سوريا والعلاقات التركية الإيرانية
مرسل: الأحد يوليو 15, 2012 8:50 pm
كدت تركيا منذ انطلاق الثورات العربية عن مساندتها للشعوب العربية بشكلٍ واضح، مؤكدة على حقيقتين اثنتين:
الحقيقة الأولى: أن المرحلة الجديدة التي تمر بها الدول العربية مرحلة صحية تماماً، وأن استمرار الأنظمة العربية الاستبدادية، التي هي من بقايا الحرب الباردة، في عملية الإصلاح والتغيير أمرٌ لا بدّ منه. وفي هذا السياق دعت تركيا على لسان رئيس الوزراء ووزير خارجية حكومة حزب العدالة والتنمية قادة الدول العربية أن يكونوا قادة الإصلاح والتغيير بدلا أن يقفوا في وجه رياح التغيير.
وفي هذا الإطار وقبل بدء الثورات العربية، حثّت تركيا سورية على إجراء إصلاحات شاملة، كما استمرت تركيا في تشجيع الحكومة السورية على القيام بجملة من الإصلاح، وخصوصا بعد اندلاع الثورات العربية، وشددت تركيا بين الحين والآخر على أن تحصل حركة الإصلاحات بشكل سلمي وسلس، معتبرة أن ذلك هو المبدأ الأساسي.
الحقيقة الثانية: مع توالي الأحداث فإن سوريا أصمّت أذنيها عن سماع النداءات تركيا، واستمرت في عمليات القتل وفي استخدام العنف والحملات العسكرية لإنهاك إرادة الشعب عوضاً عن إقناع الشعب من خلال القيام بإصلاحات جديدة. وقد أشارت تركيا بين الحين والآخر على الأخطاء المرتكبة من قبل النظام، كما واصلت تأكيدها على أن التغيير أمر لا بد منه. وفي الآونة الأخيرة، بات يتردد على مسامعنا كثيراً على لسان كل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركيين بأن النصيحة لم تعد تجدي نفعاً بعد ما وصل الأمر إلى ما وصل إليه.
وفي هذه المرحلة لوحظت انقسامات عميقة بين السياسة التركية وبين السياسة الإيرانية حيث واصلت إيران موقفها المؤيد للنظام في سوريا والمغاير تماماً لموقفها من الثورات العربية الأخرى. إذ أعلنت إيران بكل وضوح عن علاقتها الإستراتيجية مع النظام السوري، ناهيك عن عدم معارضتها للمظالم التي يتعرض لها الشعب السوري، مستمرة في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لدعم حليفتها الحكومة السورية.
وعلى وجه الخصوص وبعد لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بالرئيس بشار الأسد، الذي استمر ست ساعات ونصف، وعقده محادثات مع عدد من المسؤولين السوريين، فإن عدم تغيير سوريا سياستها الدموية لقمع المتظاهرين على الرغم من الوعود التي قطعتها الحكومة السورية لداود أوغلو، فقد اعتبرت تركيا أن ذلك الموقف دلالة على أنه لم يتبق ما يمكن قوله بين البلدين. إذ أن تركيا وبعد أن وجدت أنه لا جدوى من الحديث مع الحكومة السورية، بدأت في زيادة دعمها لتنظيمات المعارضة السورية والسماح لها بعقد لقاءات في تركيا من أجل عملية التغيير الديمقراطي. وبالإضافة إلى استضافة تركيا للاجئين السوريين منذ بدء هذه الحركات الاحتجاجية وحتى اليوم. وفي وقت قريب ربما سيتوجب على تركيا تطبيق عدد من الإجراءات المفروضة من المجتمع الدولي. وفي الآونة الخيرة نال الموقف التركي رضا بعض دول المنطقة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وعلى الجانب الآخر أعلنت إيران في عدد كبير من المقالات الصادرة في الصحف اليومية قلقها وانزعاجها من الموقف التركي. وفي هذا السياق علّق الكاتب الإيراني المعروف في صحيفة نيويورك بوست والخبير في شؤون الشرق الأوسط أمير طاهري في مقاله المنشور تحت عنوان: "سوريا: تركيا في وجه إيران" على أن الاحتجاجات السورية أدت إلى "التناحر بين القوتين الإقليميتين تركيا ومنافستها إيران". وأكد الكاتب في مقاله على معارضة إيران لمخطط تصفية نظام الأسد، متناولاً بعض التفاصيل المتعلقة بالدعم الإيراني لسوريا. ويضيف الكاتب أن إيران لم تتخذ بعد قرارها النهائي بشأن سوريا حتى شهر يونيو/ حزيران الماضي، ولكن تصريحات الزعيم الديني علي خامنئي المؤيدة لنظام الأسد ألقت بثقلها على الساحة السياسية. ويتابع طاهري قائلا:
"أوردت صحيفة كيهان اليومية -التي تعكس وجهات نظر المرشد العام آية الله خامنئي- في أحد أخبارها الرئيسية الصادرة هذا الأسبوع، لن نسمح للمؤامرات التي تحاك ضد سوريا أن تنجح، ومن يتخذ من سوريا هدفاً له، إنما يستهدف بمخططاته تلك الثورة الإسلامية في إيران". وكذلك أضافت الصحيفة التحذير الآتي: "وعلى تركيا أن تعي جيداً بأن الجمهورية الإسلامية ستبذل ما بوسعها، مستخدمة كل إمكانياتها لإحباط كل المؤامرات التي تحاك ضد الحكومة السورية".
التهديد بإعادة نشاط الخلايا الإرهابية
تعقيباً على "التهديد" الوارد في صحيفة كهيان الإيرانية، وضحت صحيفة نيويورك بوست قائلةً: "يشير التهديد المبطن إلى أن إيران ستسعى إلى تفعيل نشاط الجماعات الإرهابية التي تحارب تركيا، وفي الحقيقة فإن إيران رفعت منذ هذه اللحظة الحظر على العناصر المسلحة لحزب العمال الكردستاني المعروف بـ(ب ك ك)".
مثل هذه التقييمات ومع أنها تبدو مجرد قراءات خارجية، فإنها كشفت استعداد إيران للتضحية بعلاقاتها الجيدة مع تركيا لسنوات طويلة، من أجل إنقاذ حليفها الإستراتيجي سوريا.
وكما يبدو فإنه على الرغم من الإقبال الكبير للشعب السوري على تركيا، فإن العلاقة بين النظام السوري وحكومة حزب العدالة والتنمية الممثلة للحكومة التركية تبقى على مستوى العلاقة التكتيكية.
وقد أكدت تركيا مجدداً وبشكل واضح موقفها الأساسي من الحركات الشعبية في سوريا، والمطابق لموقفها من الحركات الشعبية في دول أخرى في المنطقة، على الرغم من أنها تهدف إلى إقامة علاقات طيبة مع الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة، إلا أنها لن تتراجع عن الوقوف إلى جانب شعوب المنطقة في سعيهم لتحقيق الديمقراطية.
وفي المرحلة المقبلة، سيتوجب على إيران اتخاذ قرار حاسم، وبما أن تركيا لن تغير موقفها، وستجد دعماً كبيرًا لها من لدن المجتمع الدولي والدول العربية على حدٍ سواء، فعلى إيران إما الضغط على سوريا لتحقيق انتقال سلس وسلمي للسلطة، أو أنها ستستمر في مواقفها الحالية، ضاربة عرض الحائط بتلك الشعارات التي طالما رددتها، فيما يتعلق بحريات الشعوب وبحقها في اختيار حكومة تمثلها.
وفي هذه المرحلة، إن قامت سوريا وإيران بدعم تنظيم (ب ك ك)، وبدعم العمليات التي تهدد أمن تركيا الحدودي وغيرها من الأساليب التكتيكية، رداً على موقف تركيا فإنهما في هذه الحالة سيعرضان أمن واستقرار المنطقة للخطر، وذلك لدخولهما في حالة صراع مع دولة قوية تعتبر من أهم دول المنطقة. وسيؤدي ذلك إلى خسارة كلا الدولتين لتركيا التي لطالما كانت تحميهما وتقف إلى جانبهما للحيلولة دون فرض عقوبات دولية عليهما، وإن أنكرتا تلك الحقيقة، فإنه لن يتبق لإيران وسوريا في المستقبل أي قوة إقليمية تحميهما من فرض مثل تلك العقوبات.
ومن جهة أخرى، سيبقى استخدام النظام السوري ورقة الطائفية بين الحين والآخر للتصدي للاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى سيطرة الطائفة النصيرية على قيادة الجيش، أمرا يعزز نظرية إحكام النفوذ الإيراني على المنطقة، معتمدة بذلك على الأساس المذهبي. وتثير هذه العوامل مجتمعة قلق حكومات وشعوب الدول العربية ذات الأغلبية السنية في المنطقة. وفي المقابل فإن دولاً بما فيها العراق، ترفض لعب ورقة التحريض المذهبي وتفضل أن تبقى على مسافة واحدة ومتساوية من الطوائف الدينية المختلفة وتعتمد على إحلال الديمقراطية والاستقرار كمبدأ أساسي لها، مثل النموذج التركي ستحظى بدور أكثر فعالية في المنطقة وبقبول أكبر.
وبالتالي فإن الموقف الحالي لحكومة إيران وللنظام السوري بما يقومان به من أفعال تجاه الأحداث الأخيرة سيدفع ذلك المجتمع الدولي إلى زيادة عزلة كلّ من النظامين، وربما تدخل العلاقات التركية الإيرانية، التي كانت تلعب دوراً مهما في تخفيف حدة توتر العلاقات الإيرانية-الدولية، مرحلةً جديدة بعد تعرضها لنكسة بسبب اختلاف المواقف تجاه سوريا. وتركيا لن ترغب بعد اليوم في أن تقوم بدور الدولة الهادئة التي تخفف من حدة الأزمات التي تنشأ بين إيران والمجتمع الدولي.
_______________
كاتب ومحلل تركي _ مركز الجزيرة للدراسات
الحقيقة الأولى: أن المرحلة الجديدة التي تمر بها الدول العربية مرحلة صحية تماماً، وأن استمرار الأنظمة العربية الاستبدادية، التي هي من بقايا الحرب الباردة، في عملية الإصلاح والتغيير أمرٌ لا بدّ منه. وفي هذا السياق دعت تركيا على لسان رئيس الوزراء ووزير خارجية حكومة حزب العدالة والتنمية قادة الدول العربية أن يكونوا قادة الإصلاح والتغيير بدلا أن يقفوا في وجه رياح التغيير.
وفي هذا الإطار وقبل بدء الثورات العربية، حثّت تركيا سورية على إجراء إصلاحات شاملة، كما استمرت تركيا في تشجيع الحكومة السورية على القيام بجملة من الإصلاح، وخصوصا بعد اندلاع الثورات العربية، وشددت تركيا بين الحين والآخر على أن تحصل حركة الإصلاحات بشكل سلمي وسلس، معتبرة أن ذلك هو المبدأ الأساسي.
الحقيقة الثانية: مع توالي الأحداث فإن سوريا أصمّت أذنيها عن سماع النداءات تركيا، واستمرت في عمليات القتل وفي استخدام العنف والحملات العسكرية لإنهاك إرادة الشعب عوضاً عن إقناع الشعب من خلال القيام بإصلاحات جديدة. وقد أشارت تركيا بين الحين والآخر على الأخطاء المرتكبة من قبل النظام، كما واصلت تأكيدها على أن التغيير أمر لا بد منه. وفي الآونة الأخيرة، بات يتردد على مسامعنا كثيراً على لسان كل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركيين بأن النصيحة لم تعد تجدي نفعاً بعد ما وصل الأمر إلى ما وصل إليه.
وفي هذه المرحلة لوحظت انقسامات عميقة بين السياسة التركية وبين السياسة الإيرانية حيث واصلت إيران موقفها المؤيد للنظام في سوريا والمغاير تماماً لموقفها من الثورات العربية الأخرى. إذ أعلنت إيران بكل وضوح عن علاقتها الإستراتيجية مع النظام السوري، ناهيك عن عدم معارضتها للمظالم التي يتعرض لها الشعب السوري، مستمرة في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لدعم حليفتها الحكومة السورية.
وعلى وجه الخصوص وبعد لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بالرئيس بشار الأسد، الذي استمر ست ساعات ونصف، وعقده محادثات مع عدد من المسؤولين السوريين، فإن عدم تغيير سوريا سياستها الدموية لقمع المتظاهرين على الرغم من الوعود التي قطعتها الحكومة السورية لداود أوغلو، فقد اعتبرت تركيا أن ذلك الموقف دلالة على أنه لم يتبق ما يمكن قوله بين البلدين. إذ أن تركيا وبعد أن وجدت أنه لا جدوى من الحديث مع الحكومة السورية، بدأت في زيادة دعمها لتنظيمات المعارضة السورية والسماح لها بعقد لقاءات في تركيا من أجل عملية التغيير الديمقراطي. وبالإضافة إلى استضافة تركيا للاجئين السوريين منذ بدء هذه الحركات الاحتجاجية وحتى اليوم. وفي وقت قريب ربما سيتوجب على تركيا تطبيق عدد من الإجراءات المفروضة من المجتمع الدولي. وفي الآونة الخيرة نال الموقف التركي رضا بعض دول المنطقة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وعلى الجانب الآخر أعلنت إيران في عدد كبير من المقالات الصادرة في الصحف اليومية قلقها وانزعاجها من الموقف التركي. وفي هذا السياق علّق الكاتب الإيراني المعروف في صحيفة نيويورك بوست والخبير في شؤون الشرق الأوسط أمير طاهري في مقاله المنشور تحت عنوان: "سوريا: تركيا في وجه إيران" على أن الاحتجاجات السورية أدت إلى "التناحر بين القوتين الإقليميتين تركيا ومنافستها إيران". وأكد الكاتب في مقاله على معارضة إيران لمخطط تصفية نظام الأسد، متناولاً بعض التفاصيل المتعلقة بالدعم الإيراني لسوريا. ويضيف الكاتب أن إيران لم تتخذ بعد قرارها النهائي بشأن سوريا حتى شهر يونيو/ حزيران الماضي، ولكن تصريحات الزعيم الديني علي خامنئي المؤيدة لنظام الأسد ألقت بثقلها على الساحة السياسية. ويتابع طاهري قائلا:
"أوردت صحيفة كيهان اليومية -التي تعكس وجهات نظر المرشد العام آية الله خامنئي- في أحد أخبارها الرئيسية الصادرة هذا الأسبوع، لن نسمح للمؤامرات التي تحاك ضد سوريا أن تنجح، ومن يتخذ من سوريا هدفاً له، إنما يستهدف بمخططاته تلك الثورة الإسلامية في إيران". وكذلك أضافت الصحيفة التحذير الآتي: "وعلى تركيا أن تعي جيداً بأن الجمهورية الإسلامية ستبذل ما بوسعها، مستخدمة كل إمكانياتها لإحباط كل المؤامرات التي تحاك ضد الحكومة السورية".
التهديد بإعادة نشاط الخلايا الإرهابية
تعقيباً على "التهديد" الوارد في صحيفة كهيان الإيرانية، وضحت صحيفة نيويورك بوست قائلةً: "يشير التهديد المبطن إلى أن إيران ستسعى إلى تفعيل نشاط الجماعات الإرهابية التي تحارب تركيا، وفي الحقيقة فإن إيران رفعت منذ هذه اللحظة الحظر على العناصر المسلحة لحزب العمال الكردستاني المعروف بـ(ب ك ك)".
مثل هذه التقييمات ومع أنها تبدو مجرد قراءات خارجية، فإنها كشفت استعداد إيران للتضحية بعلاقاتها الجيدة مع تركيا لسنوات طويلة، من أجل إنقاذ حليفها الإستراتيجي سوريا.
وكما يبدو فإنه على الرغم من الإقبال الكبير للشعب السوري على تركيا، فإن العلاقة بين النظام السوري وحكومة حزب العدالة والتنمية الممثلة للحكومة التركية تبقى على مستوى العلاقة التكتيكية.
وقد أكدت تركيا مجدداً وبشكل واضح موقفها الأساسي من الحركات الشعبية في سوريا، والمطابق لموقفها من الحركات الشعبية في دول أخرى في المنطقة، على الرغم من أنها تهدف إلى إقامة علاقات طيبة مع الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة، إلا أنها لن تتراجع عن الوقوف إلى جانب شعوب المنطقة في سعيهم لتحقيق الديمقراطية.
وفي المرحلة المقبلة، سيتوجب على إيران اتخاذ قرار حاسم، وبما أن تركيا لن تغير موقفها، وستجد دعماً كبيرًا لها من لدن المجتمع الدولي والدول العربية على حدٍ سواء، فعلى إيران إما الضغط على سوريا لتحقيق انتقال سلس وسلمي للسلطة، أو أنها ستستمر في مواقفها الحالية، ضاربة عرض الحائط بتلك الشعارات التي طالما رددتها، فيما يتعلق بحريات الشعوب وبحقها في اختيار حكومة تمثلها.
وفي هذه المرحلة، إن قامت سوريا وإيران بدعم تنظيم (ب ك ك)، وبدعم العمليات التي تهدد أمن تركيا الحدودي وغيرها من الأساليب التكتيكية، رداً على موقف تركيا فإنهما في هذه الحالة سيعرضان أمن واستقرار المنطقة للخطر، وذلك لدخولهما في حالة صراع مع دولة قوية تعتبر من أهم دول المنطقة. وسيؤدي ذلك إلى خسارة كلا الدولتين لتركيا التي لطالما كانت تحميهما وتقف إلى جانبهما للحيلولة دون فرض عقوبات دولية عليهما، وإن أنكرتا تلك الحقيقة، فإنه لن يتبق لإيران وسوريا في المستقبل أي قوة إقليمية تحميهما من فرض مثل تلك العقوبات.
ومن جهة أخرى، سيبقى استخدام النظام السوري ورقة الطائفية بين الحين والآخر للتصدي للاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى سيطرة الطائفة النصيرية على قيادة الجيش، أمرا يعزز نظرية إحكام النفوذ الإيراني على المنطقة، معتمدة بذلك على الأساس المذهبي. وتثير هذه العوامل مجتمعة قلق حكومات وشعوب الدول العربية ذات الأغلبية السنية في المنطقة. وفي المقابل فإن دولاً بما فيها العراق، ترفض لعب ورقة التحريض المذهبي وتفضل أن تبقى على مسافة واحدة ومتساوية من الطوائف الدينية المختلفة وتعتمد على إحلال الديمقراطية والاستقرار كمبدأ أساسي لها، مثل النموذج التركي ستحظى بدور أكثر فعالية في المنطقة وبقبول أكبر.
وبالتالي فإن الموقف الحالي لحكومة إيران وللنظام السوري بما يقومان به من أفعال تجاه الأحداث الأخيرة سيدفع ذلك المجتمع الدولي إلى زيادة عزلة كلّ من النظامين، وربما تدخل العلاقات التركية الإيرانية، التي كانت تلعب دوراً مهما في تخفيف حدة توتر العلاقات الإيرانية-الدولية، مرحلةً جديدة بعد تعرضها لنكسة بسبب اختلاف المواقف تجاه سوريا. وتركيا لن ترغب بعد اليوم في أن تقوم بدور الدولة الهادئة التي تخفف من حدة الأزمات التي تنشأ بين إيران والمجتمع الدولي.
_______________
كاتب ومحلل تركي _ مركز الجزيرة للدراسات