الولايات المتحدة الأمريكية و"المحكمة الجنائية الدولية"
مرسل: الاثنين يوليو 16, 2012 10:28 pm
ظلت الولايات المتحدة الأمريكية حتى وقت قريب تعارض "المحكمة الجنائية الدولية" بقوة، متذرعةً بمخاوف من أنها قد تجري محاكمات ذات دوافع سياسية لمواطنين أمريكيين.
معارضة الولايات المتحدة "للمحكمة الجنائية الدولية"
خلال صياغة "نظام روما الأساسي"، طلبت الولايات المتحدة أن يكون عمل المحكمة خاضعاً لإشراف مجلس الأمن الدولي (وهي عضو دائم في مجلس الأمن ولها حق النقض)، بحيث يقرر المجلس القضايا التي يجوز أو لا يجوز للمحكمة نظرها.
إلا إن مؤتمر روما قرر إنشاء جهاز مستقل للمدعي العام في المحكمة وقصر إشراف مجلس الأمن الدولي على إحالة القضايا للمحكمة في غضون 12 شهراً إذا رأى أن ذلك لمصلحة السلام والأمن الدوليين. ولضمان عدم اشتراك المحكمة في أية محاكمات ذات دوافع سياسية، أدرج القائمون على الصياغة إجراءات وقائية جوهرية وضمانات للمحاكمة العادلة في "نظام روما الأساسي".
وبعد أقل من عامين، حدث تحول ملحوظ في الموقف، عندما برهن الرئيس كلينتون على دعم الولايات المتحدة للمحكمة بتوقيعه على "نظام روما الأساسي"، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2000. إلا إنه لم تمض سوى خمسة شهور حتى قررت الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس بوش إلغاء توقيع الولايات المتحدة، في مايو/أيار 2001، ثم بدأت حملة عالمية ضد المحكمة.
وقد طلبت الإدارة الأمريكية أن يُدرج في عدد من قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بنشر قوات لحفظ السلام نص يقضي بألا تشمل الولاية القضائية "للمحكمة الجنائية الدولية" مواطني الدول التي لم تصدق على "نظام روما الأساسي" ممن يُتهمون بارتكاب جرائم إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب.
كما بدأت الإدارة حملة عالمية لدفع بلدان أخرى على الدخول معها في اتفاقيات غير قانونية للإفلات من العقاب، تتعهد هذه البلدان بموجبها بعدم تسليم مواطني الولايات المتحدة الذين يُتهمون بارتكاب جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب إلى "المحكمة الجنائية الدولية". كما سُنت قوانين أمريكية جديدة، مثل "قانون حماية أفراد القوات الأمريكية" وتعديل نيذركت، وهي تلزم الحكومة بسحب المساعدات العسكرية وغيرها من الدول التي رفضت توقيع مثل تلك الاتفاقيات.
وفي بعض الحالات، عملت الولايات المتحدة على استمالة بعض الحكومات التي كانت تؤيد المحكمة لدفعها إلى عدم التصديق على "نظام روما الأساسي".
وقد ناضلت منظمة العفو الدولية بشكل نشط لمناهضة هذه المبادرات التي تقوِّض "المحكمة الجنائية الدولية".
فشلت الحملة الأمريكية، وتم التغاضي عنها إلى حد كبير في الوقت الراهن. ففي يونيو/حزيران 2004، سحبت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يطلب تجديد القرارات الصادرة من قبل بإعفاء مواطني الدول التي لم توقع على "نظام روما الأساسي"، ممن يشاركون في بعثات لحفظ السلام، من ولاية "المحكمة الجنائية الدولية".
وعلى ضوء ما تكشف عن انتهاكات ضد السجناء في العراق، ومعارضة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك للتجديد، فضلاً عن الحملة المستمرة من جانب منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، فقد رفضت ثماني دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن تجديد القرار.
كما فشلت الحملة العالمية لإبرام اتفاقيات للإفلات من العقاب. وبالرغم مما ذكرته الأنباء عن أن حوالي 100 دولة قد وقعت اتفاقيات مع الولايات المتحدة، فإنه لم يتم التصديق على معظم هذه الاتفاقيات ولم تدخل حيز التنفيذ.
وقد رفضت دول كثيرة التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات، مما يؤكد التزامها بالعدالة الدولية، حتى في الحالات التي سُحبت فيها المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة. وقد سعى أعضاء منظمة العفو الدولية في مختلف أنحاء العالم إلى حث حكومات بلدانهم على عدم الدخول في مثل هذه الاتفاقيات.
وفي مارس/آذار 2006، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس أن الحملة الرامية لإبرام اتفاقيات للإفلات من العقاب تخضع للمراجعة. ومنذ ذلك الحين، تلقت كثير من الدول التي رفضت توقيع مثل هذه الاتفاقيات ما يفيد بأنها لن تتعرض لعقوبات. كما انخفضت بشكل ملحوظ الأنباء عن مبادرات لتوقيع تلك الاتفاقيات.
وبالإضافة إلى ذلك، وبالرغم من فشل الحملة المناهضة للحملة، فقد أيدت الولايات المتحدة جانباً من عمل المحكمة. ففي مارس/آذار 2005، قررت الولايات المتحدة ألا تعارض قرار مجلس الأمن بإحالة الوضع في دارفور إلى المدعي العام في "المحكمة الجنائية الدولية". كما ظهرت دلائل تشير إلى أن الحكومة الأمريكية قد تكون على استعداد للتعاون مع المحكمة في تحقيقاتها.
وتسعى منظمة العفو الدولية إلى استثمار تلك المبادرات الإيجابية، عن طريق تعزيز تعاون الولايات المتحدة مع "المحكمة الجنائية الدولية"، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو التصديق على "نظام روما الأساسي" مستقبلاً.
معارضة الولايات المتحدة "للمحكمة الجنائية الدولية"
خلال صياغة "نظام روما الأساسي"، طلبت الولايات المتحدة أن يكون عمل المحكمة خاضعاً لإشراف مجلس الأمن الدولي (وهي عضو دائم في مجلس الأمن ولها حق النقض)، بحيث يقرر المجلس القضايا التي يجوز أو لا يجوز للمحكمة نظرها.
إلا إن مؤتمر روما قرر إنشاء جهاز مستقل للمدعي العام في المحكمة وقصر إشراف مجلس الأمن الدولي على إحالة القضايا للمحكمة في غضون 12 شهراً إذا رأى أن ذلك لمصلحة السلام والأمن الدوليين. ولضمان عدم اشتراك المحكمة في أية محاكمات ذات دوافع سياسية، أدرج القائمون على الصياغة إجراءات وقائية جوهرية وضمانات للمحاكمة العادلة في "نظام روما الأساسي".
وبعد أقل من عامين، حدث تحول ملحوظ في الموقف، عندما برهن الرئيس كلينتون على دعم الولايات المتحدة للمحكمة بتوقيعه على "نظام روما الأساسي"، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2000. إلا إنه لم تمض سوى خمسة شهور حتى قررت الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس بوش إلغاء توقيع الولايات المتحدة، في مايو/أيار 2001، ثم بدأت حملة عالمية ضد المحكمة.
وقد طلبت الإدارة الأمريكية أن يُدرج في عدد من قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بنشر قوات لحفظ السلام نص يقضي بألا تشمل الولاية القضائية "للمحكمة الجنائية الدولية" مواطني الدول التي لم تصدق على "نظام روما الأساسي" ممن يُتهمون بارتكاب جرائم إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب.
كما بدأت الإدارة حملة عالمية لدفع بلدان أخرى على الدخول معها في اتفاقيات غير قانونية للإفلات من العقاب، تتعهد هذه البلدان بموجبها بعدم تسليم مواطني الولايات المتحدة الذين يُتهمون بارتكاب جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب إلى "المحكمة الجنائية الدولية". كما سُنت قوانين أمريكية جديدة، مثل "قانون حماية أفراد القوات الأمريكية" وتعديل نيذركت، وهي تلزم الحكومة بسحب المساعدات العسكرية وغيرها من الدول التي رفضت توقيع مثل تلك الاتفاقيات.
وفي بعض الحالات، عملت الولايات المتحدة على استمالة بعض الحكومات التي كانت تؤيد المحكمة لدفعها إلى عدم التصديق على "نظام روما الأساسي".
وقد ناضلت منظمة العفو الدولية بشكل نشط لمناهضة هذه المبادرات التي تقوِّض "المحكمة الجنائية الدولية".
فشلت الحملة الأمريكية، وتم التغاضي عنها إلى حد كبير في الوقت الراهن. ففي يونيو/حزيران 2004، سحبت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يطلب تجديد القرارات الصادرة من قبل بإعفاء مواطني الدول التي لم توقع على "نظام روما الأساسي"، ممن يشاركون في بعثات لحفظ السلام، من ولاية "المحكمة الجنائية الدولية".
وعلى ضوء ما تكشف عن انتهاكات ضد السجناء في العراق، ومعارضة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك للتجديد، فضلاً عن الحملة المستمرة من جانب منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، فقد رفضت ثماني دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن تجديد القرار.
كما فشلت الحملة العالمية لإبرام اتفاقيات للإفلات من العقاب. وبالرغم مما ذكرته الأنباء عن أن حوالي 100 دولة قد وقعت اتفاقيات مع الولايات المتحدة، فإنه لم يتم التصديق على معظم هذه الاتفاقيات ولم تدخل حيز التنفيذ.
وقد رفضت دول كثيرة التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات، مما يؤكد التزامها بالعدالة الدولية، حتى في الحالات التي سُحبت فيها المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة. وقد سعى أعضاء منظمة العفو الدولية في مختلف أنحاء العالم إلى حث حكومات بلدانهم على عدم الدخول في مثل هذه الاتفاقيات.
وفي مارس/آذار 2006، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس أن الحملة الرامية لإبرام اتفاقيات للإفلات من العقاب تخضع للمراجعة. ومنذ ذلك الحين، تلقت كثير من الدول التي رفضت توقيع مثل هذه الاتفاقيات ما يفيد بأنها لن تتعرض لعقوبات. كما انخفضت بشكل ملحوظ الأنباء عن مبادرات لتوقيع تلك الاتفاقيات.
وبالإضافة إلى ذلك، وبالرغم من فشل الحملة المناهضة للحملة، فقد أيدت الولايات المتحدة جانباً من عمل المحكمة. ففي مارس/آذار 2005، قررت الولايات المتحدة ألا تعارض قرار مجلس الأمن بإحالة الوضع في دارفور إلى المدعي العام في "المحكمة الجنائية الدولية". كما ظهرت دلائل تشير إلى أن الحكومة الأمريكية قد تكون على استعداد للتعاون مع المحكمة في تحقيقاتها.
وتسعى منظمة العفو الدولية إلى استثمار تلك المبادرات الإيجابية، عن طريق تعزيز تعاون الولايات المتحدة مع "المحكمة الجنائية الدولية"، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو التصديق على "نظام روما الأساسي" مستقبلاً.