" تاريخ الأحواز "
مرسل: السبت يوليو 21, 2012 1:44 am
ماحدث للعالم الاسلامي والعالم العربي بشكل خاص من احتلال واستعمار لبعض اجزائه وبعضها سلمت على طبق من ذهب بخيانة بعض القوى انذاك ليذهب الاحتلال الغربي ويحل على الجزء المهم للاحتلال الصفوي المتمثل بإيران بالعصر الحديث ..
تاريخ الأحواز
يعود تاريخ الأحواز إلى العهد العيلامي قبل 5000 سنة ماضية. حيث كان العرب العيلاميون أَول من استوطن عربستان. واستطاع العيلاميون عام 2320ق.م اكتساح المملكة الأكّادية واحتلال عاصمتها أور. ثم خضعت للعرب البابليين ثم الآشوريين، وبعدهم اقتسمها العرب الكلدانيون والميديون. ثم غزاها الأَخمينيون بقيادة قوروش عام 539ق.م وتركوا للسكان حرية اتباع قوانينهم الخاصة. ثم خضعت المنطقة للإسكندر الأكبر. وبعد موته خضعت للسلوقيين منذ عام 311ق.م ثم للبارثيين ثم الأُسرة الساسانية التي لم تبسط سيطرتها على الإقليم إلا في عام 241م. وقد قامت ثورات متعددة في الإقليم ضد الزاة الفرس مما اضطر هؤلاء إلى توجيه حملات عسكرية كان آخرها عام 310م حين اقتنعت المملكة الساسانية بعدها باستحالة إخضاع العرب، فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني. ويؤكد المؤرخ الأيراني احمد كسروي أن قبائل بكر ابن وائل وبني حنظلة وبني العم كانت تسيطر على الأقليم قبل مجيء الاسلام. وبعد الفتح الاسلامي انحلت هذه القبائل في القبائل العربية الأكبر منها والتي استوطنت المنطقة في السنوات الأولى للفتح الإسلامي الذي قضى على الأمبراطورية الساسانية ..
كذلك جنوب الأحواز سكنته قبائل عربية منذ قدم التاريخ، لكن بسبب قحولة تلك المنطقة فقد كان اعتماد عيشهم على البحر. يقول الرائد الدانيماركي كارستن نيبور، الذي جاب الجزيرة العربية عام 1762م: «لكنني لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل بالمستعمرات الأكثر أهمية، التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية، هي أقرب إليها. أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس، المتحالفين على الغالب مع الشيوخ المجاورين، أو الخاضعين لهم. وتنفق ظروف مختلفة لتدل على أن هذه القبائل استقرت على الخليج الفارسي قبل فتوحات الخلفاء، وقد حافظت دوماً على استقلالها. ومن المضحك أن يصور جغرافيونا جزءاً من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة. لكنهم تحملوا -صابرين على مضض- أن يبقى هذا الساحل ملكا للعرب ..
وقال كذلك: «لقد أخطأ جغرافيونا، على ما أعتقد، حين صوروا لنا جزءاً من الجزيرة العربية خاضعا لحكم الفرس، لأن العرب هم الذين يمتلكون -خلافاً لذلك- جميع السواحل البحرية للإمبراطورية الفارسية: من مصب الفرات إلى مصب الإندوس (في الهند) على وجه التقريب. صحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها، ولكن بالنظر إلى أنها مستقلة عن بلاد الفرس ، ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم،فقد عنيت بإيراد نبذة موجزة عنهم... يستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب هذه المستعمرات على الساحل. وقد جاء في السير القديمة أنهم أنشئوها منذ عصور سلفت. وإذا استعنا باللمحات القليلة التي وردت في التاريخ القديم، أمكن التخمين بأن هذه المستعمرات العربية نشأت في عهد أول ملوك الفرس. فهناك تشابه بين عادات الايشتيوفاجيين القدماء وعادات هؤلاء العرب ..
وبعد انتصار القادسية قام أبو موسى الأشعري بفتح الأحواز. وظل إقليم الأحواز منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الوقت المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)، واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها. ثم نشأت الدولة الكعْبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها كذلك. وبعد تأهيل نهر كارون و إعادة فتحه للتجارة وانشاء خطوط سكك حديدية مما جعل مدينة الأحواز مرة أخرى تصبح نقطة تقاطع تجاري. وأدى بناء قناة السويس في مصر لزيادة النشاط التجاري غي المنطقة حيث تم بناء مدينة ساحلية قرب القرية القديمة للأهواز، و سميت ببندر الناصري تمجيدا لناصر الدين شاه قاجار. وبين عامي 1897 - 1925 حكمها الشيخ خزعل الكعبي الذي غير اسمها إلى الناصرية
وبعد عام 1920م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران. حيث منح البريطانيون الامارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الامير خزغل على ظهر طراد بريطاني حيث اصبحت الأهواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع اقليمي بين العراق وإيران وادى اكتشاف النفط في الأهواز وعلى الاخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى إلى تكالب القوى للسيطرة عليها بعد تفكك الدولة العثمانية "الرجل المريض" ، وبعد ذلك عادت تسميتها القديمة الأهواز بعد سقوط الاسرة القاجارية اثر الاحتلال الروسي لإيران وتولي رضا بهلوي الحكم في إيران. ولم ينفك النزاع قائما غلى الأهواز بعد استقلال العراق حيث دخلت الحكومات العراقية المتلاحقة مفاوضات حول الاقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد منها اتفاقية 1937 ومفاوضات عام 1969 واتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين الذي ما لبث ان الغى الاتفاقية اثناءالحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 - 1988 حيث اعلن عائدية الأحواز للعراق. غير أن غالبية الأحوازيين قاوموا القوات العراقية، إلا أن فصائل المقاومة الأحوازية برزت منادية بالاستقلال عن إيران معتبرين حادثة ضمهم مع إيران احتلال 1980 - 1988..
ما إمارة بوشهر فبقيت تحت حكم "آل مذكور" في ميناء ريك إلى عام 1769 حيث احتلتها القوات الإيرانية وطردت العرب منها ..
أما لنجة فقد كانت إمارة القواسم مسيطرة على تلك البلاد، وخاضت حروباً شرسة ضد المحتلين البرتغال والهولنديين. واعتنق القواسم المذهب السني الوهابي ونجحوا في الإغارة على حاكم عمان الأباضي. إلا أن الفرس تمكنوا بمساعدة الإنكليز عام 1898م (1316هـ) من احتلال تلك البلاد بعد قتال شديد مع حاكمها يوسف بن السيد جعفر (من نسل جعفر الصادق)، وطردوا الكثير من العرب منها. ومع ذلك فلا تزال غالبية السكان من العرب السنة إلى اليوم رغم الاضطهاد الذي يواجهونه..
تاريخ المنطقة بالآرقام :
- 4000 ق.م - شهدت المنطقة ميلاد إحدى أقدم الحضارات البشرية، وهي الحضارة العيلامية.
- 2320 ق.م - استولى العيلاميون على مدينة أور عاصمة المملكة الأكادية.
- 2095 ق.م - غزا الملك البابلي حمورابي أرض عيلام وضمها إلى مملكته.
- 1160 ق.م - فتح الملك العيلامي شوتروك ناخونته أرض بابل، حيث استولى على تمثال مردوك أكبر آلهة بابل، و مسلة حمورابي التي عثر عليها الفرنسيون مع آثار قيمة أخرى في مدينة السوس عام 1901 م.
- 640 ق.م - الملك الآشوري آشور بانيبال أطاح بالدولة العيلامية.
- 550 ق.م - خضوع المنطقة للأخمينيين.
- 331 ق.م - خضوع المنطقة لحكم الاسكندر الأكبر المقدوني، بعد هزيمة الأخمينيين.
- 311 ق.م - قيام السلوقيين ببسط سيطرتهم على المنطقة.
- 221 م - خضوع المنطقة للملك الساساني سابور الأول.
- 637 م - خضوع المنطقة للمسلمين العرب، بقيادة أبي موسى الأشعري.
- 1258 م - إحتل الغزاة المغول المنطقة، بعد أن تمكنوا من الإطاحة بالخلافة العباسية في بغداد، ومن ثم خضعت المنطقة لدولة الخروف الأسود.
- 1436 م - قيام الدولة المشعشعية العربية بزعامة محمد بن فلاح، والتي حافظت على وجودها نحو ثلاثة قرون، بين الدولتين الإيرانية والعثمانية، وتمكنت في بعض الفترات من بسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من إيران بما فيها بندرعباس و كرمنشاه، وأقاليم في العراق بما فيها البصرة و واسط، بالإضافة إلى الاحساء و القطيف.
- 1509م - احتلال الحويزة عاصمة المشعشعيين على يد الشاه إسماعيل الصفوي، إلا أن اندلاع الثورات العربية ضد الحكم الصفوي أرغم الشاه إسماعيل على الاعتراف بالحكم المشعشعي في المنطقة.
- 1541 م - هزم الجيش المشعشعي القوات العثمانية التي حاولت احتلال المنطقة، بعد تمكنه من احتلال بغداد والبصرة.
- 1589 م تولى حكم الإمارة مبارك بن مطلب، والذي يعتبر فترة حكمه العصر الذهبي للدولة المشعشعية حيث تمكن من بسط سيطرته على كافة أنحاء المنطقة.
- 1609 م - تحالفت الإمارة المشعشعية مع البرتغاليين دون أن تخضع لإرادتهم.
- 1625 م - هزمت القوات المشعشعية بمساعدة الدولة العثمانية، الجيش الصفوي.
- 1639 م - اعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية بموجب معاهدة مراد الرابع باستقلال الإمارة المشعشعية.
- 1694 م - استولى فرج الله بن علي المشعشعي على البصرة وضمها إلى إمارته.
- 1732 م - احتل نادر شاه الافشاري إقليم الأهواز وقتل أميرها محمد بن عبد الله المشعشعي. وتزامنا مع ذلك أخذت إمارة بني كعب تبرز على الساحة، بعد أن تمكن أمراؤها من مد نفوذهم في بعض أقسام المنطقة.
- 1747 م إستولى مطلب بن عبد الله المشعشعي على الحويزة ومن ثم فرض سيطرته على مدن أخرى في الإقليم، مما أجبر الدولة الافشارية على الاعتراف رسميا بسلطة المشعشعيين في الحويزة.
- 1757 م - الشاه كريم خان الزندي غزا المنطقة، واستولى على بعض مدنها، ولكنه فشل في نهاية المطاف في إخضاع الإمارة الكعبية.
- 1765 م - هزيمة التحالف الإيراني العثماني البريطاني (شركة الهند الشرقية) أمام قوات سلمان بن سلطان الكعبي .
- 1821 م - وقعت الدولتان الإيرانية والعثمانية على معاهدة أرضروم الأولى والتي قسمت المنطقة إلى منطقتي نفوذ (عثمانية وإيرانية).
- 1837 م - غزت القوات العثمانية مدينة المحمرة واحتلتها، ومن ثم استولت على كافة انحاء المنطقة.
- 1847 م - تخلت الدولة العثمانية عن المناطق التابعة لها في المنطقة، بموجب اتفاقية أخرى عُرفت باسم معاهدة أرضروم الثانية.
- 1857 م - إعترف ناصر الدين شاه القاجاري رسميا بإستقلال المحمرة على أنها إمارة وراثية لها سيادتها وقوانينها الخاصة.
- 1888 م - فتح نهر كارون (دجيل) في المنطقة للمرة الأولى أمام الملاحة الدولية.
- 1897 م - إغتيال الأمير مزعل بن جابر الكعبي، واستلام شقيقه الأمير خزعل الحكم، والذي تحالف مع بريطانيا حفاظا على استقلال إماراته من الدولتين الإيرانية والعثمانية. وقد لعب دورا بارزا في أحداث الربع الأول من القرن الماضي. قال عنه أمين الريحاني في كتابه (ملوك العرب): "إنه أكبرهم سنا بعد الملك حسين (شريف مكة)، وأسبقهم إلى الشهرة، وقرين أعظمهم إلى الكرم".
- 1902 م - وعدت بريطانيا الأمير خزعل رسميا بأنها ستقف في وجه أي هجوم أجنبي يستهدف إمارته.
- 1907 م - وقعت بريطانيا و روسيا القيصرية على معاهدة قسمت إيران إلى ثلاث مناطق نفوذ، بريطانية وروسية ومحايدة، إلا أن المنطقة لم تذكر في إطار تلك التقسيمات.
- 1908 م - اكتشاف البترول.
- 1910 م - منحت بريطانيا الأمير خزعل لقب "سير" ووسام k.c.i.e ومن ثم أوسمة وألقاب أخرى.
- 1914 م - ساهم اندلاع الحرب العالمية الأولى في تعزيز النفوذ البريطاني في المنطقة، وبالتالي فقد ساعد على تدعيم مكانة الأمير خزعل واستقلال إمارته. ودخلت القوات البريطانية ميناء عبادان للحفاظ على المنشآت النفطية.
- 1915 م - حرضت الدولة العثمانية العشائر العربية المناوئة لخزعل، وأهمها بني طرف، وربيعة، وبني لام، على الخروج علي حكمه، وإعلان الجهاد ضد القوات البريطانية المتحالفة معه.
- 1917 م - انتصار الثورة البلشفية في روسيا دفع بالقوى الغربية وخاصة بريطانيا إلى تغيير استراتيجيتها تجاه المنطقة، حيث أخذت تتخلى شيئا فشيئا عن دعمها لاستقلال إمارة الأمير خزعل لصالح كيان إيراني قوي وموحد يشكل حاجزا استراتيجيا أمام الشيوعيين الروس ومحاولاتهم الوصول للمياه الدافئة.
- 1921 م - إعلان فشل جهود الشيخ خزعل للفوز بعرش العراق.
- 1922 م - في إطار مساعيه للتصدي لمحاولات رضا خان البهلوي (والد الشاه السابق)، السيطرة على المنطقة، تحالف الشيخ خزعل مع العشائر البختيارية المناوئة لرضا خان.
- 1924 م - أعلن الشيخ خزعل مقاومته لسياسات رضا خان التوسعية، فقام بعرض قضيته على عصبة الأمم، وطلب من علماء الدين في النجف إصدار فتوى بتكفير رضا خان.
- 1925 م - إحتل رضا خان المنطقة عسكريا ونقل الشيخ خزعل للأسر في قلعة طهران، حيث وضع تحت الإقامة الجبرية، ومن ثم فرضت إيران سيطرتها على المنطقة.
- 1928 م - إندلعت إنتفاضة شعبية في منطقة الحويزة، بقيادة الشيخ محي الدين الزئبق الذي تمكن من السيطرة على المنطقة لأكثر من ستة أشهر.
- 1936 م - قُتل الشيخ خزعل مسمومًا.
- 1940 م - اشتعلت انتفاضة كبيرة شاركت فيها قبائل عربية، وعلى رأسها قبيلة من بني كعب بزعامة حيدر بن طلال.
- 1941 م - إحتلت القوات البريطانية المنطقة إبان الحرب العالمية الثانية.
-ودخل الجیش الایراني مدینة المحمرة بتاریخ 1925 لإسقاطها وإسقاط آخر حکام الکعبیین وهو خزعل جابر الکعبي وکان قائد القوات الإيرانية هو رضا خان، ويعد السبب الأصلي لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأحواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة
سيادة الاحواز عبر التاريخ
يرجع وجود العرب في منطقة حوض كارون ( الأحواز) الى زمن تاريخي سحيق يرتبط بتكون الأحواز نفسه . وهم يكونون الى يومنا هذا الأغلبية الساحقة المطلقة فيه . والحقيقة الراسخة هي ان عـربستان ( الأحـواز ) وطن عربي ، وان عروبتها لم تكن وليدة ظرف تاريخي طارىء ، وانما هي أمر ثابت في اعـماق التاريخ يعود في أصوله الى جذور ماض عريق في عروبته والى طبيعة تكون الأحواز منذ أول نشأته .
والتاريخ القديم يؤكد أن عرب الأحواز ظلوا أسياد ساحل الخليج العربي ، وأن الفرس وملوكهم لم يتمكنوا أبدا من التقدم نحو البحر ، وأنهم (( تحملوا صابرين على مضض بقاء هذا الساحل ملكا للعرب )) ، راجع جاكلين بيرين : اكتشاف جزيرة العرب صفحة رقم 166 ، ولعل خير تعليل يوضح عجز الفرس عن ركوب البحر هو ما جاء به سير بيرسي سايكس أحد المهتمين بدراسة تاريخ فارس ، حيث قال : (( ليس هناك شيء يوضح تأثير العوامل الطبيعية في ميول الناس وسلوكهم أكثر من النفور والكره اللذين يظهرهما الفرس دائما نحو البحر الذى تفصلهم عنه حواجز جبلية شاهقة )) راجع Sykes, Sir Percy : A History of Persia, Vol, II, pp, 366 .
ويجمع الباحثون في كتابات الرحالة الجغرافيين الذين جابوا المنطقة وكتبوا عنها على أنه ليس بين هؤلاء الرحالة من ذكر او أشار الى تبعية عربستان ( الأحواز ) للحكم الفارسي ، بل انها كانت عندهم عربية الطبيعة تماما ، وانها تعتبر مع القسم الأسفل من بلاد مابين النهرين وحدة جغرافية طبيعية وحضارية شاركت في الماضي في ازدهار الحضارة السومرية والأكدية ثم برزت بعدها سماتها العربية ، وترسخ سلطان حكمها العربي حتى جاء النفوذ العربي الاسلامي وامتد عـبر بلاد فارس وتجاوزها . راجع جان جاك بيريبي : الخليج العربي صفحة 98 .
واذا ارد نا ان نعرج قليلا على تاريخ الاحواز ما قبل الميلاد نجد ان :
عندما بدأت المياه تنحسر عن الأحواز في الألف الثالث قبل الميلاد . بدأ في استيطانها شعب سامي خضع في بادىء امره لسلطان المملكة الاكدية في العراق . لكن هذا الخضوع لم يتصف بالدوام والاستقرار بسبب ثورات العيلاميين الذين سيطروا على عربستان وغاراتهم المتقطعة على بعض المد ن الاكدية . حتى استطاع العيلاميون اكتساح المملكة الاكدية واحتلال عاصمتها أور ، وانشأوا المملكة العيلامية التي بسطت سلطانها على الاقوام السامية التي تستوطن عربستان .
وجاء دور البابلين الذين اخضعوا المملكة العيلامية الى سلطانهم فى عهد حمورابي سنة 2094 قبل الميلاد ثم ظهرت الدولة الاشورية التي احتلت عاصمة عربستان تستر سنة 646 قبل الميلاد لكن حكم الاشوريين لعربستان لم يستمر طويلا فقد استطاع الكلدانيون والميديون القضاء على الاشوريين ، وخضعت الأحواز للكلدانيين .
وحينما ظهرت المملكة الاخمينية وغزت الأحواز سنة 539 قبل الميلاد لم يغيروا من نظام الحكم في هذا القطر العربي لاستمرار الساميين في التمتع باستقلالهم الذاتي وقوانينهم البابلية . ولم يحاول الاخمينيون فرض ديانتهم الزرادشتية على الأحواز وانما تركوا لسكانه حرية الخضوع لقوانينهم الخاصة .
وخضع الأحواز بعد ذلك لحكم الاسرة السلوقية والبارثية من بعدها . ولما ظهرت الاسرة الساسانية بسطت سيطرتها على عربستان سنة 241 ميلادية . لكنها لم تستطع اخضاع الأحواز اخضاعا تاما بسبب الثورات المستمرة فيه الامر الذي كان يفرض عليها توجيه حملات عسكرية لمواجهة هذه الثورات حتى اقتنعت المملكة الساسانية بصعوبة حكم العرب فسمحت لهم بانشاء امارات تتمتع باستقلال ذاتي . ويذكر شفيق ارشيدات ان عربستان طيلة عهد الساسانيين وحتى أوائل القرن الرابع الميلادي أرض عربية خالصة تربطها بفارس روابط دفاع عسكري وتعاون تجاري . وكان شعب عربستان في هذه الفترة شعب عربي تحكمه اعرافه وتقاليده العربية وتربطه بالامبراطورية الفارسية سلطة اسمية وولاء رمزي .
كانت كل بلادنا ، في هذه الفترة ( 135 قبل الميلاد - 637 ميلادية ) خاضعة لحكم الاغراب البيزنطيين ولم تقم ، خلال طول هذه الفترة ، دولة مركزية واحدة قوية تمثل سيادتها ، وتستعيد حرية اجزائها ، فالفرس في الشرق ، كل الشرق ، بما في ذلك مابين النهرين ، الذي سماه الفرس (( ايراه )) فعربناه الى عراق ، والروم في الغرب كل الغرب ، من شمال غرب انطاكية حتى غزة ، على مساحة واسعة تشمل القد س والشام والمناطق الوسطى ، جميعا ، وكان علينا ان ننتظر الاسلام ، وحركة الفتح العربي الاسلامي ، ومعركتي القادسية والمدائن ، حتى يبدأ تحرير الهلال الخصيب ( المشرق العربي ) من الاستعمارين الفارسي والبيزنطي ، فتحررت العراق و الأحـواز من براثن الاستعمار الفارسي ولحقت الهزيمة النكراء بالجيش الفارسي الساساني سنة 636 ميلادية بقيادة القائد العربي الاسلامي سعد بن ابي وقاص في معركة القادسية الكبرى واستكمل تحرير الأحواز سنة 637 ميلادية ، والحقت بولاية البصرة حتى العام 132 هجري ، ثم صارت ولاية مستقلة في العهد العباسي ( 132 هـ - 256 هـ ) ، وصارت احد المراكز المهمة في تجارة الدولة العباسية المركزية حين اولى العباسيون الأخـواز وجنوب العراق اهتماما خاصا .
الدولة العباسية تضعف ، وتتهاوى وتقع تحت نفوذ الفرس والترك ، وكانت المنطقة ، شأن كل مناطق البلاد الاخرى ، تتأرجح بين التبعية للدولة المركزية العباسية المتهاوية او تستقل عنها بامارة خاصة ، حتى سقوط الخلافة العباسية على ايدي المغول في العام 316 هـ / 1258 م .
دولة المشعشعين العربية
ولما ضعف المغول ، تحررت الأحواز واستقلت على يد محمد بن فلاح ، وهو من ارومة عربية تعود الى الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي تمكن بمساعدة بعض القبائل العربية من تأسيس امارة عربية في الأحواز وكانت عاصمتها مدينة الحويزة سميت بامارة المشعشعين العربية ، التي ما لبثت ان اتسعت حتى شملت مناطق واسعة من ارض العراق ، حتى بغداد . وكانت النقود تضرب باسم المشعشعين في مدينة (( تستر )) و (( دسبول - قنطرة القلعة )) وهما مد ينتان احوازيتان عام 914 هـ / 1516 م . استكملت دولة المشعشعين سيادتها على عربستان كلها وعلى المناطق المجاورة لها ، في الوقت الذي لم يكن فيه للفرس اي وجود سياسي ، وبقيت فارس طيلة العصور الوسطى مجرد تعبير جغرافي . ولكن في عام 1501 م أنشأ اسماعيل الصفوي الدولة الصفوية ، وذلك أيام حكم المشعشعين في عربستان ، فبدأت عندئذ مرحلة متميزة من مراحل تاريخ المنطقة ، اذ ظهر الصفويون كقوة جديدة مقابل قوة العثمانيين ، وبدأ بينهما صراع حاد أصبحت فيه عربستان احدى ساحاته . فقد تعرضت عربستان لهجوم فارسي صفوي وتم احتلال مدينتي دزفول وتستر الشماليتين لفترة وجيزة ، وعندئذ ظهر مبارك بن عبد المطلب بن بدران الأمير المشعشعي الذي حكم من عام 1588 م الى عام 1616 م ويعتبر حكمه عصرا ذهبيا لامارته حيث استطاع فرض سيطرته على أنحاء عربستان كلها ، وطرد الفرس الغزاة واسترد مدنه الشمالية منهم .
ويذكر الرحالة البرتغالي بيد رو تاسكيرا الذي زار المنطقة عام 1604 م أن جميع الاقليم الواقع الى شرق شط العرب كان يؤلف امارة عربية يحكمها مبارك بن عبد المطلب الذي كان مستقلا عن الفرس وعن الاتراك ، وان هذا الامير قد دخل في تحالف عسكري مع الدولة البرتغالية التي كانت قد وسعت نفوذها يومئذ في الخليج العربي .( راجع The Travels of Pedro Teikeira, with his <<Kings of Harmuz >> and Extracts from his << Kings of Persia>>, Hakluyt Society , 1902
أما الرحالة الايطالي بترو ديلا فالي الذي زار حوض نهر كارون الى مصبه في شط العرب ، فقد ذكر ان الشيخ منصور بن عبد المطلب الذي حكم من عام 1634 م الى عام 1643 م كان يسيطر على شط العرب الى درجة انه لم يسمح لاية سفينة بأن تمر الا بعد ان تدفع ضريبة لوكيله ، وأنه كان على اتصال دائم مع حاكم البصرة ، كما أنه كان يقاوم بقوة محاولات شاه عباس الاول التدخل في شؤون امارته الداخلية .
كما لاحظنا ان هذه الامارة الأحوازية كانت تتوسط سلطتين كبيرتين تتنازعان السيطرة على الأحـواز هما الفرس ، بقيادة الاسرة الصفوية ، والعثمانيون ، وكان عليها ان تحمي نفسها باستمرار من هاتين الدولتين الطامعتان بالأحـواز ، في حروب كثيرة كانت تخرج امارة المشعشعين منها منتصرة .
كان المشعشعون من الشيعة ، كما شاهدنا ، وكانوا اكثر من هذا ، هاشميين ، يعود نسبهم الى الامام علي عليه السلام ، وكذلك كانت تدعي الاسرة الصفوية التي اسسها الشاه اسماعيل بن صيرر انها ذات نسب هاشمي متصل بالامام علي (ع) نفسه . ولكن هذه القرابة المذهبية والعائلية لم تكن حائلا دون تكرار هجمات الصفويين على الاحواز لاحتلالها ، بل كانت هذه القرابة تستخدم لغرض الاحتلال ، كما كان العثمانيون ، من الجانب الاخر ، يستخد مون التمايز المذهبي ( بوصفهم من السنة ) لتبرير هجماتهم على الامارة الشرقية ، واكمال اطباقهم على البلاد العربية .
حكمت امارة المشعشعين الأحواز زهاء خمسمائة عام . واستطاعت دولة المشعشعين الأحوازية ابعاد الأحواز عن النفوذ العثماني والفارسي . وهناك ادلة كثيرة على ذلك فحينما حاول الصفويون احتلال بغداد طلبوا المعونة العسكرية من الدولة المشعشعية على اساس ان الدولة العثمانية عدوتها المذهبية . لكن الامير المشعشعي منصور أجاب الشاه الصفوي (( اذا كان الشاه ملكا على فارس فأنا أيضا ملكا في عربستان ولاقيمة للشاه عندي )) . وبعد هزيمة الصفويين وقعت معاهدة 1639 م بينهم وبين العثمانيين . واعترفت هاتان الدولتان في هذه المعاهدة باستقلال الدولة المشعشعية فى الأحواز .
وقد خضعت الدولة المشعشعية عدة معارك ضد الفرس كان الانتصار حليفهم فيها . كما انها ضمت البصرة والقرنة اليها فترة من الزمن . وبصورة عامة فانها استطاعت ان تحافظ على استقلال الأحـواز بعيدا عن الفرس والعثمانيين . وقد انتهى حكم الدولة المشعشعية سنة 1724 م .
وبعد المشعشعين ، توالت على الأحـواز ( عربستان ) ، التي استطاعت اكثر من اية منطقة اخرى ان تصمد للسيطرتين التركية والفارسية ، امارات عدة ، وهي امارة كعب آل بوناصر ( 1690 م ) ، وامارة كعب آل بوكاسب ( 1832 م ) ، وامارة القواسم ، وامارة المنصور ، وامارة آل علي ، وامارة المرازيق ، وامارة بنو حماد ، وامارة العباد لة ... وهي كلها ، كما ترى امارات عربية ، امنت استمرار السيادة القومية لقطر الأحـواز ( عـربستان ) ، خلال قرون وعصور ... رغم الاطماع الفارسية الدائمة ، والصراع الفارسي العثماني ، والتكالب البرتغالي البريطاني على خيرات الأحواز والشرق ، وقرصناتهم ودسائسهم السياسية ومكائدهم العسكرية ... حتى سقوط الدولة العثمانية ، والاحتلال البريطاني الفرنسي ، ومعاهدة سايكس بيكو ، وتقسيم المشرق العربي الى دول ، واقتطاع اجزاء منه مثل الأحـواز ومنحها للفرس ، وفلسطين ومنحها لليهود ، وسلخ انطاكية والاسكندرون من سوريا ومنحها للأتراك ... اذ كان الغربيون بحاجة الى الاتراك والفرس واليهود في تمزيق الجسم العربي من خلال هذه المثلث الاستيطاني الجاثم على صدر الامة العربية .
امارة البوناصر العـربية الـكـعـبية
كانت رئاسة القبائل العربية الكعبية المعروفة في جنوب الأحـواز الى عائلة البوناصر وقد اتخذوا مدينة القبان مقرا ومركزا لامارتهم وكان أعظم رجل منهم تولى الامارة هو الشيخ سلمان بن سلطان الكعبي . وفي عام 1160 هـ / 1747 م نقل الشيخ سلمان مركز أمارته من مدينة القبان الى مدينة الفلاحية في منطقة الدورق واتخذها مقرا لامارته ، أسس امارة البوناصر الشيخ ناصر بن محمد الكعبي وهو أول رئيس معروف لبني كعب في امارة البوناصر حيث سميت هذه الامارة ( باسمه امارة البو ناصر ) .
حكم امارة البوناصر من ابيهم كل من الاخوة علي ومحمد وعبدالله ورحمة وسرحان اولاد ناصر مؤسس الامارة وكان ذلك من عام 1690 م - 1722 م .
ومن بعدهم تولى الامارة الشيخ فرج الله بن عبدالله الكعبي عام 1722م وحصلت في ايامه حروب دامية بينه وبين القاجاريين ( ملوك فارس ) وقد حاصرهم محمد حسين خان بجيش قوامه ثلاثون الفا من العجم والاكراد واستطاع رجال كعب ان يفكوا الحصار وفي النهاية انتصر كعب وخسر القاجار .
ويعتبر سلمان بن سلطان بن ناصر من اقوى الامراء العرب الذين حكموا هذه الامارة حيث رأت الامارة في عهده الاصلاح والتقدم والعمران .
فخفر الانهر وشق الترع واقام السدود ونظم الزراعة . كما انشأ الشيخ سلمان الكعبي اسطولا بحريا جاب مياه شط العرب والخليج العربي حيث ارهب اساطيل الانكليز والفرس والعثمانيين .
وفي عام 1747 م تمكن الشيخ سلمان من نقل امارته من القبان الى الفلاحية في الدورق بعد قتال عنيف بينه وبين الغزاة الفرس .
كما ان الشيخ سلمان ارهب باشا بغداد في وقته كما اشتبك أسطوله مع الاسطول البريطاني التابع لشركة الهند الشرقية فدحرها واستولى على سفينتين منها - سالي واليخت - وسحبهما الى القبان .
لقد قضى الشيخ سلمان اكثر سنوات حكمه في تركيز دعائم امارته وحماية استقلالها اضافة الى المنجزات العمرانية والاقتصادية التي نفذها في امارته .
وفي عام 1767 م توفي الشيخ سلمان ، وبعد وفاته تولى الامارة من بعده اولاده واحفاده وكان اخر من تولى هذه الامارة هو الشيخ عبدالله بن عيسى بن غيث بعد وفاة أخيه رحمه بن عيسى بن غيث والذي سار على نهج اخيه في منازعاته مع الشيخ جعفر واستمر الوضع على هذه الحالة حتى عهد الشيخ خزعل اخر واقوى أمراء البوكاسب الذي نازعه على الشيخة الشيخ عبد الحسن بن عبود بن محمد امير الفلاحية الملقب بشيخ المشايخ ولم ينجح حتى توفي .
الله يكون بعون الاحوازيين على حكم المجوس الفرس ..
تاريخ الأحواز
يعود تاريخ الأحواز إلى العهد العيلامي قبل 5000 سنة ماضية. حيث كان العرب العيلاميون أَول من استوطن عربستان. واستطاع العيلاميون عام 2320ق.م اكتساح المملكة الأكّادية واحتلال عاصمتها أور. ثم خضعت للعرب البابليين ثم الآشوريين، وبعدهم اقتسمها العرب الكلدانيون والميديون. ثم غزاها الأَخمينيون بقيادة قوروش عام 539ق.م وتركوا للسكان حرية اتباع قوانينهم الخاصة. ثم خضعت المنطقة للإسكندر الأكبر. وبعد موته خضعت للسلوقيين منذ عام 311ق.م ثم للبارثيين ثم الأُسرة الساسانية التي لم تبسط سيطرتها على الإقليم إلا في عام 241م. وقد قامت ثورات متعددة في الإقليم ضد الزاة الفرس مما اضطر هؤلاء إلى توجيه حملات عسكرية كان آخرها عام 310م حين اقتنعت المملكة الساسانية بعدها باستحالة إخضاع العرب، فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني. ويؤكد المؤرخ الأيراني احمد كسروي أن قبائل بكر ابن وائل وبني حنظلة وبني العم كانت تسيطر على الأقليم قبل مجيء الاسلام. وبعد الفتح الاسلامي انحلت هذه القبائل في القبائل العربية الأكبر منها والتي استوطنت المنطقة في السنوات الأولى للفتح الإسلامي الذي قضى على الأمبراطورية الساسانية ..
كذلك جنوب الأحواز سكنته قبائل عربية منذ قدم التاريخ، لكن بسبب قحولة تلك المنطقة فقد كان اعتماد عيشهم على البحر. يقول الرائد الدانيماركي كارستن نيبور، الذي جاب الجزيرة العربية عام 1762م: «لكنني لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل بالمستعمرات الأكثر أهمية، التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية، هي أقرب إليها. أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس، المتحالفين على الغالب مع الشيوخ المجاورين، أو الخاضعين لهم. وتنفق ظروف مختلفة لتدل على أن هذه القبائل استقرت على الخليج الفارسي قبل فتوحات الخلفاء، وقد حافظت دوماً على استقلالها. ومن المضحك أن يصور جغرافيونا جزءاً من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة. لكنهم تحملوا -صابرين على مضض- أن يبقى هذا الساحل ملكا للعرب ..
وقال كذلك: «لقد أخطأ جغرافيونا، على ما أعتقد، حين صوروا لنا جزءاً من الجزيرة العربية خاضعا لحكم الفرس، لأن العرب هم الذين يمتلكون -خلافاً لذلك- جميع السواحل البحرية للإمبراطورية الفارسية: من مصب الفرات إلى مصب الإندوس (في الهند) على وجه التقريب. صحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها، ولكن بالنظر إلى أنها مستقلة عن بلاد الفرس ، ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم،فقد عنيت بإيراد نبذة موجزة عنهم... يستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب هذه المستعمرات على الساحل. وقد جاء في السير القديمة أنهم أنشئوها منذ عصور سلفت. وإذا استعنا باللمحات القليلة التي وردت في التاريخ القديم، أمكن التخمين بأن هذه المستعمرات العربية نشأت في عهد أول ملوك الفرس. فهناك تشابه بين عادات الايشتيوفاجيين القدماء وعادات هؤلاء العرب ..
وبعد انتصار القادسية قام أبو موسى الأشعري بفتح الأحواز. وظل إقليم الأحواز منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الوقت المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)، واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها. ثم نشأت الدولة الكعْبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها كذلك. وبعد تأهيل نهر كارون و إعادة فتحه للتجارة وانشاء خطوط سكك حديدية مما جعل مدينة الأحواز مرة أخرى تصبح نقطة تقاطع تجاري. وأدى بناء قناة السويس في مصر لزيادة النشاط التجاري غي المنطقة حيث تم بناء مدينة ساحلية قرب القرية القديمة للأهواز، و سميت ببندر الناصري تمجيدا لناصر الدين شاه قاجار. وبين عامي 1897 - 1925 حكمها الشيخ خزعل الكعبي الذي غير اسمها إلى الناصرية
وبعد عام 1920م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران. حيث منح البريطانيون الامارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الامير خزغل على ظهر طراد بريطاني حيث اصبحت الأهواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع اقليمي بين العراق وإيران وادى اكتشاف النفط في الأهواز وعلى الاخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى إلى تكالب القوى للسيطرة عليها بعد تفكك الدولة العثمانية "الرجل المريض" ، وبعد ذلك عادت تسميتها القديمة الأهواز بعد سقوط الاسرة القاجارية اثر الاحتلال الروسي لإيران وتولي رضا بهلوي الحكم في إيران. ولم ينفك النزاع قائما غلى الأهواز بعد استقلال العراق حيث دخلت الحكومات العراقية المتلاحقة مفاوضات حول الاقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد منها اتفاقية 1937 ومفاوضات عام 1969 واتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين الذي ما لبث ان الغى الاتفاقية اثناءالحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 - 1988 حيث اعلن عائدية الأحواز للعراق. غير أن غالبية الأحوازيين قاوموا القوات العراقية، إلا أن فصائل المقاومة الأحوازية برزت منادية بالاستقلال عن إيران معتبرين حادثة ضمهم مع إيران احتلال 1980 - 1988..
ما إمارة بوشهر فبقيت تحت حكم "آل مذكور" في ميناء ريك إلى عام 1769 حيث احتلتها القوات الإيرانية وطردت العرب منها ..
أما لنجة فقد كانت إمارة القواسم مسيطرة على تلك البلاد، وخاضت حروباً شرسة ضد المحتلين البرتغال والهولنديين. واعتنق القواسم المذهب السني الوهابي ونجحوا في الإغارة على حاكم عمان الأباضي. إلا أن الفرس تمكنوا بمساعدة الإنكليز عام 1898م (1316هـ) من احتلال تلك البلاد بعد قتال شديد مع حاكمها يوسف بن السيد جعفر (من نسل جعفر الصادق)، وطردوا الكثير من العرب منها. ومع ذلك فلا تزال غالبية السكان من العرب السنة إلى اليوم رغم الاضطهاد الذي يواجهونه..
تاريخ المنطقة بالآرقام :
- 4000 ق.م - شهدت المنطقة ميلاد إحدى أقدم الحضارات البشرية، وهي الحضارة العيلامية.
- 2320 ق.م - استولى العيلاميون على مدينة أور عاصمة المملكة الأكادية.
- 2095 ق.م - غزا الملك البابلي حمورابي أرض عيلام وضمها إلى مملكته.
- 1160 ق.م - فتح الملك العيلامي شوتروك ناخونته أرض بابل، حيث استولى على تمثال مردوك أكبر آلهة بابل، و مسلة حمورابي التي عثر عليها الفرنسيون مع آثار قيمة أخرى في مدينة السوس عام 1901 م.
- 640 ق.م - الملك الآشوري آشور بانيبال أطاح بالدولة العيلامية.
- 550 ق.م - خضوع المنطقة للأخمينيين.
- 331 ق.م - خضوع المنطقة لحكم الاسكندر الأكبر المقدوني، بعد هزيمة الأخمينيين.
- 311 ق.م - قيام السلوقيين ببسط سيطرتهم على المنطقة.
- 221 م - خضوع المنطقة للملك الساساني سابور الأول.
- 637 م - خضوع المنطقة للمسلمين العرب، بقيادة أبي موسى الأشعري.
- 1258 م - إحتل الغزاة المغول المنطقة، بعد أن تمكنوا من الإطاحة بالخلافة العباسية في بغداد، ومن ثم خضعت المنطقة لدولة الخروف الأسود.
- 1436 م - قيام الدولة المشعشعية العربية بزعامة محمد بن فلاح، والتي حافظت على وجودها نحو ثلاثة قرون، بين الدولتين الإيرانية والعثمانية، وتمكنت في بعض الفترات من بسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من إيران بما فيها بندرعباس و كرمنشاه، وأقاليم في العراق بما فيها البصرة و واسط، بالإضافة إلى الاحساء و القطيف.
- 1509م - احتلال الحويزة عاصمة المشعشعيين على يد الشاه إسماعيل الصفوي، إلا أن اندلاع الثورات العربية ضد الحكم الصفوي أرغم الشاه إسماعيل على الاعتراف بالحكم المشعشعي في المنطقة.
- 1541 م - هزم الجيش المشعشعي القوات العثمانية التي حاولت احتلال المنطقة، بعد تمكنه من احتلال بغداد والبصرة.
- 1589 م تولى حكم الإمارة مبارك بن مطلب، والذي يعتبر فترة حكمه العصر الذهبي للدولة المشعشعية حيث تمكن من بسط سيطرته على كافة أنحاء المنطقة.
- 1609 م - تحالفت الإمارة المشعشعية مع البرتغاليين دون أن تخضع لإرادتهم.
- 1625 م - هزمت القوات المشعشعية بمساعدة الدولة العثمانية، الجيش الصفوي.
- 1639 م - اعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية بموجب معاهدة مراد الرابع باستقلال الإمارة المشعشعية.
- 1694 م - استولى فرج الله بن علي المشعشعي على البصرة وضمها إلى إمارته.
- 1732 م - احتل نادر شاه الافشاري إقليم الأهواز وقتل أميرها محمد بن عبد الله المشعشعي. وتزامنا مع ذلك أخذت إمارة بني كعب تبرز على الساحة، بعد أن تمكن أمراؤها من مد نفوذهم في بعض أقسام المنطقة.
- 1747 م إستولى مطلب بن عبد الله المشعشعي على الحويزة ومن ثم فرض سيطرته على مدن أخرى في الإقليم، مما أجبر الدولة الافشارية على الاعتراف رسميا بسلطة المشعشعيين في الحويزة.
- 1757 م - الشاه كريم خان الزندي غزا المنطقة، واستولى على بعض مدنها، ولكنه فشل في نهاية المطاف في إخضاع الإمارة الكعبية.
- 1765 م - هزيمة التحالف الإيراني العثماني البريطاني (شركة الهند الشرقية) أمام قوات سلمان بن سلطان الكعبي .
- 1821 م - وقعت الدولتان الإيرانية والعثمانية على معاهدة أرضروم الأولى والتي قسمت المنطقة إلى منطقتي نفوذ (عثمانية وإيرانية).
- 1837 م - غزت القوات العثمانية مدينة المحمرة واحتلتها، ومن ثم استولت على كافة انحاء المنطقة.
- 1847 م - تخلت الدولة العثمانية عن المناطق التابعة لها في المنطقة، بموجب اتفاقية أخرى عُرفت باسم معاهدة أرضروم الثانية.
- 1857 م - إعترف ناصر الدين شاه القاجاري رسميا بإستقلال المحمرة على أنها إمارة وراثية لها سيادتها وقوانينها الخاصة.
- 1888 م - فتح نهر كارون (دجيل) في المنطقة للمرة الأولى أمام الملاحة الدولية.
- 1897 م - إغتيال الأمير مزعل بن جابر الكعبي، واستلام شقيقه الأمير خزعل الحكم، والذي تحالف مع بريطانيا حفاظا على استقلال إماراته من الدولتين الإيرانية والعثمانية. وقد لعب دورا بارزا في أحداث الربع الأول من القرن الماضي. قال عنه أمين الريحاني في كتابه (ملوك العرب): "إنه أكبرهم سنا بعد الملك حسين (شريف مكة)، وأسبقهم إلى الشهرة، وقرين أعظمهم إلى الكرم".
- 1902 م - وعدت بريطانيا الأمير خزعل رسميا بأنها ستقف في وجه أي هجوم أجنبي يستهدف إمارته.
- 1907 م - وقعت بريطانيا و روسيا القيصرية على معاهدة قسمت إيران إلى ثلاث مناطق نفوذ، بريطانية وروسية ومحايدة، إلا أن المنطقة لم تذكر في إطار تلك التقسيمات.
- 1908 م - اكتشاف البترول.
- 1910 م - منحت بريطانيا الأمير خزعل لقب "سير" ووسام k.c.i.e ومن ثم أوسمة وألقاب أخرى.
- 1914 م - ساهم اندلاع الحرب العالمية الأولى في تعزيز النفوذ البريطاني في المنطقة، وبالتالي فقد ساعد على تدعيم مكانة الأمير خزعل واستقلال إمارته. ودخلت القوات البريطانية ميناء عبادان للحفاظ على المنشآت النفطية.
- 1915 م - حرضت الدولة العثمانية العشائر العربية المناوئة لخزعل، وأهمها بني طرف، وربيعة، وبني لام، على الخروج علي حكمه، وإعلان الجهاد ضد القوات البريطانية المتحالفة معه.
- 1917 م - انتصار الثورة البلشفية في روسيا دفع بالقوى الغربية وخاصة بريطانيا إلى تغيير استراتيجيتها تجاه المنطقة، حيث أخذت تتخلى شيئا فشيئا عن دعمها لاستقلال إمارة الأمير خزعل لصالح كيان إيراني قوي وموحد يشكل حاجزا استراتيجيا أمام الشيوعيين الروس ومحاولاتهم الوصول للمياه الدافئة.
- 1921 م - إعلان فشل جهود الشيخ خزعل للفوز بعرش العراق.
- 1922 م - في إطار مساعيه للتصدي لمحاولات رضا خان البهلوي (والد الشاه السابق)، السيطرة على المنطقة، تحالف الشيخ خزعل مع العشائر البختيارية المناوئة لرضا خان.
- 1924 م - أعلن الشيخ خزعل مقاومته لسياسات رضا خان التوسعية، فقام بعرض قضيته على عصبة الأمم، وطلب من علماء الدين في النجف إصدار فتوى بتكفير رضا خان.
- 1925 م - إحتل رضا خان المنطقة عسكريا ونقل الشيخ خزعل للأسر في قلعة طهران، حيث وضع تحت الإقامة الجبرية، ومن ثم فرضت إيران سيطرتها على المنطقة.
- 1928 م - إندلعت إنتفاضة شعبية في منطقة الحويزة، بقيادة الشيخ محي الدين الزئبق الذي تمكن من السيطرة على المنطقة لأكثر من ستة أشهر.
- 1936 م - قُتل الشيخ خزعل مسمومًا.
- 1940 م - اشتعلت انتفاضة كبيرة شاركت فيها قبائل عربية، وعلى رأسها قبيلة من بني كعب بزعامة حيدر بن طلال.
- 1941 م - إحتلت القوات البريطانية المنطقة إبان الحرب العالمية الثانية.
-ودخل الجیش الایراني مدینة المحمرة بتاریخ 1925 لإسقاطها وإسقاط آخر حکام الکعبیین وهو خزعل جابر الکعبي وکان قائد القوات الإيرانية هو رضا خان، ويعد السبب الأصلي لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأحواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة
سيادة الاحواز عبر التاريخ
يرجع وجود العرب في منطقة حوض كارون ( الأحواز) الى زمن تاريخي سحيق يرتبط بتكون الأحواز نفسه . وهم يكونون الى يومنا هذا الأغلبية الساحقة المطلقة فيه . والحقيقة الراسخة هي ان عـربستان ( الأحـواز ) وطن عربي ، وان عروبتها لم تكن وليدة ظرف تاريخي طارىء ، وانما هي أمر ثابت في اعـماق التاريخ يعود في أصوله الى جذور ماض عريق في عروبته والى طبيعة تكون الأحواز منذ أول نشأته .
والتاريخ القديم يؤكد أن عرب الأحواز ظلوا أسياد ساحل الخليج العربي ، وأن الفرس وملوكهم لم يتمكنوا أبدا من التقدم نحو البحر ، وأنهم (( تحملوا صابرين على مضض بقاء هذا الساحل ملكا للعرب )) ، راجع جاكلين بيرين : اكتشاف جزيرة العرب صفحة رقم 166 ، ولعل خير تعليل يوضح عجز الفرس عن ركوب البحر هو ما جاء به سير بيرسي سايكس أحد المهتمين بدراسة تاريخ فارس ، حيث قال : (( ليس هناك شيء يوضح تأثير العوامل الطبيعية في ميول الناس وسلوكهم أكثر من النفور والكره اللذين يظهرهما الفرس دائما نحو البحر الذى تفصلهم عنه حواجز جبلية شاهقة )) راجع Sykes, Sir Percy : A History of Persia, Vol, II, pp, 366 .
ويجمع الباحثون في كتابات الرحالة الجغرافيين الذين جابوا المنطقة وكتبوا عنها على أنه ليس بين هؤلاء الرحالة من ذكر او أشار الى تبعية عربستان ( الأحواز ) للحكم الفارسي ، بل انها كانت عندهم عربية الطبيعة تماما ، وانها تعتبر مع القسم الأسفل من بلاد مابين النهرين وحدة جغرافية طبيعية وحضارية شاركت في الماضي في ازدهار الحضارة السومرية والأكدية ثم برزت بعدها سماتها العربية ، وترسخ سلطان حكمها العربي حتى جاء النفوذ العربي الاسلامي وامتد عـبر بلاد فارس وتجاوزها . راجع جان جاك بيريبي : الخليج العربي صفحة 98 .
واذا ارد نا ان نعرج قليلا على تاريخ الاحواز ما قبل الميلاد نجد ان :
عندما بدأت المياه تنحسر عن الأحواز في الألف الثالث قبل الميلاد . بدأ في استيطانها شعب سامي خضع في بادىء امره لسلطان المملكة الاكدية في العراق . لكن هذا الخضوع لم يتصف بالدوام والاستقرار بسبب ثورات العيلاميين الذين سيطروا على عربستان وغاراتهم المتقطعة على بعض المد ن الاكدية . حتى استطاع العيلاميون اكتساح المملكة الاكدية واحتلال عاصمتها أور ، وانشأوا المملكة العيلامية التي بسطت سلطانها على الاقوام السامية التي تستوطن عربستان .
وجاء دور البابلين الذين اخضعوا المملكة العيلامية الى سلطانهم فى عهد حمورابي سنة 2094 قبل الميلاد ثم ظهرت الدولة الاشورية التي احتلت عاصمة عربستان تستر سنة 646 قبل الميلاد لكن حكم الاشوريين لعربستان لم يستمر طويلا فقد استطاع الكلدانيون والميديون القضاء على الاشوريين ، وخضعت الأحواز للكلدانيين .
وحينما ظهرت المملكة الاخمينية وغزت الأحواز سنة 539 قبل الميلاد لم يغيروا من نظام الحكم في هذا القطر العربي لاستمرار الساميين في التمتع باستقلالهم الذاتي وقوانينهم البابلية . ولم يحاول الاخمينيون فرض ديانتهم الزرادشتية على الأحواز وانما تركوا لسكانه حرية الخضوع لقوانينهم الخاصة .
وخضع الأحواز بعد ذلك لحكم الاسرة السلوقية والبارثية من بعدها . ولما ظهرت الاسرة الساسانية بسطت سيطرتها على عربستان سنة 241 ميلادية . لكنها لم تستطع اخضاع الأحواز اخضاعا تاما بسبب الثورات المستمرة فيه الامر الذي كان يفرض عليها توجيه حملات عسكرية لمواجهة هذه الثورات حتى اقتنعت المملكة الساسانية بصعوبة حكم العرب فسمحت لهم بانشاء امارات تتمتع باستقلال ذاتي . ويذكر شفيق ارشيدات ان عربستان طيلة عهد الساسانيين وحتى أوائل القرن الرابع الميلادي أرض عربية خالصة تربطها بفارس روابط دفاع عسكري وتعاون تجاري . وكان شعب عربستان في هذه الفترة شعب عربي تحكمه اعرافه وتقاليده العربية وتربطه بالامبراطورية الفارسية سلطة اسمية وولاء رمزي .
كانت كل بلادنا ، في هذه الفترة ( 135 قبل الميلاد - 637 ميلادية ) خاضعة لحكم الاغراب البيزنطيين ولم تقم ، خلال طول هذه الفترة ، دولة مركزية واحدة قوية تمثل سيادتها ، وتستعيد حرية اجزائها ، فالفرس في الشرق ، كل الشرق ، بما في ذلك مابين النهرين ، الذي سماه الفرس (( ايراه )) فعربناه الى عراق ، والروم في الغرب كل الغرب ، من شمال غرب انطاكية حتى غزة ، على مساحة واسعة تشمل القد س والشام والمناطق الوسطى ، جميعا ، وكان علينا ان ننتظر الاسلام ، وحركة الفتح العربي الاسلامي ، ومعركتي القادسية والمدائن ، حتى يبدأ تحرير الهلال الخصيب ( المشرق العربي ) من الاستعمارين الفارسي والبيزنطي ، فتحررت العراق و الأحـواز من براثن الاستعمار الفارسي ولحقت الهزيمة النكراء بالجيش الفارسي الساساني سنة 636 ميلادية بقيادة القائد العربي الاسلامي سعد بن ابي وقاص في معركة القادسية الكبرى واستكمل تحرير الأحواز سنة 637 ميلادية ، والحقت بولاية البصرة حتى العام 132 هجري ، ثم صارت ولاية مستقلة في العهد العباسي ( 132 هـ - 256 هـ ) ، وصارت احد المراكز المهمة في تجارة الدولة العباسية المركزية حين اولى العباسيون الأخـواز وجنوب العراق اهتماما خاصا .
الدولة العباسية تضعف ، وتتهاوى وتقع تحت نفوذ الفرس والترك ، وكانت المنطقة ، شأن كل مناطق البلاد الاخرى ، تتأرجح بين التبعية للدولة المركزية العباسية المتهاوية او تستقل عنها بامارة خاصة ، حتى سقوط الخلافة العباسية على ايدي المغول في العام 316 هـ / 1258 م .
دولة المشعشعين العربية
ولما ضعف المغول ، تحررت الأحواز واستقلت على يد محمد بن فلاح ، وهو من ارومة عربية تعود الى الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي تمكن بمساعدة بعض القبائل العربية من تأسيس امارة عربية في الأحواز وكانت عاصمتها مدينة الحويزة سميت بامارة المشعشعين العربية ، التي ما لبثت ان اتسعت حتى شملت مناطق واسعة من ارض العراق ، حتى بغداد . وكانت النقود تضرب باسم المشعشعين في مدينة (( تستر )) و (( دسبول - قنطرة القلعة )) وهما مد ينتان احوازيتان عام 914 هـ / 1516 م . استكملت دولة المشعشعين سيادتها على عربستان كلها وعلى المناطق المجاورة لها ، في الوقت الذي لم يكن فيه للفرس اي وجود سياسي ، وبقيت فارس طيلة العصور الوسطى مجرد تعبير جغرافي . ولكن في عام 1501 م أنشأ اسماعيل الصفوي الدولة الصفوية ، وذلك أيام حكم المشعشعين في عربستان ، فبدأت عندئذ مرحلة متميزة من مراحل تاريخ المنطقة ، اذ ظهر الصفويون كقوة جديدة مقابل قوة العثمانيين ، وبدأ بينهما صراع حاد أصبحت فيه عربستان احدى ساحاته . فقد تعرضت عربستان لهجوم فارسي صفوي وتم احتلال مدينتي دزفول وتستر الشماليتين لفترة وجيزة ، وعندئذ ظهر مبارك بن عبد المطلب بن بدران الأمير المشعشعي الذي حكم من عام 1588 م الى عام 1616 م ويعتبر حكمه عصرا ذهبيا لامارته حيث استطاع فرض سيطرته على أنحاء عربستان كلها ، وطرد الفرس الغزاة واسترد مدنه الشمالية منهم .
ويذكر الرحالة البرتغالي بيد رو تاسكيرا الذي زار المنطقة عام 1604 م أن جميع الاقليم الواقع الى شرق شط العرب كان يؤلف امارة عربية يحكمها مبارك بن عبد المطلب الذي كان مستقلا عن الفرس وعن الاتراك ، وان هذا الامير قد دخل في تحالف عسكري مع الدولة البرتغالية التي كانت قد وسعت نفوذها يومئذ في الخليج العربي .( راجع The Travels of Pedro Teikeira, with his <<Kings of Harmuz >> and Extracts from his << Kings of Persia>>, Hakluyt Society , 1902
أما الرحالة الايطالي بترو ديلا فالي الذي زار حوض نهر كارون الى مصبه في شط العرب ، فقد ذكر ان الشيخ منصور بن عبد المطلب الذي حكم من عام 1634 م الى عام 1643 م كان يسيطر على شط العرب الى درجة انه لم يسمح لاية سفينة بأن تمر الا بعد ان تدفع ضريبة لوكيله ، وأنه كان على اتصال دائم مع حاكم البصرة ، كما أنه كان يقاوم بقوة محاولات شاه عباس الاول التدخل في شؤون امارته الداخلية .
كما لاحظنا ان هذه الامارة الأحوازية كانت تتوسط سلطتين كبيرتين تتنازعان السيطرة على الأحـواز هما الفرس ، بقيادة الاسرة الصفوية ، والعثمانيون ، وكان عليها ان تحمي نفسها باستمرار من هاتين الدولتين الطامعتان بالأحـواز ، في حروب كثيرة كانت تخرج امارة المشعشعين منها منتصرة .
كان المشعشعون من الشيعة ، كما شاهدنا ، وكانوا اكثر من هذا ، هاشميين ، يعود نسبهم الى الامام علي عليه السلام ، وكذلك كانت تدعي الاسرة الصفوية التي اسسها الشاه اسماعيل بن صيرر انها ذات نسب هاشمي متصل بالامام علي (ع) نفسه . ولكن هذه القرابة المذهبية والعائلية لم تكن حائلا دون تكرار هجمات الصفويين على الاحواز لاحتلالها ، بل كانت هذه القرابة تستخدم لغرض الاحتلال ، كما كان العثمانيون ، من الجانب الاخر ، يستخد مون التمايز المذهبي ( بوصفهم من السنة ) لتبرير هجماتهم على الامارة الشرقية ، واكمال اطباقهم على البلاد العربية .
حكمت امارة المشعشعين الأحواز زهاء خمسمائة عام . واستطاعت دولة المشعشعين الأحوازية ابعاد الأحواز عن النفوذ العثماني والفارسي . وهناك ادلة كثيرة على ذلك فحينما حاول الصفويون احتلال بغداد طلبوا المعونة العسكرية من الدولة المشعشعية على اساس ان الدولة العثمانية عدوتها المذهبية . لكن الامير المشعشعي منصور أجاب الشاه الصفوي (( اذا كان الشاه ملكا على فارس فأنا أيضا ملكا في عربستان ولاقيمة للشاه عندي )) . وبعد هزيمة الصفويين وقعت معاهدة 1639 م بينهم وبين العثمانيين . واعترفت هاتان الدولتان في هذه المعاهدة باستقلال الدولة المشعشعية فى الأحواز .
وقد خضعت الدولة المشعشعية عدة معارك ضد الفرس كان الانتصار حليفهم فيها . كما انها ضمت البصرة والقرنة اليها فترة من الزمن . وبصورة عامة فانها استطاعت ان تحافظ على استقلال الأحـواز بعيدا عن الفرس والعثمانيين . وقد انتهى حكم الدولة المشعشعية سنة 1724 م .
وبعد المشعشعين ، توالت على الأحـواز ( عربستان ) ، التي استطاعت اكثر من اية منطقة اخرى ان تصمد للسيطرتين التركية والفارسية ، امارات عدة ، وهي امارة كعب آل بوناصر ( 1690 م ) ، وامارة كعب آل بوكاسب ( 1832 م ) ، وامارة القواسم ، وامارة المنصور ، وامارة آل علي ، وامارة المرازيق ، وامارة بنو حماد ، وامارة العباد لة ... وهي كلها ، كما ترى امارات عربية ، امنت استمرار السيادة القومية لقطر الأحـواز ( عـربستان ) ، خلال قرون وعصور ... رغم الاطماع الفارسية الدائمة ، والصراع الفارسي العثماني ، والتكالب البرتغالي البريطاني على خيرات الأحواز والشرق ، وقرصناتهم ودسائسهم السياسية ومكائدهم العسكرية ... حتى سقوط الدولة العثمانية ، والاحتلال البريطاني الفرنسي ، ومعاهدة سايكس بيكو ، وتقسيم المشرق العربي الى دول ، واقتطاع اجزاء منه مثل الأحـواز ومنحها للفرس ، وفلسطين ومنحها لليهود ، وسلخ انطاكية والاسكندرون من سوريا ومنحها للأتراك ... اذ كان الغربيون بحاجة الى الاتراك والفرس واليهود في تمزيق الجسم العربي من خلال هذه المثلث الاستيطاني الجاثم على صدر الامة العربية .
امارة البوناصر العـربية الـكـعـبية
كانت رئاسة القبائل العربية الكعبية المعروفة في جنوب الأحـواز الى عائلة البوناصر وقد اتخذوا مدينة القبان مقرا ومركزا لامارتهم وكان أعظم رجل منهم تولى الامارة هو الشيخ سلمان بن سلطان الكعبي . وفي عام 1160 هـ / 1747 م نقل الشيخ سلمان مركز أمارته من مدينة القبان الى مدينة الفلاحية في منطقة الدورق واتخذها مقرا لامارته ، أسس امارة البوناصر الشيخ ناصر بن محمد الكعبي وهو أول رئيس معروف لبني كعب في امارة البوناصر حيث سميت هذه الامارة ( باسمه امارة البو ناصر ) .
حكم امارة البوناصر من ابيهم كل من الاخوة علي ومحمد وعبدالله ورحمة وسرحان اولاد ناصر مؤسس الامارة وكان ذلك من عام 1690 م - 1722 م .
ومن بعدهم تولى الامارة الشيخ فرج الله بن عبدالله الكعبي عام 1722م وحصلت في ايامه حروب دامية بينه وبين القاجاريين ( ملوك فارس ) وقد حاصرهم محمد حسين خان بجيش قوامه ثلاثون الفا من العجم والاكراد واستطاع رجال كعب ان يفكوا الحصار وفي النهاية انتصر كعب وخسر القاجار .
ويعتبر سلمان بن سلطان بن ناصر من اقوى الامراء العرب الذين حكموا هذه الامارة حيث رأت الامارة في عهده الاصلاح والتقدم والعمران .
فخفر الانهر وشق الترع واقام السدود ونظم الزراعة . كما انشأ الشيخ سلمان الكعبي اسطولا بحريا جاب مياه شط العرب والخليج العربي حيث ارهب اساطيل الانكليز والفرس والعثمانيين .
وفي عام 1747 م تمكن الشيخ سلمان من نقل امارته من القبان الى الفلاحية في الدورق بعد قتال عنيف بينه وبين الغزاة الفرس .
كما ان الشيخ سلمان ارهب باشا بغداد في وقته كما اشتبك أسطوله مع الاسطول البريطاني التابع لشركة الهند الشرقية فدحرها واستولى على سفينتين منها - سالي واليخت - وسحبهما الى القبان .
لقد قضى الشيخ سلمان اكثر سنوات حكمه في تركيز دعائم امارته وحماية استقلالها اضافة الى المنجزات العمرانية والاقتصادية التي نفذها في امارته .
وفي عام 1767 م توفي الشيخ سلمان ، وبعد وفاته تولى الامارة من بعده اولاده واحفاده وكان اخر من تولى هذه الامارة هو الشيخ عبدالله بن عيسى بن غيث بعد وفاة أخيه رحمه بن عيسى بن غيث والذي سار على نهج اخيه في منازعاته مع الشيخ جعفر واستمر الوضع على هذه الحالة حتى عهد الشيخ خزعل اخر واقوى أمراء البوكاسب الذي نازعه على الشيخة الشيخ عبد الحسن بن عبود بن محمد امير الفلاحية الملقب بشيخ المشايخ ولم ينجح حتى توفي .
الله يكون بعون الاحوازيين على حكم المجوس الفرس ..