منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By محمد العلياني
#53018
لقد بدأ الاهتمام بمفهوم التنمية السياسية، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث ارتبط ذلك بسعي حركات التحرر الوطني في العالم الثالث إلي استكمال عملية التحرر والاستقلال وتنمية مجتمعاتها. كما ارتبط هذا الاهتمام أيضا بسعي المعسكرين الرأسمالي والشيوعي إلي استقطاب أنظمة الحكم الجديدة في الدول النامية بما يحقق مصالحهما.



ورغم انتعاش أدبيات التنمية السياسية، خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، إلا أنه لم يحدث اتفاق بين المنظرين حول مدلول محدد لمفهوم التنمية السياسية، فقد تعددت التعريفات والتصنيفات بتعدد المدارس الفكرية والسياسية. ورغم اختلاف تفسيراتها وأطروحاتها، إلا أنها اتفقت علي ضرورة أن يتم التحول السياسي في العالم الثالث، وفق النسق الغربي بشقيه الرأسمالي والشيوعي



ومن خلال التعرض للتعريفات المختلفة ، قدم " روبرت باكنهام" R. Packenhamتصنيفا يتضمن خمسة اقترابات لدراسات التنمية حتى عام 1963 علي النحو التالي:



(أ) الاقتراب القانوني الرسمي: ويري أن التنمية السياسية تتمثل في الدستور القانوني الرسمي الذي يوصف ملامح الحماية المتساوية في ظل القانون والانتخابات وفصل السلطات



(ب) الاقتراب الاقتصادي: ويري أن التنمية السياسية تتمثل في مستوي التنمية الاقتصادية الكافي لخدمة الحاجات المادية للشعب



(ج) الاقتراب الإداري: وينظر إلي التنمية السياسية علي أنها القدرة الإدارية علي حفظ القانون وأداء وظائف المخرجات الحكومية بطريقة رشيدة ومحايدة.



(د) اقتراب النظام الاجتماعي: ويقوم علي أساس فكرة أن التنمية السياسية تسهل المشاركة الشعبية في العمليات السياسية وتسهل تخطي الانشقاقات الإقليمية واللغوية والقبلية والطائفية وغيرها



(هـ)اقتراب الثقافة السياسية : ويري أن التنمية السياسية تتمثل في مجموعة من الخصائص الاتجاهية والشخصية التي تمكن الأفراد من قبول الامتيازات وتحمل المسئوليات النابعة من العملية السياسية الديمقراطية



وتجعل هذه الإقترابات من التنمية السياسية متغيرا تابعا، حيث تركز علي الشروط المحددة للتنمية السياسية دون تحديد لماهيتها



وفي عام 1965 قدم " لوسيان باي" Lucian Pyeتصنيفا جديدا تضمن عشرة تعريفات للتنمية السياسية هي :



(أ) التنمية السياسية كمتطلب سياسي للتنمية الاقتصادية : بمعني خلق النظام السياسي الفعال القادر علي التعجيل بعملية النمو الاقتصادي



(ب) التنمية السياسية كنمط لسياسية المجتمعات الصناعية من خلال حكومة مسئولة تنجنب التصرفات السياسية الطائشة التي تهدد المصالح الحيوية للمجتمع، مع تقييد سلطات الدولة وفهم السياسة علي أنها أداة لتحقيق الرفاهية وليست صراعا علي السلطة



(ج) التنمية السياسية كتحديث سياسي يستهدف نقل الأفراد والمجتمع من التقليدية إلي العصرية الأمر الذي يستلزم نشر ثقافة عالمية علمانية إلي جانب الثقافة الوطنية



(د)التنمية السياسية كتصميم للدولة القومية: بمعني صنع (الأمة - الدولة) وقبول شكل واحد من النظام السياسي والممارسة السياسية من شأنه مواجهة الانقسام السياسي وتحقيق التكامل القومي



(هـ) التنمية السياسية كتنمية إدارية وقانونية: أي عملية خلق نظام قانوني وإداري تتحقق من خلاله السيادة الكاملة للدولة ويصبح هذا النظام أساسا لشرعيتها واستقرارها



(و) التنمية السياسية كتعبئة ومشاركة جماهيرية: فالتنمية السياسية تتضمن دور المواطنة ومعايير جديدة للولاء والانخراط



(ز)التنمية السياسية كبناء للديمقراطية: بمعني بناء المؤسسات الديمقراطية وتدعيم الممارسات الديمقراطية



(ح)التنمية السياسية كاستقرار وتغير منتظم: ويقوم هذا التعريف علي أساسي الإحساس بعدم التوافق بين التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الديمقراطية ومن ثم انصب الاهتمام علي مفهوم الاستقرار السياسي القائم علي القدرة علي التغيير المنتظم الهادف



(ط) التنمية السياسية كتعبئة وقوة : أي دعم قدرات النظام السياسي بما يمكنه من تعبئة وتخصيص الموارد



(ي)التنمية السياسية كجانب من الجوانب المتعددة لعملية التغير الاجتماعي وهذا هو المفهوم الذي توصل إليه "باي" Pyeفالتنمية السياسية جزء من عملية التغير الاجتماعي التي لا يستطيع أي جزء أو بعد من المجتمع فيها أن يتخلف أو يهمل



ومما سبق يتضح أن هذه التعريفات تعكس خصائص النظام السياسي في المجتمعات الغربية الديمقراطية، التي تحققت فيها التنمية السياسية، في ظروف مغايرة تماما لظروف مجتمعات العالم الثالث