- الخميس يوليو 19, 2012 3:57 am
#52846
سوريا الجديدة
لا تعد قضية سقوط النظام السوري أو بقائه في السلطة، قضية سورية داخلية، فهذا النظام وخلال العقود الزمنية الأربعة الماضية، شكل إحدى الدعائم الإستراتيجية في منطقة المشرق العربي والشرق الأوسط.
إيران.. دعم لا محدود لنظام الأسد حتى آخر سوري!!
برز الدور النظام السوري مع حدوث تغيرات جذرية شهدتها المنطقة أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وتتمثل أهمها في تطورات الحرب الأهلية اللبنانية وإبرام مصر اتفاقية كامب ديفيد وما تبعها من تعقيدات في عملية السلام مع إسرائيل، ثم هبت رياح الثورة الإسلامية في إيران والحرب العراقية – الإيرانية، ثم بروز حزب الله طرفا في مواجهة إسرائيل، وغيرها من الأحداث التي ما زالت تؤثر بشكل ملحوظ على التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة، وقد كان النظام السوري لاعباً أساسيا في جميع هذه التطورات سلباً أو ايجاباً، لذا فإن التطورات التي تجري على الساحة السورية اليوم، وبأي سيناريو من السيناريوهات الثلاثة المحتملة، سيكون لها تبعات ذات مردود إستراتيجي على المنطقة بأكملها.
سيناريوهات ثلاثة
السيناريوهات المحتملة تنحصر بما يلي: إما سقوط النظام بثورة شعبية، وقيام نظام سياسي جديد يختلف بشكل جذري في طبيعته عن النظام الحالي، أو قدرة النظام السوري على تجاوز الأزمة، واستمراره ربما لفترة محدودة فقط، ضعيفا وفاقدا للشرعية الداخلية والدولية، وأخيراً قدرته على البقاء، واستعادة عافيته وعودة فرض السيطرة الأمنية والسياسية بشكل تدريجي، لكن حتى مع فرضية تحقق السيناريو الأخير القائل بخروج النظام من الأزمة والتعافي التدريجي، فإن النظام سيضطر لتغيير سياساته السابقة الداخلية والخارجية، لأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وخاصة أمام التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب في ثورته الشعبية ضد النظام، ولن يكون من الممكن تجاهل آثار ثورة الشعب السوري داخليا واقليميا.
تقديرات مجلس التعاون
وبالنسبة لتقديرات دول مجلس التعاون، فإن زوال النظام السوري أو ضعفه، أو بقاءه، سيكون له تبعاته على الحسابات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، فالنظام السوري يشكل إحدى أهم دعائم التحالف الإستراتيجي الثلاثي في المنطقة، وهو تحالف (مثلث إيران ـ سوريا ـ حزب الله)، مع دخول عراق – ما بعد الاحتلال ـ وحركة حماس ضمن دائرة نفوذ التحالف في مراحله الأخيرة، وقد ترك هذا التحالف آثاره البارزة على التطورات الإستراتيجية في المنطقة خلال العقود الزمنية الأربعة الماضية، فهذا التحالف الثلاثي لعب دورا محوريا في الملفات الأساسية في السياسة العربية مثل ملفات تطورات الوضع اللبناني، وعملية السلام مع اسرائيل والوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحرب العراقية – الإيرانية وتعزيز نفوذ إيران في العالم العربي، وبروز الورقة الطائفية في السياسة العربية وغيرها من الملفات الساخنة.
تقويض المصالح
كان أحد الأهداف الأساسية لهذا التحالف الثلاثي، العمل على تقويض المصالح الإستراتيجية لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، فقد اعتمدت السياسة الإيرانية على شركائها المباشرين من قطبي التحالف (سوريا وحزب الله) وشركاء التحالف الخارجيين (العراق وحماس) لتحقيق هدف تمدد النفوذ الإيراني إلى العالم العربي، ومنح أقطاب التحالف الفرصة الذهبية لإيران، لتكون لاعبا أساسياً في ملفات عربية بحتة، ووفر هذا التحالف الفرصة لإيران لتبرز كلاعب إقليمي فعال على ساحة السياسة الدولية.
مشعل أجبر على "الحياد" ونصر الله اختار صف النظام
وبحكم الحساسية التاريخية التي تتحكم في طبيعة العلاقات الخليجية – الإيرانية، وبحكم حالة التنافس والصراع التي تطورت بين الطرفين، والتي شهدت تصاعدا ملحوظا منذ قيام الثورة الإيرانية، فإن الدور الذي قام به النظام السوري في توفير الدعم والإسناد لأهداف السياسة الإيرانية، ترك أثاراً سلبية واضحة وكبيرة على العلاقات العربية، وعلى استقلالية القرار السياسي العربي. ومن الممكن الجزم بأنه لولا الدور المحوري الذي قام به النظام السوري في دعم أهداف السياسية الإيرانية في العالم العربي، ما كان لإيران أن تتمكن من تأسيس قواعد النفوذ والتأثير التي تمكنت من تأسيسها في ساحة السياسة العربية والإقليمية.
إيجاد البديل
وعلى الجانب الآخر، وفي حالة سقوط النظام السوري، ستجد القيادة الإيرانية صعوبات وتحديات كبيرة تواجهها في مهمة الاحتفاظ بقواعد النفوذ، التي تم تأسيسها في العالم العربي. وسيكون من الصعب على إيران إيجاد البديل الفعال للنظام السوري، وحتى إن حاولت، افتراضا، تحويل ثقل التحالف الإستراتيجي إلى النظام العراقي، فإن النظام في العراق يعاني من الاهتزاز وعدم الاستقرار، ويواجه تحديات داخلية وخارجية لن تمكنه من تعويض الخسارة الإستراتيجية، الناتجة عن فقدان النظام السوري.
وفي ظل إدراك أهمية الدور المحوري الذي لعبه النظام السوري في دعم أهداف ومصالح الدولة الإيرانية، فإننا سندرك مدى أهمية التغيرات التي ستطرأ على ساحة الحسابات الإستراتيجية الإقليمية في حالة اختفاء النظام السوري، وندرك مدى وحجم الخسارة التي سيمنى بها النظام الإيراني في حالة فقدان حليف أساسي، وربما الحليف الوحيد في السياسة العربية، وهذا يفسر حالة الارتباك والتخبط التي يعاني منها صناع القرار في طهران، منذ انطلاق ثورة الشعب السوري، ويفسر تهافت المؤسسات الإيرانية الأمنية، السياسية، والاقتصادية من أجل انقاذ النظام السوري.
سياسة التصعيد.. نجاد يزور جزيرة ابو موسى الاماراتية المحتلة
فالتغيرات السياسية التي قد تشهدها سوريا نتيجة الثورة الشعبية، بتغير طبيعة النظام بشكل كامل، أو بتغير قوة هذا النظام أو صلابته، ستترك مردوداً إيجابيا على العلاقات الإقليمية، وفي محصلتها النهائية، فإنها تعد تطورا ايجابيا لدول مجلس التعاون الخليجي.
تصعيد المواجهة
ففقدان إيران لعمقها الإستراتيجي العربي المتمثل بالنظام السوري، سيضعف القدرات الإيرانية في عموم المنطقة، وستكون له آثاره على ركن التحالف الآخر المتمثل بحزب الله اللبناني، فالنظام السوري يعد العمق الإستراتيجي لحزب الله، ولا يمكن تحقيق الاستقرار بشكل نهائي في لبنان من دون احتواء قوة حزب الله ونفوذه المتناميين داخل التشكيلة السياسية والأمنية اللبنانية. واستقرار لبنان كان دوما هدفا مهما لصناع القرار في دول الخليج العربي.
لذا فإن إحداث التغير في سوريا، سيكون له نتائج مباشرة وغير مباشرة على إعادة رسم خريطة موازين القوى في عموم العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وكنتيجة لهذه الخسارة الإستراتيجية المحتملة، التي ستنتج عن سقوط النظام السوري، قد تقوم إيران بمحاولة تصعيد المواجهة مع دول مجلس التعاون، وخاصة عبر تأزيم الموقف في مملكة البحرين، ولكنها ستكون في موضع الضعف، ولن تتمكن من تجنيد قدراتها الإقليمية السابقة، كما عهدت القيام به، ولا يوجد خيار أمام دول المجلس إلا التهيؤ والاستعداد للتعامل مع ردود الفعل الإيرانية، التي ستنتج عن التحولات في الخارطة الاستراتيجية، التي أفرزتها ظاهرة الربيع العربي.
لا تعد قضية سقوط النظام السوري أو بقائه في السلطة، قضية سورية داخلية، فهذا النظام وخلال العقود الزمنية الأربعة الماضية، شكل إحدى الدعائم الإستراتيجية في منطقة المشرق العربي والشرق الأوسط.
إيران.. دعم لا محدود لنظام الأسد حتى آخر سوري!!
برز الدور النظام السوري مع حدوث تغيرات جذرية شهدتها المنطقة أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وتتمثل أهمها في تطورات الحرب الأهلية اللبنانية وإبرام مصر اتفاقية كامب ديفيد وما تبعها من تعقيدات في عملية السلام مع إسرائيل، ثم هبت رياح الثورة الإسلامية في إيران والحرب العراقية – الإيرانية، ثم بروز حزب الله طرفا في مواجهة إسرائيل، وغيرها من الأحداث التي ما زالت تؤثر بشكل ملحوظ على التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة، وقد كان النظام السوري لاعباً أساسيا في جميع هذه التطورات سلباً أو ايجاباً، لذا فإن التطورات التي تجري على الساحة السورية اليوم، وبأي سيناريو من السيناريوهات الثلاثة المحتملة، سيكون لها تبعات ذات مردود إستراتيجي على المنطقة بأكملها.
سيناريوهات ثلاثة
السيناريوهات المحتملة تنحصر بما يلي: إما سقوط النظام بثورة شعبية، وقيام نظام سياسي جديد يختلف بشكل جذري في طبيعته عن النظام الحالي، أو قدرة النظام السوري على تجاوز الأزمة، واستمراره ربما لفترة محدودة فقط، ضعيفا وفاقدا للشرعية الداخلية والدولية، وأخيراً قدرته على البقاء، واستعادة عافيته وعودة فرض السيطرة الأمنية والسياسية بشكل تدريجي، لكن حتى مع فرضية تحقق السيناريو الأخير القائل بخروج النظام من الأزمة والتعافي التدريجي، فإن النظام سيضطر لتغيير سياساته السابقة الداخلية والخارجية، لأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وخاصة أمام التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب في ثورته الشعبية ضد النظام، ولن يكون من الممكن تجاهل آثار ثورة الشعب السوري داخليا واقليميا.
تقديرات مجلس التعاون
وبالنسبة لتقديرات دول مجلس التعاون، فإن زوال النظام السوري أو ضعفه، أو بقاءه، سيكون له تبعاته على الحسابات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، فالنظام السوري يشكل إحدى أهم دعائم التحالف الإستراتيجي الثلاثي في المنطقة، وهو تحالف (مثلث إيران ـ سوريا ـ حزب الله)، مع دخول عراق – ما بعد الاحتلال ـ وحركة حماس ضمن دائرة نفوذ التحالف في مراحله الأخيرة، وقد ترك هذا التحالف آثاره البارزة على التطورات الإستراتيجية في المنطقة خلال العقود الزمنية الأربعة الماضية، فهذا التحالف الثلاثي لعب دورا محوريا في الملفات الأساسية في السياسة العربية مثل ملفات تطورات الوضع اللبناني، وعملية السلام مع اسرائيل والوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحرب العراقية – الإيرانية وتعزيز نفوذ إيران في العالم العربي، وبروز الورقة الطائفية في السياسة العربية وغيرها من الملفات الساخنة.
تقويض المصالح
كان أحد الأهداف الأساسية لهذا التحالف الثلاثي، العمل على تقويض المصالح الإستراتيجية لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، فقد اعتمدت السياسة الإيرانية على شركائها المباشرين من قطبي التحالف (سوريا وحزب الله) وشركاء التحالف الخارجيين (العراق وحماس) لتحقيق هدف تمدد النفوذ الإيراني إلى العالم العربي، ومنح أقطاب التحالف الفرصة الذهبية لإيران، لتكون لاعبا أساسياً في ملفات عربية بحتة، ووفر هذا التحالف الفرصة لإيران لتبرز كلاعب إقليمي فعال على ساحة السياسة الدولية.
مشعل أجبر على "الحياد" ونصر الله اختار صف النظام
وبحكم الحساسية التاريخية التي تتحكم في طبيعة العلاقات الخليجية – الإيرانية، وبحكم حالة التنافس والصراع التي تطورت بين الطرفين، والتي شهدت تصاعدا ملحوظا منذ قيام الثورة الإيرانية، فإن الدور الذي قام به النظام السوري في توفير الدعم والإسناد لأهداف السياسة الإيرانية، ترك أثاراً سلبية واضحة وكبيرة على العلاقات العربية، وعلى استقلالية القرار السياسي العربي. ومن الممكن الجزم بأنه لولا الدور المحوري الذي قام به النظام السوري في دعم أهداف السياسية الإيرانية في العالم العربي، ما كان لإيران أن تتمكن من تأسيس قواعد النفوذ والتأثير التي تمكنت من تأسيسها في ساحة السياسة العربية والإقليمية.
إيجاد البديل
وعلى الجانب الآخر، وفي حالة سقوط النظام السوري، ستجد القيادة الإيرانية صعوبات وتحديات كبيرة تواجهها في مهمة الاحتفاظ بقواعد النفوذ، التي تم تأسيسها في العالم العربي. وسيكون من الصعب على إيران إيجاد البديل الفعال للنظام السوري، وحتى إن حاولت، افتراضا، تحويل ثقل التحالف الإستراتيجي إلى النظام العراقي، فإن النظام في العراق يعاني من الاهتزاز وعدم الاستقرار، ويواجه تحديات داخلية وخارجية لن تمكنه من تعويض الخسارة الإستراتيجية، الناتجة عن فقدان النظام السوري.
وفي ظل إدراك أهمية الدور المحوري الذي لعبه النظام السوري في دعم أهداف ومصالح الدولة الإيرانية، فإننا سندرك مدى أهمية التغيرات التي ستطرأ على ساحة الحسابات الإستراتيجية الإقليمية في حالة اختفاء النظام السوري، وندرك مدى وحجم الخسارة التي سيمنى بها النظام الإيراني في حالة فقدان حليف أساسي، وربما الحليف الوحيد في السياسة العربية، وهذا يفسر حالة الارتباك والتخبط التي يعاني منها صناع القرار في طهران، منذ انطلاق ثورة الشعب السوري، ويفسر تهافت المؤسسات الإيرانية الأمنية، السياسية، والاقتصادية من أجل انقاذ النظام السوري.
سياسة التصعيد.. نجاد يزور جزيرة ابو موسى الاماراتية المحتلة
فالتغيرات السياسية التي قد تشهدها سوريا نتيجة الثورة الشعبية، بتغير طبيعة النظام بشكل كامل، أو بتغير قوة هذا النظام أو صلابته، ستترك مردوداً إيجابيا على العلاقات الإقليمية، وفي محصلتها النهائية، فإنها تعد تطورا ايجابيا لدول مجلس التعاون الخليجي.
تصعيد المواجهة
ففقدان إيران لعمقها الإستراتيجي العربي المتمثل بالنظام السوري، سيضعف القدرات الإيرانية في عموم المنطقة، وستكون له آثاره على ركن التحالف الآخر المتمثل بحزب الله اللبناني، فالنظام السوري يعد العمق الإستراتيجي لحزب الله، ولا يمكن تحقيق الاستقرار بشكل نهائي في لبنان من دون احتواء قوة حزب الله ونفوذه المتناميين داخل التشكيلة السياسية والأمنية اللبنانية. واستقرار لبنان كان دوما هدفا مهما لصناع القرار في دول الخليج العربي.
لذا فإن إحداث التغير في سوريا، سيكون له نتائج مباشرة وغير مباشرة على إعادة رسم خريطة موازين القوى في عموم العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وكنتيجة لهذه الخسارة الإستراتيجية المحتملة، التي ستنتج عن سقوط النظام السوري، قد تقوم إيران بمحاولة تصعيد المواجهة مع دول مجلس التعاون، وخاصة عبر تأزيم الموقف في مملكة البحرين، ولكنها ستكون في موضع الضعف، ولن تتمكن من تجنيد قدراتها الإقليمية السابقة، كما عهدت القيام به، ولا يوجد خيار أمام دول المجلس إلا التهيؤ والاستعداد للتعامل مع ردود الفعل الإيرانية، التي ستنتج عن التحولات في الخارطة الاستراتيجية، التي أفرزتها ظاهرة الربيع العربي.