صفحة 1 من 1

موقف ماكيافيلي و ابن خلدون من الدوله

مرسل: الجمعة يوليو 20, 2012 3:21 pm
بواسطة محمد بن شاهين
هنا يمكن تقديم موقفين متعارضين؛ موقف ماكيافيلي وموقف ابن خلدون.
1- موقف ماكيافيلي: السياسة صراع وقوة وخداع.
بين ماكيافيلي أن هناك أمراء في عصره أصبحوا عظماء دون أن يلتزموا بالمبادئ الأخلاقية السامية، كالمحافظة على العهود مثلا، بل قد استخدموا كل وسائل القوة والخداع للسيطرة على الناس والتغلب على خصومهم.
هكذا دعا ماكيافيلي إلى ضرورة استخدام الأمير لطريقتين من أجل تثبيت سلطته السياسية؛ الأولى تعتمد القوانين، بحيث يستعملها بحكمة ومكر ودهاء، وبشكل يمكن من تحقيق مصلحة الدولة، أما الثانية فتعتمد على القوة والبطش، ولكن في الوقت المناسب. من هنا يجب على الأمير أن يكون أسدا قويا لكي يرهب الذئاب، وأن يكون ثعلبا ماكرا لكي لا يقع في الفخاخ.
إن الغاية عند ماكيافيلي تبرر الوسيلة. وما دام أن الناس ليسوا أخيارا في الواقع، فلا يلزم أن ينضبط الأمير للمبادىء الأخلاقية في تعامله معهم، بل لا بد أن تكون له القدرة الكافية على التمويه والخداع، وسيجد من الناس من ينخدع بسهولة.
هكذا يتبين أن السياسة، مع ماكيافيلي، تنبني على القوة والمكر والخداع. وهذا ما سيرفضه مجموعة من المفكرين، ومن بينهم ابن خلدون.
2- موقف ابن خلدون: السياسة رفق واعتدال.
إن علاقة السلطان بالرعية حسب ابن خلدون هي علاقة ملك بمملوكين. ولذلك يجب أن يتأسس هذا الملك على الجودة والصلاح. من هنا يجب أن يحقق السلطان لرعيته كل ما هو صالح لهم، وأن يتجنب كل ما من شأنه أن يلحق بهم السوء والضرر.
ولذلك وجب أن تكون العلاقة بين السلطان والرعية مبنية على الرفق والاعتدال في التعامل. فقهر السلطان للناس وبطشه بهم يؤدي إلى إفساد أخلاقهم، بحيث يعاملونه بالكذب والمكر والخذلان، أما إذا كان رفيقا بهم ، فإنهم يطمئنون إليه ويكنون له كل المحبة والاحترام، ويكونون عونا له أوقات الحروب والمحن.
انطلاقا من هذا حدد ابن خلدون خصلتين رئيسيتين يجب أن يتصف بهما رجل السياسة، وهما الرفق والاعتدال. ولذلك عليه مثلا أن يتصف بالكرم والشجاعة كصفتين يتوفر فيهما الاعتدال المطلوب بين التبذير والبخل من جهة، وبين التهور والجبن من جهة أخرى.
← هكذا إذا كان ماكيافيلي يحدد طبيعة السلطة السياسية في القوة والمكر والصراع، واستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصلحة الدولة، فإن ابن خلدون يحدد طبيعتها في التشبث بمكارم الأخلاق المتمثلة أساسا في الرفق والاعتدال.
وهذا ما سيقود إلى إثارة إشكالية الدولة بين الحق والعنف.