اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية
مرسل: الاثنين يوليو 23, 2012 9:05 pm
اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية دولة دستورية شيوعية سابقة شملت حدودها أغلب مساحة منطقة أوراسيا في الفترة ما بين عامي 1922 وحتى 1991. والاسم مأخوذ عن الترجمة الروسية للاسم الكامل لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية وهو Союз Советских Социалистических Республик (استمع (؟\معلومات)) نق: (سايوز سافيتسكيخ سوتسياليستيتسشكخ ريسبوبليك) ويعرف اختصارا بالروسية СССР أو "إس إس إس إر". ويعرف عامة بالاسم القصير له وهو الاتحاد السوفيتي[1] والمأخوذ عن الاسم القصير له والمترجم من الروسية وهو Советский Союз، سافيتسكي سايوز. وكلمة "سوفيت" في اللغة الروسية (و النطق الصحيح لها "سافيت") تعني "النصيحة" أما كلمة "سافيت" ككيان والتي اشتق منها اسم الدولة فيما بعد فكانت الاسم الذي أطلق على أول مجلس محلي للعمال أنشئ في مقاطعة "إيفانافو" في عهد الإمبراطورية الروسية السابقة عام 1905. ويعد مجلس السافيت هو المرجعية الأساسية للمجتمع والنظام الشيوعي في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية.
و ولد الاتحاد السوفيتي من رحم الإمبراطورية الروسية التي أصابها الضعف والوهن مما حل بها من أحداث سياسية مثل الثورة الروسية التي قامت عام 1917 وتحولت فيما بعد إلى الحرب الأهلية الروسية والتي دامت أربعة أعوام كاملة فيما بين 1918 وحتى 1921. وتكون الاتحاد السوفيتي من اتحاد العديد من الدول السوفيتية فيما بينها مكونة الكيان السياسي المعروف، وإن كان اسم "روسيا" (كبرى الدول المؤسسة للاتحاد السوفيتي والوريث الشرعي له) ظل يطلق على الكيان السياسي الجديد لفترة من الوقت حتى مع وجود اسم "الاتحاد السوفيتي". وبنظرة سريعة نجد أن الاتحاد السوفيتي لم تكن له حدود دولية ثابتة منذ نشأته، إذ تغيرت حدوده بتغير الزمن وتعاقب الأحداث التاريخية حيث قاربت حدوده في أعقاب الحرب العالمية الثانية حدود الإمبراطورية الروسية السابقة خاصة بعد ضم مساحات شاسعة من الأراضي المجاورة لأراضيه والتي تمثلت في دول البلطيق وشرق بولندا ومنطقة بيسأرابيا في شرق أوروبا وبذلك كان الاتحاد السوفيتي قد استعاد كامل حدود الإمبراطورية الروسية ماعدا باقي الأراضي البولندية والفنلندية.
و تكون الاتحاد السوفيتي في البداية من اتحاد أربع جمهوريات سوفيتية اشتراكية سابقة إلا أنه بحلول عام 1956 كان الاتحاد السوفيتي قد أصبح كيانا ممثلا لخمس عشرة دولة اتحادية وهم:
جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أوزبكستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية تركمانستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية جورجيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية
جمهورية طاجيكستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية كازاخستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية قرغيزستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية لاتفيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية ليتوانيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية.
الجمهوريات المستقلة بعد تفكيكه
كان الاتحاد السوفيتي منذ ضم جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية في السادس من أغسطس عام 1940 وحتى الاعترافه بجمهورية كاريليا الفنلندية السوفيتية الاشتراكية كجمهورية كاريليا السوفيتية الاشتراكية الممنوحة حكما ذاتيا في السادس عشر من يوليو عام 1956، كان تعداد الدول الاتحادية قد بلغ ستة عشرة دولة.) وكونه أقدم الدول الدستورية الشيوعية كان الاتحاد السوفيتي النموذج المحتذى به لأغلب الدول الساعية لتطبيق الأفكار الماركسية اللينينية خلال فترة الحرب الباردة. وكانت المؤسسات الحكومية والسياسية بالبلاد توصف باسم المؤسسات البلشفية حتى أصبح يطلق عليها فيما بعد اسم الحزب الشيوعي السوفيتي.
و منذ عام 1945 وحتى تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 (و هي الفترة التي عرفت في التاريخ بالحرب الباردة) كانتا الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية القوتان العظمتان المسيطرتان على الأجندة الدولية بكل جوانبها سواء الاقتصادية أو تلك المتعلقة بالشئون الدولية لباقي الدول وحتى العمليات العسكرية التي تشنها باقي الدول على بعضها البعض إضافة إلى التبادل الثقافي والتقدم العلمي الشامل خاصة في مجال أبحاث واستكشاف الفضاء حتى امتدت السيطرة لمجال الألعاب والمسابقات الدولية مثل الألعاب الأوليمبية وبطولات العالم في الرياضات المختلفة.
و تعد روسيا الاتحادية الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي والتي كانت عضوا في اتحاد الدول المستقلة وقوة عالمية ذات ثقل معترف بها، حيث أخذت روسيا ممثليها الدوليين والكثير من قواتها المسلحة عن الاتحاد السوفيتي السابق
تاريخ روسيا
يعتبر الاتحاد السوفيتي وريثا للإمبراطورية الروسية وما أعقبها من حكومة انتقالية صورية قصيرة العمر بزعامة جيورجي لفوف ومن بعده أليكساندر كيرينسكي وذلك منذ نهاية حكم أخر القياصرة الروس وهو القيصر نيكالاي الثاني والذي انتهى حكمه فعليا في مارس من عام 1917 حيث أزيحت الإمبراطورية عن حكم البلاد في أعقاب ثورة فبراير وحلت حكومة انتقالية بديلا عنها لم تدم أكثر من ستة أشهر إلى أن تم إقصائها هي الأخرى عن الحكم بواسطة فلاديمير لينين في نوفمبر من نفس العام وذلك في أعقاب ثورة أكتوبر.
و منذ 1917 وحتى 1922 كونت جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية النواة الأساسية للاتحاد السوفيتي حيث كانت دولة مستقلة في تلك الفترة كحال باقي لدول السوفيتية في ذلك الوقت حتى تم إعلان قيام الاتحاد السوفيتي رسميا في السادس والعشرين من ديسمبر لعام 1922 وذلك عن طريق تكوين اتحاد فيدرالي ضم أربعة دول وهي جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية (و التي عرفت باسم روسيا البلشفية) بالإضافة إلى جمهوريات أوكرانيا وبيلاروسيا والقوقاز السوفيتية الاشتراكية الأخرى والتي كان البلاشفة قد سيطروا على مقاليد الحكم بها.
وتأسيس الدولة السوفيتية
بدأ النشاط الثوري في الإمبراطورية الروسية على يد متمردي ديسمبر في عام 1825، وبالرغم من أن العبودية قد ألغيت من كل أنحاء الإمبراطوية عام 1861 على يد القيصر أليكساندر الثاني وأعطي الأقنان أو كما يسمون "ملح الأرض" حريتهم إلا أن القانون الإصلاحي الجديد لم يعط الفلاحين البسطاء حقوقهم بقدر ما أعطاهم من حرية مما كون دافعا جديدا لدى الثوار للتخلص من الحكم القيصري. وعلى الرغم من إنشاء البرلمان المحلي (الدوما) عام 1906 وذلك في أعقاب ثورة 1905 إلا أن قيصر روسيا في ذلك الوقت قام بإحباط كل المحاولات لتحويل البلاد من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية. مما أدى إلى تعاظم الاضطرابات الداخلية والغضب الشعبي العام من مجمل الأحداث خاصة بعدما نالت جيوش الإمبراطورية هزيمة نكراء خلال الحرب العالمية الأولى وما تبعها من نقص في الطعام والمؤن خاصة في المدن الكبرى.
و قد ساهمت انتفاضة شعبية قام بها السكان في مدينة سان بيترسبورج اعتراضا على تدني حالة البلاد العسكرية والأخلاقية وتراجعها في شتى المجالات في إشعال ثورة شاملة في كافة أنحاء البلاد عرفت باسم ثورة فبراير مما أدى إلى الإطاحة بالنظام القيصري في مارس 1917 حيث حلت الحكومة الروسية المؤقتة محل الحكم القيصري الأوتوقراطي والتي أراد قادتها (أي الحكومة المؤقتة) إجراء انتخابات محلية لتكوين المجلس التشريعي الروسي عن طريق الاقتراع الشعبي بالإضافة إلى الاستمرار في الحرب العالمية الأولى بجانب قوات الحلفاء.
و في نفس الوقت ومن أجل ضمان حقوق الطبقة العاملة في المجتمع تنامت اتحادات العمال، والتي أطلق عليها اسم "سافيت"، بطول البلاد وعرضها وتعاظم دورها خاصة في لم شمل الثوار وتوفير مكان مناسب يأوي اجتماعاتهم، ومن تلك المجالس والاتحادات السوفيتية استطاع البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين الترويج لثوراتهم والقيام بها حتى تمكنوا خلال ثورة أكتوبر من انتزاع السلطة من الحكومة المؤقتة في نوفمبر من عام 1917. وبحلول ديسمبر من العام نفسه قام البلاشفة بتوقيع اتفاقية هدنة مع قوات المحور إلا أن القتال تجدد مرة أخرى في فبراير من العام التالي حتى قام السوفيت بوضع نهاية للحرب وتوقيع معاهدة بريست-ليتوفسك في الثالث من مارس من عام 1918 والتي قضت بخروج جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية من الحرب العالمية الأولى.
ولم تستقر الأمور للقوى السوفيتية الناشئة إلا بعد حرب أهلية طويلة الأمد دامت لمدة أربعة سنوات بداية من عام 1917 وحتى عام 1923 بين الجيش الأحمر وحركة البيض وما تضمنته تلك الحرب من تدخل أجنبي من جانب القوى العظمى في ذلك الوقت ومن بعده إصدار الأحكام بإعدام القيصر نيكالاس الثاني وعائلته. وفي مارس من عام 1921 دارت رحى الحرب مرة أخرى على الجبهة الشرقية فيما عرف بالحرب الروسية البولندية بين القوات الروسية والقوات البولندية المدعومة بالحركات الانفصالية في بيلاروسيا وأوكرانيا وانتهت بتوقيع معاهدة ريجا بين بولندا وروسيا السوفيتية، إلا أن تلك المعاهدة لم تقم بتهدئة الأوضاع بالقدر الكافي حيث أضطر الاتحاد السوفيتي في دخول نزاعات مسلحة مماثلة مع دولا أخرى كانت ترنو إلى الاستقلال منذ عهد الإمبراطورية مثل فنلندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
العلاقات المبكرة مع الصين
مع نهاية عصر إمبراطورية الصين بزوال حكم سلالة كينج نهائيا عام 1911 بقيت الصين لفترة من الزمن تحت حكم الكثير من أمراء الحرب العظام منهم والضعاف في فترة عرفت في تاريخ الصين الحديث بعصر أمراء الحروب، ومن أجل إعادة الاستقرار للبلاد واسترجاع الأراضي التي استقل بها حكامها عن بر الصين الرئيسي الذين سيطروا على مساحات كبيرة من شمال الصين، قامت الحركات المناهضة للملكية وكذلك الحزب القومي الجديد في الصين الكومينتانج بالإضافة إلى رئيس جمهورية الصين في ذلك الوقت صن يات سين بطلب تدخل القوى الخارجية لمساعدته على الإمساك بزمام الأمور.
و مع تجاهل الديموقراطية الغربية لطلبات صن يات سين بمد يد العون له ومساعدته على تدارك الأمور في البلاد، توجه صن يات سين إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1921 الذي وجد قادته في المطالب الصينية فرصة سانحة لمد نفوذهم وفكرهم السياسي لهذه البقعة المؤثرة في آسيا ومن ثم قام الاتحاد السوفيتي بوضع الخطط اللازمة لدعم كل من الكومينتانج (حيث تعهد أودلف جوفي ممثل الاتحاد السوفيتي في الصين بدعم بلاده للمساعي الحثيثة التي يقودها صن يات سين من أجل توحيد الصين وذلك في خطاب مشترك جمع بين الطرفين في شانغهاي عام 1923.) وكذلك الحزب الشيوعي الصيني حديث العهد بالحياة السياسية. وبالرغم من ميل الاتحاد السوفيتي نحو إرساء قواعد الحزب الشيوعي في الصين إلا أنه كان مستعدا للخروج فائزا في كلتا الحالتين سواء ببقاء السلطة في يد القوميين أو تحولها للشيوعيين مما أدى إلى تأجج الصراع على السلطة بين الطرفين.
توحيد الجمهوريات السوفيتية
في الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1922 تم عقد مؤتمر حضره وفود مفوضة من كل من جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية وجمهورية القوقاز السوفيتية الاشتراكية وجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية أقروا فيه اتفاقية تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية[2] وكذلك إعلان تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية[3] وتم التصديق على كلتا الوثيقتين مع انعقاد مجلس السوفيت الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية للمرة الأولى في الثلاثين من ديسمبر لعام 1922، تلك الوثائق التي قام بتوقيعها رؤساء الوفود[4] الممثلين في ميخائيل كالينين وميخا تسخاكايا عن روسيا وميخائيل فرونزى عن القوقاز وجريجوري بيتروفسكي عن أوكرانيا وأخيرا أليكساندر شيرفياكوف[5] رئيسا لوفد بيلاروسيا.
و في الأول من فبراير لعام 1924 اعترفت الإمبراطورية البريطانية رسميا بالاتحاد السوفيتي وفي نفس العام وضع الدستور السوفيتي وتم التصديق عليه ليضفي جانب الشرعية على الوحدة التي قامت بين جمهوريات روسيا الاتحادية والقوقاز وأوكرانيا وبيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية وما ترتب عليها من إعلان تأسيس "اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية".
بدأت إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية والسياسية منذ باكورة عهد القوى السوفيتية الناشئة وتحديدا منذ عام 1917 حيث تم تنفيذ العديد من الخطط الإصلاحية من خلال المراسيم السوفيتية الأولية والموقعة من جانب فلاديمير لينين ولم تكن قد ارتقت بعد لمرتبة الدساتير. واحدة من أهم تلك الخطط الإصلاحية هي خطة غويلرو والتي هدفت لإيصال الكهرباء لكل أنحاء الجمهورية السوفيتية كخطوة أساسية لإعادة الهيكلة الاقتصادية. وخرجت الخطة أول مرة للنور عام 1920 ووضع لها جدول زمني للانتهاء منها قدر بعشرة إلى خمسة عشر عام واعتمدت أساسا لى إنشاء شبكة محلية من 30 محطة طاقة عشرة منهم يقومون بتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرمائية بالإضافة إلى كل ما يتبع تلك المحطات من مصانع كبرى تستخدم الكهرباء في تشغيلها[6]. واستمر تنفيذ تلك الخطة منذ إعلانها عام 1920 حتى استكملت بحلول عام 1931[7] وأصبحت نموزجا للخطط الخمسية السوفيتية الأخرى والتي تبنتها الحكومة ووصل عددهم إلى ثلاثة عشر خطة خمسية منذ عام 1928 وحتى زوال الاتحاد السوفيتي عام 1991.
حكم ستالين
منذ بداية نشأته في السنوات الأولى، تبنى الاتحاد السوفيتي نظام الحزب الواحد في الحكم وهو الحزب الشيوعي (أو حزب البلاشفة) والذي دافع عنه القادة السوفيت وبرروا وجوده كحزب أوحد في البلاد بأنها الطريقة المثلى لتأكيد القضاء على النفوذ الرأسمالي في البلاد وضمان عدم عودته مرة أخرى
للاتحاد السوفيتي كذلك تطبيقا وإرسائا لقواعد المركزية الديموقراطية التي تمثل إرادة الشعب الحر.
و منذ الأيام الأخيرة في حياة لينين وعدم قدرته على أداء دوره السياسي نتيجة لمرضه الشديد حامت الشكوك حول مستقبل البلاد الاقتصادي خاصة ما يتعلق بالمجال الزراعي حيث قامت حكومة الاتحاد السوفيتي في وقت سابق بالسماح مرة أخرى بالملكية الفردية للأراضي الزراعية بجانب الملكية العامة المملوكة أساسا للدولة خلال العشرينيات من القرن الماضي وذلك في محاولة لتدوير عجلة الإنتاج الزراعي بعد نهاية الحرب الأهلية الروسية وتكوين حكومة سوفيتية جديدة حلت محل حكومة الحرب التي كانت منوطة بإدارة شئون البلاد طوال فترة الحرب الأهلية كما قامت الحكومة بفرض ضرائب جديدة على المنتجات الزراعية بدلا من جمع المحاصيل والمنتجات الأخرى من الحقول وتوزيعها وذلك تطبيقا لما أقرته الحكومة السوفيتية وأطلقت عليه اسم السياسة الاقتصادية الجديدة؛ ومن ثم احتدم الصراع بين القادة السوفيت على السلطة بعد وفاة لينين عام 1924.
حدثت العديد من التغيرات في الحياة السياسية داخل الاتحاد السوفيتي بداية من تولي السلطة والصراع من إجلها وحتى البحث عن بديل يقوم بالدور الشاغر الذي تركه لينين بعد وفاته والذي كان كبيرا بالفعل لدرجة دفعت القادة السوفيت لتكوين "الترويكا" وهو مجلس ثلاثي يتكون من ثلاثة أفراد من القوى السياسية البارزة في البلاد ويوكل لهذا المجلس إقرار القوانين والأمور السياسية المتعلقة بالبلاد دون اتدخل في شئون الحكم ذاتها وهو نموذج مأخوذ أساسا عن الإمبراطورية الرومانية القديمة، وتم اختيار جريجوري زينوفايف من أوكرانيا وليف كامينيف من روسيا ويوسف (جوزيف) ستالين من جورجيا كأعضاء في "الترويكا".
بدأ ستالين في بسط نفوذه السياسي منذ أن قام لينين بتعيينه رئيسا للجنة الرقابة الإدارية والتي كانت تقوم بأعمال تفتيش مفاجئة لضمان جودة سير العمل في مختلف المصالح والمنشأت الحكومية وعرفت تلك الهيئة باسم "لجنة العمل والفلاحين التفتيشية" أو اختصارا (رابكرين). وفي الثالث من إبريل لعام 1922 تولى ستالين منصب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفيتي ومن هذه المرحلة صعود ستالين للسلطة عمل ستالين على تكوين نفوذ قوي في أرجاء الحياة السياسية في الاتحاد السوفيتي معتمدا على عزل وتنحية كل معارضيه داخل الحزب حتى أصبح الزعيم الأوحد للبلاد مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين وأقر سياسات شمولية لحكم البلاد، خاصة بعدما تخلص من أخر معارضيه وهم جريجوري زينوفايف وليون تروتسكي حيث قام بطردهما من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ومن بعد نفيهما سواء داخل البلاد (زينوفايف) أو خارجها (تروتسكي).
في عام 1928 قدم ستالين الخطة الخمسية الأولى من أجل بناء اقتصاد شيوعي شامل في البلاد. وبقدر سعي ستالين نحو تحقيق الاشتراكية الدولية التي عمل من أجلها لينين من قبل وكانت أحد المبادئ التي نادت بها الثورة، عمل ستالين على تأكيد نظرية شيوعية الدولة الواحدة التي كان قد نادى بها من قبل عام 1924. ففي المجال الصناعي على سبيل المثال أحكمت الدولة السوفيتية قبضتها على كل الهيئات الصناعية والإنتاجية متبنية العديد من البرامج تصنيعية الضخمة، كما قامت بإنشاء المزارع الجماعية من أجل تحقيق نهضة مماثلة في المجال الزراعي.
لاقت فكرة إنشاء المزارع الجماعية معاراضات شديدة من جانب الكولاك (مالكي المزارع وأصحاب الملكيات الخاصة للأراضي الزراعية) بالإضافة إلى بعض الفلاحين ميسوري الحال نسبيا الذي كانوا يتعمدون إخفاء جزء من إنتاجهم الزراعي وعدم تسليمه للدولة وبيعه لحسابهم الخاص فيما بعد. مما أدى لعديد من الاشتباكات بين الكولاك من جانب والسلطات المحلية وبقية الفلاحين الفقراء من جانب أخر الأمر الذي أدى لانتشار المجاعات في أنحاء البلاد مما دفع ستالين للتخلص من الكولاك حيث تم اعتقالهم سياسيا وإرسالهم إلى الجولاج للقيامب أعمال السخرة الجماعية. كما ورد وجود العديد من حركات الاغتيال المنظم لغالبية الكولاج الذين كانوا يقدرون بنحو 60 مليون فرد (كما وصفهم الروائي الروسي الشهير أليكساندر سولجينيتسين) حتى تناقص عددهم لأقل من 700 ألف فرد (وفقا للمصادر الإخبارية الروسية).
واستمر الاضطراب المحلي في التنامي حتى منتصف العقد الثالث من القرن الماضي مع استمرار ستالين في انتهاج سياسة التطهير الكبرى تجاه الحزب الشيوعي وأعضائة من البلاشفة القدام وحتى الذين شاركوا مع لينين نفسه في ثورة أكتوبر. ومع ذلك وبالرغم من الأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم بأسره في منتصف الثلاثينات إلا أن الاقتصاد السوفيتي كان من أقوى الأنظمة الاقتصادية الموجودة في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية
فترة الثلاثينيات
شهدت السنوات الأولى من العقد الثالث للقرن الماضي تعاوناو تقاربا بين الاتحاد السوفيتي والعالم الغربي كما شارك الاتحاد السوفيتي في المؤتمر العالمي لنزع السلاح في الفترة ما بين 1932 وحتى 1934، وفي 1933 أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبعدها بعام في سبتمبر 1934 أنضم الاتحاد السوفيتي لعصبة الأمم. ومع تفجر الحرب الأهلية الإسبانية قام الاتحاد السوفيتي بدعم الجمهوريين في مواجهة القوميين بقيادة فرانسيسكو فرانكو المدعوم من قبل إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية.
عُد الاتحاد السوفيتي السابق أكبر دول العالم (قبل تفككه) من حيث المساحة، وكان يحده شمالاً المحيط القطبي الشمالي ومن الشرق المحيط الهادي ومن الجنوب منغوليا، الصين، أفغانستان، إيران وتركيا وغرباً بحر البلطيق ودول حلف وارسوا السابقة.
الاقتصاد
كان اقتصاد الاتحاد السوفياتي يعتمد أسلوب التخطيط الممركز حيث وجدت خطط خماسية لكل فترة بها الأولويات الاقتصادية للدولة وشملت هذه الأولويات كل القطاعات خاصة في فترة الحكم الستالينية حيث شهد الاقتصاد السوفياتي تطورا ملحوظا من دولة فلاحية إلى دولة صناعية خاصة مع عمليات التنقيب عن النفط في سبيريا واكتشاف ثروات معدنية هائلة في تلك المنطقة مما سهل عملية تعافي الاقتصاد السوفياتي وكذلك ازدهر الاقتصاد السوفياتي بوجود التعاضديات الفلاحية السفخوزات والكلخوزات وهو تعاضديات تطبق فكرة الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج أما عن الاستثمارات فقد انعدمت الاستثمارات الفردية في الدولة السوفياتية الا بعد الاستثمارات الفلاحية الصغيرة العائلية خاصة و سيطرت الحكومة المركزية على كل فروع الاقتصاد السوفياتي منها الخدمات والصناعة والفلاحة مما دعم وجود الدولة في كل المجالات الاقتصادية لكن رغم ما حققه الإتحاد السوفياتي من نهضة اقتصادية شاملة في عهدي ستالين وخروتشوف
سرعان ما ضعفت الحكومة المركزية في موسكو مما سبب انهيار العديد من القطاعات الاقتصادية وكذلك بسبب النفقات على السلاح والحرب السوفياتية الأفغانية إنهار الاقتصاد السوفياتي انهيارا كبيرا وذلك في آخر سنوات الاتحاد
و ولد الاتحاد السوفيتي من رحم الإمبراطورية الروسية التي أصابها الضعف والوهن مما حل بها من أحداث سياسية مثل الثورة الروسية التي قامت عام 1917 وتحولت فيما بعد إلى الحرب الأهلية الروسية والتي دامت أربعة أعوام كاملة فيما بين 1918 وحتى 1921. وتكون الاتحاد السوفيتي من اتحاد العديد من الدول السوفيتية فيما بينها مكونة الكيان السياسي المعروف، وإن كان اسم "روسيا" (كبرى الدول المؤسسة للاتحاد السوفيتي والوريث الشرعي له) ظل يطلق على الكيان السياسي الجديد لفترة من الوقت حتى مع وجود اسم "الاتحاد السوفيتي". وبنظرة سريعة نجد أن الاتحاد السوفيتي لم تكن له حدود دولية ثابتة منذ نشأته، إذ تغيرت حدوده بتغير الزمن وتعاقب الأحداث التاريخية حيث قاربت حدوده في أعقاب الحرب العالمية الثانية حدود الإمبراطورية الروسية السابقة خاصة بعد ضم مساحات شاسعة من الأراضي المجاورة لأراضيه والتي تمثلت في دول البلطيق وشرق بولندا ومنطقة بيسأرابيا في شرق أوروبا وبذلك كان الاتحاد السوفيتي قد استعاد كامل حدود الإمبراطورية الروسية ماعدا باقي الأراضي البولندية والفنلندية.
و تكون الاتحاد السوفيتي في البداية من اتحاد أربع جمهوريات سوفيتية اشتراكية سابقة إلا أنه بحلول عام 1956 كان الاتحاد السوفيتي قد أصبح كيانا ممثلا لخمس عشرة دولة اتحادية وهم:
جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أوزبكستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية تركمانستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية جورجيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية
جمهورية طاجيكستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية كازاخستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية قرغيزستان السوفيتية الاشتراكية
جمهورية لاتفيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية ليتوانيا السوفيتية الاشتراكية
جمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية.
الجمهوريات المستقلة بعد تفكيكه
كان الاتحاد السوفيتي منذ ضم جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية في السادس من أغسطس عام 1940 وحتى الاعترافه بجمهورية كاريليا الفنلندية السوفيتية الاشتراكية كجمهورية كاريليا السوفيتية الاشتراكية الممنوحة حكما ذاتيا في السادس عشر من يوليو عام 1956، كان تعداد الدول الاتحادية قد بلغ ستة عشرة دولة.) وكونه أقدم الدول الدستورية الشيوعية كان الاتحاد السوفيتي النموذج المحتذى به لأغلب الدول الساعية لتطبيق الأفكار الماركسية اللينينية خلال فترة الحرب الباردة. وكانت المؤسسات الحكومية والسياسية بالبلاد توصف باسم المؤسسات البلشفية حتى أصبح يطلق عليها فيما بعد اسم الحزب الشيوعي السوفيتي.
و منذ عام 1945 وحتى تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 (و هي الفترة التي عرفت في التاريخ بالحرب الباردة) كانتا الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية القوتان العظمتان المسيطرتان على الأجندة الدولية بكل جوانبها سواء الاقتصادية أو تلك المتعلقة بالشئون الدولية لباقي الدول وحتى العمليات العسكرية التي تشنها باقي الدول على بعضها البعض إضافة إلى التبادل الثقافي والتقدم العلمي الشامل خاصة في مجال أبحاث واستكشاف الفضاء حتى امتدت السيطرة لمجال الألعاب والمسابقات الدولية مثل الألعاب الأوليمبية وبطولات العالم في الرياضات المختلفة.
و تعد روسيا الاتحادية الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي والتي كانت عضوا في اتحاد الدول المستقلة وقوة عالمية ذات ثقل معترف بها، حيث أخذت روسيا ممثليها الدوليين والكثير من قواتها المسلحة عن الاتحاد السوفيتي السابق
تاريخ روسيا
يعتبر الاتحاد السوفيتي وريثا للإمبراطورية الروسية وما أعقبها من حكومة انتقالية صورية قصيرة العمر بزعامة جيورجي لفوف ومن بعده أليكساندر كيرينسكي وذلك منذ نهاية حكم أخر القياصرة الروس وهو القيصر نيكالاي الثاني والذي انتهى حكمه فعليا في مارس من عام 1917 حيث أزيحت الإمبراطورية عن حكم البلاد في أعقاب ثورة فبراير وحلت حكومة انتقالية بديلا عنها لم تدم أكثر من ستة أشهر إلى أن تم إقصائها هي الأخرى عن الحكم بواسطة فلاديمير لينين في نوفمبر من نفس العام وذلك في أعقاب ثورة أكتوبر.
و منذ 1917 وحتى 1922 كونت جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية النواة الأساسية للاتحاد السوفيتي حيث كانت دولة مستقلة في تلك الفترة كحال باقي لدول السوفيتية في ذلك الوقت حتى تم إعلان قيام الاتحاد السوفيتي رسميا في السادس والعشرين من ديسمبر لعام 1922 وذلك عن طريق تكوين اتحاد فيدرالي ضم أربعة دول وهي جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية (و التي عرفت باسم روسيا البلشفية) بالإضافة إلى جمهوريات أوكرانيا وبيلاروسيا والقوقاز السوفيتية الاشتراكية الأخرى والتي كان البلاشفة قد سيطروا على مقاليد الحكم بها.
وتأسيس الدولة السوفيتية
بدأ النشاط الثوري في الإمبراطورية الروسية على يد متمردي ديسمبر في عام 1825، وبالرغم من أن العبودية قد ألغيت من كل أنحاء الإمبراطوية عام 1861 على يد القيصر أليكساندر الثاني وأعطي الأقنان أو كما يسمون "ملح الأرض" حريتهم إلا أن القانون الإصلاحي الجديد لم يعط الفلاحين البسطاء حقوقهم بقدر ما أعطاهم من حرية مما كون دافعا جديدا لدى الثوار للتخلص من الحكم القيصري. وعلى الرغم من إنشاء البرلمان المحلي (الدوما) عام 1906 وذلك في أعقاب ثورة 1905 إلا أن قيصر روسيا في ذلك الوقت قام بإحباط كل المحاولات لتحويل البلاد من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية. مما أدى إلى تعاظم الاضطرابات الداخلية والغضب الشعبي العام من مجمل الأحداث خاصة بعدما نالت جيوش الإمبراطورية هزيمة نكراء خلال الحرب العالمية الأولى وما تبعها من نقص في الطعام والمؤن خاصة في المدن الكبرى.
و قد ساهمت انتفاضة شعبية قام بها السكان في مدينة سان بيترسبورج اعتراضا على تدني حالة البلاد العسكرية والأخلاقية وتراجعها في شتى المجالات في إشعال ثورة شاملة في كافة أنحاء البلاد عرفت باسم ثورة فبراير مما أدى إلى الإطاحة بالنظام القيصري في مارس 1917 حيث حلت الحكومة الروسية المؤقتة محل الحكم القيصري الأوتوقراطي والتي أراد قادتها (أي الحكومة المؤقتة) إجراء انتخابات محلية لتكوين المجلس التشريعي الروسي عن طريق الاقتراع الشعبي بالإضافة إلى الاستمرار في الحرب العالمية الأولى بجانب قوات الحلفاء.
و في نفس الوقت ومن أجل ضمان حقوق الطبقة العاملة في المجتمع تنامت اتحادات العمال، والتي أطلق عليها اسم "سافيت"، بطول البلاد وعرضها وتعاظم دورها خاصة في لم شمل الثوار وتوفير مكان مناسب يأوي اجتماعاتهم، ومن تلك المجالس والاتحادات السوفيتية استطاع البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين الترويج لثوراتهم والقيام بها حتى تمكنوا خلال ثورة أكتوبر من انتزاع السلطة من الحكومة المؤقتة في نوفمبر من عام 1917. وبحلول ديسمبر من العام نفسه قام البلاشفة بتوقيع اتفاقية هدنة مع قوات المحور إلا أن القتال تجدد مرة أخرى في فبراير من العام التالي حتى قام السوفيت بوضع نهاية للحرب وتوقيع معاهدة بريست-ليتوفسك في الثالث من مارس من عام 1918 والتي قضت بخروج جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية من الحرب العالمية الأولى.
ولم تستقر الأمور للقوى السوفيتية الناشئة إلا بعد حرب أهلية طويلة الأمد دامت لمدة أربعة سنوات بداية من عام 1917 وحتى عام 1923 بين الجيش الأحمر وحركة البيض وما تضمنته تلك الحرب من تدخل أجنبي من جانب القوى العظمى في ذلك الوقت ومن بعده إصدار الأحكام بإعدام القيصر نيكالاس الثاني وعائلته. وفي مارس من عام 1921 دارت رحى الحرب مرة أخرى على الجبهة الشرقية فيما عرف بالحرب الروسية البولندية بين القوات الروسية والقوات البولندية المدعومة بالحركات الانفصالية في بيلاروسيا وأوكرانيا وانتهت بتوقيع معاهدة ريجا بين بولندا وروسيا السوفيتية، إلا أن تلك المعاهدة لم تقم بتهدئة الأوضاع بالقدر الكافي حيث أضطر الاتحاد السوفيتي في دخول نزاعات مسلحة مماثلة مع دولا أخرى كانت ترنو إلى الاستقلال منذ عهد الإمبراطورية مثل فنلندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
العلاقات المبكرة مع الصين
مع نهاية عصر إمبراطورية الصين بزوال حكم سلالة كينج نهائيا عام 1911 بقيت الصين لفترة من الزمن تحت حكم الكثير من أمراء الحرب العظام منهم والضعاف في فترة عرفت في تاريخ الصين الحديث بعصر أمراء الحروب، ومن أجل إعادة الاستقرار للبلاد واسترجاع الأراضي التي استقل بها حكامها عن بر الصين الرئيسي الذين سيطروا على مساحات كبيرة من شمال الصين، قامت الحركات المناهضة للملكية وكذلك الحزب القومي الجديد في الصين الكومينتانج بالإضافة إلى رئيس جمهورية الصين في ذلك الوقت صن يات سين بطلب تدخل القوى الخارجية لمساعدته على الإمساك بزمام الأمور.
و مع تجاهل الديموقراطية الغربية لطلبات صن يات سين بمد يد العون له ومساعدته على تدارك الأمور في البلاد، توجه صن يات سين إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1921 الذي وجد قادته في المطالب الصينية فرصة سانحة لمد نفوذهم وفكرهم السياسي لهذه البقعة المؤثرة في آسيا ومن ثم قام الاتحاد السوفيتي بوضع الخطط اللازمة لدعم كل من الكومينتانج (حيث تعهد أودلف جوفي ممثل الاتحاد السوفيتي في الصين بدعم بلاده للمساعي الحثيثة التي يقودها صن يات سين من أجل توحيد الصين وذلك في خطاب مشترك جمع بين الطرفين في شانغهاي عام 1923.) وكذلك الحزب الشيوعي الصيني حديث العهد بالحياة السياسية. وبالرغم من ميل الاتحاد السوفيتي نحو إرساء قواعد الحزب الشيوعي في الصين إلا أنه كان مستعدا للخروج فائزا في كلتا الحالتين سواء ببقاء السلطة في يد القوميين أو تحولها للشيوعيين مما أدى إلى تأجج الصراع على السلطة بين الطرفين.
توحيد الجمهوريات السوفيتية
في الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1922 تم عقد مؤتمر حضره وفود مفوضة من كل من جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية وجمهورية القوقاز السوفيتية الاشتراكية وجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية أقروا فيه اتفاقية تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية[2] وكذلك إعلان تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية[3] وتم التصديق على كلتا الوثيقتين مع انعقاد مجلس السوفيت الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية للمرة الأولى في الثلاثين من ديسمبر لعام 1922، تلك الوثائق التي قام بتوقيعها رؤساء الوفود[4] الممثلين في ميخائيل كالينين وميخا تسخاكايا عن روسيا وميخائيل فرونزى عن القوقاز وجريجوري بيتروفسكي عن أوكرانيا وأخيرا أليكساندر شيرفياكوف[5] رئيسا لوفد بيلاروسيا.
و في الأول من فبراير لعام 1924 اعترفت الإمبراطورية البريطانية رسميا بالاتحاد السوفيتي وفي نفس العام وضع الدستور السوفيتي وتم التصديق عليه ليضفي جانب الشرعية على الوحدة التي قامت بين جمهوريات روسيا الاتحادية والقوقاز وأوكرانيا وبيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية وما ترتب عليها من إعلان تأسيس "اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية".
بدأت إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية والسياسية منذ باكورة عهد القوى السوفيتية الناشئة وتحديدا منذ عام 1917 حيث تم تنفيذ العديد من الخطط الإصلاحية من خلال المراسيم السوفيتية الأولية والموقعة من جانب فلاديمير لينين ولم تكن قد ارتقت بعد لمرتبة الدساتير. واحدة من أهم تلك الخطط الإصلاحية هي خطة غويلرو والتي هدفت لإيصال الكهرباء لكل أنحاء الجمهورية السوفيتية كخطوة أساسية لإعادة الهيكلة الاقتصادية. وخرجت الخطة أول مرة للنور عام 1920 ووضع لها جدول زمني للانتهاء منها قدر بعشرة إلى خمسة عشر عام واعتمدت أساسا لى إنشاء شبكة محلية من 30 محطة طاقة عشرة منهم يقومون بتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرمائية بالإضافة إلى كل ما يتبع تلك المحطات من مصانع كبرى تستخدم الكهرباء في تشغيلها[6]. واستمر تنفيذ تلك الخطة منذ إعلانها عام 1920 حتى استكملت بحلول عام 1931[7] وأصبحت نموزجا للخطط الخمسية السوفيتية الأخرى والتي تبنتها الحكومة ووصل عددهم إلى ثلاثة عشر خطة خمسية منذ عام 1928 وحتى زوال الاتحاد السوفيتي عام 1991.
حكم ستالين
منذ بداية نشأته في السنوات الأولى، تبنى الاتحاد السوفيتي نظام الحزب الواحد في الحكم وهو الحزب الشيوعي (أو حزب البلاشفة) والذي دافع عنه القادة السوفيت وبرروا وجوده كحزب أوحد في البلاد بأنها الطريقة المثلى لتأكيد القضاء على النفوذ الرأسمالي في البلاد وضمان عدم عودته مرة أخرى
للاتحاد السوفيتي كذلك تطبيقا وإرسائا لقواعد المركزية الديموقراطية التي تمثل إرادة الشعب الحر.
و منذ الأيام الأخيرة في حياة لينين وعدم قدرته على أداء دوره السياسي نتيجة لمرضه الشديد حامت الشكوك حول مستقبل البلاد الاقتصادي خاصة ما يتعلق بالمجال الزراعي حيث قامت حكومة الاتحاد السوفيتي في وقت سابق بالسماح مرة أخرى بالملكية الفردية للأراضي الزراعية بجانب الملكية العامة المملوكة أساسا للدولة خلال العشرينيات من القرن الماضي وذلك في محاولة لتدوير عجلة الإنتاج الزراعي بعد نهاية الحرب الأهلية الروسية وتكوين حكومة سوفيتية جديدة حلت محل حكومة الحرب التي كانت منوطة بإدارة شئون البلاد طوال فترة الحرب الأهلية كما قامت الحكومة بفرض ضرائب جديدة على المنتجات الزراعية بدلا من جمع المحاصيل والمنتجات الأخرى من الحقول وتوزيعها وذلك تطبيقا لما أقرته الحكومة السوفيتية وأطلقت عليه اسم السياسة الاقتصادية الجديدة؛ ومن ثم احتدم الصراع بين القادة السوفيت على السلطة بعد وفاة لينين عام 1924.
حدثت العديد من التغيرات في الحياة السياسية داخل الاتحاد السوفيتي بداية من تولي السلطة والصراع من إجلها وحتى البحث عن بديل يقوم بالدور الشاغر الذي تركه لينين بعد وفاته والذي كان كبيرا بالفعل لدرجة دفعت القادة السوفيت لتكوين "الترويكا" وهو مجلس ثلاثي يتكون من ثلاثة أفراد من القوى السياسية البارزة في البلاد ويوكل لهذا المجلس إقرار القوانين والأمور السياسية المتعلقة بالبلاد دون اتدخل في شئون الحكم ذاتها وهو نموذج مأخوذ أساسا عن الإمبراطورية الرومانية القديمة، وتم اختيار جريجوري زينوفايف من أوكرانيا وليف كامينيف من روسيا ويوسف (جوزيف) ستالين من جورجيا كأعضاء في "الترويكا".
بدأ ستالين في بسط نفوذه السياسي منذ أن قام لينين بتعيينه رئيسا للجنة الرقابة الإدارية والتي كانت تقوم بأعمال تفتيش مفاجئة لضمان جودة سير العمل في مختلف المصالح والمنشأت الحكومية وعرفت تلك الهيئة باسم "لجنة العمل والفلاحين التفتيشية" أو اختصارا (رابكرين). وفي الثالث من إبريل لعام 1922 تولى ستالين منصب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفيتي ومن هذه المرحلة صعود ستالين للسلطة عمل ستالين على تكوين نفوذ قوي في أرجاء الحياة السياسية في الاتحاد السوفيتي معتمدا على عزل وتنحية كل معارضيه داخل الحزب حتى أصبح الزعيم الأوحد للبلاد مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين وأقر سياسات شمولية لحكم البلاد، خاصة بعدما تخلص من أخر معارضيه وهم جريجوري زينوفايف وليون تروتسكي حيث قام بطردهما من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ومن بعد نفيهما سواء داخل البلاد (زينوفايف) أو خارجها (تروتسكي).
في عام 1928 قدم ستالين الخطة الخمسية الأولى من أجل بناء اقتصاد شيوعي شامل في البلاد. وبقدر سعي ستالين نحو تحقيق الاشتراكية الدولية التي عمل من أجلها لينين من قبل وكانت أحد المبادئ التي نادت بها الثورة، عمل ستالين على تأكيد نظرية شيوعية الدولة الواحدة التي كان قد نادى بها من قبل عام 1924. ففي المجال الصناعي على سبيل المثال أحكمت الدولة السوفيتية قبضتها على كل الهيئات الصناعية والإنتاجية متبنية العديد من البرامج تصنيعية الضخمة، كما قامت بإنشاء المزارع الجماعية من أجل تحقيق نهضة مماثلة في المجال الزراعي.
لاقت فكرة إنشاء المزارع الجماعية معاراضات شديدة من جانب الكولاك (مالكي المزارع وأصحاب الملكيات الخاصة للأراضي الزراعية) بالإضافة إلى بعض الفلاحين ميسوري الحال نسبيا الذي كانوا يتعمدون إخفاء جزء من إنتاجهم الزراعي وعدم تسليمه للدولة وبيعه لحسابهم الخاص فيما بعد. مما أدى لعديد من الاشتباكات بين الكولاك من جانب والسلطات المحلية وبقية الفلاحين الفقراء من جانب أخر الأمر الذي أدى لانتشار المجاعات في أنحاء البلاد مما دفع ستالين للتخلص من الكولاك حيث تم اعتقالهم سياسيا وإرسالهم إلى الجولاج للقيامب أعمال السخرة الجماعية. كما ورد وجود العديد من حركات الاغتيال المنظم لغالبية الكولاج الذين كانوا يقدرون بنحو 60 مليون فرد (كما وصفهم الروائي الروسي الشهير أليكساندر سولجينيتسين) حتى تناقص عددهم لأقل من 700 ألف فرد (وفقا للمصادر الإخبارية الروسية).
واستمر الاضطراب المحلي في التنامي حتى منتصف العقد الثالث من القرن الماضي مع استمرار ستالين في انتهاج سياسة التطهير الكبرى تجاه الحزب الشيوعي وأعضائة من البلاشفة القدام وحتى الذين شاركوا مع لينين نفسه في ثورة أكتوبر. ومع ذلك وبالرغم من الأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم بأسره في منتصف الثلاثينات إلا أن الاقتصاد السوفيتي كان من أقوى الأنظمة الاقتصادية الموجودة في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية
فترة الثلاثينيات
شهدت السنوات الأولى من العقد الثالث للقرن الماضي تعاوناو تقاربا بين الاتحاد السوفيتي والعالم الغربي كما شارك الاتحاد السوفيتي في المؤتمر العالمي لنزع السلاح في الفترة ما بين 1932 وحتى 1934، وفي 1933 أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبعدها بعام في سبتمبر 1934 أنضم الاتحاد السوفيتي لعصبة الأمم. ومع تفجر الحرب الأهلية الإسبانية قام الاتحاد السوفيتي بدعم الجمهوريين في مواجهة القوميين بقيادة فرانسيسكو فرانكو المدعوم من قبل إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية.
عُد الاتحاد السوفيتي السابق أكبر دول العالم (قبل تفككه) من حيث المساحة، وكان يحده شمالاً المحيط القطبي الشمالي ومن الشرق المحيط الهادي ومن الجنوب منغوليا، الصين، أفغانستان، إيران وتركيا وغرباً بحر البلطيق ودول حلف وارسوا السابقة.
الاقتصاد
كان اقتصاد الاتحاد السوفياتي يعتمد أسلوب التخطيط الممركز حيث وجدت خطط خماسية لكل فترة بها الأولويات الاقتصادية للدولة وشملت هذه الأولويات كل القطاعات خاصة في فترة الحكم الستالينية حيث شهد الاقتصاد السوفياتي تطورا ملحوظا من دولة فلاحية إلى دولة صناعية خاصة مع عمليات التنقيب عن النفط في سبيريا واكتشاف ثروات معدنية هائلة في تلك المنطقة مما سهل عملية تعافي الاقتصاد السوفياتي وكذلك ازدهر الاقتصاد السوفياتي بوجود التعاضديات الفلاحية السفخوزات والكلخوزات وهو تعاضديات تطبق فكرة الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج أما عن الاستثمارات فقد انعدمت الاستثمارات الفردية في الدولة السوفياتية الا بعد الاستثمارات الفلاحية الصغيرة العائلية خاصة و سيطرت الحكومة المركزية على كل فروع الاقتصاد السوفياتي منها الخدمات والصناعة والفلاحة مما دعم وجود الدولة في كل المجالات الاقتصادية لكن رغم ما حققه الإتحاد السوفياتي من نهضة اقتصادية شاملة في عهدي ستالين وخروتشوف
سرعان ما ضعفت الحكومة المركزية في موسكو مما سبب انهيار العديد من القطاعات الاقتصادية وكذلك بسبب النفقات على السلاح والحرب السوفياتية الأفغانية إنهار الاقتصاد السوفياتي انهيارا كبيرا وذلك في آخر سنوات الاتحاد