منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#53250
تمثلت زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى منطقة شرق آسيا نقطة تحول فى تاريخ علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع هذه المنطقة.

تلك الزيارة التى يمكنها أن تقلل إلى حد ما من الخلافات الموجودة، بل وتزيد من عمق التعاملات بين الطرفين. فقد تقرر أن يزور الرئيس

الأمريكى باراك أوباما فى تلك الزيارة أربع دول هى سنغافورة، وكوريا الجنوبية، والصين، واليابان. وفى هذه الأثناء تعد أزمة شبه الجزيرة الكورية

من أهم الموضوعات التى يهتم باراك أوباما لحلها خلال زيارته تلك لهذه الدول على الرغم من أنه لا يبدو أن تتمكن مشاورات الرئيس الأمريكى

- فى تلك الفترة القصيرة - من أن تمحو التوترات التى حدثت فى المنطقة بعد الحرب الكورية التى مضى على حدوثها أكثر من نصف قرن.

بالإضافة لذلك فهو يسعى أيضًا لمناقشة الملف النووى لكوريا الشمالية، وكذلك الصراع العسكرى المحدود من قبل الكوريتين فى مياه البحر الأصفر.

ومما لا شك فيه فإن زيارته للصين ستحوز على القدر الأكبر من الأهمية عن زيارته لسائر الدول الأخرى, ففضلاً عن الموضوعات المشتركة التى

يتباحث فيها البلدان فإن الحكومة الصينية هى التى قد أيدت باستمرار سياسات بيونج يانج, وتعتمد عليها كوريا الشمالية اعتمادًا كبيراً، ويمكن

أن يكون لها (أى الصين) أثر كبير فى حل أزمة شبه الجزيرة الكورية. وحتمًا سيطلب باراك أوباما من هذه الدولة

(الصين) أن يكون لديها اهتمام كبير من أجل حل هذه المشكلة. ومن المحتمل كذلك أن يطلب باراك أوباما - خلال زيارته تلك - من الصين أن

تعيد بيونج يانج إلى مائدة مفاوضات (6+1)، والتى قد انسحبت منها منذ عدة أشهر. لكن فى الواقع تشير زيارة باراك أوباما لشانغهاى وبكين

ومباحثاته مع الرئيس الصينى هوجين تاو إلى المكانة الهامة لهذه الدولة فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة؛ خاصة بعد زيارة باراك أوباما تلك للصين، والتى استغرقت أربعة أيام.

ومن هذا المنطلق فإنه يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية فى سعيها - مع الأخذ فى الاعتبار النمو اليومى المتزايد للقوة السياسية

والاقتصادية للصين - لتزيد من حجم تعاملاتها فى كافة المجالات مع هذه الدولة. هذا فى الوقت الذى تُرى فيه - أيضًا - خلافات سياسية

واقتصادية عميقة على مستوى التعاملات الحالية بين البلدين. وفى ذات الوقت أيضًا ترتبط الصين بالولايات المتحدة بعلاقات تجارية واسعة،

والتى يصل معدلها فى السنة الواحدة إلى 266مليار دولار، إلا أن الموضوعات التى تدعيها الولايات المتحدة على الصين مثل عدم رعاية حقوق

الإنسان فى الصين؛ قد واجهت العلاقات بين البلدين بمزيد من التحديات. وحتمًا لن تقف المشاكل السياسية بين البلدين عند هذا الحد.

فالصين لديها ميل واضح فى سياساتها نحو موسكو. وباستمرار تبقى فى الجبهة المواجهة للولايات المتحدة، والذى لا يعجب هذا الموقف

بالتأكيد المسئولين بالبيت الأبيض، كما يوجد بين هذين البلدين - أيضًا - خلافات جذرية تتعلق بمشكلة تايوان والتبت, ففى الوقت الذى

اعتبرت فيه الصين أن تايوان جزء لا يتجزأ منها, دعمت الولايات المتحدة بوضوح تايوان ووقعت معها عدة اتفاقيات عسكرية ومسلحة, وقد تسبب

هذا الموضوع فى نشوب توترات شديدة فى العلاقات بين البلدين. بالإضافة لذلك، تعد مشكلة التبت وزعيمهم الدلاى لاما, وطريقة تعامل

الصين مع هذه المجموعة من الموضوعات الأخرى محل الخلاف بين بكين وواشنطن. كل هذا أدى إلى تعاقب الحواجز والعوائق أمام توسعة حجم

المعاملات والمبادلات السياسية والاقتصادية بين البلدين. وعلى المستوى الاقتصادى، فإن الولايات المتحدة باستخدامها لسياسة التحجيم

وزيادتها للتعريفة الجمركية على المنتجات الصينية فى بلادها والتى من بينها الحديد والمطاط قد زادت من غضب المسئولين بالصين.

وكانت اليابان من بين الدول التى كانت مضيفة للرئيس الأمريكى باراك اوباما خلال جولته الآسيوية. اليابان التى لديها تعاملات كبيرة جداً مع

الولايات المتحدة فى المجال الاقتصادي, وفى المجال العسكري - أيضًا - تعد من الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة، وذلك بوجود أكثر من 40

ألف جندى أمريكى بها يشاركون حالياً فى حربى العراق وأفغانستان. ولكن مؤخرًا سُمعت أصوات من اليابان لا يروقها تصرفات المسئولين بالبيت

الأبيض, ويبدو أن التعاملات بين اليابان والولايات المتحدة قد واجهت العديد من المشاكل. ويمكن اعتبار السبب فى هذه المشاكل هو التغيير

الذى قد حدث فى التركيبة السياسية فى اليابان, وتولى الحزب الديمقراطى بزعامة رئيس الوزراء (هاتو ياما) الحكم فى البلاد. فقد وقع اختيار

الشعب اليابانى لهذا الحزب نظرًا لآرائه المطالبة باستقلال اليابان عن الولايات المتحدة، حيث أسقط الليبراليون بعد نصف قرن من الحكم، والآن

لم يعد أمام الديمقراطيين أمر سوى الاهتمام بمشاكل الشعب اليابانى. ومن هذا المنطلق فقد عاد من جديد موضوع المطالبة بعودة الجنود

اليابانيين من أفغانستان بشكل جدى أكثر من ذى قبل، كما امتنعت حكومة طوكيو عن الاستمرار فى التعاون مع الولايات المتحدة من أجل توفير

الوقود للقوات الأجنبية فى المحيط الهندي. وفى هذه الأثناء عارض الرأى العام فى اليابان بشدة الولايات المتحدة, كما طالب بإسقاط المواقع

العسكرية الأمريكية فى اليابان، خاصة الموجودة فى منطقة "أوكيناوا", والتى تسببت فى مظاهرات حاشدة فى اليابان ضد الولايات المتحدة

الأمريكية تزامنت مع نفس توقيت زيارة أوباما إلى هذه الدولة. ومما لاشك فيه أن الرئيس الأمريكى واجه خلال زيارته لليابان كل هذه المشاكل, كما واجه كذلك المشاكل الموجودة فى الصين.