- الاثنين يوليو 23, 2012 3:28 am
#53132
منذ خروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة في الحرب الكونية الثانية ، والعلاقة بين العرب وأمريكا لم تستقر على حال ، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقة بين الحكومات العربية وشعوبها تجاه الولاء أو عدمه لأمريكا هي الأخرى ما شهدت الاستقرار ولا استقامت على حال ، دول عربية تفتح سجونها وتجلد مواطنيها لأنها ترفع شعار ( الموت لأمريكا ) ودول أخرى تمارس التنكيل والتعذيب لمن يرفع شعار ( الولاء لأمريكا ) .
الدول العربية التي تغازل أمريكا وتستجدي رضاها ، ترى فيها القوّة العظمى في العالم والدولة الأقوى التي لا يمكن الاستغناء عنها ، ورفع شعارات العداء لها يوقعها في مشكلات كبيرة ، ولديهم من الشواهد على الدول التي وقفت في مواجهة أمريكا ، وكيف ذاقت الأمرّين من هذه المواجهة ؟
والدول الأخرى التي تتصرف على أساس المخاصمة لأمريكا لديها من التصورات المبنية على فاعلية القوى الكامنة في العالم العربي ، والإمكانيات المادية والبشرية التي من شأنها الوقوف بوجه أمريكا وتخفف من تأثيرها السيئ على عموم المنطقة والتدخل السافر في شؤونها .
ومع كلّ حدث كبير يواجه العرب ، تبدأ الجامعة العربية لعقد قمّة يحضر فيها الرؤساء والملوك العرب متصافحين متعانقين ، ويخرجون منها مختلفين متخاصمين ، والسبب الرئيسي في كلّ ما يحدث هي أمريكا .
ورغم أنّ الساحة العالمية شهدت تغييرات كبيرة في خارطتها السياسية ، وحصلت انعطافات حادة في سياسة التوازن الدولي ، وما حصل من تغيير في بنية الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارشو ، واتحاد الألمانيتين ، ونشوء الاتحاد الأوربي ، وتفكك دول ، ونشوء أنظمة اختلفت في أنماطها وأشكالها في طريقة التعامل مع العالم ، ورغم أنّ الاقتصاد بدأ يقفز باتجاهات مختلفة ، وغادر مواقعه التقليدية إلى مواقع أخرى ، وبدأ يرسم للعالم خارطة اقتصادية جديدة ، انتقلت بموجبها إلى الصف الأمامي وانسحبت دول إلى الخطوط الخلفية ، إلا أنّ ألازمة العربية ــ العربية فيما يتعلق بعلاقة القرب والبعد من أمريكا بقيت تسير على وتر واحد ، وان حصل تغيير في شكل وهوية الأصابع التي تعزف على هذا الوتر ، والصوت الذي يحدثه نتيجة قوّة وضعف الأصابع الضاربة عليه . ما تمخض من المسيرة الطويلة ، هو أنّ بعض الدول بدأ التصاقها بأمريكا أكثر وبدأت تدخل معها دائرة المصير الواحد ، وبعض الدول بدأت تخفف لهجتها القاسية وخطابها الصارخ وتتحول إلى لغة التحدي الباردة ، مستفيدة من نصيحة هيكل الذي دعا فيها إلى إعادة النظر مع أمريكا ، واستخدم لهذا الغرض تعبيرا وصف فيه الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ثور من الأفضل عدم مناطحته لتفادي مخاطر قرنيه ، جاءت هذه النصيحة بعد تجربة عبد الناصر الذي كان فيها الخطاب السياسي خطابا ناريا حماسيا متحديا ، إلا أنّ نكسة الخامس من حزيران عام 1967 أعطت بعض الدول درسا في مراجعة ما تريد قوله والابتعاد عن التصريحات الفارغة الجوفاء .
هذا الجانب الذي يتعلق بالحكومات العربية تجاه أمريكا ، يقابله جانب آخر يتعلق بالشعوب العربية التي أخذت نهجا مغايرا لحكوماتها ، إذ أنّ الفجوة بدأت تتسع ، وتنامي مشاعر الكره لأمريكا أخذ يسير بوتائر عالية ، ولغة الخطاب التي كانت تتسم بالهمس بدأت تأخذ شكلا آخر وصل إلى حد المواجهات الدامية بين الشعوب والحكومات ، وبدأ الطرفان يستعد أحدهما للآخر بكلّ الأساليب المتاحة لهما ، حكومات تريد أن تخنق صوت شعوبها ، وشعوب تجاهد لترفع صوتها لكي يسمعه العالم أجمع .
عدم استقامة العلاقات العربية ــ الأمريكية يحصره البعض من المفكرين في انحياز أمريكا المطلق للسياسة الإسرائيلية ضد العرب منذ احتلالها للأراضي العربية والى يومنا هذا ، وهذا التفسير يحمل في طياته بعض وجوه المشكلة سيّما إذا استعرضنا التبني الأمريكي لوجهة النظر الإسرائيلية على امتداد الفترة الطويلة المنصرمة ، لكنّ هذا لم يكن السبب الرئيسي الذي يحصر تذبذب العلاقة بين الطرفين .
السبب الرئيسي الذي نعتقده يكمن في طبيعة التعامل بين الطرفين وخصوصية هذا التعامل من كلّ طرف ، فالدول العربية تذهب إلى البيت الأبيض راغبة في وجود أحد يسمع صوتها ، وأمريكا لا تريد أن تسمع ، بل تريد أن يسمع العرب ما تملي عليهم ، وعلى الأنظمة العربية أن تطيع وتنفـّذ وتدفع لأمريكا ما تريد كأجور حماية لهم . الأنظمة العربية تجتمع وتقرر وتذهب إلى واشنطن ، ثمّ لا تجد أمامها غير سلّة المهملات لوضع كلّ ما تريد قوله فيها ، وأمريكا عندما تخطط لغزو المريخ أو غزو بلد عربي ، فعلى الحكومات العربية أن تدفع فواتير هذا الغزو مع الممنونية ، وألا فعليها مواجهة جميع أشكال البطش والقمع والحصار ، والاحتلال الأمريكي للعراق يقف شاهدا لما نذهب إليه .
احتلال العراق يمثـّل احتراق جانب العباءة العربية ، وإذا بقيت حالة أللاستقرار بين أمريكا والدول العربية بهذا الشكل ، فالنيران قد تأتي على العباءة بأكملها ، وعنذاك سيكون حديث آخر لموضوع آخر جديد .
الدول العربية التي تغازل أمريكا وتستجدي رضاها ، ترى فيها القوّة العظمى في العالم والدولة الأقوى التي لا يمكن الاستغناء عنها ، ورفع شعارات العداء لها يوقعها في مشكلات كبيرة ، ولديهم من الشواهد على الدول التي وقفت في مواجهة أمريكا ، وكيف ذاقت الأمرّين من هذه المواجهة ؟
والدول الأخرى التي تتصرف على أساس المخاصمة لأمريكا لديها من التصورات المبنية على فاعلية القوى الكامنة في العالم العربي ، والإمكانيات المادية والبشرية التي من شأنها الوقوف بوجه أمريكا وتخفف من تأثيرها السيئ على عموم المنطقة والتدخل السافر في شؤونها .
ومع كلّ حدث كبير يواجه العرب ، تبدأ الجامعة العربية لعقد قمّة يحضر فيها الرؤساء والملوك العرب متصافحين متعانقين ، ويخرجون منها مختلفين متخاصمين ، والسبب الرئيسي في كلّ ما يحدث هي أمريكا .
ورغم أنّ الساحة العالمية شهدت تغييرات كبيرة في خارطتها السياسية ، وحصلت انعطافات حادة في سياسة التوازن الدولي ، وما حصل من تغيير في بنية الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارشو ، واتحاد الألمانيتين ، ونشوء الاتحاد الأوربي ، وتفكك دول ، ونشوء أنظمة اختلفت في أنماطها وأشكالها في طريقة التعامل مع العالم ، ورغم أنّ الاقتصاد بدأ يقفز باتجاهات مختلفة ، وغادر مواقعه التقليدية إلى مواقع أخرى ، وبدأ يرسم للعالم خارطة اقتصادية جديدة ، انتقلت بموجبها إلى الصف الأمامي وانسحبت دول إلى الخطوط الخلفية ، إلا أنّ ألازمة العربية ــ العربية فيما يتعلق بعلاقة القرب والبعد من أمريكا بقيت تسير على وتر واحد ، وان حصل تغيير في شكل وهوية الأصابع التي تعزف على هذا الوتر ، والصوت الذي يحدثه نتيجة قوّة وضعف الأصابع الضاربة عليه . ما تمخض من المسيرة الطويلة ، هو أنّ بعض الدول بدأ التصاقها بأمريكا أكثر وبدأت تدخل معها دائرة المصير الواحد ، وبعض الدول بدأت تخفف لهجتها القاسية وخطابها الصارخ وتتحول إلى لغة التحدي الباردة ، مستفيدة من نصيحة هيكل الذي دعا فيها إلى إعادة النظر مع أمريكا ، واستخدم لهذا الغرض تعبيرا وصف فيه الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ثور من الأفضل عدم مناطحته لتفادي مخاطر قرنيه ، جاءت هذه النصيحة بعد تجربة عبد الناصر الذي كان فيها الخطاب السياسي خطابا ناريا حماسيا متحديا ، إلا أنّ نكسة الخامس من حزيران عام 1967 أعطت بعض الدول درسا في مراجعة ما تريد قوله والابتعاد عن التصريحات الفارغة الجوفاء .
هذا الجانب الذي يتعلق بالحكومات العربية تجاه أمريكا ، يقابله جانب آخر يتعلق بالشعوب العربية التي أخذت نهجا مغايرا لحكوماتها ، إذ أنّ الفجوة بدأت تتسع ، وتنامي مشاعر الكره لأمريكا أخذ يسير بوتائر عالية ، ولغة الخطاب التي كانت تتسم بالهمس بدأت تأخذ شكلا آخر وصل إلى حد المواجهات الدامية بين الشعوب والحكومات ، وبدأ الطرفان يستعد أحدهما للآخر بكلّ الأساليب المتاحة لهما ، حكومات تريد أن تخنق صوت شعوبها ، وشعوب تجاهد لترفع صوتها لكي يسمعه العالم أجمع .
عدم استقامة العلاقات العربية ــ الأمريكية يحصره البعض من المفكرين في انحياز أمريكا المطلق للسياسة الإسرائيلية ضد العرب منذ احتلالها للأراضي العربية والى يومنا هذا ، وهذا التفسير يحمل في طياته بعض وجوه المشكلة سيّما إذا استعرضنا التبني الأمريكي لوجهة النظر الإسرائيلية على امتداد الفترة الطويلة المنصرمة ، لكنّ هذا لم يكن السبب الرئيسي الذي يحصر تذبذب العلاقة بين الطرفين .
السبب الرئيسي الذي نعتقده يكمن في طبيعة التعامل بين الطرفين وخصوصية هذا التعامل من كلّ طرف ، فالدول العربية تذهب إلى البيت الأبيض راغبة في وجود أحد يسمع صوتها ، وأمريكا لا تريد أن تسمع ، بل تريد أن يسمع العرب ما تملي عليهم ، وعلى الأنظمة العربية أن تطيع وتنفـّذ وتدفع لأمريكا ما تريد كأجور حماية لهم . الأنظمة العربية تجتمع وتقرر وتذهب إلى واشنطن ، ثمّ لا تجد أمامها غير سلّة المهملات لوضع كلّ ما تريد قوله فيها ، وأمريكا عندما تخطط لغزو المريخ أو غزو بلد عربي ، فعلى الحكومات العربية أن تدفع فواتير هذا الغزو مع الممنونية ، وألا فعليها مواجهة جميع أشكال البطش والقمع والحصار ، والاحتلال الأمريكي للعراق يقف شاهدا لما نذهب إليه .
احتلال العراق يمثـّل احتراق جانب العباءة العربية ، وإذا بقيت حالة أللاستقرار بين أمريكا والدول العربية بهذا الشكل ، فالنيران قد تأتي على العباءة بأكملها ، وعنذاك سيكون حديث آخر لموضوع آخر جديد .