منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
By احمد العثمان ٣
#52835
ماذا يحصل حقيقة في البحرين؟

عندما بدأت موجة "الربيع العربي" في الاتساع، لم تكن التظاهرات التي شهدتها مملكة البحرين "أسوة" بما حدث في تونس ومصر غريبة على شارع عربي كان في بداية 2011 يقلد بعضه في أدق التفاصيل حتى الشعارات. بعد أكثر من سنة على أحداث "دوار اللؤلؤة"، بدا جليا أن ما حدث ويحدث في البحرين ليس له علاقة بالربيع لا من قريب ولا من بعيد، وأن الاحتجاجات التي تحولت سريعا الى احتجاجات غير سلمية أفصحت عن "هوية طائفية" ضحاياها من الداخل ومحركوها من الخارج.


الشعب البحريني يجدد ولاءه للشرعية

شخصيتان كان لهما تأثير بالغ في ما حدث في المنطقة من زلزال في السنة الأخيرة. أول هؤلاء هو راشد الغنوشي وحزبه حركة النهضة في تونس، البلد الذي منه بدأ كل شيء.
المكتب السياسي لحزب حركة النهضة رأى أن ما حدث في البحرين عبارة عن حركة طائفية وأعمال تخريب، لا تمت إلى الربيع العربي بصلة، بل هو تشويه للثورات العربية. كما رفض المكتب “التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين والمساس بعروبتها كجزء لا يتجزأ من الأمة العربية”.
أما راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة فقد عبر عن تفهمه لحقيقة الأحداث التي مسرحها البحربن وشدد على أنه “يتفهم ونفهم حقيقة ما يحدث في البحرين وما نتج عنها من مشكلة طائفية، وإن الحل الوحيد يأتي من الداخل عبر حوار وطني يجمع كل المكونات والقوى السياسية على طاولة واحدة دون شروط للخروج من الأزمة بالتوافق”.
الشخصية الثانية التي ارتبط اسمها “بالتحريض” على “الثورة” من تونس الى مصر الى ليبيا فاليمن فسوريا فهو الشيخ يوسف القرضاوي الذي وصف الاحتجاجات في البحرين بأنها ثورة “طائفية” شيعية، وموجهة ضد السنّة.

رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين انتقد بشدة الحركة المعارضة في البحرين، واعتبر أنها بذلك تختلف عن الحركات الاحتجاجية في بقية بلدان الربيع العربي، بخاصة بعد قيام متظاهرين بحرينيين بمهاجمة أهداف للسنّة، وحمل صور مرجعيات شيعية غير بحرينية.
القرضاوي اشار إلى ان المحتجين في البحرين يعمدون إلى “الاستقواء بالخارج، ويعبرون عن آراء فئة مذهبية وليس الشعب بكامله”.
وقال: “ما يحدث في البحرين ثورة طائفية، أما باقي الثورات الأربع فكلها ثورة شعب ضد حاكمه الظالم،” ولفت القرضاوي إلى أن الشعب المصري “خرج بكل فئاته وطوائفه، مسلمين ومسيحيين، شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، تقدميين ورجعيين، أهل الدين وأهل الدنيا، يعني الشعب المصري كله، وكذلك الشعب التونسي، كذلك الشعب الليبي، وكذلك الشعب اليمني، ولكن الثورة البحرينية ثورة طائفية”.

القناعة باختلاف “ثورة” البحرين عن بقية الثورات أكده مشاركون بمؤتمر الثورة والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي الذي احتضنته تونس أخيرا. المشاركون أجمعوا أن “الاحتجاجات في البحرين طائفية، ولم تكن محل إجماع من كافة شرائح المجتمع، كما هو الحال في مظاهرات دول الربيع العربي”.
أصوات كثيرة “ثورية” أشارت إلى “الدور الذي لعبته إيران في تأجيج المظاهرات بالبحرين”. ناشطون من المغرب والأردن بالمؤتمر، المنظم بالتعاون بين مركز دراسات الوحدة العربية والمعهد السويدي، أكدوا أن “الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين لم تكن بدافع وطني، وإنما كانت خلفها أيادٍ خارجية”.

التحول في المواقف من حقيقة ما يحدث في البحرين لم يقتصر على الجانب العربي الذي اكتشف “المؤامرة الخارجية” منذ الوهلة الأولى، فبعد أشهر من انتقاد في اتجاه واحد من قبل منظمات وجهات غربية للسلطات البحرينية وتعاملها مع المتظاهرين “السلميين”، بدأت نفس المنظمات والجهات تطرح أسئلة عن حقيقة ما يجري.
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قالت، منذ أشهر، إن طبيعة المظاهرات في البحرين تغيرت في الفترة الأخيرة لها كما تغير كل أمل بأن مطالب التغيير ستتجاوز الطائفية وتوحد البحرينيين ضمن حركة ديمقراطية متماسكة. وأشارت إلى أن المتظاهرين الشيعة تحركوا إلى ما هو أبعد من دوار اللؤلؤة.

وتشير نيويورك تايمز أن الطريقة التي اتبعها المتظاهرون الشيعة في البحرين للاستيلاء على المنطقة المالية، مثلا، كانت مرعبة.
وتضيف أنه يوجد قلق حقيقي من أن يحدث في البحرين ما حدث في لبنان سابقا، فبعد أن كانت بيروت في سبعينيات القرن الماضي مركزا ماليا بالشرق الأوسط دخلت في حرب أهلية في بسبب التوترات الطائفية والتدخلات الخارجية، ولم تعد العاصمة اللبنانية إلى سابق عهدها حتى الآن.
السؤال هو ماذا حدث في البحرين في فبراير ـ مارس 2011 وماذا يحصل حقيقة في هذه المملكة الصغيرة المستهدفة من البعض في الداخل ومن قوة خارجية لا تخفي أطماعها التوسعية ليس فقط في البحرين بل في المنطقة بأسرها.

يوسف البنخليل: معارضة راديكالية


يقول يوسف البنخليل رئيس تحرير صحيفة الوطن البحرينية “إن ما حدث في بداية 2011 هي حركة قادتها المعارضة الراديكالية في البحرين طالبت فيها بإسقاط النظام، وحاولت تغيير النظام السياسي البحريني بشكل يختلف عن النظام الملكي الدستوري القائم. ولابد من فهم هذه الحركة وامتداداتها التاريخية والخارجية، فعلى المستوى التاريخي فإن هذه الحركة ليست الأولى التي تشهدها البحرين إذ سبق أن شهدت العديد من الحركات المشابهة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وجميعها باءت بالفشل لعدم توافق مكونات المجتمع المحلي على الأجندة والمطالب التي يتم رفعها، وإن كانت مطالب معيشية أو مطالب بالإصلاح السياسي أو حتى مطالب راديكالية كتغيير النظام”.

ويضيف “أما على مستوى الامتدادات الخارجية فمن المعروف أن معظم التيارات السياسية المتنفذة داخل النظام السياسي هي تيارات قديمة ظهرت من بدايات القرن العشرين وارتبطت بتطور التعليم والأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال ارتبط ظهور تيار الإخوان المسلمين في البحرين خلال الأربعينات الماضية بظهور هذا التيار في مصر، وارتبط أيضاً ظهور تيار ولاية الفقيه الراديكالي في البحرين بسقوط نظام الشاه وتأسيس النظام الثيوقراطي في طهران عام 1979″.


إيران لديها طموح قديم في البحرين، واستطاعت من خلال تبني سياستها الخارجية مبدأ تصدير الثورة نشر فكرها الثيوقراطي في البحرين، وساهمت في التمويل السياسي والدعم الإعلامي لحركة الاحتجاج التي شهدتها البلاد في مطلع العام الماضي 2011


ويرى البنخليل أنه في أي حركة احتجاج سياسي لابد من إقامة شبكة واسعة من التحالفات داخلياً وخارجياً، وما دام الحديث عن أجندات خارجية فإن سبب ذلك يعود إلى وجود مصالح لدى بعض الأطراف الإقليمية والقوى الدولية. فمثلاً إيران لديها طموح قديم في البحرين، واستطاعت من خلال تبني سياستها الخارجية مبدأ تصدير الثورة نشر فكرها الثيوقراطي في البحرين، وساهمت في التمويل السياسي والدعم الإعلامي لحركة الاحتجاج التي شهدتها البلاد في مطلع العام الماضي 2011. ولذلك عندما كانت أزمة فبراير في ذروتها تم الإعلان عن تأسيس الجمهورية الإسلامية في البحرين، ولم يتم الإعلان عن تأسيس نظام سياسي آخر، وهو ما يعكس درجة ارتباط التيارات الراديكالية ببعض الأجندات الخارجية. واللافت أن تيارات وتنظيمات اليسار لم تعارض في تلك الفترة مشروع تأسيس الجمهورية الإسلامية رغم اختلافها الأيديولوجي الكبير عن تيار ولاية الفقيه، ويمكن تفسير ذلك بتقاطع المصالح بين اليسار التقليدي وتيار ولاية الفقيه في البحرين.

وعن مبررات رفض المعارضة التعديلات الدستورية التي طرحها الملك يقول يوسف البنخليل: “أولاً لابد من توضيح مسألة هنا، وهي أن التعديلات الدستورية الأخيرة التي صدّق عليها عاهل البحرين لم تكن بمبادرة ذاتية من جلالته، بل جاءت من حوار التوافق الوطني الذي تم في صيف 2011، وهو الحوار السياسي الذي ضم أطياف ومكونات المجتمع البحريني كلها من دون استثناء. في هذا الحوار طرحت العديد من التصورات والمرئيات لتطوير التجربة السياسية وإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية. وتم التوافق على مجموعة من المرئيات هي التي شكلت الأساس الأول لمشروع التعديلات الدستورية الأخيرة، وتمت العملية من خلال رفع هذه التوصيات إلى جلالة الملك الذي استخدم صلاحياته الدستورية وأحال التعديلات المقترحة إلى البرلمان لمناقشتها ولضمان أخذ آراء الإرادة الشعبية فيها، وبعدها تمت حسب الآلية المنصوص عليها دستورياً”.
ويضيف: “نأتي إلى الموقف بشأن هذه التعديلات، فالرفض هنا ليس مرتبطاً بأسس وإنما قام على مصالح سياسية بالدرجة الأولى.. فالتعديلات التي تمت ليست مرفوضة شعبياً، ولكنها مرفوضة من المعارضة الراديكالية فقط، علماً بأن ممثلين عن هذه المعارضة شاركت في حوار التوافق الوطني الذي وضع أسس هذه التعديلات، ووافقوا على التعديلات التي طرحت حينها.

وعليه يقول البنخليل: “لا أعتقد حالياً أن هناك مشكلة تتعلق برفض أو تأييد التعديلات الدستورية الأخيرة، بل الإشكالية في كيفية التعامل مع الإصلاحات الواسعة التي تمت بعد التعديلات، فمثلاً كيف يمكن ضمان عدم حدوث مصادمات وخلافات بين البرلمان والحكومة بعد أن صار من صلاحية النواب فقط الموافقة أو رفض تشكيل الحكومة التي يتم تشكيلها بإرادة ملكية.. التعديلات الدستورية قدمت سقفاً عالياً من الإصلاح السياسي في الدولة البحرينية، ومن السابق لأوانه تقييمها قبل أن تدخل نطاق الممارسة خلال الفترة المقبلة”.

و يرى البنخليل أنه لا يمكن إعادة اللحمة الوطنية في مجتمع منقسم إثنو ـ طائفياً بسهولة، بل العملية تحتاج إلى وقت طويل إن لم تتطلب عقوداً من الزمن. ولكن المطلوب اليوم لمعالجة تأزم الأوضاع تقديم التنازلات من الأطراف كافة وصولاً إلى الحد الأدنى من التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع التعددي في البحرين. وخلال الفترة المقبلة أثبتت الحكومة مرونتها وقدمت اعتذاراتها في مسائل عديدة، كما قدمت تنازلات في ما يقتضي تقديم التنازل بشأنه. ولكن بالمقابل لا نرى أي اتجاه نحو الاعتذار لدى المعارضة الراديكالية أو حتى مؤشرات لإمكانية تقديم تنازلات في ظل المبالغة في التمسك بالمواقف.

الشيخ عبد اللطيف آل محمود: تآمر على الوطن


دعا الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل محمود لتجمع في جامع الفاتح في المنامة، حضره آلاف المشاركين، طرح خلاله عدد من المطالب المعيشية موجها حديثه للحكم في البحرين، طالبا منهم محاربة الفساد وتحسين أوضاع البحرينيين الاقتصادية والمعيشية، رافضا المساس بالعائلة الحاكمة أو مطلب تنحي رئيس الحكومة.
أما كيف يرى رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل محمود ما حدث في البحرين اليوم، يقول: “الحركة الاحتجاجية جاءت بقيادة حزب الله البحريني، المدعوم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي كان هدفه الوصول إلى سدة الحكم في المملكة، وهو ما رفضته الطائفة السنية التي أصبح يمثلها تجمع الوحدة الوطنية، فقد كان المتآمرون من الداخل والخارج يعتقدون أن أهل السُنة لن يتحركوا، وأن في الدولة طرفين فقط، هم والنظام الحاكم، وكانوا محقين حيث كان الشارع السُني متشرذما ومتفرقا، إلا أنه اجتمع في جامع الفاتح ورفض ما يدعو إليه حزب الله البحريني، كما أن دخول قوات درع الجزيرة الخليجية ساهم في وقف مشروع المؤامرة وارسل رسالة سياسية واضحة لإيران لوقف التدخل في أي من دول الخليج”.




التوافق مع المعارضة أمر غير ممكن لأنهم لازالوا ماضين في منهج المؤامرة، ولا زالوا مصرّين على الأمور ذاتها التي أثاروها منذ فبراير العام الماضي، ويهددون أمن المجتمع والوطن ضد مصالح البحرينيين كافة سُنة وشيعة، فلم تظهر منهم أي بادرة تدل على الرغبة في التعايش مع الآخرين، وقبول الآخر


ويرى آل محمود أن ما حدث في البحرين مخطط له منذ سنوات: “عمل حزب الله البحريني على الزيادة العددية في المجالات كافة للسيطرة على البلد، وأصبحت الوزارات الخدمية (التعليم، الصحة، الاتصالات، النفط) تحت سيطرة الشيعة، أي أن كل كوادرها من الطائفة الشيعية، وبهذا سيطروا على مفاصل الدولة ضمن خطة سياسية عُمل بها خلال الأربعين عاما الماضية”.
أما كيف يرى آل محمود الحل للأزمة التي تعيشها البحرين اليوم، قال: “لا يمكن الحديث عن حوار يضم الأطراف كافة إلا إذا اعتذرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة عن العنف” حسب تعبيره. وأضاف: “لسنا مع الحكومة المنتخبة التي تطرحها المعارضة كمطلب، ولكننا طرحنا مرئية حكومة توافقية، يوافق فيها المجلس النيابي على الأسماء التي يرشحها رئيس الوزراء الذي يعينه الملك هو والوزارات السيادية (الدفاع، الداخلية والخارجية).
أما عن التوافق مع المعارضة، فيقول الشيخ آل محمود أنه أمر غير ممكن “لأنهم لازالوا ماضين في منهج المؤامرة، ولا زالوا مصرّين على الأمور ذاتها التي أثاروها منذ فبراير العام الماضي، ويهددون أمن المجتمع والوطن ضد مصالح البحرينيين كافة سُنة وشيعة، فلم تظهر منهم أي بادرة تدل على الرغبة في التعايش مع الآخرين، وقبول الآخر”.

من جهتها تقول سميرة رجب وزيرة الدولة للاعلام: “ما تطالب به جمعية الوفاق المعارضة أو غيرها من تغيير دستوري للدخول في نظام حكم يؤيد انتخاب رئيس الوزراء من أكبر كتلة معارضة موجودة في مجلس النواب. هذا يعني مباشرة أن يكون رئيس الوزراء من أحد الكتل الإسلامية المعارضة، إما سنية أو شيعية، والكتل الإسلامية تمثل طوائفها ولا تمثل البحرين، ولا تمتلك شرعية تمثيل البحرين. لذلك فالوطنيون البحرينيون ومختلف العقول في البحرين تقف ضد هذه المطالب.

أما أدلة دعم إيران لهذه الحركة، ربما نبدأ بأهم وأكبر دليل وهو أن جمعيات الإسلام السياسي الشيعية بقيادة جمعية الوفاق، كلها تؤمن بولاية الفقيه، ولها تصريحات مباشرة بأن ولاءها يرجع إلى المرشد الأعلى علي خامنئي في إيران، وخامنئي له وكيل في البحرين هو عيسى قاسم، ووكيل آخر في لبنان هو حسن نصر الله، وله وكيل في كل تجمع شيعي”.
وتضيف “اليوم هذه التجمعات بوكيلها وبوليّها هي التي تقوم بهذه الحركات في البحرين، وتدعمها كل وسائل الإعلام الإيرانية، وتدعمها الدبلوماسية الإيرانية في كل المحافل خارج البحرين، وتدعمها التمويلات المختلفة التي تأتي من مصادر مختلفة، ولكن في النهاية مصدرها واحد. ما هو أكثر من ذلك؟ ما شاهدناه من فبراير إلى اليوم من مواقف إيرانية خطيرة ضد سيادة البحرين، وضد استقلال البحرين، وضد عروبة البحرين، هو أكبر دليل للمد الإيراني لهذه الجماعات”.

جمعيات الإسلام السياسي الشيعية بقيادة جمعية الوفاق، كلها تؤمن بولاية الفقيه، ولها تصريحات مباشرة بأن ولاءها يرجع إلى المرشد الأعلى علي خامنئي في إيران، وخامنئي له وكيل في البحرين هو عيسى قاسم، ووكيل آخر في لبنان هو حسن نصر الله، وله وكيل في كل تجمع شيعي


سميرة رجب حملت المعارضة فشل كل محاولات السلطة للخروج من المأزق وقالت: “كانت مبادرة ولي العهد ستحقق الكثير من التوافقات في حينها، وخصوصاً في النصف الأول من أزمة فبراير ـ مارس، أي قبل انتشار العنف، وقبل أن تتلطخ أيادي المحتجين بدماء العنف الطائفي، وقبل انتشار شعارات الثأر الطائفي الذي صار يردده المحتجون.
كان لتلك المبادرة حينها صدى إيجابي واسع، لم تستثمره المعارضة البحرينية، لأن نزعتها الطائفية انتصرت على العقلانية السياسية”.

المعاودة: مصلحة الوطن ليست من أولويات المعارضة


استقالت كتلة الوفاق في المجلس النيابي، الكتلة الأكبر، بعد اندلاع الاحتجاجات، احتجاجا على ما أسمته بالحل الأمني الذي مارسته السلطة على المحتجين، قبلت الاستقالات في أشهر لاحقة العام الماضي، مما استدعى قيام انتخابات تكميلية في سبتمبر (أيلول) ومشاركة جمعيات سياسية محسوبة على التيارين السلفي والإخوان المسلمين وعدد من المستقلين في الانتخابات لتعبئة المقاعد الثمانية عشر.

مجلس النواب في مجمل جلساته منذ ذلك الوقت طالب بتطبيق القانون على ما سماهم بالمعتدين ومثيري الشغب، وإنزال أقصى العقوبات في من يسد الطرق ويحرق الاطارات ويقوم بالجرائم ضد رجال الشرطة.
ومن بين الاتهامات التي وجهها مجلس النواب للمعارضة، كما طرحها النائب الثاني لرئيس مجلس النواب في البحرين الشيخ عادل عبد الرحمن المعاودة، أن المعارضة لم تضع من بين أولوياتها مصلحة البلد، واللحمة الاجتماعية، والاقتصاد والاستقرارا، كان همّها هو ممارسة الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبها، وصمّت الأذن عن سماع كل نداء متعقل لمصلحة الناس ومصلحة البلد، مما دفع الأمور لأن تتصاعد.

وأضاف: “كما أن المعارضة تركت المجال مفتوحا أمام الراديكاليين والمتشددين والمدفوعين ليصعّدوا المشكلة حتى تحولت أزمة أمنية وتطورت لتكون أزمة اجتماعية، فاضرت بأمن الناس واقتصادهم واللحمّة الاجتماعية، وعليه تم اتخاذ القرار بإعادة الأمن للشوارع، وفتح الطرق التي سدت لعودة شريان الحياة، والشوارع اليوم مفتوحة ولكن لا تزال هناك محاولات للضغط على الحكومة”، وأكد المعاودة أنه مع المطالبة بالحقوق ولكن ليس مع الاضرار بالبلد والامن والاقتصاد.

وأكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو على أهمية نشر ثقافة الاعتدال والتسامح ونشر تعاليم الإسلام الوسطي السمح، والتأكيد على الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد، والحوار بين الأديان والحضارات، مؤكدا أن البحرين أرست مبادئ الشورى والديمقراطية منطلقة من الدستور وسيادة القانون، لافتا إلى أن هذا الأمر وضع مملكة البحرين في مصاف الدول العريقة كطرف أصيل وفاعل في الشراكة الديمقراطية الدولية، مشيرا إلى أن نظامي الشورى والديمقراطية يقومان على إشراك الحاكم والمحكوم في مشورة الرعية في سياسة الدولة وتنفيذ الأحكام الشرعية لضمان العدل وحفظ الحقوق، وإشراك المحكومين بوسيلة أو بأخرى في الحكم .


المعارضة تركت المجال مفتوحا أمام الراديكاليين والمتشددين والمدفوعين ليصعّدوا المشكلة حتى تحولت أزمة أمنية وتطورت لتكون أزمة اجتماعية، فاضرت بأمن الناس واقتصادهم واللحمّة الاجتماعية.. نعم للمطالبة بالحقوق ولكن ليس مع الاضرار بالبلد والامن والاقتصاد


وعن الحل أشار الشيخ عادل المعاودة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى حل إلا بالحوار، “فلا يمكن أن نصل إلى حل بالتقاتل في الشوارع، لابد من الحوار، المثلث ذو الثلاثة أضلاع، ولا يكفي أن يتحاور ضلع النظام مع ضلع المعارضة الشيعية، فهناك جمهور من السنة مكون من مئات الآلاف، ولا نقبل أن يكون هناك اتفاق بين المعارضة والنظام، دون العودة لهؤلاء المؤيدين للاصلاح ضد العنف، والمؤيدين لاتحاد البحرين مع مجلس التعاون الخليجي”.

وبيّن أن البحرين اتخذت الخطوة الاولى باتجاه الاتحاد الذي ستنضم إليه دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي، عبر التقدم لطلب الاتحاد مع المملكة العربية السعودية، إلا أن هنالك عوائق واختلافات حول السياسات الخارجية لبعض الدول الخليجية قد تؤخر الخطوة باتجاه فيدرالية خليجية.
ويرى المعاودة أن اندماج البحرين مع السعودية، هي قضية حاسمة لا يمكن المماطلة بها أو تأجيلها، خاصة مع تحول الأوضاع في المنطقة إلى أكثر حساسية، “فهنالك الكثير من القوى الخطيرة في المنطقة ولا دولة يمكنها أن تتحمل تلك الأخطار من دون دعم الدول الأخرى، وإنّ الاتحاد سيعزز الأمن العسكري والمالي وسط تهديدات إيران”.

عبد الرحمن الغنيم: أقل الخسائر الممكنة


المحامي عبد الرحمن الغنيم اعتبر أن “الاحداث التي شهدتها مملكة البحرين في فبراير مارس 2011 لم تكن وليدة اللحظة وانما تعاصرت مع فترة زمنية شهدت حركات شعبية في بعض البلدان العربية التي عانت كثيرا من النظم السياسية الجائرة كما هو الحال في تونس ومصر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كان نظام الحكم في البحرين يمكن مقارنته بتلك الدول التي شهدت تدني كبير في المستوى السياسي والمعيشي، بطبيعة الحال الاجابة بالنفي”.

يقول الغنيم إن الحركات الثورية التي شهدتها مصر وتونس وليبيا قد توافق عليها طوائف الشعب، حتى مصر كانت الطائفة المسيحية تقف إلى جانب المسلمين على اعتبار أن الثورة كانت تمثل مطالبات متوافق عليها من كافة اطياف الشعب المصري كافة، لكن الحال في الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البحرين في 14 فبراير وإن بدأت بالمطالبات السياسية والاجتماعية على اعتبار انها حركة سلمية فإن الحكومة قد تجاوبت مع هذه المطالبات مباشرة بدعوى من ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الجلوس إلى طاولت المفاوضات لتلبية مطالب الاصلاح التي ينادى بها من هذه الحركات، ولكنه سرعان ما تغيرت النيات من هذه الحركات إلى حركات عنف قامت بالكثير من الاعتداءات على مصالح الدولة واستقرارها”.

ويؤكد: “هذه الحركة كانت تمثل طائفة من طوائف الشعب البحريني على اعتبار أن من تجاوب مع هذه الحركة الاحتجاجية ابناء الطائفة الشيعية هم من ابناء مملكة البحرين، ولم ينضم أو يوافق عليها الجناح الوطني الآخر وهم ابناء الطائفة السنية الذين رأوا أن المطالبات لم تكن مطالب سلمية وأنه منذ تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في 2001 وحتى ذلك التاريخ شهدت المملكة حراكا سياسيا واقتصاديا لم يكن معهودا في منطقة الخليج طوال هذه الفترة، تمثلت في ميثاق العمل الوطني ثم تعديل دستور عام 1973، ثم انتخابات نيابية وانشاء مجلس تشريعي منتخب ومجلس شورى يضم نخبة من مواطني المجتمع البحريني بكل طوائفه، وايضا الارتقاء بالوضع الاقتصادي والاهتمام بحقوق الانسان باعتبارها الدولة التي لم يكن فيها موقوفا سياسيا طوال حكم الملك حمد”.

المعارضة ليست على قلب رجل واحد ولكل منها مطالب تختلف عن الآخرى ايضا بل أن هنالك انقساما بين المعارضة ادى إلى فشل الحركة الاحتجاجية في 2011 على اعتبار أن جزءا منهم اكتفى بالمطالبة ببعض المطالب السياسية والاقتصادية والبعض الآخر طالب بما هو أكثر من ذلك أي اسقاط النظام الحاكم


وقال: “كل هذه الاسباب كانت وراء رفض الجانب الآخر الانضمام إلى الاحتجاجات التي شهدتها البحرين في ذلك الوقت، كما أن معالجة النظام الحاكم لاحداث هذه الحركات اختلفت عما شهدته ثورات أو انتفاضات شعبية أخرى. القيادة عالجت الأحداث بأقل الخسائر الممكنة كما انها تعاملت مع هذه الحركات بمبادرة سياسية ناجحة، تمثلت في قيام الملك بسرعة بدراسة اسباب هذه الحركات والمتسبب فيها وكل من تجاوز حدود اختصاصاته الوظيفية من السلطة مع هذه الحركات.
كما دعا إلى لجنة حيادية دولية لتفصل في اسباب هذه الحركة ومن المسؤول عنها. وقد صدر تقرير عن لجنة محايدة لرؤى المعارضة واسلوب النظام في التعامل معها، فخطأ من أخطأ كما اعطى التصورات لمعالجة هذه الحركة الاحتجاجية.. لذلك كانت الحركة الاحتجاجية للمعارضة مختلفة عن باقي ثورات المنطقة من حيث طبيعة من قاموا بها واسلوب تعامل النظام معها”.

ويضيف الغنيم: “المعارضة ليست على قلب رجل واحد، لكنها تختلف من فئة إلى اخرى ولكل منها مطالب تختلف عن الآخرى ايضا بل أن هنالك انقساما بين المعارضة ادى إلى فشل الحركة الاحتجاجية في 2011 على اعتبار أن جزءا منهم اكتفى بالمطالبة ببعض المطالب السياسية والاقتصادية والبعض الآخر طالب بما هو أكثر من ذلك أي اسقاط النظام الملكي الحاكم.
ويمكن ملاحظة الانقسام من خلال اسلوب تعامل المعارضة في الضغط على القيادة الحاكمة بأسلوب العنف في الشارع من حرائق مستمرة للاطارات في بعض المناطق تعبيرا عن رفضهم في عدم تلبية مطالبات المعارضة المتمثلة في المشاركة بالحكم والتعديلات الدستورية المتعلقة في هذا الشأن، وإن كانت هذه المطالبات في ظاهرها سياسية مقبولة إلا انها تتعارض واحكام الدستور التي سبق وان وافقت عليه نفس المعارضة عام 2002″.

سلمان ناصر: إرهاب رقمي وتجنيد إلكتروني


أما عضو جمعية البحرين لمراقبة حقوق الانسان سلمان ناصر فيرى أن ظاهرة الإرهاب الإلكتروني والرقمي هي نوع آخر من الإرهاب نتيجة التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية حيي يتم استغلال شبكة الانترنت للهدم والتخريب والحرق والتشويه لصورة الوطن والتشكيك بالولاء وبث الشائعات والأخبار الكاذبة وتفكيك الجبهة الداخلية وتضعيفها لأجل أغراض وأهداف خارجية.
وأكد ناصر “أن استغلال المنابر الإلكترونية كانت وسيلة المعارضة للتواصل مع أعوانهم ومموليهم لسهولة الاتصال والتنسيق عبر الشبكة العالمية ووفرة المعلومات وقلة تكاليفها والتلقين الإلكتروني بحشد المؤيدين والمتعاطفين معهم وبث مبادئهم وطرقهم لمحاولة تجنيد إرهابيين جدد”.

وأشار إلى أن بعض المنظمات المعارضة تملك آلاف المواقع لنشر الأفكار والمعتقدات والتخطيط والتجهيز للعملياتها التخريبية وتنسيق وتبادل الخبرات الميدانية العملية فيما بينهم.
وشدد على ضرورة تنشيط المواقع الصالحة التي تدعو إلى التعايش السلمي بين الحضارات المختلفة ونشر راية السلام والمحبة والتسامح والإنسانية وتعزيز التعاون والتنسيق بين الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب وكافة المواقع والمنتديات لأجل إبرام ميثاق شرف ضد الإرهاب.

واشار إلى أن اغلب اطياف المجتمع البحريني ومنظمات حقوق الانسان ادانت القتل والاعتداء على الاجانب، عدا قلة من الذين اختطفوا قرار الاغلبية، وقد تناسوا أن الوطن فوق كل اعتبار، وأن التحريض الطائفي‮ ‬يتعارض مع صميم حقوق الإنسان ‬ومع قوانين البحرين ودستورها‮.
وقال سلمان ناصر: “استهداف الوافدين خلال أحداث البحرين جاء لعدة اسباب منها ما هو مذهبي والآخر عرقي، بهدف اشاعة نوع من الفوضى من خلال دفع الاجانب للرحيل وتصوير أن البحرين غير آمنة خاصة وأن البلد كانت مخترقة اعلاميا انذاك من قبل بعض القنوات الفضائية”.

المنابر الإلكترونية كانت وسيلة المعارضة للتواصل مع أعوانهم ومموليهم لسهولة الاتصال والتنسيق عبر الشبكة العالمية ووفرة المعلومات وقلة تكاليفها والتلقين الإلكتروني بحشد المؤيدين والمتعاطفين معهم وبث مبادئهم وطرقهم لمحاولة تجنيد إرهابيين جدد


واشار إلى أن استهداف الوافدين خلال الأحداث الاخيرة كان بهدف ضرب الاقتصاد البحريني وزعزعة صورة المملكة واستقرارها الأمني. وما تفعله المعارضة باستهداف المقيمين يعتبر منافياً للدستور وكافة التشريعات الخاصة بالمقيمين. يحاولون، يقول ناصر: “اثبات أن الدولة عاجزة عن تلبية كل ما جاء في دستورها وتشريعاتها بخصوص حماية المقيمين، إضافة إلى دفع المقيمين لترك البلد حتى يتم تدخل دولي ويسهل تقويض نظام الحكم”.

وقال: “إن حوار التوافق الوطني يمثل انطلاقة في اعقاب الأحداث المؤسفة التي مرت بها مملكة البحرين، للتأكيد على الاصلاح ومن خلاله يتم تداول الأفكار من اوسع نطاق ممكن وبشتى مكونات البلد سواء اكانت رسمية أو غير رسمية لبلورة أفكار الاصلاح، من خلال اجتماعات تضم الجميع بمختلف ألوان الطيف في الواقع السياسي والفكري والثقافي، من جمعيات سياسية، وأعضاء مجلسي النواب والشورى ووزراء وشخصيات اعلامية وفكرية ورجال دين ومؤسسات المجتمع المدني”.

واضاف: “هنالك اخطاء من الحكومة بسبب هول الحدث، ولكن هنالك اخطاء وجرائم ارتكبتها المعارضة عن عمد، منها العمل على ضرب الاقتصاد البحريني لخلق فوضى تسمح باسقاط النظام، وزرع وتعزيز الهوة بين اطياف المجتمع بسبب تشريطهم للمجتمع إلى شطرين، عندما تحدثوا عن المظلومية مما دفع الطرف الآخر إلى التخندق مع النظام حماية لكيانه”.
وانتقد ناصر المعارضة في توثيقها ما تقول أنها خروقات الحكومة وتجاهل الجرائم الآخرى التي طالت المقيمين والاعتداءات ضد الاجهزة الامنية والتي وصلت حد القتل والسحل.

خالد بن علي آل خليفة: الباب مفتوح لأي نوع من أنواع الحوار


شكل ملك البحرين في يوليو (تموز) الماضي اللجنة البحرينة المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة البروفيسور أستاذ القانون المصري الامريكي محمد شريف بسيوني هدفها التحقيق في الاحتجاجات وكل ما حدث خلال هذه الفترة، مع منحها الحق في الاطلاع على ملفات رسمية ومقابلة شهود سرا، وزيارة السجون.
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة المسؤول عن متابعة تطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق المستقلة، أعرب عن تفاؤله إزاء إقرار إصلاحات حقيقية في البحرين، واعتبر أن أهمية تقرير اللجنة يكمن خصوصا في أنه “كشف حقائق نستطيع التعامل معها فيما يتعلق بادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وقد تم تنفيذ 16 توصية من أصل 26 توصية للجنة والباقي قيد التنفيذ.. مشيرا خصوصا إلى أن المحاكم تنظر في عشر قضايا تعذيب فيما يتم التحقيق في 150 قضية أخرى.

وأشار آل خليفة للتعديلات الدستورية الجديدة التي أقرها الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مايو (أيار) الماضي، والتي أعطت صلاحيات أكبر للغرفة المنتخبة في ما يتعلق بالرقابة على الحكومة، عبر حق الاستجواب ثم إقرار عدم التعاون مع رئيس الحكومة وسحب الثقة منه، “فإذا قررت الغرفة المنتخبة عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة تعتبر الحكومة مستقيلة وتشكل حكومة جديدة، وإن ذلك ينطبق على أي رئيس حكومة”.


وجود الجمعيات السياسية على أساس طائفي لا يمكن أن يأتي بالخير للبلد، والمشكلة الأساسية أن هناك من لا يريد الإفصاح عن طبيعة الدولة التي يطالب بها.. الواقع الأمني الآن في البحرين ليس سببه وجود مطالب أبدا، بل سببه هو طريقة المطالب التي يجب أن لا تعرف فرقا بين الطوائف


وقد اكد وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان الدكتور صلاح علي أن البحرين ملتزمة بتعزيز وحماية حقوق الانسان، وتكريسها بمملكة البحرين، والتزامها الدائم بالتعامل بكل جدية ومصداقية وشفافية مع قضايا حقوق الإنسان، وأن الوزارة ستتابع جميع توصيات مجلس حقوق الإنسان التي قدمت أثناء مناقشة التقرير الوطني الثاني لمملكة البحرين في إطار الاستعراض الدوري الشامل الذي عقد في جنيف مؤخراً.

دعوات الحوار والتصريحات حول حوار بين السلطة والمعارضة، أو بين السلطة والمعارضة والموالاة لم تتوقف طوال العام والأربعة أشهر الماضية، فقد الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الحوار مازال معروضا في الساحة بعد أن تتهيأ الظروف الأمنية لذلك وأن “أي مطلب لا يتعارض مع الدستور والميثاق يمكن النظر فيه والحوار حوله”.
ورفض وزير العدل صبغ المطالب بصبغة فئوية سنية أو شيعية، مؤكدا أن المشكلة ليست في المطلب ذاته وإنما في أن صاحبه لا يريد أن يحاور عليه، كما إن هناك فرقا بين طرح مطالب معينة وطريقة المطالبة بها، “فالواقع الأمني الآن في البحرين ليس سببه وجود مطالب أبدا، بل سببه هو طريقة المطالب التي يجب أن لا تعرف فرقا بين الطوائف”.
وأشار الوزير إلى أن وجود الجمعيات السياسية على أساس طائفي لا يمكن أن يأتي بالخير للبلد، والمشكلة الأساسية أن هناك من لا يريد الإفصاح عن طبيعة الدولة التي يطالب بها، مشيرا إلى أن من بين المطالبين بالملكية الدستورية من ينادي بـ”ديمقراطية طائفية” على منابر الجمعة.

وأكد أن الباب مفتوح لأي نوع من أنواع الحوار، لكن الحوار لا بد أن يكون مبنيا على الإدانة الصريحة للعنف وعلى الاعتراف بالجميع والانفتاح على كل مكونات المجتمع”.
وهو أمر قبلت به الجمعيات السياسية المعارضة (الوفاق، وعد، التجمع القومي، الوحدوي، والإخاء)، مرحبة بأي حوار جاد ذي مغزى من دون شروط مسبقة من الأطراف كافة، حسب بيان أصدرته أخيرا.

السيد ضياء الموسوي: لن نقبل المساس بعروبتنا


المعارضة التي تستعمل العامل الطائفي في حملتها تصر في الوقت نفسه على استبعاد نصف المجتمع من أي حوار مع الحكومة وكأن المكون السني لا علاقة له بما يحدث في البحرين أو ليس له ما يقوله في مستقبل بلاده. تناقض يدل على حقيقة ما يخفيه البعض ويعلنه البعض الآخر صراحة. نحن ومن بعدنا الطوفان. الموالون للحكومة من السنة ومن الشيعة على السواء ومع جلاء حقيقة الدور الخارجي في بلادهم وانكشاف حقيقة من ينفذ هذا الدور المشبوه، ارتفع صوتهم الرافض لكل ما يهدد وحدة البحرين ووحدة شعبها.
من هذه الأصوات عضو مجلس الشورى السيد ضياء الموسوي الذي أكد أن لا أحد يختلف على اهمية رفع نسبة الديمقراطية في العالم العربي، ونحن كبحرينيين سبقنا العالم العربي بمشروع اصلاحي لجلالة الملك وضع فيه قطار المملكة على السكة الصحيحة ولكن للأسف التطرف النقدي والتشكيك وعدم البناء على ما تم البناء عليه اضافة الى نسف ثوابت وطنية رفعت عبر شعارات في فبراير وقبله ساهمت في ترسيخ الازمة.

وقال: “في فبراير و مارس 2011 كان العالم العربي، والبحرين منه، محل شهية اوروبية وشهوة امريكية مختلطة لصياغة عالم عربي جديد ولو بشعارات ديماغوجية مغلفة بالعدالة. نحن كبحرينيين ومن كل اطياف المجتمع مؤمنون بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأهمية التعجيل بحل المشاكل المعيشية وهذا محل توافق ولكن مالا نقبله هو المساس بالثوابت الوطنية وبالشرعية الدستورية وبالالتفاف حول قيادة جلالة الملك، ان الثوابت الوطنية والتي منها شرعية نظام الحكم هي صمام الامان للبحرينيين ولمستقبل البحرين”.

وأضاف: “للاسف الاعلام الخارجي لعب دورا من البداية عبر العلب بأعواد الثقاب الطائفي لتقسيم المجتمع ومحاولات دس الملح على الجراح لتقسيم البحرينين لكن ولله الحمد البحرين في طريقها للعافية السياسية، لن يقبل اي بحريني بأي تدخل خارجي امريكيا كان او غربيا او ايرانيا، نحن ككيان خليجي نؤمن بالديمقراطية وبتطوير واقعنا الى مزيد من الحداثة والتنوير شرط ان لا تنزل علينا قرارات ديماغوجية من الخارج وتحويل البحرينيين الى اوراق لأجل مصالح خارجية. لن نقبل المساس بعروبتنا او بشرعية حكمنا او سيادة أوطاننا او ثوابتنا الوطنية تحت اي حجة او مسمى، نعم نقبل بالديمقراطية والعدالة ومحاربة الفساد وبإشراك المواطن في التنمية الاقتصادية ولكن كل ذلك يكون تحت ظلال اعمدتنا الوطنية وثوابتنا التي انطلق منها ميثاق العمل الوطني.



اعادة اللحمة الوطنية تكمن بترسيخ الثقافة الوطنية وليس الطائفية او الفئوية. هناك تطرف في الخطاب لدى متطرفي الجهتين من بعض الخطباء في الشتم والسب والاستعداء، هذا لا ينفع بلدا يتجه للتسامح. فلنعمل على ترسيخ الثقافة الانسانية والتصالح على المشتركات الوطنية وعلى خدمة المواطن كمواطن بعيدا عن انتمائه المذهبي


الموسوي ابن البحرين الشيعي المذهب قال: “إن المعارضة ترفض التعديلات الدستورية وترفض الحوار ولم تقبل بالدخول بحوار سمو ولي العهد ابان الازمة ونحن الان نشهد التداعيات. منذ فبراير ونحن ننصح المعارضة بقبول الحوار الذي طرحه ولي العهد وخرجت بمقابلة ونداء في تلفزيون البحرين بتاريخ 11 مارس 2011 ودعوت المعارضة لذلك لتجنيب البلاد والناس دفع الفواتير وقلبي كان على البحرين وقوبل الخطاب بالرفض”.
“على المعارضة ان تقبل بالحوار الوطني القائم على التوافق الوطني فالتغييرات لا تتم بيوم او يومين ولكن تقوم عن الطريق التوافق ووفق الثوابت الوطنية والايمان بقيادة واحدة هي قيادة جلالة الملك، سئمنا اللاءات، الناس تعبت وهي تبحث عن افق وأمل وفضاء وحل”.

وأضاف: “المواطن البحريني يبحث عن ديمقراطية اوسع وعمل كريم ومعيشة مناسبة وسكن ملائم وسفر في الصيف، فلنعمل على ذلك وفق وسطية وواقعية سياسية وابتعاد عن شعارات راديكالية، لقد دفع الناس فاتورة باهظة ولايوجد بحريني لم يتضرر من الازمة فلنعمل على ابعاد المواطن من دفع اي فاتورة امنية او سياسية او اقتصادية او نفسية.
اعادة اللحمة الوطنية تكمن بترسيخ الثقافة الوطنية وليس الطائفية او الفئوية. هناك تطرف في الخطاب لدى متطرفي الجهتين من بعض الخطباء في الشتم والسب والاستعداء، هذا لا ينفع بلدا يتجه للتسامح. فلنعمل على ترسيخ الثقافة الانسانية والتصالح على المشتركات الوطنية وعلى خدمة المواطن كمواطن بعيدا عن انتمائه المذهبي”.
وقال: “المتطرفون يحملون صورة “استعداء تعميمي” وهذا لا يخدم الوسطية البحرينية او الوطنية، نحن نحتاج الى صوت حداثوي عقلاني وسطي وطني يرسخ الثوابت الوطنية بعيدا عن التطرف والتشدد”.
واختتم السيد الموسوي: “ادعو الوطنيين الوسطيين من كل الاطراف ان يرفعوا صوتهم بالعقل ولملمة الجراح وجر الناس بخطاب انساني وطني توافقي بدلا من خطابات تلعب بأعواد الثقاب وتكرس العدائية بين أبناء الشعب الواحد”.

أنور عبدالرحمن رئيس تحرير «أخبار الخليج»:


أجندة المتمردين.. طمس عروبة البحرين


* يمكن القول بأنه للأسف الشديد، إن ما حدث في البحرين منذ فبراير 2011 كان بسبب قيام بعض الأيديولوجيين المدعومين من إيران بمحاولة استغلال ما سمي ظاهرة «الربيع العربي» بهدف الزج بالبحرين في أقدار ومسارات تتعارض مع الحقائق الواقعية وجغرافية المنطقة الخليجية وأوضاع الرخاء الاقتصادي والعدالة الاجتماعية التي تتحلى بها البحرين مثل بقية شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي مواجهة ذلك، هب أبناء البحرين المخلصون في تجمع «الفاتح» التاريخي الشهير لإعلان رفضهم واستيائهم من كل أعمال العنف والتخريب التي قام بها هؤلاء المتطرفون.
وفوق ذلك، طالب أبناء «الفاتح» الدولة بحماية الوطن بكل السبل الممكنة والتصدي لإخماد هذه «الفتنة الإيرانية».

* السياسة التوسعية الإيرانية كما عبرت عنها العقلية الصفوية جرى التخطيط لها ليس من الأمس القريب بل انه تخطيط ممتد إلى أكثر من 5 قرون خلت، عندما جرى تأسيس الدولة الصفوية في بلاد فارس وتبنت المذهب الشيعي وقامت بنشره بالقوة والعنف منذ السنوات الأولى لحكم الشاه إسماعيل الصفوي مؤسس تلك الدولة، وللمفارقة فإن إسماعيل الصفوي لم يكن هو نفسه يؤمن برسالته الخاصة بنشر المذهب الشيعي لأنه لم يكن متدينا، بقدر ما كان عميلا للدول الاستعمارية الأوروبية آنذاك، التي سعت إلى فتح جبهة شرقية استنزافية في ظهر الامبراطورية العثمانية التي كانت قوتها وسطوتها وصعودها تهدد بقاء الدول الأوروبية ونفوذها، علما بأن الوجود البريطاني في البلاط الصفوي كان أمرا مهما وحتميا في عهد حفيده الشاه عباس، حيث تمثل هذا الوجود من خلال أخوين بريطانيين مبتعثين من المملكة المتحدة آنذاك، هما روبرت وأنتوني شيرلي، اللذان أوكلت إليهما مهمة تنظيم جيش الشاه عباس ولم تكن هذه المهمة لتوكل إليهما لولا خوفهم من سقوط الدولة الصفوية التي كانت المعارضة الفارسية آنذاك تكن للصفويين عداء شديدا لأنهم ليسوا من أصول فارسية، بل من أصول ارمينية وجورجية. وبصفتي أحد الذين يجيدون اللغة الفارسية تحدثا وكتابة وقراءة، وبوصفي أيضا قارئا نهما للتاريخ الإيراني.. فإنني اؤكد أن لغة البلاط الصفوي المستخدمة آنذاك، كانت اللغة التركية الأزرية ولم تكن اطلاقا اللغة الفارسية، ونصح البريطانيون الشاه عباس بتبني اللغة الفارسية لأنه ملك في بلاد فارس، علما بأن العنصر الفارسي في إيران يشكل 45 في المائة من اجمالي سكان الجمهورية الإسلامية.


أنور عبدالرحمن

* لماذا يرفض هؤلاء التعديلات الدستورية والإصلاحات في البحرين؟ على القارئ العربي والخليجي أن يتعمق كثيرا في فهم هذه المسألة وخاصة في ضوء حقيقة مفادها أن بعض المراجع الشيعية في الدول الخليجية والعربية وبخاصة في البحرين تجعل مصير الطائفة الشيعية وأقدارها ليست بيدها، لأنهم اعتادوا أن يأخذوا الأوامر ساعة بساعة ويوما بيوم من المرجعية الشيعية المطلقة في إيران في إطار اتباع نظرية «ولاية الفقيه» التي يتزعمها حاليا علي خامنئي.
لذلك نقول إنه مهما تنازلت الدولة في البحرين ومهما حاولت إرضاء خواطر هؤلاء فإنها لن تبلغ ذلك، لأن هؤلاء ليس هدفهم تحقيق إصلاحات كما يزعمون بل إن هدفهم الحقيقي هو الاستيلاء على الحكم عبر وسائل الإرهاب والعنف والتهديد والتجمهر، ساعين بذلك إلى طمس عروبة البحرين وجعلها جسرا لتهديد بقية دول الخليج العربية وإخضاعها لهيمنة «إيران الكبرى».

* من الإنصاف أن نقول إنه ليس كل شيعة البحرين يتفقون مع أجندة الفئة التي ترفض أي تعديلات أو إصلاحات في البحرين، لكن هناك حقيقة واضحة وهي أن هذه الفئة المتمردة ضد التقاليد والأعراف العربية السائدة منذ مئات السنين في المجتمع البحريني بدأت تشعر بأنها فشلت فشلا ذريعا، لذلك نجد أن إصرارهم على عدم قبول رأي الأكثرية البحرينية يعود إلى محاولتهم تجنب الاعتراف بإعلان فشلهم الواضح.
ولعل من المهم هنا أن نشير إلى أن القبائل العربية في منطقة الأحواز وبخاصة الشيعة منهم بدأوا يتبرأون من المذهب الشيعي بعد اكتشافهم التفرقة العنصرية الفارسية تجاههم بسبب أصولهم العربية. إن هذا ليس اتهاما بل هو حقيقة تؤكدها دلائل واضحة لمستها بنفسي عندما كنت أشارك في اجتماعات المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف مؤخرا، حيث استمعت إلى أبناء اقليم الأحواز وهم يعرضون ما يتعرضون له من مظالم وتمييز تحت الحكم الإيراني.

ختاما، فإننا نتمنى أن يعود المتمردون في البحرين إلى رشدهم ويدركوا أنه ليس من شيم أهل البحرين حكومة وشعبا الجور أو الانتقام من أبناء وطنهم، فنرجو أن يعودوا إلى صوابهم ويدركوا أن الانتماء الحقيقي يجب أن يكون إلى البحرين وطنهم الأم.