مصر والعهد الجديد
مرسل: الخميس يوليو 19, 2012 3:20 am
بعد أن تبوأ الدكتور محمد مرسي منصب رئيس جمهورية مصر العربية برزت إلى الأمام وبقوة أسئلة عديدة حول قدرة العهد الجديد على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. بيد أن الأهم من ذلك كله أنه تمّ طرح أسئلة متشعبة حول قدرة الرئاسة على تذليل العقبات التي تحول دون تحقيق تطلعات الشعب المصري الذي فجّر ثورته من أجل صياغة عقد جديد تسود فيه الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية بين جموع الشعب المصري التواق في ذات الوقت للحرية والمساوة.
ويمكن الجزم بأن خطاب القسم للرئيس الدكتور محمد مرسي قد تضمن عدة رسائل داخلية وخارجية، تعهد من خلالها بأن يكون رئيساً لكل المصريين بأطيافهم السياسية وطوائفهم الدينية المختلفة، ويسعى إلى تحقيق تطلعاتهم وأهدافهم. ولم يغب عن الخطاب التأكيد على دعم توجهات الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة، وفي المقدمة منها إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وكذلك دعم مصر لوقف نزيف الدم الذي تشهده سوريا منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً.
التحديات الداخلية
ثمة تحديات داخلية تواجه العهد الجديد في مصر، وفي المقدمة منها التحدي الاقتصادي، وتحدي تحقيق العدالة بأشكالها المختلفة. لكن الثابت أن مؤشرات ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع، وتزايد نسبة البطالة، وتراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير، بالإضافة إلى عجز الميزانية، وتراجع ثقة المستثمرين، وأزمة السياحة، تمثل بمجملها تحدياً مفصلياً وجوهرياً بعد الثورة، خاصة بعد غياب الاستقرار إثر انطلاقة الثورة المصرية.
وفي هذا السياق، تشير المعطيات إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وعدم كفاءة السياسة المالية الذي أدى إلى قيام مؤسسات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتماني لمصر نحو سبع مرات متتالية.
وفي السياق نفسه، تعتبر معدلات البطالة الآخذة في الارتفاع من أهم المشكلات التي تواجه العهد الجديد في مصر، نظراً لتداعياتها الاجتماعية أيضاً. وتؤكد الدراسات أن نسبة البطالة قد وصلت في الريف المصري إلى نحو 60% خلال عاميْ 2010 و2011، بينما انتشرت ظاهرة الفقر بين 75% من سكان الريف خلال الفترة المذكورة.
ومن جهة أخرى، تفاقمت مشكلات الفلاحين بشكل كبير منذ عام 2010، حيث ازداد تلوث المياه وتبوير الأرض، وارتفع سعر طن السماد من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه، كما ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير حتى إن هناك نوابا سابقين استولوا على مبلغ ثلاثة مليارات جنيه من أموال قرارات العلاج على نفقة الدولة، وهذا بحد ذاته يعتبر من التحديات التي تنتظر الرئيس المصري الجديد لأنه يمس بشكل مباشر المواطن المصري.
واللافت أن نسب الجريمة في الريف المصري ارتفعت هي الأخرى بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وإضافة إلى ذلك، هناك تحديات اقتصادية من نوع آخر تواجه الرئيس المصري الجديد، ومنها تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد المصري من جهة، والمساعدات الدولية -وخاصة الأميركية منها- من جهة أخرى، التي أوقعت مصر سابقا في شرك الابتزاز السياسي للدول المانحة.
وتبعاً لذلك، فإن الضرورة تحتم على الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي التخطيط من أجل تحقيق معدلات نمو اقتصادي ترقى إلى معدلات النمو السكاني التي تزيد على 3.5% سنوياً، ومن شأن ذلك أن يحقق الأمن الغذائي للشعب المصري الذي وصل مجموعه إلى أكثر من 83 مليون مصري.
وقد يكون ذلك بمثابة عامل جاذب للاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصري، وكذلك لعودة رأس المال المالي والبشري المصري إلى مصر، الأمر الذي يدفع باتجاه فتح قنوات استثمارية ويحد من معدلات البطالة والفقر بين الشعب المصري. ويجب أن تتحقق شروط أساسية حتى يتسنى للرئيس المصري المنتخب القيام بواجبه من أجل تحقيق خطوات اقتصادية هامة. ومن أهم تلك الشروط العمل على استرجاع صلاحيات الرئيس من المجلس العسكري.
مصر وعلاقاتها الدولية
بعد أن توجت الثورة بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر باتت الدولة المصرية تواجه تحدياً من نوع آخر يتمثل في ضرورة أن تتبوأ مصر مستقبلاً دوراً هاماً في إطار العلاقات الدولية. حيث رزحت مصر إبان فترة نظام مبارك تحت وطأة الديون الخارجية وأعبائها، ناهيك عن المساعدات المقدمة من بعض الدول وخاصة أميركا، والتي لم يحس بها المواطن المصري أساساً، لأنها صرفت وفق أجندة ومسميات في مشاريع تمّ تحديدها من قبل الدول المانحة للمساعدات.
وقد يكون المدخل للحد من معضلة المساعدات الأميركية لمصر -التي تقدر بنحو مليار دولار سنوياً- العمل على تهيئة المناخ المناسب لعودة رأس المال المصري المهاجر وتوطينه في الاقتصاد المصري، وقد يعزز ذلك فرص سداد الديون المتراكمة على مصر التي وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات.
أما بالنسبة لمستقبل سياسة مصر الخارجية في ظل العهد المصري الجديد، فقد توقعت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن يحدث تغيير في سياسة مصر الخارجية، بيد أن التغيير لن يمس جوهر العلاقات الخارجية على الأقل في المدى القصير، لأن مصر لا تحتمل كلفة أي توتر في العلاقات مع الولايات المتحدة أو الغضب الدولي إذا تخلت عن اتفاقية كامب ديفد الموقعة 1979 مع إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن سياسة مصر الخارجية في ظل أول رئيس إسلامي هي عرضة للتغيير في الفحوى، ولكن ليس الجوهر. فالرئيس محمد مرسي سيواجه أزمات داخلية اجتماعية ومالية يتوقع أن تطغى علي الشؤون الخارجية خلال الأشهر المقبلة، ورغم الهجمات الشعبية على واشنطن فإن مرسي في أمس الحاجة إلى الاستثمارات الغربية والإقليمية للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أكبر الدول العربية سكانا.
وقالت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية إن فوز مرسي برئاسة مصر يمثل تحديا لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما, وذلك لأن نظرة الرئيس الإسلامي للعالم الخارجي كانت دائما محل خلاف مع واشنطن.
والثابت أن المتابع لخطاب القسم الذي أدلاه الرئيس المصري المنتخب قد شدد على أهمية الإبقاء على علاقات دولية متوازنة لمصر في المستقبل القريب. ويمكن الجزم بأن تمتين الجبهة الداخلية المصرية في المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وصولاً إلى تحقيق متطلبات الشعب المصري في إرساء العدالة الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه أن يعزز موقع مصر في إطار العلاقات الدولية في المدى المنظور.
مصر والقضية الفلسطينية
كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وقد أكد دعم مصر للحقوق الفلسطينية، ناهيك عن تأكيده أهمية إتمام المصالحة الفلسطينية باعتبارها أولوية لتمتين القدرات الفلسطينية، وتوحيد الجهد الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
وفي مقابل ذلك، لم تخف المؤسسة الإسرائيلية قلقها وهلعها من فوز الدكتور مرسي بانتخابات الرئاسة في مصر. واعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مجرد وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في مصر بمثابة رياح عاتية ستعصف عاجلا أم أجلا باتفاقيات السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.
ويبقى القول إن أهم ما قاله الرئيس الدكتور محمد مرسي في خطاب القسم هو أن "مصر ستكون قائدة وقوية، وهذه هي قدرة مصر، هذا ما ينتظر منا".
ويمكن الجزم بأن خطاب القسم للرئيس الدكتور محمد مرسي قد تضمن عدة رسائل داخلية وخارجية، تعهد من خلالها بأن يكون رئيساً لكل المصريين بأطيافهم السياسية وطوائفهم الدينية المختلفة، ويسعى إلى تحقيق تطلعاتهم وأهدافهم. ولم يغب عن الخطاب التأكيد على دعم توجهات الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة، وفي المقدمة منها إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وكذلك دعم مصر لوقف نزيف الدم الذي تشهده سوريا منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً.
التحديات الداخلية
ثمة تحديات داخلية تواجه العهد الجديد في مصر، وفي المقدمة منها التحدي الاقتصادي، وتحدي تحقيق العدالة بأشكالها المختلفة. لكن الثابت أن مؤشرات ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع، وتزايد نسبة البطالة، وتراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير، بالإضافة إلى عجز الميزانية، وتراجع ثقة المستثمرين، وأزمة السياحة، تمثل بمجملها تحدياً مفصلياً وجوهرياً بعد الثورة، خاصة بعد غياب الاستقرار إثر انطلاقة الثورة المصرية.
وفي هذا السياق، تشير المعطيات إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وعدم كفاءة السياسة المالية الذي أدى إلى قيام مؤسسات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتماني لمصر نحو سبع مرات متتالية.
وفي السياق نفسه، تعتبر معدلات البطالة الآخذة في الارتفاع من أهم المشكلات التي تواجه العهد الجديد في مصر، نظراً لتداعياتها الاجتماعية أيضاً. وتؤكد الدراسات أن نسبة البطالة قد وصلت في الريف المصري إلى نحو 60% خلال عاميْ 2010 و2011، بينما انتشرت ظاهرة الفقر بين 75% من سكان الريف خلال الفترة المذكورة.
ومن جهة أخرى، تفاقمت مشكلات الفلاحين بشكل كبير منذ عام 2010، حيث ازداد تلوث المياه وتبوير الأرض، وارتفع سعر طن السماد من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه، كما ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير حتى إن هناك نوابا سابقين استولوا على مبلغ ثلاثة مليارات جنيه من أموال قرارات العلاج على نفقة الدولة، وهذا بحد ذاته يعتبر من التحديات التي تنتظر الرئيس المصري الجديد لأنه يمس بشكل مباشر المواطن المصري.
واللافت أن نسب الجريمة في الريف المصري ارتفعت هي الأخرى بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وإضافة إلى ذلك، هناك تحديات اقتصادية من نوع آخر تواجه الرئيس المصري الجديد، ومنها تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد المصري من جهة، والمساعدات الدولية -وخاصة الأميركية منها- من جهة أخرى، التي أوقعت مصر سابقا في شرك الابتزاز السياسي للدول المانحة.
وتبعاً لذلك، فإن الضرورة تحتم على الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي التخطيط من أجل تحقيق معدلات نمو اقتصادي ترقى إلى معدلات النمو السكاني التي تزيد على 3.5% سنوياً، ومن شأن ذلك أن يحقق الأمن الغذائي للشعب المصري الذي وصل مجموعه إلى أكثر من 83 مليون مصري.
وقد يكون ذلك بمثابة عامل جاذب للاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصري، وكذلك لعودة رأس المال المالي والبشري المصري إلى مصر، الأمر الذي يدفع باتجاه فتح قنوات استثمارية ويحد من معدلات البطالة والفقر بين الشعب المصري. ويجب أن تتحقق شروط أساسية حتى يتسنى للرئيس المصري المنتخب القيام بواجبه من أجل تحقيق خطوات اقتصادية هامة. ومن أهم تلك الشروط العمل على استرجاع صلاحيات الرئيس من المجلس العسكري.
مصر وعلاقاتها الدولية
بعد أن توجت الثورة بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر باتت الدولة المصرية تواجه تحدياً من نوع آخر يتمثل في ضرورة أن تتبوأ مصر مستقبلاً دوراً هاماً في إطار العلاقات الدولية. حيث رزحت مصر إبان فترة نظام مبارك تحت وطأة الديون الخارجية وأعبائها، ناهيك عن المساعدات المقدمة من بعض الدول وخاصة أميركا، والتي لم يحس بها المواطن المصري أساساً، لأنها صرفت وفق أجندة ومسميات في مشاريع تمّ تحديدها من قبل الدول المانحة للمساعدات.
وقد يكون المدخل للحد من معضلة المساعدات الأميركية لمصر -التي تقدر بنحو مليار دولار سنوياً- العمل على تهيئة المناخ المناسب لعودة رأس المال المصري المهاجر وتوطينه في الاقتصاد المصري، وقد يعزز ذلك فرص سداد الديون المتراكمة على مصر التي وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات.
أما بالنسبة لمستقبل سياسة مصر الخارجية في ظل العهد المصري الجديد، فقد توقعت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن يحدث تغيير في سياسة مصر الخارجية، بيد أن التغيير لن يمس جوهر العلاقات الخارجية على الأقل في المدى القصير، لأن مصر لا تحتمل كلفة أي توتر في العلاقات مع الولايات المتحدة أو الغضب الدولي إذا تخلت عن اتفاقية كامب ديفد الموقعة 1979 مع إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن سياسة مصر الخارجية في ظل أول رئيس إسلامي هي عرضة للتغيير في الفحوى، ولكن ليس الجوهر. فالرئيس محمد مرسي سيواجه أزمات داخلية اجتماعية ومالية يتوقع أن تطغى علي الشؤون الخارجية خلال الأشهر المقبلة، ورغم الهجمات الشعبية على واشنطن فإن مرسي في أمس الحاجة إلى الاستثمارات الغربية والإقليمية للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أكبر الدول العربية سكانا.
وقالت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية إن فوز مرسي برئاسة مصر يمثل تحديا لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما, وذلك لأن نظرة الرئيس الإسلامي للعالم الخارجي كانت دائما محل خلاف مع واشنطن.
والثابت أن المتابع لخطاب القسم الذي أدلاه الرئيس المصري المنتخب قد شدد على أهمية الإبقاء على علاقات دولية متوازنة لمصر في المستقبل القريب. ويمكن الجزم بأن تمتين الجبهة الداخلية المصرية في المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وصولاً إلى تحقيق متطلبات الشعب المصري في إرساء العدالة الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه أن يعزز موقع مصر في إطار العلاقات الدولية في المدى المنظور.
مصر والقضية الفلسطينية
كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وقد أكد دعم مصر للحقوق الفلسطينية، ناهيك عن تأكيده أهمية إتمام المصالحة الفلسطينية باعتبارها أولوية لتمتين القدرات الفلسطينية، وتوحيد الجهد الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
وفي مقابل ذلك، لم تخف المؤسسة الإسرائيلية قلقها وهلعها من فوز الدكتور مرسي بانتخابات الرئاسة في مصر. واعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مجرد وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في مصر بمثابة رياح عاتية ستعصف عاجلا أم أجلا باتفاقيات السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.
ويبقى القول إن أهم ما قاله الرئيس الدكتور محمد مرسي في خطاب القسم هو أن "مصر ستكون قائدة وقوية، وهذه هي قدرة مصر، هذا ما ينتظر منا".