منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#52980
يخال الى كل متابع لمجريات الثورات العربية وما آلت إليها نتائجها
أخيرا، بأنها ترتبط بقواسم مشتركة مؤدية الى نشوء مناخات متشابهة مشحونة بأزمات سياسية، تصادمات آيديولوجية، حلبات مفتوحة للصراعات، وكأن السياسيين الجدد بعد التغيير سائرون وفق النص التالي:ـ



(كل حزب بما لديهم فرحون) ويتصور كل طرف موجود في السلطة الجديدة بأنه قائد الثورة وله كل الحق في تحديد مسار الحكومة، ولكن المشكلة تكمن في تضخيم (الأنا) الناتج من الموروث البدوي ومفهوم غنائم الغزو، تسبب بانتقال رجل الدولة الى رجل سلطة للاستحواذ على ثروات وخيرات البلاد، وفرض الارادة والأجندة بالقوة على شعوب هذه البلدان التي عانت الكثيرمن جور الطغاة وتغطرس الدكتاتوريين، ومن الصعوبة بمكان عودة المفاهيم الاجتماعية القديمة مرة أخرى وقد غاب الأمر هذا عن أذهان قادة دول التغيير أوربما التغير، اثر النقلة النوعية لديموغرافية شعوب المنطقة العربية، وبالتالي يتطلب الأمر من هؤلاء الحكام الجدد التفكير مليا بهذا الشأن وعدم القفز على الحقائق وواقع البنية المجتمعية اليوم.
 ان الحماس العاطفي والحاجة الماسة الى الانتفاضة المحتبسة في الصدور، ودوافع الخروج من شرنقة الخوف، الاضطهاد، الأمنيات الخائبة، دوامات المستقبل المجهول المرتبط بنزعات الحاكم وقراراته الاستبدادية واسقاطاته النابعة من الأمراض العصابية التي غيبت صفاته الانسانيه، كل هذه العوامل المشتركة التي كبّلت الشعوب العربية في أوطانها، كانت بالتأكيد أسبابا موجبة ومشروعة للتحرك بقوة والاندماج في حلقات الثورات الجماهيرية، والمضي قدما عبر الشوارع والساحات العامة، التي لم تكن يوما حدائق للتنزه والراحة ولا أماكن لترفيه العوائل المتعبة، في مدن الألعاب المفقودة لدى بلداننا المتأهبة دائما للقتال والثأر من الأعداء الافتراضيين الموهومين أصلا، والموجودين فقط في خطابات زعماء الأمة، دعاة التحرر والانتصار وتحقيق كرامة الفقراء والمظلومين، فاذا كانت حالة الشعوب على هذه الشاكلة من البؤس والمعاناة اليومية، في حقب قبل التغيير، فكان لابد من قراءة معمقة لما يحصل الآن في المشهد السياسي وبعد اكمال عمليات الانتخابات على مستوى المجالس النيابية واختيار رؤساء لهذه البلدان، اذ نجد أن هناك تهميشا للقوى الفاعلة في التغيير المتمثلة بالشباب الثائر، وبروز أطراف لم تكن فاعلة في تلك الثورات في أيامها الأول التي كانت محفوفة بالمخاطر، أو ربما كانت لحظات جس نبض للنتائج، وفي نهاية المطاف كانت هذه القوى سباقة في استلام السلطة على (طبق من ذهب)، لتبدأ مرحلة جديدة تنبأ بمخاطر كبيرة وشائكة، متمثلة بالصراعات المحتدمة بين الأطراف السياسية، الاختلافات، الخلافات القائمة بينها والتي أعاقت سبل الوصول الى حلول ناجعة، ومن ثم نقلت هذه الأطراف جل الأزمات الى مراحل أكثر تعقيدا اثر ادخالها أنفاق مظلمة، ما دعت القوى السياسية الى تغيير مساراتها بعدة اتجاهات وتوزيعها على خارطة الدول الأقليمية والدولية، ولعل هذا الفشل غير المعلن للملأ يعد مضيعة للوقت وحظوظ الشعوب مع مرورالأيام والسنين ! نعم ان السلطات الجديدة جاءت عبر صناديق الاقتراع، وبالتالي وفق نظام ديمقراطي يعتمد مبدأ أغلبية الأصوات، ولكنها تلكأت في كيفية الشروع بتطبيق القوانين والقرارات الدستورية على أرض الواقع، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ! ولوتفحصنا ملفات الوضع السياسي الحالي في البلدان التي نحن بصددها، من خلال قراءة الصبغة العامة لشكل الأنظمة الموجودة في السلطة الآن، نجد صعود الأحزاب الراديكالية المتشددة على هرم السلطة، التي ان أرادت أن يكتب لها النجاح، عليها المزيد من المرونة والانفتاح على القوى اليسارية والعلمانية وبقية قطاعات الشعب، وبناء علاقات أقليمية ودولية على المستوى الدبلوماسي، الاقتصادي، بروتوكولات صناعية، زراعية، علمية، فنية على أساس المصالح المشتركة بعيدا عن المنظار الضيق بتكفير العالم المختلف في الدين، الآيديولوجية، الستراتيجيات العامة، والتعامل مع المعطيات الحياتية باعتدال وموضوعية مع مكونات المجتمع بتنوعها القومي والديني واختلاف مشاربها، من هنا تبدأ الخطوات السديدة على سكة النظام الديمقراطي الذي يكفل بمساحات واسعة من حريات المعتقد، الفكر، الاعلام، الصحافة، الحريات الشخصية، المدنية في الاختيار أوالمعارضة وحق التظاهر وتأسيس الأحزاب، وفق ضوابط وسياقات لاتخرج من الأطر والفقرات الواردة في دستور الدولة، ومن جانب آخر لايحق لأي سلطة عمل الوصاية على ممارسات وطقوس الأديان الأخر والتدخل بأي شكل في أماكن العبادات وموقعها الجغرافي، ازالة المزارات التابعة لها تحت أي ذريعة، المساس بالعادات، التقاليد، الفولكلور، وباعتقادنا أن السيرعكس هذا الاتجاه من قبل الحكومات، ستدخل بلدانها في أزمات متناسلة وتضع الأوطان على انزلاقات صوب الهاوية، ليس من اليسر ايقافها، وقد تودي بهذه التجربة الفتية، ولكن من القول المنطقي أن هناك امكانية تلافي كل العواقب الوخيمة، برفع فتيل الأزمات عن طريق الجلوس على طاولة الحوار والعمل المشترك بهدف الاصلاح، الكف عن تبادل التراشقات الاعلامية، تجاوز الخطابات النارية المتشنجة البعيدة عن مضامين القضايا الوطنية التي من شأنها الحفاظ على مصالح الشعوب العربية وكيان بلدانها.