صفحة 1 من 1

مواصفات رئيس مصر القدم

مرسل: الخميس يوليو 19, 2012 3:55 am
بواسطة احمد العثمان ٣
مواصفات رئيس مصر القادم

أحاول هنا أن أعبر عن رأيي الشخصي وفي نفس الوقت أحاول أن أتلمس رأي الجماهير العريضة في ذات الموضوع.. ولعل أهم مواصفات رئيس مصر القادم أن يكون مدركاً تماماً أنه يأتي إلى حكم مصر هذه المرة – وربما لأول مرة في تاريخها الطويل – عن طريق إرادة الشعب المصري نفسه وليس أي إرادة سواه.


أحمد شفيق ومحمد مرسي.. من يكون رئيس مصر القادم؟

هذا الإدراك سيجعل رئيس مصر القادم يدرك تماماً أنه جاء عن طريق إرادة الشعب ليعبر عن إرادة الشعب وليحاول أن يحقق رغبات الشعب لا رغبات مجموعة أو حفنة من المحيطين به أو من ذوي قرباه.
رئيس مصر القادم شأنه في ذلك شأن كل رؤساء الجمهوريات في العالم المتحضر وفي النظام الديمقراطي يدرك أنه سيكون في يوم من الأيام بعد فترة محددة رئيساً سابقاً.
وجود رئيس سابق سمة أساسية من سمات تداول السلطة ونتيجة طبيعية للتعددية السياسية، وتداول السلطة – والتعددية السياسية سمتان أساسيتان من سمات النظام الديمقراطي – وإذا كانت التعددية والتداول سمتان أساسيتان من سمات النظام الديمقراطي فإن هذا النظام لا يكتمل إلا إذا كانت سيادة القانون من جوهرياته الأولية.

وسيادة القانون تعني أول ما تعنيه أن تخضع الدولة بكل مؤسساتها لحكم القانون وأن يخضع المواطنون جميعاً – حاكمين ومحكومين – لحكم القانون، وأن يؤمن الجميع أن سيادة القانون ضرورة للحاكم قبل المحكوم لأنه يدرك أنه في يوم قادم من الأيام – وفقا لقاعدة تداول السلطة – أنه سيكون رئيسا سابقا يمشي بين الناس كما يمشي جيسكار ديستان وكارتر وكلينتون وبوش الأب وبوش الابن وغيرهم من حكام العالم الديمقراطي السابقين.

هذه هي الأنظمة الجمهورية الديمقراطية الحقيقية. ولكن الوطن العربي – للاسف الشديد – لم يعرف في المرحلة الماضية سوى ما أطلق عليه “الجمهوريات الملكية” التي يريد كل رئيس جمهورية فيها أن يورث الحكم لأولاده من بعده. والتوريث سمة من سمات النظام الملكي إذا تحققت شروطه التي تنص عليها الدساتير الملكية.
رئيس جمهورية مصر القادم – أيا من كان – عليه أن يدرك ذلك كله ويؤمن به إيمانا حقيقيا.


المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري

كذلك وفي تقديري وإحساسي أنه تقدير الغالبية من أبناء هذا الشعب أنهم يريدون رئيساً مدنيا يؤمن بالدولة المدنية. الدولة التي يتساوى فيها المواطنون جميعاً لا فارق بين مسلم ومسيحي. وعند اتخاذ أي قرار مصيري فلا بد أن يكون المواطنون جميعا، القبطي قبل المسلم، على قدم المساواة.
وإذا كانت الاستفتاءات أصبحت سمعتها سيئة وتعرف نتيجتها حتى قبل إجرائها فإن الانتخابات لابد وأن تجرى تحت إشراف قضائي كامل. كذلك فإن منظمات المجتمع المدني الداخلية والخارجية يتعين أن تشارك في الإشراف على هذه الانتخابات وليس في ذلك انتقاص لسيادة الدولة لأن المشاركة في الاشراف لا تعني اتخاذ قرارات سيادية.

مصر دولة كبيرة، هي أكبر دولة عربية ومن أكبر الدول الأفريقية، ومع ذلك فإن مصر فقدت في المرحلة السابقة وزنها الاقليمي والدولي وسبقتها تركيا وإيران مع أن مصر بتاريخها وحضارتها ووزنها السكاني والمكاني جديرة بأن لا تكون أقل وزناً من تركيا وإيران. ويرجع ذلك أساسا إلى تدني مستوى التعليم سواء التعليم العام أو التعليم الجامعي.
نظرة إلى ميزانية البحث العلمي في الجامعات المصرية تجعلنا ندرك مدى عدم الاهتمام بهذا الموضوع الخطير وتجعلنا ندرك لماذا سبقتنا جامعات جنوب أفريقيا وجامعات اسرائيل للاسف الشديد.

يجب أن يدرك رئيس مصر القادم أن الشعب المصري شعب متدين ولكنه في نفس الوقت يكره التعصب والتطرف. وفي مصر كنائس قبطية محل احترام وتقدير الجميع – أو هكذا يجب أن تكون – وفيها الأزهر الشريف الذي كان على مدى العصور حاملاً وحامياً لشعلة الوسطية المصرية ورافضاً للفكر المتعصب أيا كان مصدره.
إن أئمة عظاما مثل الإمام محمد عبده والشيخ شلتوت والدكتور مصطفى عبد الرازق والدكتور أحمد الطيب إمام الأزهر وشيخه حاليا هم أمثلة من أمثلة الاستنارة والتسامح ودليل على عظمة الأزهر وعظمة الإسلام.

ويقينا فإن مصر القادمة لن تقبل مطلقاً لا دولة عسكرية بوليسية ولا دولة دينية متعصبة. وليس هناك أسوأ من الدولة البوليسية غير الدولة الدينية المتعصبة.
كل علماء الإسلام المستنيرين يرفضون أن الإسلام يعرف الدولة الدينية والأستاذ الدكتور عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين سابقا وعضو مجلس البحوث الإسلامية له كتاب قيم بعنوان “الإسلام والدولة المدنية” والباب الأول في هذا الكتاب القيم – الصادر عام 2004 – يتكلم عن أسس الدولة المدنية في الإسلام ويحددها بأنه:

أولاً: الأمة مصدر السلطات.
ثانياً: الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي.
ثالثاً: الفصل بين السلطات.
رابعاً: استقلال القضاء.

وهل هناك من عناصر للدولة الديمقراطية المدنية غير هذه العناصر التي أوردها وحلل كل عنصر منها العالم الإسلامي المستنير الدكتور/ عبد المعطي محمد بيومي.
يبقى بعد ذلك كله أمام رئيس مصر القادم مشكلتان:
• مشكلة الأمن.
• والمشكلة الاقتصادية.
وكلا الأمرين مرتبط ببعضه ارتباطاً عضوياً. إذا غاب الأمن غابت السياحة وغاب الاستثمار وتدهورت الأحوال المعيشية وزادت البطالة. والعكس أيضاً صحيح.

إن رئيس مصر القادم يواجه تحديات جبارة لن يستطيع مواجهتها إلا إذا اعتمد على الشعب اعتمادا كاملا وإذا منحه الشعب ثقته وتقديره.
والله المستعان.