن الرفع في الناتج الداخلي، وتسريع معدل النمو، والرفع من القدرة الإنتاجية. غير أن حدوث ذلك على إطلاقه لن يحصل إلا عند إقامة وحدة إنتاجية جديدة، بينما في الواقع تفضل هذه الشركات الحصول على شركات محلية موجودة، بحيث تمثل عملية إعادة الشراء الوسيلة الأكثر فعالية للقضاء على المنافسين، وتجنب إحداث قدرات إنتاجية زائدة. فبعد تحقيق التوطن تتم عملية تحسين التقنيات الإنتاجية والمنتجات المعروفة والقدرات التسييرية والتسويقية، … إلخ.
فهذه الوضعية تفسرها مثلا حالة المكسيك والبرازيل، فقد كانت ثلثي الشركات المقامة نتيجة لإعادة شراء مؤسسات محلية، فقد سمحت لها بالتحكم في السوق المحلي[2].
والملاحظ من عمل الشركات متعددة الجنسية في البلدان المستقبلة أن البلدان النامية، تكون أكثر تأثيرا من البلدان المتقدمة، بحيث يمثل الرأسمال الأجنبي في الناتج الداخلي الخام في أمريكا اللاتينية حوالي % 13,6 بينما في الولايات المتحدة لا يمثل سوى % 4,7. ورغم صغر حجم السوق في البلاد النامية، إلا أنها تملك ميزات تسمح لها بتقليص تكاليف الإنتاج، من يد عاملة رخيصة ومواد أولية غزيرة وقليلة الكلفة، وأسعار منخفضة للأراضي، وتكاليف اجتماعية منخفضة وقوانين حول المحيط واعدة.
فتعتبر القطاعات الإستراتيجية كالصناعة المانوفاكتورية والمنجمية تحت التحكم الخارجي وخاضعة للقرارات والمصالح الأجنبية.
ثانيا – أثر الشركات متعددة الجنسية على تحويل التكنولوجيا
يتمثل التحويل التكنولوجي في عملية بيع الشركات متعددة الجنسية للتقنية ووسائل الاستخدام. فإذا كان البيع لفرع الشركة فيعتبر تحويلا داخليا، أما إذا حصل مع شركة أخرى، فيمثل تحويلا خارجيا.
في الماضي، كانت التحويلات التكنولوجية الصادرة عن الشركات متعددة الجنسية، تعتبر عنصرا استدراكيا اقتصاديا للبلدان المستقبلة من البلدان الأصلية، بحيث توسعت الشركات الأمريكية في الخارج بعد الحرب العالمية الثانية، ليس بتصدير رؤوس الاموال فقط، وإنما أيضا بإرسال قدرات تسييرية وتكنولوجية[3]. وهذا ما سمح للبلدان المستقبلة بتنمية تكنولوجياتها، واللحاق تدريجيا بالولايات المتحدة، والمتمثلة أساسا في البلدان الغربية واليابان. غير أن تحقيق التنمية في البلدان المصنعة، يعود إلى توفر شروط نجاح هذا التحويل.
أما التحويل التكنولوجي من الشركات متعددة الجنسية إلى البلدان النامية، فله مميزاته الخاصة، حيث عرفت هذه الأخيرة تناقضا بين فكرتين أساسيتين. فالأولى، تدور حول ضرورة تكييف التكنولوجيا مع المحيط الاجتماعي والثقافي للبلاد باستعمال أكثر كثافة للعمل، أما الثانية، فقد عمدت إلى اكتساب التكنولوجيات الأكثر عصرنة.
في الأخير، مهما كانت نوعية التكنولوجيا المحولة، لا شك في اعتبار هذه الشركات الوسيلة الأساسية لتحويلها مهما كانت الطريقة.
ثالثا – أثر الشركات متعددة الجنسية على ميزان المدفوعات
لا شك أن البلدان المستقبلة، تنتظر تحسنا في ميزان مدفوعاتها من خلال عمل الشركات متعددة الجنسية فيها.
I. الأثر على مبادلات البضائع:
على العموم، تحسن هذه الشركات من الميزان التجاري في البلاد المستقبلة، حيث يؤثر الاستثمار المباشر على حركة السلع من وإلى الخارج. غير أنه لا ينبغي التوقف عند تحليل الميزان التجاري في حركة الواردات والصادرات فقط، وإنما كذلك على إحلال الواردات والصادرات.
فحسب موسوعة الاقتصاد والتسيير[4]، حققت الشركات الأجنبية في فرنسا حوالي % 20 من الواردات و% 10 من الصادرات، وبالتالي أحدثت عجزا في التجارة الدولية، أما عند إدخال متغيرات إحلال الصادرات والواردات، تظهر الآثار الإيجابية على ميزان المدفوعات للبلد المستقبل. كما أن في أمريكا اللاتينية، وخلال الفترة 1965-1968، استثمرت الشركات الأمريكية حوالي 700 مليون دولار، بينما أجلت فروعها حوالي 1,440 مليار دولار من الأرباح، ومنه يبدو أن بلدان أمريكا اللاتينية حققت عجزا صافيا مقدرا بحوالي 740 مليون دولار. غير أنه في نفس الفترة، حققت الفروع الأمريكية حوالي 4,5 مليار دولار من الصادرات و 4,8 مليار دولار نتيجة إحلال الواردات. فيصبح بالتالي الربح في ميزان مدفوعاتها حوالي 9,3 مليار دولار بالنسبة للفترة 1965-1968[5].
II. الأثر على حركات رؤوس الأموال:
بالإضافة إلى ما سبق، ينجر عن إقامة استثمار أجنبي مباشر في بلد ما كمية هامة من رأس المال، غير أن هذه الكمية تتفاوت من بلد لآخر. ففي الدول المتقدمة، تعتمد هذه الشركات على التمويل المحلي والذاتي للاستثمار، بحيث لا تساهم الشركة الأم عند بداية المشروع إلا بنسبة ضئيلة. أما في الدول النامية، تمثل كمية الرأسمال الأجنبي الداخلة في الاستثمار نسبة مهمة، نظرا لندرته بالمقارنة مع البلدان المتقدمة[6].
فيمكن أن نقول، أن حركة رؤوس الأموال تكون إيجابية في البلد المستقبل في المدى القصير، غير أنها تكون سلبية وتحقق عجزا لصالح البلد الأصلي في المدى الطويل، حيث تتم تحويلات الأرباح ومستحقات التكنولوجيا لصالح الشركة الأم.
في الأخير، يمكن اعتبار أن الأثر الإيجابي لعمل الشركات متعددة الجنسية على ميزان مدفوعات البلدان المستقبلة، يكون أكثر وضوحا في المدى القصير والمتوسط منه في المدى الطويل.
رابعا – أثر الشركات متعددة الجنسية على التشغيل:
لا شك أن أثر الشركات متعددة الجنسية على التشغيل في الدول المستقبلة، يختلف بين البلدان المتقدمة وبلدان العالم الثالث، وذلك حسب نوعية التنمية واليد العاملة. فيتمثل الأثر المباشر للاستثمار على التشغيل في الرفع من نسبة التشغيل في البلد، غير أن خصوصيات التشغيل الناتج عنه ترتبط بخصوصيات الشركات نفسها.
ففي الدول المتقدمة، يتقارب مستوى اليد العاملة بين البلد الأصلي والمستقبل، مما يدفع بهذه الشركات إلى إحداث مشاريع كثيفة رأس المال، فيؤدي ذلك إلى تشغيل ضعيف نسبيا مقارنة بالبلدان النامي المضيفة. غير أن هذا التشغيل المباشر لا يعتبر الأثر الوحيد الناتج عن هذا الاستثمار، وإنما ينبغي النظر إلى التشغيل الناتج عن المقاولة الفرعية مع هذه الشركات في الاقتصاد المستقبل. وبالتالي تحدث هذه الشركات حركية اقتصادية في البلد المستقبل مثلها مثل الشركات الوطنية.
غير أن الميزات الاجتماعية والأجرية تكون في مستوى أعلى من نظيراتها الوطنية، بحيث يتعدى مستوى الأجور في الشركات متعددة الجنسية المستوى المتوسط للأجور المطبقة محليا. كما أن سياسة التكوين المستمر للعمال، تعتبر وسيلة لرفع إنتاجيتهم، ولبلوغ المستوى الخاص بالشركة الأم، بحيث تخصص أغلب هذه الشركات بين % 5 و % 10 من كتلتها الأجرية للتكوين.
غير أن الخطر الذي يخيم على التشغيل المضمون من طرف هذه الشركات، يتمثل في عدم الأمن الذي يثقل على التشغيل، وهذا ما يميزه عن التشغيل الوطني، بحيث تملك تلك الشركات حرية أكبر للمناورة، والمتمثلة في القدرة على الاستثمار السلبي، ونقل الاستثمار من بلد لآخر عند تغير بعض المؤشرات[7].
فالتشغيل الناتج عن الشركات متعددة الجنسية في البلاد المتقدمة، يختلف عما هو عليه في بلاد العالم الثالث.
إن الاستثمار المباشر للشركات متعددة الجنسية، له تأثيرات كثيرة على المحيط الدولي والوطني، بحيث تساهم هذه الشركات في تكريس التقسيم الدولي للعمل، وترفع من المبادلات الدولية، كما تؤثر بحركات الأموال والسلع على موازين مدفوعات الدول الأصلية والمستقبلة. إضافة إلى أنها تساهم في تحويل التكنولوجيا نحو البلدان المستقبلة، وتؤثر أيضا على التشغيل في البلدان الأصلية والمستقبلة، غير أن التأثير الأخير يرتبط بخصوصيات البلدان المستقبلة، وذلك حسب درجة تنميتها، والمتمثلة في البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
فكما رأينا سابقا، يؤدي خروج رؤوس الأموال من البلاد إلى إحداث عجز في ميزان المدفوعات في المدى القصير، وهذا ما دفع بالبلدان الأصلية إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر لتصبح بدورها بلدانا مستقبلة، مما أوجد ( كما اصطلح على تسميته) استثمارا متقاطعا، ومنه وجود بلدان مستقبلة / أصلية وبلدان مستقبلة.
فأما الأولى، فتتمثل في البلدان المتقدمة التي تحصل على الأغلبية الكبيرة من رؤوس الأموال الأجنبية بحوالي % 71,5 في سنة 1998[1]، كما تمثل هذه البلدان المصدر الرئيسي لرؤوس الأموال والتي بلغت في نفس السنة حوالي % 91,6، مما يدفع إلى اعتبار الاستثمار الأجنبي المباشر حركة تحويل رؤوس الأموال بين البلدان المتقدمة أساسا.
أما الثانية فتتمثل في البلدان النامية، والتي تعتبر بلدانا مستقبلة بالدرجة الأولى، حيث تمثل حصتها من الاستثمار الأجنبي المباشر بحوالي ربع رؤوس الأموال الأجنبية المتراكمة.
فهذه الحركة لرؤوس الأموال بين الدول تؤثر على الاقتصاديات المستقبلة في هياكلها الإنتاجية، وتحويل التكنولوجيا، وميزان المدفوعات، والتشغيل مثلا.
أولا – أثر الشركات متعددة الجنسية على الهياكل الإنتاجية
تبحث البلدان المستقبلة عند جلب الشركات متعدد الجنسية عن الرفع في الناتج الداخلي، وتسريع معدل النمو، والرفع من القدرة الإنتاجية. غير أن حدوث ذلك على إطلاقه لن يحصل إلا عند إقامة وحدة إنتاجية جديدة، بينما في الواقع تفضل هذه الشركات الحصول على شركات محلية موجودة، بحيث تمثل عملية إعادة الشراء الوسيلة الأكثر فعالية للقضاء على المنافسين، وتجنب إحداث قدرات إنتاجية زائدة. فبعد تحقيق التوطن تتم عملية تحسين التقنيات الإنتاجية والمنتجات المعروفة والقدرات التسييرية والتسويقية، … إلخ.
فهذه الوضعية تفسرها مثلا حالة المكسيك والبرازيل، فقد كانت ثلثي الشركات المقامة نتيجة لإعادة شراء مؤسسات محلية، فقد سمحت لها بالتحكم في السوق المحلي[2].
والملاحظ من عمل الشركات متعددة الجنسية في البلدان المستقبلة أن البلدان النامية، تكون أكثر تأثيرا من البلدان المتقدمة، بحيث يمثل الرأسمال الأجنبي في الناتج الداخلي الخام في أمريكا اللاتينية حوالي % 13,6 بينما في الولايات المتحدة لا يمثل سوى % 4,7. ورغم صغر حجم السوق في البلاد النامية، إلا أنها تملك ميزات تسمح لها بتقليص تكاليف الإنتاج، من يد عاملة رخيصة ومواد أولية غزيرة وقليلة الكلفة، وأسعار منخفضة للأراضي، وتكاليف اجتماعية منخفضة وقوانين حول المحيط واعدة.
فتعتبر القطاعات الإستراتيجية كالصناعة المانوفاكتورية والمنجمية تحت التحكم الخارجي وخاضعة للقرارات والمصالح الأجنبية.
ثانيا – أثر الشركات متعددة الجنسية على تحويل التكنولوجيا
يتمثل التحويل التكنولوجي في عملية بيع الشركات متعددة الجنسية للتقنية ووسائل الاستخدام. فإذا كان البيع لفرع الشركة فيعتبر تحويلا داخليا، أما إذا حصل مع شركة أخرى، فيمثل تحويلا خارجيا.
في الماضي، كانت التحويلات التكنولوجية الصادرة عن الشركات متعددة الجنسية، تعتبر عنصرا استدراكيا اقتصاديا للبلدان المستقبلة من البلدان الأصلية، بحيث توسعت الشركات الأمريكية في الخارج بعد الحرب العالمية الثانية، ليس بتصدير رؤوس الاموال فقط، وإنما أيضا بإرسال قدرات تسييرية وتكنولوجية[3]. وهذا ما سمح للبلدان المستقبلة بتنمية تكنولوجياتها، واللحاق تدريجيا بالولايات المتحدة، والمتمثلة أساسا في البلدان الغربية واليابان. غير أن تحقيق التنمية في البلدان المصنعة، يعود إلى توفر شروط نجاح هذا التحويل.
أما التحويل التكنولوجي من الشركات متعددة الجنسية إلى البلدان النامية، فله مميزاته الخاصة، حيث عرفت هذه الأخيرة تناقضا بين فكرتين أساسيتين. فالأولى، تدور حول ضرورة تكييف التكنولوجيا مع المحيط الاجتماعي والثقافي للبلاد باستعمال أكثر كثافة للعمل، أما الثانية، فقد عمدت إلى اكتساب التكنولوجيات الأكثر عصرنة.
في الأخير، مهما كانت نوعية التكنولوجيا المحولة، لا شك في اعتبار هذه الشركات الوسيلة الأساسية لتحويلها مهما كانت الطريقة.
ثالثا – أثر الشركات متعددة الجنسية على ميزان المدفوعات
لا شك أن البلدان المستقبلة، تنتظر تحسنا في ميزان مدفوعاتها من خلال عمل الشركات متعددة الجنسية فيها.
I. الأثر على مبادلات البضائع:
على العموم، تحسن هذه الشركات من الميزان التجاري في البلاد المستقبلة، حيث يؤثر الاستثمار المباشر على حركة السلع من وإلى الخارج. غير أنه لا ينبغي التوقف عند تحليل الميزان التجاري في حركة الواردات والصادرات فقط، وإنما كذلك على إحلال الواردات والصادرات.
فحسب موسوعة الاقتصاد والتسيير[4]، حققت الشركات الأجنبية في فرنسا حوالي % 20 من الواردات و% 10 من الصادرات، وبالتالي أحدثت عجزا في التجارة الدولية، أما عند إدخال متغيرات إحلال الصادرات والواردات، تظهر الآثار الإيجابية على ميزان المدفوعات للبلد المستقبل. كما أن في أمريكا اللاتينية، وخلال الفترة 1965-1968، استثمرت الشركات الأمريكية حوالي 700 مليون دولار، بينما أجلت فروعها حوالي 1,440 مليار دولار من الأرباح، ومنه يبدو أن بلدان أمريكا اللاتينية حققت عجزا صافيا مقدرا بحوالي 740 مليون دولار. غير أنه في نفس الفترة، حققت الفروع الأمريكية حوالي 4,5 مليار دولار من الصادرات و 4,8 مليار دولار نتيجة إحلال الواردات. فيصبح بالتالي الربح في ميزان مدفوعاتها حوالي 9,3 مليار دولار بالنسبة للفترة 1965-1968[5].
II. الأثر على حركات رؤوس الأموال:
بالإضافة إلى ما سبق، ينجر عن إقامة استثمار أجنبي مباشر في بلد ما كمية هامة من رأس المال، غير أن هذه الكمية تتفاوت من بلد لآخر. ففي الدول المتقدمة، تعتمد هذه الشركات على التمويل المحلي والذاتي للاستثمار، بحيث لا تساهم الشركة الأم عند بداية المشروع إلا بنسبة ضئيلة. أما في الدول النامية، تمثل كمية الرأسمال الأجنبي الداخلة في الاستثمار نسبة مهمة، نظرا لندرته بالمقارنة مع البلدان المتقدمة[6].
فيمكن أن نقول، أن حركة رؤوس الأموال تكون إيجابية في البلد المستقبل في المدى القصير، غير أنها تكون سلبية وتحقق عجزا لصالح البلد الأصلي في المدى الطويل، حيث تتم تحويلات الأرباح ومستحقات التكنولوجيا لصالح الشركة الأم.
في الأخير، يمكن اعتبار أن الأثر الإيجابي لعمل الشركات متعددة الجنسية على ميزان مدفوعات البلدان المستقبلة، يكون أكثر وضوحا في المدى القصير والمتوسط منه في المدى الطويل.
رابعا – أثر الشركات متعددة الجنسية على التشغيل:
لا شك أن أثر الشركات متعددة الجنسية على التشغيل في الدول المستقبلة، يختلف بين البلدان المتقدمة وبلدان العالم الثالث، وذلك حسب نوعية التنمية واليد العاملة. فيتمثل الأثر المباشر للاستثمار على التشغيل في الرفع من نسبة التشغيل في البلد، غير أن خصوصيات التشغيل الناتج عنه ترتبط بخصوصيات الشركات نفسها.
ففي الدول المتقدمة، يتقارب مستوى اليد العاملة بين البلد الأصلي والمستقبل، مما يدفع بهذه الشركات إلى إحداث مشاريع كثيفة رأس المال، فيؤدي ذلك إلى تشغيل ضعيف نسبيا مقارنة بالبلدان النامي المضيفة. غير أن هذا التشغيل المباشر لا يعتبر الأثر الوحيد الناتج عن هذا الاستثمار، وإنما ينبغي النظر إلى التشغيل الناتج عن المقاولة الفرعية مع هذه الشركات في الاقتصاد المستقبل. وبالتالي تحدث هذه الشركات حركية اقتصادية في البلد المستقبل مثلها مثل الشركات الوطنية.
غير أن الميزات الاجتماعية والأجرية تكون في مستوى أعلى من نظيراتها الوطنية، بحيث يتعدى مستوى الأجور في الشركات متعددة الجنسية المستوى المتوسط للأجور المطبقة محليا. كما أن سياسة التكوين المستمر للعمال، تعتبر وسيلة لرفع إنتاجيتهم، ولبلوغ المستوى الخاص بالشركة الأم، بحيث تخصص أغلب هذه الشركات بين % 5 و % 10 من كتلتها الأجرية للتكوين.
غير أن الخطر الذي يخيم على التشغيل المضمون من طرف هذه الشركات، يتمثل في عدم الأمن الذي يثقل على التشغيل، وهذا ما يميزه عن التشغيل الوطني، بحيث تملك تلك الشركات حرية أكبر للمناورة، والمتمثلة في القدرة على الاستثمار السلبي، ونقل الاستثمار من بلد لآخر عند تغير بعض المؤشرات[7].
فالتشغيل الناتج عن الشركات متعددة الجنسية في البلاد المتقدمة، يختلف عما هو عليه في بلاد العالم الثالث.
إن الاستثمار المباشر للشركات متعددة الجنسية، له تأثيرات كثيرة على المحيط الدولي والوطني، بحيث تساهم هذه الشركات في تكريس التقسيم الدولي للعمل، وترفع من المبادلات الدولية، كما تؤثر بحركات الأموال والسلع على موازين مدفوعات الدول الأصلية والمستقبلة. إضافة إلى أنها تساهم في تحويل التكنولوجيا نحو البلدان المستقبلة، وتؤثر أيضا على التشغيل في البلدان الأصلية والمستقبلة، غير أن التأثير الأخير يرتبط بخصوصيات البلدان المستقبلة، وذلك حسب درجة تنميتها، والمتمثلة في البلدان المتقدمة والبلدان النامية.