صفحة 1 من 1

المضايق البحريه صمامات امدادت الطاقه

مرسل: الاثنين يوليو 23, 2012 12:14 am
بواسطة حمد القباني
تعتبر المضايق البحرية من أهم النقاط المحورية والحساسة في تمرير النفط الخام من مراكز الإنتاج إلى مواقع البيع والاستهلاك وفي حالة تعرض هذه الممرات البحرية إلى أي اختناقات أو إغلاق فإن الأسواق النفطية ستصاب بأزمة إمدادات تؤثر على أسعار البترول ومستوى المخزونات الإستراتيجية في الدول الصناعية الكبرى التي تعتمد بصورة كبيرة على الوقود الاحفوري في توفير مصادر الطاقة.

وتتمركز معظم مناطق إنتاج النفط بالقرب من معظم المضايق البحرية ولذلك فإنها تشكل صمامات لإمدادات الطاقة ، وكثيرا ما يتسبب ذلك في نشوب صراعات بين الدول للهيمنة على هذه الممرات البحرية لضمان عدم تعرض مصالحها للتوقف في حالة السيطرة عليها من قبل الأعداء. ويوجد في العالم حوالي 43مضيقا مائيا تجوبها السفن التجارية وناقلات النفط العملاقة ويهددها القراصنة.ومن أهم هذه المضايق ما يلي:

مضيق هرمز

يعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، إذ يعبره مابين 3020ناقلة نفط يوميا بمعدل ناقلة نفط كل 6دقائق في ساعات الذروة.

ويقع مضيق هرمز في منطقة الخليج ويفصل ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى. تطل عليه من الشمال جمهورية إيران الإسلامية ومن الجنوب سلطنة عمان التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.

ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءًا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها، ويكتسب مضيق هرمز أهميته لكونه يعد بمنزلة عنق الزجاجة في مدخل الخليج الواصل بين مياه الخليج العربي شبه المغلقة والبحار الكبرى على المحيط الهندي، وهو المنفذ الوحيد للدول العربية المطلة على الخليج عدا المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

ونظرا لموقع المضيق الاستراتيجي، فإنه لم يستطع الإفلات عبر التاريخ من الأطماع وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب دوراً دوليا وإقليميا هاما أسهم في التجارة الدولية. وقد خضع للاحتلال البرتغالي ثم سائر الدول الأوروبية خصوصاً بريطانيا.

ولقد اعتبرت بريطانيا مضيق هرمز مفترق طرق استراتيجية، وطريقاً رئيسيّاً إلى الهند، فتدخلت بأساليب مباشرة وغير مباشرة في شؤون الدول الواقعة على شواطئه لتأمين مواصلاتها الضرورية، فارضة الاحتلال ومتصارعة مع الفرنسيين والهولنديين لسنوات طويلة، إضافة إلى صدامها مع البرتغاليين ابتداء من العام 1588بعد معركة "بالارمادا" وإثر إنشاء شركة الهند الشرقية، وبذلك ضمنت بريطانيا السيطرة البحرية على هذه المنطقة.

لم تكن الملاحة يوماً عبر هذا المضيق موضوع معاهدة إقليمية أو دولية، وكانت تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطاً على السفن طالما أن مرورها يكون سريعاً، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه، على أن تخضع السفن للأنظمة المقررة من "المنظمة البحرية الاستشارية الحكومية المشتركة".

ومع اكتشاف النفط ازدادت أهمية مضيق هرمز الاستراتيجية نظراً للاحتياطي النفطي الكبير في المنطقة، وقد دفعت الأزمات السياسية السابقة دول المنطقة إلى التخفيف من اعتمادها على هذا المضيق، في فترات سابقة، والاستعانة بمد خطوط أنابيب نفط. وقد بقي المضيق موضوع رهان إستراتيجي بين الدول الكبرى. وترى الدول المستهلكة أن سلامة المضايق أمر في غاية الأهمية للوصول إلى منابع النفط وأنه الطريق الأهم لإمدادات النفط العالمية.

وتنتج الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) حوالي 15مليون برميل يوميا، وتعبر أغلب صادراتها مضيق هرمز.


مضيق باب المندب

أما المضيق الثاني المهم في تصدير النفط فهو مضيق باب المندب تلك القناة التي تصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي وتفصل قارة آسيا عن قارة إفريقيا.وتصل المسافة بين ضفتي المضيق إلى حوالي 30كم تقريبا من رأس منهالي في الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي. وتعبر السفن التي تحمل النفط من الدول الخليجية ودول آسيا هذا الممر المائي في طريقها إلى الدول الأوربية والأمريكية.


مضيق ملقا

يعتبر مضيق ملقا الذي يقع بين شبه الجزيرة الماليزية وسومطرة بوابة تربط بين المحيطين الهادي والهندي ، ويمتد ل 1080كيلومتراً ، وعرضه الشمالي الغربي 370كيلومتراً ، وعرض جنوبه الشرقي 37كيلومترا فقط ؛ ويتراوح عمقه ما بين 25مترا و 113مترا ، جنوب شرقه ضحل بينما شماله الغربي عميق . يقع مضيق ملقا في حزام مناخي هادئ جميع أيامه السنوية صافية تخلو من الرياح الشديدة والعواصف بما يساعد على الملاحة والإبحار للسفن العملاقة التي تنقل النفط إلى الدول المتآخمة لهذا المضيق ويشكل أهمية كبيرة لدول مثل اليابان و الصين وبقية الأسواق الآسيوية.


مضيق البوسفور

وهو مضيق يصل بين البحر الأسود و بحر مرمرة ، ويعتبر مع مضيق الدردنيل الحدود الجنوبية بين قارة آسيا و أوربا ، ويبلغ طوله 30كم ، ويتراوح عرضه بين ( 550متراً و 3000متر) ، وحسب المعتقدات اليونانية القديمة ، فإن تسمية المضيق تعني ممر البقرة .مياه مضيق البوسفور مصنفة ضمن مجال الملاحة الدولية ، وتعتبر حركة السفن بالمضيق واحدة من أهم نقاط الملاحة البحرية في العالم ،حيث يبلغ عدد السفن المارة بالمضيق حوالي 53000سفينة منها أكثر من 9000سفينة تحمل مواد مثل ( غاز سائل ، بترول بتروكماويات) ، يخترق المضيق تيارات مائية خطيرة ، وضيق المضيق في بعض المناطق بالإضافة إلى بعض الإجراءات التي تفرضها الدول المسيطرة على المضيق يجعل من الملاحة صعبة.

مضيق برينغ

يفصل بين قارة آسيا وقارة أمريكا. وهو يصل بين بحر برينغ والمحيط المتجمد الشمالي. هذا المضيق تم اكتشافه في المرة الأولى من طرف البحار الروسي سيمين إفانوفيتش ديجنيف سنة 1648.وأبحر فيه من جديد الدنماركي فيتوس برينغ سنة 1728.ثم مرة أخرى من طرف البحار الإنجليزي جيمس كوك وفرديريك ويليام بيشي.


مضيق جبل طارق

يقع هذا المضيق البحري بين المغرب و اسبانيا ومستعمرة جبل طارق البريطانية، ويفصل بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. سمي بذلك لأن القائد طارق بن زياد قد عبره في بداية الفتوحات الإسلامية لاسبانيا عام 711م. يبلغ عمق المياه فيه حوالي 300متر، وأقل مسافة بين ضفتيه هي 14كيلومتراً. وهو منفذ مهم لعبور السفن العملاقة التي تنقل النفط من آسيا وأفريقيا الى أوروبا وأمريكا.


أهمية البحر الأحمر

من جهة ثانية يعتبر البحر الأحمر معبراً ملاحياً حيوياً بين البحر المتوسط والمحيط الهندي لوجوده في موقع وسيط بين اكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، إضافة لتميز موقعه بالانتقال بين العروض المناخية المختلفة وتتحكم في البحر ثلاثة مضائق تشكل صمامات الأمان وبمعنى آخر مداخله ومخارجه، هي خليج العقبة الذي يحكمه مضيق ثيران، وخليج السويس الذي يحكمه مضيق جوبال ومضيق عدن في الجنوب والذي تتحكم في مدخله جزيرة بريم.

ورغم أن البحر الأحمر يعاني من عدد من الخصائص السلبية التي تقلل من كفاءته كطريق ملاحي مثل ارتفاع الحرارة، وشدة الجذب، وانتشار الشعب المرجانية وعدم انتظام العمق، وقلة الموانيء الطبيعية العميقة التي تخدم هذا المجرى المائي، إلا أنها لا تقلل من حيويته كواحد من أهم طرق الملاحة البحرية العالمية وتمرير شحنات النفط القادمة من آسيا وشمال أفريقيا إلى الأسواق العالمية.


خطوط الأنابيب لحل مشكلة المضايق

عمدت الدول المنتجة للنفط والغاز إلى التوجه نحو مد خطوط الأنابيب لنقل منتجاتها من النفط والغاز لتفادي مشكلة المضايق البحرية التي عادة ما تكون عرضة للخطر في حالة نشوب خلافات سياسية ووقوع هذه الممرات المائية تحت التهديد عندما تشب الحرب.وقد نجحت الدول المنتجة بالفعل في فتح منافذ جديدة لانسياب منتجاتها الطاقوية إلى أسواق الاستهلاك دون المرور في الأعناق المعرضة للاختناق.